سورة الشعراء= سورة بيان حقيقة انتفاء الإيمان عن أكثر الناس
ابتدأت السورة بقوله تعالى: ("لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين")، ثم قص سبحانه علينا قصة موسى، وإبراهيم ونوح، وهود، وصالح، وشعيب، وامتازت السورة بذكر مقالات الأنبياء بإسهاب أكثر من مقالات المكذبين -باستثناء فرعون- مع بيان توكلهم على ربهم، وفي ختام كل قصة قال تعالى: ("إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين")، وقد تكررت ثمان مرات، ثم وصف سبحانه لنا القرآن بعد ذلك أنه تنزيل منه على قلب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: ("ولو نزلناه على بعض الأعجمين، فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين")، وفي ختامها قال سبحانه للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ("وتوكل على العزيز الرحيم")؛ فهي سنة الأنبياء قبله كإبراهيم الذي قال: ("فإنهم عدو لي إلا رب العالمين، الذي خلقني فهو يهدين")، وقال عن الشعراء أن أتباعهم غاوون، لأنهم يقولون ما يفعلون، وهذا نقيض الإيمان الذي يصدق به الفعل القول.

سورة المؤمنون= سورة إطراد أحوال الإيمان والتكذيب في جميع الأمم
موضوعها مشابه لسورة الفرقان والتي تتضمن مباينة بين عباد الهوى ممن كذبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وعباد الرحمن، ولكن المسلك مختلف، فقد تضمنت سورة الفرقان مقالات المكذبين للنبي -صلى الله عليه وسلم- خصوصا، أما سورة المؤمنون تضمنت أحوال المكذبين لعموم الرسل مع بيان تشابه قلوبهم ومقالاتهم.
تبدأ السورة بوصف حال المؤمنين الخاشعين، وإخبار الله سبحانه عن نفسه، وعن أحوال تكذيب الرسل، فقد كٌذب نوح -عليه السلام- احتجاجًا بكونه بشري كما في قول قومه: ("ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم")، وكذب من أُرسل بعده (صالح -على الأرجح-) بنفس الأمر فقال قومه:("ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه")، وكذلك كٌذب موسى وهارون، فقال ملأ فرعون: ("أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون")، ثم أخبرنا سبحانه عن أحوال المكذبين فقلوبهم في غمرة، وهم عن الصراط ناكبون، هذا مع إقرارهم بتوحيد الخالقية دون أن يوحدوا العبادة لله كما في قوله تعالى:("قل من بيده ملكوت كل شيء") إلى قوله: ("سيقولون لله")، وفي بيان ذلك التشابه بين مقالات المكذبين قال تعالى: ("بل قالوا مثل ما قال الأولون").

سورة النمل= سورة المباينة بين امتنان صالحي الملوك و جحود طالحيهم
تبدأ السورة بالحديث عن فرعون وقومه الذين أتتهم آيات الله مبصرة فجحدوا بها وقد استيقنتها أنفسهم، ثم عن ملك سليمان وداود اللذين حمدا الله على ما آتاهم من الملك والعلم فقالا: ("الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين")، وقال سليمان: ("رب أوزعني أن أشكر نعمتك")، وقال عندما أتاه العرش قبل أن يرتد طرفه إليه: ("هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر")، وعن ملكة سبأ التي أوتيت من كل شيء، وعن إذعانها للحق لما جاءها فقالت: ("رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين")، وقد قالت: ("إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة")، فقال تعالى: ("وكذلك يفعلون")، ثم عن جحود رؤساء ثمود وفسادهم كما في قوله تعالى: ("وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون")، كما أخبرنا ملك السماوات والأرض عن نفسه قبل أن يخبرنا عن هؤلاء الملوك كما في قوله تعالى: ("وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم خبير")، وبعد أن أخبرنا عنهم كقوله تعالى : ("آلله خير أما يشركون")، فهو الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الارض قرارا، ويجيب المضطر، ويهدينا في ظلمات البر والبحر، ويعلم الغيب، فسبحان من أتقن كل شيء.

من سبل الضلال الإفراط الساذج في إحسان الظن بالخلق وافتراض براءتهم من الذنب وسوء الظن بالله سبحانه، وعن الأول قال تعالى قاصصًا قول الجن: "وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبًا"، وعن الثاني قال تعالى: "وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدًا"، والتكذيب بالبعث من سوء الظن بالله.

