**الله أكبر ..

اللهم لك الحمد ..

اللهم تمام الفتح والنصر ..**

**نغبطكم يا مَنْ تصنعون التاريخ ..

كل ما سيأتي من أعمال خير في البلاد المحررة من الظلم والبطش في ميزان من يصنع المشهد الآن ..

هنيئا لكم ..**

مؤامرة !

كل ما وقع ويقع وسيقع تستطيع نسبته إلى المؤامرة ..

فارق كبير بين تخطيط الأعداء للشيء، وبين استثمارهم له، بسبب التقصير الواقع من الداعي والمجاهد ..

نسبة كل شيء للأعداء، والاعتقاد بأن كل ما يجري هو من المؤامرة علينا، حتى لو كان من صميم فعلنا وصف للمنافقين لا المؤمنين يحسبون كل صيحة عليهم !

هذه الشريحة تعاني من خلل كبير في فهم حقائق الدين وضبط الموازنة بينهما !

من لا يتقن نسبة الموازنات بين الحقائق ستتضخم لديه حقائق على حساب أخرى فتثمر خلل النتائج ولابد !

في الإسلام الحذر وحسن الظن والأخذ بالظاهر .. إن طغى الأوّل وعُدم الثاني أدى إلى الاتهام بالعمالة والتخوين ولابد !

في الإسلام الوعي بسبيل المجرمين والعمل لهذا الدين ..

والوعي منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني .. إن بالغ الشخص في الحسابات والتحليلات أدت به إلى تضخيم الأعداء وتخذيل المؤمنين، وضمر في قلبه تعظيم الله وغاب عن ذهنه قدرته وحكمته !

لو أراد الشخص أن يستعمل هذه الطريقة في التحليل لقال: سمح الكفار للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالهجرة وتركوهم يوم بدر حتى يقضوا عليهم بعد ذلك في أحد !

خذ حوادث السيرة وحللها بهذه الطريقة حتى تعرف وهاء ومخالفة وخطر ما يقوم به هؤلاء !

عامة ما يقال هو من قبيل التخرصات !

بل أضيف شيئا في السياق .. المصلح مهما كان واعيا بسبيل المجرمين، لن يقدر على معرفة تفاصيل خطط الشيطان وأتباعه مهما حاول، ولا يضره عدم العلم بها إن كان باذلا ما يستطيع ..

ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لأخذ الدية من اليهود بعد قتل عمرو بن أمية للرجلين خطأ ..
فأضمر اليهود الغدر وأرادوا قتله -صلى الله عليه وسلم- فأنجاه الله .. هكذا يحمي الله الدين .. يبذل الداعية الأسباب الواجبة ثم يأتي النصر الإلهي بطريقة تعجز الأعداء وتبطل كيدهم ومكرهم !
( ألم يجعل كيدهم في تضليل )
( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون )

للإسلام تركيبة وموازنة وطريقة إذا لم تفهم لن يقدر المرء على تحقيق العبودية العملية في فترة الاختبار فوق الأرض !

خطاب المرحلة..

كل مرحلة من مراحل الدعوة لها خطاب..
يختلف الخطاب العام فيها عن التربية الخاصة..
ينظر المصلح إلى المشهد ويقدر القصور ثم تكون الكلمات والمشاريع، حتى إذا تم الانتقال بها من هذه المرحلة يتم تغيير الخطاب وفق طبيعة المرحلة الأخرى..

من السيرة:
طبيعة الخطاب العام في مكة يختلف عن طبيعة الخطاب العام في المدينة، بل حتى في المدينة كان الخطاب العام يتغير مع تغير المراحل وتقدم الدعوة وارتقاء أصحابها..
والتربية الخاصة كانت مستمرة طيلة مراحل الدعوة..
في كل مرحلة كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرب منه من يتفرس فيهم الرغبة والقدرة ممن ينضم إلى الدعوة..

تأمل في تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أسامة بن زيد ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وزيد بن ثابت وغيرهم، وانظر إلى وقت دخولهم في الدعوة وطريقة تربيته لهم وطبيعة الخطاب الذي كان يوجهه إليهم.. ثم انظر بعد ذلك إلى أثرهم في حفظ الإسلام ونصره..

من المهم على المصلح معرفة الخطاب العام المناسب للمرحلة وتقريب من يصلح للتربية الخاصة وصنعه الصناعة المناسبة لقدراته ودوره في الإصلاح..

من الطرق التي تحل إشكال عدم قدرة المصلح على صناعة الخاصة لبعد المكان = صناعة المشاريع المناسبة ووضع الشروط والاجتهاد في صنع الاختبارات التي يصل من خلالها للشريحة المقصودة..

خلط الدوائر ..

