الميزة اللي تميّز الروايات العربية بشكل عام هي فهمي للسياق ومقدرتي على ربط تجربتي مع حديث الرواي، أبسط شيء لمّا يذكر المناسبات الدينيّة مثلًا أقدر أعيش التفاصيل معه بدون ما يسترسل في الوصف، بعكس لمّا المؤلف الأوربي المسيحي يتكلّم مثلًا عن قدّاس منتصف الليل، فما عندي أي فهم للتجربة إلّا من خلال وصفه. عدا أنّها غير مترجمة فتوصلك المعاني كما يريد مؤلفها بالضبط بدون وجود وسيط يفسد المعنى. صحيح إن التجربة الروائية العربية قاصرة، ولكن تبقى لها جوانب إيجابيّة، وبالتالي هالفترة بكون متسامحة وبحاول أعطيهم فُرص، واقرأ لهم أكثر، أكيد مؤلف منهم كتب شيء يسوى.

هُناك كراهيّة غير مُبررة ضد النساء في أماكن العمل، وتحيّزات غير منطقيّة، يتمّ الحكم علينا لمجرّد أنّنا نساء، فلا يتمّ إشراكنا في الأمور الكبيرة ولا الإجتماعات المهمّة لأنّنا نساء ولا نفهم وغبيّات -هذه هي الصورة النمطيّة السائدة- نحتاج لبذل مجهود مُضاعف قبل أن يتم الإعتماد علينا بصورة حقيقيّة، نحن أصلًا مُتهمات دائمًا لسبب أو بدون سبب، جميعنا نخاف من أن نتكلّم عن المشاكل الّتي تواجهنا لأنّها لا تؤخذ بشكلٍ جدّي، إذ أنّنا الشكاءات والبكاءات والعبوسات والحاقدات، وهذا ليس فقط في أماكن العمل وإنّما حتى في المستشفيّات يتهم الأطباء النساء بأنّهن يبالغنّ في آلامهنّ. عمومًا لسن كل النساء في أماكن العمل رائعات، وأنا شخصيًا لم أتأقلم مع الجميع تقريبًا، ولم أحاول مدّ جسور معرفتي بهنّ خارج إطار العمل، فلا شيء يجمعي بهنّ من حيث الإهتمامات أو حتى الأفلام والأغاني المفضّلة، ولا بأس في هذا، وأنا متأكدة أن غالبيتهنّ لا يفضّلن البقاء معي أو مع بعضهنّ البعض، فقد تم جمعنا بشكل عشوائي في مكان واحد لننجز مهام مُحددة، هذه هي طبيعة العلاقات في بيئات العمل سواء مع الرجال أو النساء. ولكن هُناك نوعيّة قذرة تُدرك بشكل واعي أو لاواعي، أن هُناك تحاملًا ضد النساء، فتستخدمُ هذا التّحامل للتعزيز من وضعها أو رفع شأنها المهني ودعم مسارها الوظيفي، فتبقى طوال الوقت وهي تدور بين مكاتب الرجال وهي تحمل لافِتة كُتب عليها عبارات مُسيئة ضد أخواتها، وعبارات مثل: "يمكنكم الإعتماد عليّ أنا لا أشبه النّسوة، أنا مُختلفة" وكما أسلفت سابقًا: "تنقل ما يحدث في مكاتب النساء للمدراء لتوضّح مدى الإختلاف بينها وبينهنّ وعبارات من نوع الله يعينك على الحريم يا أبو فلان!". ولا توفّر طاقةً في قول عبارات مثل: "ليش نكذب على بعض الرجال يخدمونك أكثر من الحيريم ويتواصلون معاكِ بشكل مُستمر!"، ولا يُهمني كثيرًا إن خدمها الرجال أو نكّلوا بها وجعلوها عظة وعبرة، ما يُثير غيظي هو تسلّقها الدائم على مشاكل زميلاتها واستخدامها لهنّ كوسيلة للتعبير عن اختلافها، حتى في أبسط الأمور، فإن ارتفعت أصوات الزميلات قليلًا، هرولت باتجاه مكتب المدير تشتكي من ثرثرة النساء وإزعاجهنّ، وإن قررن الخروج سويّةً، لا ترفض الخروج معهنّ إلّا لتخبر الجميع بأنها لا تهتم بأمور الفتيات. المشكلة أن مسعى هذا النوع من الموظفات غالبًا خائبٌ ومردود، لأنّ تعتمد في عملها على خدمات الرجال المستمرة -على حد تعبيرها- وكلنا يعلم أن هذا وهم، فما هي إلّا فترة قصيرة حتى يُطلب منها ترك الثرثرة والإلتفات للعمل وإنجاز المهام، وهنا تكون لحظة انهيارها، لحظة اصطدام سفينة تايتنك بالجبل الجليدي. نوعيّة من النساء عجيبة وغريبة جدًا، صادفتها في عملي السابق وشككتُ بحكمي آنذاك وظننتُ بأنّني قسوّت لقلّة تجربتي، أما الآن مع تجربتين إضافيتين فرؤيتي عنهنّ واضحة، مجرّد انتهازيّات وسافلِات، أشعر بمجرد الإنتهاء من الحديث عنهنّ بوجوب قول: "غفرانك"
في العمل تُصادف فعلًا رجالًا خدومين ومتعاونين، وأدين في فهمي وإدراكي وتسهيل الأمور عليّ لمشرفيّ وزميلاتي، يحدث أن تكون في بيئة عمل رجالها أفضل من نسائها وقد تجد العكس، وقد تتورطين مع بيئة ترحّب بالمتحرشين، وقد وقد وقد الإحتمالات لا نهائيّة في المشوار المهني الطويل، ولكنّي أرفض تكرار الإسطوانة المشروخة الّتي يكرر أصحابها الأفكار النمطيّة عن النساء، والتي لا يستفيد من تكرارها إلّا الذكور والطفليّات من النساء.

