📚محاضرة بعنوان (تَزَوَّدُوا فَإِنَّ التَقوَى خَيْرُ الزَّادِ...وَهَادِمُ اللَّذَاتِ حَتْماً آتٍ بِمَعَادِ)
🎙حسن الأشقر

َوَإِنِّي عَلىٰ عَقيدةٍ تُغيظ مِللاً قِياماً وَقعوداً

إلى ملل الكفر من عـرب وعجـم نحـن موجودون هنا ولم ولـن نترك الطريق الذي نحن عليه حتى نعود اليه .

"الدَّاعيةُ والدعيُّ"

صرنا في زمن الذي يسكب دمه ويفارق أهله ويعيش في خندقه بين حر قاتل وبرد قارص والذي يبكي فرحًا لأنه نال فرصة في "عملية استشهادية" والذي ترك أمه وبنته ووالده وابنه وصحبه ونفر إلى أرض لا يلقى فيها سوى القتل والطعن يبتغي الموت مظانه ليس عنده إيمان وإنما "حماسيات" فقط وعمله لا ينجيه من النار...!

وصاحبنا الذي ينعم بالفراش الدافئ الوفير، وهنيء المأكل والمشرب حتى غدا كأنه طبل أو قُلة من قلال هجر، هو صاحب الإيمان الراسخ الذي حصل على "ختم البابوية" بالصدق ودخول الجنة بل وزاد عليه أن دخل في نوايا الناس وعرف ما في بواطنهم!

صدقني أيها المسكين أن ما تفعله هو لعب عيال وجهد يستطيع بذله أي "يوتيوبر" تلقى يسيرًا من الدعم المشروط برضا الداعم وبالحدود التي يرسمها، لكن لا أدري كيف غفلت عن القضية التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم هي الامتحان الفارق بين صاحب الإيمان الراسخ وبين اللاه اللاعب حين قال: (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة)!

إن الذي يأخذه الحماس لفترة يستطيع أن يدخل مدة في برنامج علمي أو ينخرط في سلم منهجي أو يطبل ويزمر لجهة ما، أو يتحمس زيادة فيفتتح مشروعًا على النت أو صفحة على الفيس"..

لكن الذي يرمي نفسه في حياض الموت غير آبه به، لا يألوا على شيء سوى جنة عرضها السموات والأرض، ويستطرد في مواجهة العالم (مواجهة حقيقية بالحد والحديد لا مواجهة الدردشات) حتمًا لا يكون دافعه الحماس، وإنما إيمان راسخ بالله يعرفه حلاوته من لسعته حرارة الصحراء ووقصه زمهرير البرد، واشتدت في أعضاءه الجراح، لا لشيء .. فقط "لتكون كلمة الله هي العليا" ...

إن التزكية والإيمان والرسوخ كلها دعاوى، وامتحانها مقدار ما يقدمه المرء من تضحية حقيقية لدين الله عز وجل، لا مقدار ما يثرثر به.

وإن حمل الرسالة يكون برفعها على ثقلة اللحم والدم والرقي بها عاليًا على الجثث والأشلاء، وسقي أصولها وفروعها بدماء الشهداء، لا برص الحروف في المواقع من الدور وسكب الدموع مع النساء في الخدور!

عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلا قال: يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم، إلا الشهيد؟ قال: (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة).

قال القرطبي في التذكرة:
"معناه أنه لو كان في هؤلاء المقتولين نفاق كان إذا التقى الزحفان وبرقت السيوف فر؛ لأن من شأن المنافق الفرار والروغان عند ذلك، ومن شأن المؤمن البذل، والتسليم لله نفسا، وهيجان حمية الله عز وجل، والتعصب له لإعلاء كلمته، فهذا قد أظهر صدق ما في ضميره حيث برز للحرب والقتل، فلماذا يعاد عليه السؤال في القبر؟".