كثيراً ما يخلط الشخص بين الدوائر المختلفة في التفكير فيقع الخلل.

مثال: العلاقة بين السبب والقدر.
لمّا نتكلم في دائرة السبب نقول: يجب على الشخص التعرف على القدرات والمواهب واستثمارها في نصرة الدين وبذل غاية الوسع في إتقان العمل.

ولمّا نتكلم عن القدر نقول: يجب على العامل التسليم له وعدم الاعتراض عليه.

من الخطأ التسليم في دائرة السبب والتدخل في دائرة القدر ..

بمعنى:

لمّا نقول بأنّ الدعوة الإسلامية محمية بالقدر الإلهي ليس معناه الاتكال على القدر وترك السبب ..

ولما نتحدث عن أهمية فعل الأسباب وأن النصر لن يأتي إلا بعد بذل الوسع والطاقة ليس معناه بالضرورة تحقق النتيجة كما نريدها وخططنا لها ..

مثال آخر: العلاقة بين الموهبة والأفضلية.

لمّا نتكلم عن المواهب: نتحدث عن أهمية أصحابها في الإرتقاء بالعمل وضرورة البحث عنهم وتوجيههم وبيان الواجب عليهم.

ولمّا نتحدث عن الأفضلية عند الله: نتكلم عن التقوى وتحقيق العبودية له وبمقدارها تكون الدرجة والرفعة في الجنة.

من الخطأ عند الحديث عن أهمية الموهبة تعليق الأفضلية عند الله بها !
فيتم التوقف عن العمل والنصرة بحجة عدم الموهبة !

ومن الخطأ عند الحديث عن المنزلة والتقوى جعل صاحبها بالضرورة مكان صاحب الموهبة فيقدم عليه في تخصصه ومجاله !

أمّر النبي صلى الله عليه وسلم بعض من أسلم متأخراً لموهبته على كثير ممن أسلم قبله ..

لكل دائرة طريقة في التعامل والتفكير، والخلط بين الدوائر أورث الخطأ بالفهم ثم الخلل بالعمل ..

س: ماذا يفعل من يعاني من تقصير وعدم قدرة على الاستدراك في البرامج؟

ج: عليك بكثرة الدعاء والاستعانة بالله -دائماً- كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أموره.. احرص على الجمع بين العبادة والإستعانة وامتثل:
( إيّاك نعبد وإيّاك نستعين )

وكذلك لابد من ترتيب الجدول وفق الأولويات وإلا خسرت المشاريع كلها ..

قسّم الأهداف العلمية والعملية إلى:
واجبات ومستحبات .. ثم قم بترتيبها ..

بحيث إذا وقع التقصير يقع في المستحبات لا في الواجبات..
ومن المهم ضبط المشاريع بأزمنة حتى لا تفاجأ بذهاب العمر من غير تحقيق الفائدة المرجوة ..

اجعل أعظم الأهداف العلمية = التعرف على القرآن والعيش معه .. ثم بقية العلوم تبعاً لذلك وفق أهميتها .. وقدّم العلم الذي يؤثر في ثغرك الإصلاحي على غيره ..

لا تقصر في طلب العلم ولا تخدع نفسك في المبالغة في الكمال ..

العمر قصير والعلوم كثيرة والأعمال الواجبة عديدة ..

س: كيف يتغلب طالب العلم على هواه؟

ج: هوى النفس شديد.. لا يقدر المرء على مخالفته إلا بديانة عظيمة ومجاهدة كبيرة..

أوّل ما ينبغي على طلبة العلم معرفته خطورة الهوى وثقله على النفوس.. وأنّ له أثراً كبيراً في الرد والنقد والتلبيس على الشخص.. فيشبع هواه تحت ستار نصر الحق !

قال ابن تيمية:
"وما أكثر ما تفعل النفوس ما تهواه ظانة أنها تفعله طاعة لله"

بعد ذلك لابد من العناية بالإيمان وتقويته في القلب..
الإشكال الغالب على طلاب العلم = هجر القرآن أو عدم التعامل معه بالطريقة التي تجعل القارئ يعيش مع المعاني، وعدم الاهتمام بكتب التزكية والإيمان وسير الصالحين، والتقصير بالعبادة القاصرة خاصة الصلاة والأذكار ..

فيتسلط عليهم الشيطان ويدخل عن طريق الإستدلال بالنصوص وبكلام السلف الدال على فضل العلم أو الذي فيه رد على من يقلل من شأن العلم، فتأخذ مساحة العلم من مساحة الإيمان..
ويغفلون بأنهم أخذوا كلامهم وتركوا فعلهم..

للنفس أثر كبير في الفهم والتضخيم والتحقير..

