الشباب هم العمود الفقري لأي تقدم في حياة الشعوب، من يصنعون المستقبل ويرسمون معالم التحضر ويقودون الابتكار في مختلف الحقول العلمية والعملية. ولهذا فإن جمعًا من الشباب اتّحدوا تحت راية واحدة لاستثمار طاقاتهم وتنمية مواهبهم وتصحيح أفكار خاطئة من حولهم، وحينئذ…

الشباب هم العمود الفقري لأي تقدم في حياة الشعوب، من يصنعون المستقبل ويرسمون معالم التحضر ويقودون الابتكار في مختلف الحقول العلمية والعملية.

ولهذا فإن جمعًا من الشباب اتّحدوا تحت راية واحدة لاستثمار طاقاتهم وتنمية مواهبهم وتصحيح أفكار خاطئة من حولهم، وحينئذ نشأت مجلة الطالب السومري لتكون منبرًا لهم ومنارًا لقرائهم.

ولأن المجلة هي المنصة الوحيدة التي تعرض آراء الطلبة الجامعيين وتنشر وجهات النظر والرؤى المختلفة لديهم بجودة تليق بهم، جعلنا التقديم على فريق المجلة يسيرًا كي لا نمنع أحدًا من نشر أفكاره.

نعلن لكم اليوم وبكل سرور عن فتح التقديم إلى فريقنا، ونرحب بكم حيث تحاطون بالمبدعين وتكونون هادفين وتصنعون التغيير.

نحن بحاجة إلى إبداعكم الآن، فكونوا معنا!

★ اضغط (هنا) للتقديم وللتعرف على تفاصيل الانضمام.

قضيتُ طفولتي في بيت طيني معزولٍ عن مظاهر الحياة الحديثة تحيط به الحقول الشاسعة والمزارع. في ريف مدينة العمارة كنت كغيري من الفتيات في فترة نشأتي؛ أشارك أمي تفاصيل يومها وألهو مع عرائسي.

أبي كان مثالي الأول، مزارعًا مجتهدًا رغم كبر سنه، اعتاد أن يصطحبني لزيارة أقاربنا وكنت أستمتع برفقته. حتى أخذني ذات يومٍ إلى مكان لم أره من قبل، أخبرني بأنّ اسمه (قلعة سكر).

نزلنا عند بيتٍ يغلفه جو من الكآبة والكتمة، مظلم لا نور فيه حتى في النهار، الجدران تحمل شعورًا بالخديعة والصمت القاسي، تسكنه عائلة كبيرة من أُم ضخمة البدن لئيمة المظهر، شيمتها الصراخ وكلماتها أشد من السياط، وأولادٍ كثيرون لها يسكنون في نفس الدار.

” "بابا".. ليمتة نرجع؟ “ هكذا قلت، فأجابني والدي بنبرة أحسست منها قولاً معناه: لن نعود!
لم أكن أدرك ما كان سيحصل بعدها.
نظر إليّ أبي نظرات الوداع، قبّلني وذهب، تركني عندهم.

أنا ابنة الربيع السابع الآن، أحاول أن أدرك ما يجري: هذه المرأة هي زوجة أبي، الذي عاد ليزرع ويحصد وأنا صرت بعيدة عنهم كي أدرس، إذ لم تكن هنالك مدارس في قريتنا الريفية. هذا ما أثبتت صحته الأيام.

في بيت الزوجة المخيفة ” اليخطأ ينبسط “ كان الدرس الأول لي، لم تكن تعاملني كطفلة غريبة بحاجة إلى الحنان، لن تسامحني إن أخطأت أو تحدثت بما لا يعجبها، بل ستضربني، وتهينني، وتحرجني، ولا يرق قلبها.
كانت الدراسة كل همي، لم يقف ذلك دون أن تكلفني بأشغال المنزل التي لا أقدر عليها لصغر سني ودقة عظمي، لم تفرح لي يومًا بأي إنجاز فعلته بل ربما تضربني على فعله لأنني لم أسمع كلامها فيه، صنعت من جسمي النحيل وسادة للضرب.

مع ذلك، قد كانت زيارات أبي القليلة شعلة الضوء التي أتمسك بها. كان يحضر لي أخبار أمي المريضة ويصبرني حينما يُذكرني بأن العلم نورٌ يستدعي أن يتحمل المرء هذا الألم لأجله.
جسم والدي بات يذبُل مع كل زيارة، ظننته نتيجة شدة عمل المزارع أو وطأة جهاده ضد الإرهاب، إلى أن تحققنا بأنه مريض بالمرض الخبيث -السرطان- لم ينفع معه العلاج، نظر إليّ نظرات الوداع، ورحل..

ظننت أن كل شيء قد انتهى، أنا وحيدة وزوجة أبي لا يُؤمَن جانبها. ربما تقتلني إن بقيت عندها، أضحيت بين خيارين أحدهما ترك الدراسة والعودة إلى ريف ميسان والآخر تحقيق حلم والدي، وبالثاني أخذت.

هربت من بيت العذاب، لكنني لم أجد مأوىً لي ولا ملجأ، فمن يطعمني ويسقيني ومن يحتمل همي؟
عمي… هكذا جاء اسمه في رأسي!!
" عمو، عادي أبقى عندكم؟ "
جاء الغوث، وافق على طلبي، عمي بمثابة أبٍ ثانٍ رحيمٍ عوضني الله به، أحبّني كثيرًا ودعمني كي احول الألم إلى إلهام. طورت مواهبي وجعلتها دواءًا يخلصني من الحنظل الذي تجرعته. صار الناس يطلبون رسماتي ويعجبون بها، استمررت في دراستي وأكملت التفوق فيها، وتعلمت الخِياطة والتطريز. وها أنا اليوم رسامة حاصلة على العديد من الجوائز، وخياطة علمتها والدتها أن ترتدي مما تصممه وتخيطه، وكاتبة تختصر سنين الحياة بأسطرها، وجامعيّة طموحة.

حينما أعود إلى تفكيري عندما كنت أعيش مع الأفعى -زوجة أبي- لم أكن أحلم بأن أصير جزءًا صغيرًا مما أنا عليه الآن، ظلَّ الأمل يُحييني ويعطيني دافع الإصرار على تحقيق أحلامي. هذه قصتي التي تعلمت منها أن في الحياة دائمًا زوجة أبٍ تكرهنا وعمٌ ينقذنا، تعلمت أن الحياة محكومة بخيارين في كل لحظاتها من أحدهما النجاة وفي غيره الممات.

حين رحل أبي؛ قصة هاجر