مثل الإسلام كمثل ناطحة سحاب عظيمة سامقة، لم يكلفك الله بلوغ سقفها وأنَّى تستطيع! لكنه كلفك أن تلقاه -يوم تلقاه- متقدمًا إلى جهة هذا السقف غير متأخر عنه،

وخلق لك النفس والهوى والدنيا والشيطان -أعداء أربعة- يصدونك عن صعودك كل خطوة ويقعدون لك بكل درجة، فإن أنت غالبتهم أن تزل قدمك، أو زلت فاستعنت ربك على النهوض كل زلل كنت عند الله وليا.

- حمزة أبو زهرة.

نحن مسلمون يعني نحن أصحاب دين يحكم تصرفاتنا كلها في الحياة بلا استثناء، ليس شيء من حياتنا خارجٌ عن ذلك.

- د. حسن بخاري.

ـ
ليس شرطًا أن يكون بعد الكربِ فرجٌ في الدُّنيا،
وقد يكون الابتلاء اختبارًا من الله لمقام العبوديَّة فينا..
'
ومسكينٌ من كان صبرُه فقط أملًا في أن يزول البأس،
أو يُكشَف عنه الضُّرُّ،
ولم يستحضر في قلبه وعقله:
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}..
{وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}..
ـ
تخيَّل أن يكون صبرك سببًا في أن يحبَّك الله!
أتَعْلَم معنى أن يحبَّك الله؟!

يا نفسُ إن لم تصبِري فتصبّري..
وتذكّري أنّا خُلقنا في كبَد

فدعِي التشكّي للعِبادِ وردّدي..
تحت المواجِع كلّها أحدٌ أحد

إذا رأيتني قد مالت بي الركاب، وصرت إلى ما أنكرتُه يوما فبربك أدركني و ذكرني، فذاك حق الأخوة وحق حديث قد تجاذبناه يومًا...

علمنا شيخنا أحمد السيد:

أن الرجوع إلى حياة التفاهة والانغماس فيها ونسيان آلام الأمة والإعراض عن جراحها التي لاتزال تتدفق = خيانة لأمانة الأمة العظيمة،التي لن ينهض بها إلا الأمناء.

لن ينهض بها إلا الأمناء
لن تقوم إلا على أكتاف رجالها المخلصين

المنشاوي - سورة يس

مكنتش بفهم ليه بينهانا الله عز وجل مثلا عن مجرد الاقتراب من الزنـ!.. الفعل الحرام هو الزنـ! نفسه.. إيه الضرر الواقع علينا من مجرد الاقتراب منه لو مش هنرتكبه.. وأي فعل حرام تاني وجب تجنّبه.. يعني لو بينا وبينه خطوة.. لازم نحرص اننا نكون بُعاد عنه ١٠٠ خطوة..

طيب إيه الحكمة في كده؟

الإجابة إن أيا كان المنهي عنه فهو دايما محاط مقدمات وأفعال على صلة.. بدرجات مختلفة.. من رحمة ربنا بينا إن في كبائر وخطايا ثقيلة في الميزان.. وفي لمم.. مصاحب للنواهي دي.. لو اخدنا الزنـ! كمثال.. فهتلاقي البداية كانت مجرد تعوّد على الاختلاط والكلام لغير حاجة.. والارتياح لطرف تاني.. وبعدين يبدأ الكلام نفسه يتغير من مجرد كلام زايد ملوش لازمة.. لكلام يحمل شوية تلميحات.. أو كلام بيوصل رسايل معينة للشخص الغلط بالشكل الغلط لعلاقة غير محكومة الأبعاد ولا المسميات.. ضيف بقى السلام بالأيد وعدم تجنّب مواضع الشبهات.. بعدها يتعود الشخص على إطلاق بصره.. وبعض الرجال ممكن يحصّلوا لذة من المقدمات دي فيبدأوا يعملوا ده مع كل البنات.. ممكن واحدة منهم تكون مخطوبة.. أو حتى متجوزة.. فمن ناحيتها يلعب بيها الشيطان في مقارنات.. جوزي أو خطيبي مش بيتكلم معايا زي فلان.. مش بيفهمني زي فلان.. وهكذا..
الأمور بتتعقد.. صحيح موصلناش للـزنـ! ولكن مش هيحصل الزنـ! غير بتمهيد ومجموعة من الأفعال الحرام..