**القصد من ذلك:

لابد من دوام الاستعانة بالله ومجاهدة الهوى، وعند الاشتباه هل الفعل أو القول لله أو لحظ النفس ففي السكوت سلامة ما لم يتعين..**

إلى طلاب العلم ..

الحال الذي وصلت إليه الساحة العلمية مزري ومحزن..

سوء فهم وكذب وفجور بالخصومة لدرجة لا يفعلها أكثر الفسّاق..

قد يعجز الشخص عن فهم بعض المسائل ويقلد من يعتقد في كلامه الصحة.. لكن لا يجوز له بحال تحميل الكافر فضلاً عن المسلم كلاماً لم يقله بل نص على ردّه !

من خالف في مسألة اجتهادية لا يجوز جعلها قطعية.. ومن وقع في بدعة لا يجوز جعلها بدعتين.. ومن وقع في بدعة صغرى لا يصح جعلها كبرى.. لمجرد المخالفة والرغبة في الرد !

بل حتى الرد يكون القصد منه نصرة الحق، وبود الشخص لو لم يقع المخالف في البدعة والخطأ ..

وإن ثبت عنده خطأ فهمه أو كذب الناقل على أخيه فليبادر بالتوبة والرجوع والإعتذار بالعلن إن كان الإنكار وقع فيه .. ومن حق المظلوم النصرة ..

أذكر هذه الشريحة بقوله تعالى:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"

آمنوا .. اتقوا الله .. خبير بما تعملون ..

إذا لم يتأثر طالب العلم بأوامر القرآن ونواهيه فليتوقف عن الطلب وليرجع وينظر في إيمانه وليحاسب نفسه ويعتني بتزكيتها..

وليقف طويلاً عند أثر الهوى في حال العالم المذكور بقوله تعالى:

"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"

إذا كانت مواعظ القرآن لا تعمل بك فافزع إلى الله وسله إحياء قلبك ..

سياسة النفس بين الخوف والرجاء..
كثيراً ما يختل لدى المرء ميزان النصوص مع نفسه..

فلما يقع في ذنب وتعظم عنده نصوص الوعيد يصل فيه الخوف إلى درجة القنوط واليأس من روح الله..

وإذا تضخمت لديه نصوص الوعد يصل فيه الرجاء إلى الأمن من مكر الله..

حالنا مع الخوف والرجاء گحال السائر على طريق بين جبلين..
الواجب عليه المحافظة على استقامته وعدم حيدته..

لا أحد أعلم منك بنفسك فإن خشيت القنوط عليك بالرجاء، وإن غلب عليك الأمن فعليك بالخوف، حتى تستقيم لك الطريق.

ليس من الصواب ممن غلب عليه الخوف حتى كاد يوصله إلى اليأس والقنوط أن يستمع لمن يعظه عن النار وعذاب القبر..

وليس من الصواب ممن غلب عليه الرجاء حتى كاد يوصله إلى الأمن أن يستمع إلى نعيم الجنة وسعة الرحمة..

س: كيف يصبح طالب العلم من المتميزين فيه ؟

ج: للعلم ثلاثة أركان:
المعلم - الطالب - المنهجية العلمية.

المعلم لابد أن يكون صاحب ملكة عقلية.

الطالب لابد من توفر الصفات الغريزية فيه كالذكاء والحفظ والهمة.

المنهجية العلمية لابد أن تكون قوية ويراعى فيها الارتقاء والعناية بالكتب المركزية في الفنون الشرعية.

بمقدار تحقق هذه الأركان -بعد توفيق الله- يكون التميز والتحقيق في العلم.

العلم ليس خاصاً بالأذكياء لكن الدرجة العالية فيه خاصة بهم ..

قال رَبِيعَةُ: لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ عِنْدَهُ شَىْءٌ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يضَيِّعَ نَفْسَهُ.

قال ابن حجر: ومراد ربيعة أن من كان فيه فهم وقابلية للعلم لا ينبغي له أن يهمل نفسه فيترك الاشتغال، لئلا يؤدي ذلك إلى رفع العلم.

والأجر معلق بالزكاء لا بالذكاء ..

فائدة:

قد يتعين طلب العلم على بعض الأذكياء في حال عدم تحقق الكفاية ..
الواقع المركب لا يقدر على تقديم إجابات تفصيلية عليه إلا أصحاب العقول الذكية..
والمسائل المعقدة لا يقدر على فهمها وتفكيكها إلا قلّة ..

قال أحد مشايخ الأمين الشنقيطي له لمّا رأى توقد ذهنه:
إن كان طلب العلم فرض كفاية فهو عليك فرض عين !

وقال له هو أو غيره: اتق الله يا محمد واحفظ دين محمد صلى الله عليه وسلم.