من عجائب الأمور الخلط بين مفهوم الإمامة في الدين، والتميز في الفكر. الإمامة ترد لغة في الخير والشر كقوله تعالى: "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار"، ولكنها في معهود الناس يراد بها الإمامة في الدين، فكيف يوصف -على سبيل المثال-: الفخر الرازي بالإمامة في الدين وقد…

من عجائب الأمور الخلط بين مفهوم الإمامة في الدين، والتميز في الفكر.
الإمامة ترد لغة في الخير والشر كقوله تعالى: "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار"، ولكنها في معهود الناس يراد بها الإمامة في الدين، فكيف يوصف -على سبيل المثال-: الفخر الرازي بالإمامة في الدين وقد اشتغل بالسحر ووضع فيه كتابا، وإنما يقال بأنه مؤثر وذو عقل استثنائي (intellectual)، فالإمامة في الدين لا تنال بالعلم فقط بل بالعلم والتقوى والصبر.
قال تعالى: "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا".

عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ أنه قال : "لا تَزَوَّجُوا النساءَ لِحُسْنِهِنَّ، فَعَسى حسنُهُنَّ أن يُرْدِيَهَنَّ"
رواه ابن ماجه وقال الألباني: ضعيف جدًا.
وقد اصطفى النبي ﷺ صفية بن حيي من سبي خيبر، وجويرية بن الحارث من سبي بني المصطلق لحسنهن.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- : "قَدِمْنا خَيْبَرَ فَلَمّا فَتَحَ اللَّهُ عليه الحِصْنَ، ذُكِرَ له جَمالُ صَفِيَّةَ بنْتِ حُيَيِّ بنِ أخْطَبَ، وقدْ قُتِلَ زَوْجُها وكانَتْ عَرُوسًا، فاصْطَفاها النبيُّ ﷺ لِنَفْسِهِ"—رواه البخاري
وعن عائشة -رضي الله عنها: "لمّا قسَمَ رسولُ اللهِ ﷺ سَبايا بَني المُصطَلِقِ، وقَعَتْ جُوَيريةُ بِنتُ الحارثِ في السَّهمِ لثابتِ بنِ قَيسِ بنِ الشَّمّاسِ -أو لابنِ عَمٍّ له-، فكاتَبَتْه على نَفْسِها -وكانتِ امرأةً حُلْوةً مُلّاحةً لا يَراها أحدٌ إلّا أخَذَتْ بنَفْسِه-، فأتَتْ رسولَ اللهِ ﷺ تَستعينُه في كِتابَتِها، قالتْ عائشةُ: فواللهِ ما هو إلّا أنْ رَأيْتُها على بابِ حُجرَتي، فكرِهتُها، وعرَفتُ أنَّه سيَرى فيها ﷺ ما رَأيْتُ، فدخَلَتْ عليه فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، أنا جُوَيريةُ بِنتُ الحارثِ بنِ أبي ضِرارٍ سَيِّدِ قَومِه، وقد أصابَني مِن البَلاءِ ما لم يَخفَ عليك، فوَقَعتُ في السَّهمِ لثابتِ بنِ قَيسِ بنِ الشَّمّاسِ -أو لابنِ عَمٍّ له-، فكاتَبتُه على نَفْسي، فجِئتُكَ أستعينُكَ على كِتابتي، قال: فهل لكِ في خَيرٍ مِن ذلكِ؟ قالتْ: وما هو يا رسولَ اللهِ؟ قال: أقضي كِتابتَكِ وأتَزوَّجُكِ؟ قالتْ: نعمْ يا رسولَ اللهِ. قال: قد فعَلتُ. قالتْ: وخرَجَ الخَبرُ إلى النّاسِ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قد تَزوَّجَ جُوَيريةَ ابنةَ الحارثِ بنِ أبي ضِرارٍ، فقال النّاسُ: أصهارُ رسولِ اللهِ ﷺ، وأرسَلوا ما بأيديهم، قالت فلقد أَعْتَقَ بتزويجِه إياها مِائَةَ أهلِ بيتٍ من بني المُصْطَلِقِ فما أَعْلَمُ امرأةً كانت أعظمَ بركةً على قومِها منها"
--رواه أبو داود وأحمد وصححه شعيب الأرنؤوط والشوكاني والبيهقي.
وعن سهل بعد سعد الساعدي: "أنَّ امْرَأَةً جاءَتْ رَسولَ اللَّهِ ﷺ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، جِئْتُ لأهَبَ لكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إلَيْها رَسولُ اللَّهِ ﷺ فَصَعَّدَ النَّظَرَ إلَيْها وصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمّا رَأَتِ المَرْأَةُ أنَّه لَمْ يَقْضِ فِيها شيئًا جَلَسَتْ"—رواه البخاري
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-:"كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ ﷺ، فأتاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ ﷺ: أَنَظَرْتَ إلَيْها؟ قالَ: لا، قالَ: فاذْهَبْ فانْظُرْ إلَيْها، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصارِ شيئًا"—رواه مسلم.
وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-:"أتَيتُ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فذَكرتُ لَهُ امرأةً أخطبُها فقالَ اذْهب فانظر إليْها فإنَّهُ أجدرُ أن يؤدمَ بينَكُما"—رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

