تُؤذى ولا تُؤذي..
تعيشُ مكبوتًا، داهسًا على كيانك
تشطُب الأخطاء والتهائم التي توجه لك
وتُزيحها بعيدًا عن أفكارك
تُصالح، وتعفو، وتَنسى..
تأمل أن تكون كظلٍ خفيف
إن حَضرَ لم يُثقِل وإن غاب لَم يُفتقد
لأنك لا تُحِب أن تُذكر فلا يذكروك
ولأنك لا تُساوي وزنًا بقدرِ ما يُساوون
والأهمُ من هذا وذاك أنك بعيد
عن كُلِّ من حولك،
قريبٌ بجسدك فقط
لا يُلحظُ مِنكَ خطأٌ أو زلة
لأنك بكلّ الأحوال مُنزوٍ على نفسك
لا تَقول فيُعاتبوك ولا تَميل فيُحقروك
ولا تكون حرضًا على أحد
بل سلمًا لنفسك وذاتك بذاك الصمت
وإن أُثقل عليك بالقول
تحبسهُ في صدرك، تَضمرهُ..
حتى تأوي الى رُكنٍ شديد
ذو قوةٍ ومكينٍ وَرحيم
لا يَملُ مِنك إن أطلت خلوتك معه
لا يسأم الاستماع إليك
ولا يطرُدكَ إن أخطأت
وإن اسأت غفر لك
يحتضنُكَ بعفوه
ويُغدِقُ عَليكَ بِكرمه
نجيٌّ، جوادٌ، كريم
لا يتوقف عن اعطاءك ما ترغبُ به
وما لا تَرغبُ بِهِ حتى
يُنعِمُ عليك رُغمَ جفاءك له
رُغم تناسيكَ شُكره وحَمده
وإن شَكرتَ زادك بالشُكر
وإن أحبك ضَمك إلى كهفِ أمانه
"يا أنيسَ مَنْ لَا أَنِيسَ لَهْ".

أيُها العَزيز
مَرَّ الوَقتُ سَرِيعًا
وَقد كانَ صعبًا عليّ
لا أعلمُ لِما تُراوِدُني
رَغبةٌ بالكتابةِ لك
كُلّ يومِ جُمعة
رُبما لِأنهُ يَومُك
وَالمُتوقَعُ فِيه ظُهورك
وَرُبَما لِأنني اِعتدتُ
على أن أُسَطِرَ لَكَ
ما فِي خلجاتِ قَلْبِي
فِي هذا اليَومِ مِن كُل اِسبوع
يا ابن الأكرَمين..
شَوقِي لَهيبْ
وحَرارةُ جَمر غِيابكَ
لَم ولن تَبرُد
يا أبن الأكرَمين..
أعلَمُ أن خُطايا البَعيدةُ عنك
لنَ تُوصِلني بِك
لَكِني وحَقك..
أتُوقُ لِأن أرى
البَسمةَ تعلو خَديك
ولأنَ العالم مليءٌ بالصراع
أَخشى مِن تكدس الأسى عليك
ولا أُعِينُكَ على حمل شيءٍ مِنه
وفوقَ كُلّ مُصيبةٍ حَدثت
تنتَظِرُ أن يأذنَ اللهُ لَك
حَتى تَأخُذَ بِثأرِها
يا أَيُها العَزيز..
مَسكَ الضُرُّ مِنا كَثيرًا
وَلا زِلنا نُخفي تَقصيرنا
ولا نَخجلُ مِن تَفريطنا
لِضياعِ حَقكَ عَلينا
"يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا
إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ"

أَنا الَّذِي أَمْهَلْتَنِي فَما ارْعَوَيْتُ، وَسَتَرْتَ عَلَيَّ فَما اسْتَحْيَيْتُ، وَعَمِلْتُ بِالمَعاصِي فَتَعَدَّيْتُ، وَأَسْقَطْتَنِي مِنْ عَيْنِكَ فَما بالَيْتُ، فَبِحِلْمِكَ أَمْهَلْتَنِي وَبِسِتْرِكَ سَتَرْتَنِي، حَتَّى كَأَنَّكَ أّغْفَلْتَنِي، وَمِنْ عُقُوباتِ المَعاصِي جَنَّبْتَنِي، حَتَّى كَأَنَّكَ اسْتَحْيَيْتَنِي!

لمن أبوحُ؟ ومن يهتمُّ يا قدَري!
مادامَ لم يبقَ لي خِلٌ سِوى وَجَعِي.

عبد الكريم العفيري.

رائحة الدماء تفوح في هذه الليالي
وأرواحنا غريبةً تركض بين أزقة الكوفة
مستوحشةً الهدف والمسلك
لا عليٌّ يطرق الأبواب بعد الآن
لا لبنٌ سيروينا ولا مسحة كفٍّ أخر
على رؤوسنا ستُنسينا مُرَّ اليُّتم
كُلُّ ما تركه الرحيل لنا بعده
أيادٍ ترتجف خوفًا
من أن تحين ساعة الفقد
ودموعٍ تُسبل العيون ولا تجف
وقلوبٍ تتجرع الحُزن بحرارة
وتود لو أنها تغادر هذه الصدور
مع أخر نفسٍ يشهقهُ علي.

إلهي
أضعت روحي في زُحام الدنيا
وتشتتُ بين صفحات الأيام
غفلتي أعطشتني
جعلتني مغشيًا علي
أشبت النار باضلعي
وأفقدتني إنارتي في ظُلمتي
وأودت بأعمالي إلى جُبٍّ مُظلم
لا أعرفُ المخرج من عِنده
أدعوك…
يا ربَّ النُّورِ والظُلمة
ضُمَّ قلبي؛
الذي تشعب بالخطايا
وأسودَ من آثارِ البلايا
إلى كنف رحمتك.

وأنا تعِبت من كُلي
ولا أدري أيُّ منفًا غيرُ منفاك يَضُمني!

صَلّىٰ اللّهُ عَليكَ يا أبا عَبد اللّٰه .