-

عزيزي يا صاحب الظل الطويل أنا بخير ، عدا أن هذه الأيام لا تشبهني .. كل ما يحدث فيها يشعرني بالغربة تجاه نفسي ، مازلت أتخبط كمن يركض طويلاً ثم يجد نفسه في مكانه .. أشعر بالأسى والحزن الشديد لأني لا أستطيع العودة إلي .. ! كيف لي أن أعود لنفسي ثانية ؟

أبي العزيز .. مرحبًا :
لقد حاولت أن أستجمع شجاعتي لأكتب لك وأظنك تعلم صعوبه الأمر اشتقت إليك
أظن أنك لو كنت هنا ما كان سيؤذيني شئ بل أنا علي يقين بذلك أقول في بالي دائماً أن وجودك كان يمنع الكثير من الأشياء السيئه ، كنت الأمان يا عزيزي
هل كان رحيلك لازماً؟؟
أعتقد هذا لطيب قلبك الذي لم يكن ليتحمل قبح العالم ،لأن الله يري أخذك من هذا العالم ،أود أن أخبر ك أني أحاول جاهدة أن أكون فتاة صالحة لأجلك
سأكون بخير لأجلك
لقد اشتقت إليك، وأشعر اني منهكه في كل موقف تحاصرني به الحياه لأستنجد بأبي الراحل ..
تغيرت المعاني والأشخاص ومن كان بالقرب..
رحيلك أحدث فجوه في عالمي لا يستطيع أحد ملؤها مهما مرت السنوات
الله وحده يعلم كم أعاني
وحده يعلم انكساري وتوسلي كي أطمئن عليك ..
السلام والرحمة عليك في مرقدك

- د. مصطفي شحاتة

﴿ قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَن يَفرُطَ عَلَينا أَو أَن يَطغىٰ ۝ قالَ لا تَخافا إِنَّنى مَعَكُما أَسمَعُ وَأَرىٰ ﴾.?

نيالكم ي حبايبي ??

اقرو الفاتحة عن روح ماما وبابا واخويا وادعولهم كتير بهاي الايام ?

لم يتبقَ لنا شيئا ًفي هذه المدينة يدل علينا، لقد قتلوها كاملة، مسحوها مربعات مربعات، أحالوها صورة لا مكان فيها إلا للركام، قتلوا أصحابنا رفقاء الدرب ثم قصفوا الدروب كلها، لا يمكن لمكانٍ واحد أن يخلوَ من بصمة خرابهم، كأن لهم ثأر مع المدينة كما معنا، يريدونها كأنها ما كانت وكأننا لم نكن!

يا غزتنا العنيدة، أتعرفين أنّ كل شيءٍ ينتمي إليك قد بتروا أصوله؟ ولكن هل ستظلين رغم عنادك شامخةً تعرفين أنّك حتماً ستعودين يوماً كما كنت؟

يا غزتنا الأم إننا موجوعون بك حد التعب! أخبرينا كيف سنشفى من كل هذا؟

الأوجاعُ التي لم تنغلِق بعد، والحسَراتُ التي لن تنتهي أبدا، والأحاديثُ التي بقيَت معلَّقةً دون الخواتيم، والنظَراتُ التي انتظَرت على البابِ طويلا، واللِّقاءات التي أمسَتِ استِذكار، ونداءاتُ الأحبابِ كي يرجِعوا، ولن يرجِعوا، وبحَّةُ الصوتِ التي تختنِقُ حتى تغيب، وأوانُ الرَّحيلِ بغير عودة، والوداعاتُ الأواخِر، وحاجةُ المرءِ لأن يصرخَ كي يبرِّدَ نارَ قلبِه، ولا يستطيع.. فضحَ الموتُ الدُّنيا؛ فلم يترُك فيها لِذي لُبٍّ فرَحا .

«وقلبي باتَ يُرهقُنِي يُذكِّرُنِي بِمَن رَحَلُوا
‏ويَأخُذنِي لعالمِهِم هُنا ضَحكُوا هُنَا نَزلُوا!».