وما أحسن ما قاله العالم المجاهد الزكي والفارس البر التقي الإمام عبدالله بن المبارك حين رص حروفه من ملقى حتوفه من أرض الوغى ساعيًا في إثبات هذا المعنى فقال:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك في العبادة تلعبُ

من كان يخضب جيدَه بدموعه *** فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يُتعِبُ خيله في باطل *** فخيولنا يوم الكريهة تتعبُ

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ***رهجع السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا عن مقال نبينا ***قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي وغبار خيل الله في ***أنف امرئ ودخان نار تلهب

هذا كتاب الله ينطق بَيننا ***ليس الشهيد بميت لا يكذب.

إليك اللهم نشكو خذلان الحقير، وقلة النصير، وتكالب الأعداء، وسلاطة بني جلدتنا علينا، ولا حول لنا ولا قوة إلا بك لا إله إلا أنت نعم المولى ونعم النصير.

ما لكم ولهم؟

قد أرهقتهم السجون، وأظلتهم شمس الصحراء، وأثرت في جنوبهم صخورها ورمالها، ووسعتهم المغارات والكهوف، في سبيل حفظ دينهم وإقامته ومقارعة أمم الكفر أجمع، وسعهم كل ذلك ولم يسعكم السكوت عنهم؟

هل ناصروا يومًا طاغوتًا؟
هل أثنوا يومًا على مجرم؟
هل ترحموا يومًا على كافر؟
هل أثنوا يومًا على رافضي؟
هل طعنوا يومًا في إمام؟

أم هجروا عيش الرفاه الذي تنعمون به، وتركوا فاخر البيوت والشقق التي تسكنونها، وفارقوا الأهل والأحباب في سبيل إقامة دين الله!

عليكم الله، أليس سلاحهم مشهر في وجه الرافضة والنصيرية، وأليست أسنتهم تعمل في الصليبيين والملاحدة، وأليست طائرات أمم الكفر تترصد لهم في الليل والنهار وتقعد لهم جيوش الكفر في العالم كل مرصد؟

هب أنهم خوارج، وهب أنهم غلاة، أوسعكم أن تعتذروا لمن يرتكب الكفر الصراح ويقع في الردة البواح ويوالي من أجمعتم على عداءه للأمة وللدين ولم يسعكم التماس العذر لخطأ رأيتموه هنا وآخر هناك..؟ أحشفًا وسوء كيلة؟

أليس من أصول منهجكم: "جمع الأمة"!

فهل الذي يفتن الأمة بإيران ويجعل رؤوس الكفر فيها الذين أوغلت أيديهم في دماء المسلمين؛ أئمة للدين وشهداء للقدس، لا يفتن الأمة!

والذي يقول للناس أخلصوا دينكم لله وتبرؤوا من أعداء الله يفتن الأمة ويفرقها؟

وأليسوا هم من الأمة، أم الأمة "دكان أبيكم" من شئتم أدخلمتوه ومن شئتم أخرجتموه!؟

أهذه هي "المنهجية" و"مركزة المركزيات" و"منارات الأفكار"؟

أم هي حب الظهور ومواكبة هوى الحواضن والحرص على مشاعر المتابعين!

وختامًا .. لا يضرهم يا عبدالله طعنك فيهم ولا خذلانك لهم، ولا هم يأبهون بك، فحربهم ضروس قائمة مع رأس الكفر أمريكا بحدها وحديدها وأذنابها وأشغلهم وقع الرصاص وحراسة الشريعة ومقارعة الكفر وسكب الدماء وحفر الخنادق عن مواقع التواصل التي اعتليتموها من فرشكم الوافرة ومن بين أحضان نسائكم.

وإنما طعنك وخذلانك يضرك أنت ويضر أمثالك، فأربع على نفسك فإنك مسؤول في قبرك وبين يدي ربك.

عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.

أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمُ .. من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا..

اللهم انصر جندك وعبادك وفرج عن المسلمين المستضعفين في كل مكان.