-
أشعر بالامتنانِ تجاه كل من مرَّ في طريقي،
وإن كان عبوره عليّ قاسيًا، وإن كان جارحًا، وإن كان غادرًا..

كان عليه أن يعبرَ،
وكان عليّ أن أتألمَ، وأتعلمَ كيف أغدو أكثرَ رِقَّةً، أكثرَ مُراعاةً، وأكثرَ صدقًا.

أشعر بالامتنانِ تجاه النهاياتِ التي ختمت طريقي؛
كان عليها أن تُختَم، وكان عليّ أن أبدأ من جديدٍ؛ لأفهمَ أن النهاياتِ ليست نهاياتٍ، وإنما هي طرفُ خيطٍ يدلني على مسارٍ أوضح، ويناسبني أكثر.

الآن أنظر للوراء وأدير ظهري عمَّا مضى بتنهيدةِ الذي نجا لا الذي أختار أن يكملَ عمرَه كضحيةٍ،
وأقول لنفسي:
لقد نجوتِ مرتين: الأولى من التجربة، والثانية من أثرها.

حياةً مليئةً بمنْ يفتحون النوافذَ بأجنحتهم،
دافئةً بمن يقتسمون فتات الأرغفة والأمكنة،
حياةً هادئة آمنةً تشبهنا
وحافلةً بمن يصرّ على وجوده معنا،
لا من ينتظرُ يدينا ليأتي،
ولا من ينتظر غيابها ليغادر."

-انت في وحدتك، بلد مُزدحم..

علمني كيف أحلم
وأدراي في أكثر الليالي يقظة إنتظاري
علمني أن الكون ليس كوني، والسماء لم تكن يوما سمائي
علمني كيف أحجب رحابة تلج في كياني رغم ضيق الإتساع
علمني كيف أقتات هلعي، وأروي صمودي
علمني في زمن كثرت فيه الأكاذيب وتداعت تحت مسمى البياض
كيف أكذب واختلق نصبا يفك أصفادي
علمني كيف أخلع عروبيتي، وأعتاد مشاهد الذبح وقتل الأطفال
علمني كيف أتوارى وأقف على الهوامش، متعريا من إنسانيتي متجردا من قناعاتي..

الليل والشباك والمطر الغزير
وأنا هنا في عُزلتي..

الجرسُ ممتلئ بالريح
وإن لم يرن
العصفور ممتلئ بالطيران
وإن لم يُحلّق
الكلمة ممتلئةٌ بالصوت
وإن لم يرددها أحدٌ
كل شيء ممتلئٌ بالمسارب
رغم غياب الطُرق
كُل الأشياء تمضي
نحو حضُورها..

‏أن تكون سعيداً لا يعني أنك فقط حظيت
بأيام مُشرقة وسماوات صافية طوال حياتك
بل يعني أنك رغم كُل المطبات التي كُنت
فيها ما زلت تختار أن تبقى مُشرقاً..

لون لوحتك وردي، الحياة الوان
خلص عمرك لوحتك ملت الداكن
و لا ترسم جبل، ارسم نهر بي روح
وارسم ريح بلكي تحرك الساكن
بلكي من النهر يطفح ركاد الغيض
ويطگ زود ويهدم سدة اللاكن
وعلگ عالوجه ضحكة وامل بالروح
بزوايا العين كافي شچم حزن راكن
و فك باب القفص خلي الاحلام تطير
و انت من الطفولة شچم حلم ساجن!
وخرها الستارة الشمس خلي تفوت
و لتخلي الجروح تبين الباطن.

‏الانتماءُ الحقيقيّ، الانتماء الجميل،الانتماء الذي تستطيع أن تعتمدَ عليه ﴿إنّا لله﴾.

أما بَعد فواجب الحياة تجاه البشر الذين مَضت سنينهم بالعثراتِ والنهوض أن تُخصص لهم زاويةً داخل الكونْ حيث يجب ان يفهم احدهم سكوته لَيس لأنه لايوجد شيء يبوح بهِ بلعكس تماماً يوجد الكثير ليبوح بهِ لكن وأن اراد لايقدر لأن حنجرته تضخمت وتأججت فأصبح البوح يشبه سكب الوقود على نار لم تهدأ بَعد. كيفَ أهُديني النسيان؟ أنا التي حينَ تمرُّ غيمة من فوق رأسي تهُطلُ في ذاكرتي شريط غُربتي بأكملهِ واعُود بتذاكر جديدة أتفقد حال الأسرةِ التي اعتنقني جسدًا فارغًا من كل شيءٍ. كُنت أمثل الرضا وأغمر وملء وجهي بالإبتسامة حالَ عودتي في المساء لم اشتكي حالتي، كُنت أذا شعرتُ بالتيهِ أنظر من نافذة غرفتي واسأل : كيف وصلتُ إلى هنا؟ ومن تُراني أكون؟. لولا هذا العالم الذي يقف بيننا ولولا أن أمر التيه صار عادةً لا أحد منها ننفذًا لما كتبتُ أصلًا ..