.
من الآفات التي تعرض لصاحب العلم الاشتغال بالدنيا عن العلم والتحصيل، وهي داء يبتلى به بعض أهل التميّز والتقدّم، قال اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: "ﻟﻤﺎ ﻓﺘﺤﺖ اﻟﻤﺪاﺋﻦ ﺃﻗﺒﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺃﻗﺒﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮ، ﻓﻜﺎﻥ ﻋﺎﻣﺔ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ"!
البزار (١٩٩).
والدنيا حلوة خضرة، لها زهرة في النظرة، وبهجة في النفوس، ولا يخلص منها المؤمن إلا بجريعة الذقن! ولا يزال منها على شفا هلكة.
ولكن أهل الإمامة في دين ﷲ يستعلون عليها وعلى أهلها، وقد نقل البزار تلميذ ابن تيمية: أنه قد وشى قوم عند الملك الناصر أن ابن تيمية يريد الملك! فاستدعاه الملك، فرفع ابن تيمية صوته، وقال: "والله إن ملكك لا يساوي عندي فلسين"!
الأعلام العليّة (٧٢)

وصدق والله! فما الدنيا كلها في مقابل العلم؟
وأين تقع السلطة والمال وزينة الدنيا إذا وزنت بالإمامة في العلم؟
وأي أمر وراء أن ينال الإنسان سعة في مال ودنيا ثم تذهب عنه نهمة التحصيل ولذائذ العلم، ومجالسة العلماء، ومؤانسة طلابه، وطيب الاستنباط من كلام ﷲ ورسوله، وخشوع وارداته؟
ثم عد وانظر مآل هذا الرجل -رحمه ﷲ- فهذا علمه إلى يومنا ينشر ويذكر، وهذا اسمه تلهج به الألسن دعاء وثناء، وما من أحد من أهل العلم في عصره فمن بعده قد تُرجم له كما تُرجم لشيخ الإسلام ابن تيمية.
ومن لطائف ما نقله ابن رجب في ترجمة ابن تيمية، أنه لما مات، صُلي عليه صلاة الغائب في غالب بلاد الإسلام، ونودي بأقصى الصين يوم الجمعة: "الصلاة على ترجمان القرآن"!
ذيل طبقات الحنابلة (٤/ ٥٢٨)

ولقد رأيت بعض من كان مع العلم والكتاب والحفظ، فانصرف للدنيا وتحصيلها فذهب عنه مدّخر الحكمة، وحلو المذاكرة، وحَلّ محلّها سآم المجالسة، وإملال الحديث الدنيوي، وبؤس اللقاء، وبرودة النفس، والله المستعان.

❇️ نصائح لتهذيب النفس :

1_  إخلاص العمل كله لله وحده .

2_ علق قلبك دوما بالله واجعل الالتفات إليه، ثم ابذل الأسباب.

3 _ أحسن كما احسن الله إليك. أحسن معتقدك وصلاتك وكلامك وحركاتك.

4_ حافظ على أورادك وأذكارك ولا تتركها، فمن تركها فقد دخل المعركة بلا سلاح .

5_ تعلم عبادة التفكر في ملكوت الله، لتعظمه وتقدره حق قدره .

6_ حاسب نفسك على تفريطك في الأعمال والأقوال والمقاصد .

7_ طالع هذه المصنفات بهذا الترتيب فهي مهمة : أيها الولد للغزالي، مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة، مداواة النفوس لابن حزم ، مدارج السالكين لابن القيم ،اعمال القلوب لابن تيمية . رحم الله الجميع .

وفقك الله وأعانك على كل خير.

قال الشيخ الدكتور أحمد بن مسفر العتيبي حفظه الله تعالى

♻️ نصائح تربوية :

1️⃣- لا تترك وردك من القرآن ،حتى لو كنت في قاع البئر.

2️⃣-تعلم مبادىء العلم وصغاره قبل كباره، ولا تستح من السؤال عما لا تعلم.