مما يمدح في الرجل سرعة الرجوع إلى الحق عندما يبين له وإلى أمر الله -سبحانه-، وممن وصف بهذه الخصلة من أنبياء الله داود عليه السلام كقوله تعالى : "واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب"، وذكر سبحانه أيضا سرعة رجوعه إلى الحق في قصة النعاج فقال: "وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب"، وكذلك ابنه سليمان عليه السلام كقوله تعالى : "ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب"، وقص بعدها سبحانه قصته مع الخيل، وكيف أنه ذبحها لله سريعا بعد أن شعر أنه قدم حبها على ذكر الله تعالى (الصلاة) حتى توارت الشمس، فقد أورثه الله من داود الملك والحكمة والعلم.
وقال تعالى في جزاء من سلك مسلكهم : "هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ"، وقال : "إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا".

خرافة الجيش الذي لا يقهر ليس شيئا روجه له فقط السذج من بني جلدتنا، بل هو شيء حرصت إسرائيل على الترويج له في كل مناسبة، فهناك على سبيل المثال كتاب بعنوان (Start-up nation, the story of Israel's economic miracle) والذي يوحي عنوانه بأنه يستهدف المهتمين بالتقنية والاقتصاد، ولكن مجمل ما فيه مديح لا متناهي للجيش الذي تخطى كل الحروب ابتداء من 48 بتقنياته "العظيمة" وقدراته الأسطورية، ومول معظم الشركات الناشئة في التقنية والتي قد أنشأ نسبة كبيرة منها ضباط سابقين بالجيش، وسبب حرصها على ذلك يذكره شيمون بيريز في كتابه (No room for small dreams) في صدد حديثه عن المشاريع النووية الذي حرص على إبقائها غامضة من باب الترهيب (deterrence)، فكثير من رؤوسهم مثل شيمون يؤمن بمقولة توماس هوبز والتي ذكرها في مذكراته "سمعة القوة = قوة" ("Reputation of power is power")، والآن يتباكون ليحصلوا على دعم أكثر من القوى العظمى كأنهم يحاربون روسيا أو الصين.

بعض العقول الفذة الداعمة لإسرائيل تظهر لنا كيف يمكن أن يأتي الإنسان بحجج شديدة الغباء مهما كان ذكاؤه لأجل أهوائه مثل (Steven Weinberg) الحائز على نوبل في الفيزياء النظرية والذي كان يصور الصراع الإسرائيلي كحرب بين "الديموقراطية الليبرالية والثيوقراطية الإسلامية"، ومثل (Judea Pearl) الحاصل على جائزة تيورنخ (نوبل علوم الحاسب) لإسهاماته في الذكاء الاصطناعي، ولعل أشهر إسهاماته ربط نظرية الاحتمالات والترابط السببي (causal inference)، وغيرهم كثيرون ابتداء من اينشتاين الذي شجع على تأسيس دولة إسرائيل رغم إدعائه الإيمان بالسلمية (pacificism)، وهم يبرهنون لنا كيف يصير البشر شديدي السذاجة في الاستدلال -مهما كانت قدراتهم العقلية- عندما تسيطر عليهم الأهواء.