لَو أَنَّنَا ، لَم نَفْتَرِقْ
‏لَبَقِيتُ نَجمًَا في سَمَائِكَ سَارِيَـًا
‏وَتَرَكتُ عُمرِي فِي لَهِيبِكَ يَحتَرِقْ
‏لَوَ أَنَّنِي سَافَرتُ في قمَمِ السّحَابِ
‏وَعُدتُ نَهرًا في رُبُوعِكَ يَنطَلِق
‏لَكِنَّهَا الأَحلامُ تَنثُرنَا سَرابًَا في المَدَى
‏وَتَظلُّ سِرًا فِي الجَوانحِ يختنِق

وواعدتُ نفسي أَنْ سأقطعُ وصلَه
‏سأقطعه لو كان حبلَ وريدي
‏وقلتُ : سيُنسيني الوعيدُ زمانَه
‏فلمّا تلاقينا نسيتُ وعيدي

فَلَو كانَ لي قَلبانِ عِشتُ بِواحِدٍ
وَخَلَّفتُ قَلبًا في هَواكَ يُعَذَّبُ
وَلَكِنَّما أَحيا بِقَلبٍ مُرَوَّعٍ
فَلا العَيشُ يَصفو لي وَلا المَوتُ يَقرُبُ

جَرَحتِ مُجَرَّحاً لَم يَبقَ فيهِ
‏مَكانٌ لِلسُيوفِ وَلا السِهامِ
‏وَفارَقتُ الحَبيبَ بِلا وَداعٍ
‏وَوَدَّعتُ البِلادَ بِلا سَلامِ
‏يَقولُ لي الطَبيبُ أَكَلتَ شَيئاً
‏وَداؤُكَ في شَرابِكَ وَالطَعامِ
‏وَما في طِبِّهِ أَنّي جَوادٌ
‏أَضَرَّ بِجِسمِهِ طولُ الجِمامِ

مَن لم يزُرنا والديارُ مُخيفةٌ
‏لا مرحبًا بهِ والديارُ أمانُ

أنا مُتعب، والعاصفات بداخلي
‏تأبى السكون وليلُها لا ينجلي
‏أنا مرهقٌ، جرّاء كل مشاعري
‏وسئمتُ أن تبقىٰ بصدرٍ مُمتلي
‏كم بحّ صوتي للقنوطِ مُحاربا
‏فُرسانهُ: لا تدخلي، لا تدخلي
‏والله ما شئتُ التشاؤم إنّما
‏لا صُبح في أفقي يلوحُ ويعتلي
‏صبري عجولٌ والترقب موجعٌ
‏وغدا سؤالي حائرا: ماذا يلي؟

وَحالاتُ الزَمانِ عَلَيكَ شَتّى
وَحالُكَ واحِدٌ في كُلِّ حالِ

صبَاح الخير إن كَان الأمسُ قد
‏أزعجَك ماذنب اليومِ يراك عابساً

فقلتُ لها إنّ البكاءَ لراحةٌ
‏به يشتفي من ظنّ أن لا تلاقيا

أقاربُ كالعقاربِ فاجتنبهمْ
‏ولا تركن إلى عمٍ وخالِ
‏فكمْ عمٍ أتاكَ الغمُ منهُ
‏وكمْ خالٍ من الخيراتِ خالِ