"تَجد في اختلاف الاخلاق أصول السعادة , من الممكن أن تجمع أفراداً كثيرين وأن تصنفهم بحسب الأمزجة والأحاسيس والأوهام و ولكنك لا تظفر بترديد لأروع المناظر ولا لأدعاها الى العجب , فتلك أحوال نفسية لا يستطيع أحد أن يقسمها إلى مراتب , وما السعادة إلا على لون النفس , فلا فضيلة , ولا صورة حياة , يمكن أن يقال إنها تجلب السعادة إلى كل إنسان , وأكثر الناس سعادةً هو الذي يجد في تفسه من الموانع الباطنية القليلة وفي العالم من الموانع الخارجية الطفيفة ما يحول دون ازدهار طبيعته "

" التواصل بإِعتبارهِ إِيديولوجيا مُعاصرة هوَ توكيد مُتكرر للأَفراد في وَضعيتِهم المُتبادلة كَمُتَكلّمين ومُتلَّقين , وطريقةٌ لمَوْقعة الحدود الآمنة لهولاء أولئك في شكل خدمة تُسْدى لَهُم : [ أَنت هُنا , أَنتَ موجودٌ لأَنكَ تَسمَعُني , وأَنا مَوجودٌ لأَني أَتَكلم ] . أَما فَحوى الخِطاب فَهوَ أَمر ثانوي . ومِن ثُمَ تَنبع المُفارقة التي أَشارَ إِليها فيليب بروتون المَتَمثلة في [مُجتَمع يتواصَل بقوة ويَتلاقى بِشَكل ضَعيف ] . إِنَ كلاماً مِن غَير حضور يَظَلُ مِن غَير أَثرٍ مَلموس على سامِعٍ لا وَجهَ لَهٌ "

"كانت الرواقية تبعد شيئاً فشيئاً عن أن تكون فلسفة الأشراف المفتخرة المستهزئة، وقد وجدت آخر المعبرين عنها وأفصحهم لساناً في عبد من العبيد. وكان إيمانها باللهيب الذي سوف يحرق العالم آخر الدهر، ونبذها كل ملاذ الجسد، واستسلامها في خضوع ومذلة إلى إرادة الله الخفية، كان هذا كله يمهّد السبيل إلى اللاهوت المسيحي والمبادئ الخلقية المسيحية. وملاك القول أن المزاج الشرقي كان وقتئذ يستحوذ على القلعة الأوربية."

"لو أن سنابل الحب كان لها إحساس، فهل كانت ترجو ألا تُحصد؟ ... إني أُحبّ أن تعلم أنك لو عِشتَ أبد الدهر لكان عيشك هذا نقمة ... إن السفينة تغرق، فماذا أفعل إذن؟ مهما استطعتُ أن أفعل ... فسأغرق دون أن أخشى شيئاً أو أن أحجم أو أجدّف في حق الله. بل أعتقد أن من يولد لابد أن يهلك. ذلك أني جزء من الكل كما أن الساعة جزء من اليوم. عليّ أن أجيء كما تجيء الساعة، وأن أنقضي كما تنقضي ... يجب ألا تعُد نفسك أكثر من خيط واحد بين جميع الخيوط التي يتكون منها الثوب .. لا تسعَ لأن يكون ما يحدث لك يحدث كما تحب، بل أحِب أن يحدث ما حدث كما حدث، فإن فعلت وجدت الهدوء والطمأنينة"

"كتب رامبو (انا اخر) . وهو ايضا ألف اخر على مدار الجمهور الذي يتعامل معه , ومساره في حياته الشخصية , وهو منجذب بين مختلف الشخوص التي تتحرك بداخله , فلا يتمكن قط من بلوغ مجمل ما هو عليه , والذي لا يمكن إدراكه على كل حال . تتواجه داخله أشكال من منطق الفكر ومنطق العمل في الان نفسه تتوصل الى قرارات صعبة , مختلطة , وإلى أشكال من الحسرة والندم , ومن القطيعات ,التي تتخذ شكلا جذريا في بعض الأحيان , الخ . إنها دائما متعددة , وتحت تأثير اخرين في الذات أو تأثير اخرين خارج الذات . يتكون الفرد من متاهات لا حصر لها تتشابك عنده منسوجة في أصوله الاجتماعية والثقافية ,وما يفعله بها اليوم , والديناميكية العاطفية التي نشأ في حضنها وما زال يتحرك في كنفها والمؤثرات الخارجية التي تؤثر عليه , وتجربته الماضية , وعلى الخصوص المأسي أو المسرات التي عرفها .