3️⃣-لا تنشغل بالاجازات ولا تجعلها غايتك، فوالله لا تساوي الآن بصلة. فلن يرفعك إلا الإخلاص والعلم والعمل والعبادة ،واصلاح نفسك ظاهرا وباطنا.

4️⃣-البر وحسن الخلق هما رأس المال ، بعد الإيمان بالله.

5️⃣-احذر من الغيبة والنميمة وافساد ذات البين بين العلماء والطلاب، فهي من أسباب سوء الخاتمة.
6️⃣- الصدق الصدق مع الله، فلم يرتفع الإمام أحمد وأضرابه إلا بالتمسك بعروته .

7️⃣-العلم بحر عميق، فخذ منه النافع المفيد، ولا تشتغل بما يلهيك عن الأهم.

[ الخوف من سلب التوحيد]

روى مجيب بن موسى الأصبهاني : كنت عديل سفيان الثوري إلى مكة ، فكان يُكثر البكاء ، فقلت له : يا أبا عبد الله ، بكاؤك هذا خوفًا من الذنوب ؟ قال : فأخذ عودًا من المحمل فرمى به وقال : ( لذنوبي أهونُ علي من هذا ، ولكني أخافُ أن أسلب التوحيد ).

( أخبار أصبهان/ لأبي نعيم رقم : 1923).

[لا تسرق جهد غيرك]
قال القرطبي في تفسيره : ( وشرطي في هذا الكتاب : إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنفيها ).
الجامع لأحكام القرآن (٢٥/١).

[نصيحة]
دائما في أقوالك وأعمالك انظر للحال والمآل،ولهذا قال الأصوليون:( لو اشتبهت المنكوحة بالأجنبية حرمتا )، فكن يقظا.

[مهم]
ثلاثة علوم يجب عليك العناية بها، ولا عذر لك في الغفلة عنها، وقد أشار إليها رسولنا محمد ﷺ : أصول الدين، الفقه ، التزكية.

17 - بَابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً
127 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : (( تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً )) .
الشرح والبيان :
ومطابقة الحديث للباب : كون ما بوَّبَ به المصنّف رحمه الله ، جزءاً من الحديث .
معنى الحديث : كان رسول الله يعلم أمته كل ما يقربهم إلى الله تبارك وتعالى ، ويسير بهم باليسر ما لم يكن إثماً ، فالدين يسرٌ ، ومِنْ هذا بيانه الفعل على وجه الكمال تارةً ، وبيانه إيّاه على وجهه المجزئ تارةً أخرى ، وفي هذا الحديث يحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما قائلاً : (توضأ النبيُّ مرة مرة) أي : إنَّ النَّبيَّ توضأ ، ففعل أفعال الوضوء ، فلم يزد على أن يفعل لكل عضو ما أُمرَ به مرة واحدة ، فغسل كل عضو مغسول مرة واحدة ، وتمضمض واحدة واستنشق واحدة ، وهكذا إلى أن أتم وضوءه .
من فوائد الحديث :
1- حرص الصحابة على الإفادة من النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا يهتم طالب العلم ليتفقه في الدين متبصراً المعاني .
2- المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم في جميع أموره فعلاً وتركاً ، ولا تحصل المتابعة إلا بحصول المعرفة .
3- فيه مشروعية الوضوء مرة مرة .
4- اسْتدلَّ ابْن التِّين بِهَذَا الحَدِيث على عدم إِيجَاب تَخْلِيل اللِّحْيَة ؛ لِأَنَّهُ إِذا غسل وَجهه مرّة لَا يبْقى مَعَه من المَاء مَا يخلل بِهِ .
5- قال ابن التين : (وفِيه رد على من قَالَ : فرضُ مغسولِ الْوضُوءِ ثَلَاثٌ) .
6- إن من زاد على المرة والمرتين فقد أحسن ، وأصاب السنة .
7- إن من نقص عن الثلاث والثنتين لم يسئ ولم يظلم .
8- فيه شدة تتبع الصحابة رضي الله عنهم لأفعال رسول الله حتى أنهم أحصوها عليه ، رضي الله عنهم وأرضاهم .