بالقياس على أمور أقل وبيعتبرها الناس ملهاش قيمة.. التدخين مثلا.. واحد اشترى شيء حرام فده ذنب.. دخّن بنفسه.. ذنب تاني.. أذى الناس بدخانه ذنب تالت.. عزم على صاحب ليه يدخن معاه ذنب رابع.. واحد بيسمع أغاني.. ضيع وقت فيما لا يفيد ده ذنب.. ردد كلام ممكن يكون في حرمانية ده ذنب تاني.. شارك ده مع حد ذنب تالت.. اشتريت اغنية أو اشتراك شهري في منصة أغاني.. ده ذنب رابع..

واخطر من كده كمان.. حد يعلم من نفسه سوء الخلق رايح يتجوز.. كل إساءة لمراته محسوبة بذنب مختلف.. كل معاملة زوجية كانت المفروض تبقى بالمعروف اتبدلت بإهدار في حق من حقوق العباد.. ده مختلف.. استمرار الوضع ده بدون محاولات تغيير أو ضبط النفس ذنب من نوع تالت لأنه ممكن يؤدي انك تفتن زوجتك في دينها.. بل إن كل حسنة بتعملها الزوجة تُقابل بسيئة يعملها الزوج ده نوع ذنوب مختلف بقوله هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

أقولك على الأخطر من كده؟
بلاش نواهي.. صلاة الفجر.. كونك نمت بدون نية انك تصحى تصلي الفجر ده ذنب عظيم.. طيب مأخدتش بالأسباب إللي تصحيك ده ذنب تاني.. ممكن لأي سبب من الأسباب صحيت بس كسلت تقوم من السرير تتوضأ وتصلي.. ده تالت.. وبغض النظر عن الحيثيات في النهاية مصلتش الفجر في ميعاده ده ذنب رابع..

لو مفهمتش كلامي دلوقتي.. انا مش بتكلم عن الزنـ! ولا عن أي فعل حرام بعينه.. ولا بتكلم عن تصنيف درجات الحرام. أنا بتكلم إن الناس بتستخف وتستسهل وتعتبر الحرام والحلال ده شيء رقمي كأنه عدّاد.. محدش بيعتبر التعوّد على الحرام مثلا إنه فعلا حرام منفصل وهو من أعمال الجوارح.. محدش بيعتبر تكرار الذنب والإصرار عليه أو الجهر.. أو ان حد يقترف الذنب بلا توبة أو يكون عنده كبر إنه يعترف بذنبه قدام نفسه أو قدام الناس من الأساس.. كلها أشراك منفصلة وليست أعراض جانبية أو تفاصيل يمكن تجاهلها..

ومن نفس النقطة..لو رايح تعمل حاجة غلط أو حرام متاخدش حد معاك.. لو بتحب السينما والأفلام والمسلسلات ومبتلى بده لدرجة أنها مضيعة وقتك.. متدفعش فيها فلوس
لو عندك رحم مقطوعة صل باقي الأرحام.. لو تعلم في نفسك سوء أو ابتلاء أخفيه.. قدر استطاعتك.. لا تظهر إلا الحسن.. تجنّب رفاق السوء.. احرص على التوبة ولو مش قادر تقلع عن ذنب معين.. لو مفرط وبتحاول تستقيم زينا كلنا.. احرص إن كل ذنب بتعمله عمدا أو سهوا تعمل قدامه خير أو صدقة.. إن الحسنات يذهبن السيئات.

انت فاكر إيه؟مكنتش معتقد ان الموضوع بالتعقيد ده؟
يقول عز وجل في سورة الكهف في وصف حال المجرمين يوم الحساب.. بيقولوا مالِ هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها.. ووجدوا ما عملوا حاضرا..ولا يظلم ربك أحدا.
التعقيد والتفاصيل دي المفروض تكون شغلك الشاغل..حياتك كلها متوقفة على محاسبتك لنفسك بالشكل ده قبل ما ربنا يحاسبك.. ربنا بيقول ولمن خاف مقام ربه جنتان! وبيقول كمان وبشر المخبتين الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم.. استحضار عظمة الإله إللي هيحاسبك في حد ذاتها كفيلة هتشفع ليك انك عامل حساب يوم السؤال احسبها كده.
انت بتحسب ساعات شغلك ومصاريف البيت وبتقف على الواحدة مع الناس وبتستسهل بس في حساباتك مع ربنا.. ما قدروا الله حق قدره والعياذ بالله

احسبها بنية انك هالك لولا رحمة ربنا.. بنية ان إلا من أتى الله بقلب سليم.. بنية نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ

ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ۖ وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ۗ وكفى بنا حاسبين

- عمر ابراهيم

«وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»

"نبينها ونوضحها، ولعلّهم يرجعون إلى ما أودع اللّه في فطرهم، وإلى ما عاهدوا الله عليه، فيرتدعون عن القبائح."

- تفسير السعديّ.