(كل فرد هو خزان من الشخوص تلتصق بجلده , ولكن ليس اعتباطياً , لأن كل فرد يتحرك داخل طيف هوياتي )
"الهوية مثل جوهرة الماس متعددة الوجوه , كل وجه من وجوهها يعطي عنها رؤية خاصة , وهي لا تنكشف في أي وجه لوحده , وإنما تشكل ذلك الانعكاس المرأتي , إنها تاريخ لا يكف الفرد يحكيه لنفسه وللاخرين معدلا صيغته في بعض الأحيان , وهي لا تتخشب أبدا , إنها دائما علائقية وحركية . وهي لا تكف تنفلت (كلما كتب عن هذا الموضوع , كما قال إيركسون , دلت الألفاظ على محدوديتها حول حقيقة لا يمكن حصرها بقدر ما هي مكتسحة ) . وبدوره يكتب ليفي شتراوس , استخلاصها لندوته : الهوية بؤرة افتراضية ينبغي لنا أن نحيل عليها (....) لكن من غير أن يكون لها وجود فعلي .
لا يتعلق الأمر فحسب بأن يكون المرء هو ذاته , وإنما يتحمل الوجوه التي تتطلبها الأدوار التي تتوالى في الحياة اليومية . كل سياق يولد فردا هو في الوقت ذاته مطابق ومخالف . "

- اختفاء الذات عن نفسها , دافيد لوبورتون , ص238 .

اقرأ الكتب الطيبة مراراً، فذلك خير لك من قراءة الكتب الكثيرة؛ وسافر سفراً بطيئاً، ولا تسرف في الأسفار، لأن الروح لا تنضج وحدتها إلا إذا كبحت جماح تشوفها وتجوالها. وأولى سمات العقل المنظم أن يكون صاحبه قادراً على أن يبقى في مكان واحد، وأن يطيل المكث مع أصدقائه . وإياك والجموع الكبيرة فإن" الناس وهم مجتمعون أخبث منهم وهم فرادى، فإذا اضطررت أن تكون في حشد كبير، فأنت أشد ما تكون في حاجة إلى الانطواء على نفسك .

وآخر درس يتعلمه الرواقي هو احتقار الحياة وإيثار الموت. ذلك أن الحياة ليست على الدوام ممتعة إلى الحد الذي يجعلها جديرة بأن يطول أجلها؛ ومن الخير للإنسان بعد حمى الحياة ونوباتها أن ينام ليستريح. "وهل ثمة شيء أحط من أن يضطرب الإنسان ويغضب وهو على عتبة ابسلام؟" (٤٧) . وإذا وجد الإنسان الحياة محزنة، واستطاع أن يغادرها دون أن يضر ذلك ضرراً بليغاً بغيره من الناس، فعليه بأن من حقه أن يختار الوقت الذي يغادرها فيه والطريقة التي يغادرها بها.
--------

ول وايريل ديورانت، 1408 هـ - 1988 م، قصة الحضارة، مجلد 10، صفحة 183.

"إذا شئت أن تستمتع بالحرية الحقة، وجب عليك أن تكون عبداً للفلسفة، ذلك أن الرجل الذي يخضع لها يتحرر لساعته ... إن الجسم إذا شفي من مرضه مرة كثيراً ما ينتابه المرض مرة أخرى أما العقل، فإذا شفي، فلن يعود إليه المرض أبداً، وسأحدثكم عما أعنيه بالصحة: إن الصحة في…