اشتقت للأيّام اللي كنت أتعارك فيها مع ظلّي ويبدو إنّي راح أعيد الأمجاد الماضيّة، بلا تقبّل الرأي الآخر بلا بطيخ.

هُناك أشياء أحبّها لدرجة إنّي أغار عليها وما أحب أشاركها أحد، وأحسّها تخصني بشكل خاص، أو تخاطبني لوحدي، وأن غيري لن يفهمها بالطريقة الّتي أفهمها بها. وأخاف جدًا أن ينتقدها الآخرون أو أن يغدقوا عليها بالمديح أكثر مني، أو يروا فيها جانبًا حجبه الله عني فيثير ذلك حزني. ومن ضمن تلك الأشياء هي قراءات أماني عيسى الصوتية، رغم قلّة قراءاتها واختفائها مؤخرًا، إلّا أنّني ما زلت أستمع لها بشكلٍ دوري، هذه الأيّام أصبحتُ أنام على صوتها الهادئ المريح، وكأنها تنام بجانبي وتمسّد على شعري وتحكي لي قصّة الأمير الصغير، قراءةً تخصني بها وحدي.

https://on.soundcloud.com/ocEsp2bwUao5Sz6a8

"وَلَستُ بِهَيّابٍ لِمَن لا يَهابُني
‏وَلَستُ أَرى لِلمَرءِ ما لا يَرى لِيا

‏فَإِن تَدنُ مِنّي تَدنُ مِنكَ مَوَدَّتي
‏وَإِن تَنأَ عَنّي تَلقَني عَنكَ نائِيا

‏كِلانا غَنيٌّ عَن أَخيهِ حَياتَهُ
‏وَنَحنُ إِذا مِتنا أَشَدُّ تَغانِيا"

في الدوام يحتاج أن يتسلّح الإنسان بالصبر دائمًا، لأن تقابل ناس ينصدموا إذا طلبت منهم شغل يتطلّب بعض الجهد! أحس إني أحتاج أشرح له سبب وجوده في هالمكان!

هل أوميغا 3 فادتكم؟ كل مرة أشتريها تخرب وأرميها، عندي إحساس إن جسمي يحتاجها خاصةً إني نهائيا ما آكل منتجات بحرية وما أطيقها، وإحساس ثاني يقول إنها كذاذيب، فمين فيكم جربتها يا بنات؟

اكتشفت إن حياتي بس دوام وانتظار فطوم في الويكند وقراءة وأفلام ومسلسلات، وأحيانًا أتساءل إذا قاعدة أهدر حياتي وأنا أرفض تجربة أمور جديدة وتكوين صداقات عميقة، بس في كل مرّة أحاول التجربة أشعر بأنّي غير مُناسبة للأماكن ولا للأشخاص. أحبّ الإرتباط العميق بالأشخاص، أحبّ الناس اللي ما أحاول أتصنّع أمامهم. وحدة من الزميلات لها أفكار ما أتوافق معها أبدًا، مثل سواليف الطاقة وسطحية الأرض وأضرار اللحاقات، بس أحبّ الكلام معها، لأنّها صادقة جدًا مع نفسها، وما تحكم على أحد، فلمّا تعبّر عن نفسها أحس إني أبغا أسمعها أكثر، ولمّا أتكلّم أحس إني مسموعة ومفهومة. ومع ذلك ما أدري ليش دائمًا أبني حواجز بيني وبينها خارج أوقات الدوام وإذا عزمتني أعتذر في الغالب!

الإنسان يولد بطبائعه، وما أقصد الخير والشر فهذا يعود للتربيّة، ولكن أقصد شخصيّته بشكل عام، بنت أختي ما وصل عمرها للثمانية شهور، وتكوّنت لها شخصيّة واضحة، ما تحب الإزعاج ولا القلق وهادية جدًا، وتتضايق من الإجتماعات الكبيرة وتكون طول الوقت معصّبة ومتنرفزة، وحتى الألعاب مُستحيل تحاول تذوقها إلّا بعد ما تتأكد من عدم خطورتها، تجلس تتأمل فيها وتقلبها بيدها وتنظر باستغراب لفترة طويلة جدًا ثمّ تحاول تذوقها، أمس أخذناها لدرّة العروس ودخلناها المسبح وقعدت تتأمل المياه ومستغربة ومو عاجبها الوضع، بينما الأطفال الآخرين اللي بعمرها كانوا يضربون الماء بأيدهم بقوة ويضحكون من إرتداد الماء نحوهم. بنت أختي بشكل عام عجيّز متنكرة، نادر جدًا تبكي وبس تسولف تاتاتاتاتاتا وما تحب الاستكشافات الجديدة وتقرف من الأطعمة حُلوة المذاق ولا تفضّل مقابلة ناس جدد، تضحك ضحكات قصيرة ومتزنة وتكرار النكتة أكثر من ثلاث مرّات يخليها تنظر لك باستغراب، وملقوفة تراقب الناس من بعيد من غير ما تتورط معهم، هدفها اليومي إنها تشرب حليبها ووجبات الخضار وما تقابل أحد جديد.

بعد ليلة طويلة جدًا ما نمت فيها إلّا بعد شروق الشمس. توي صاحية وكل اللي في بالي أخضّب شعري بالحناء وأشوف فيلم درامي يبيكني لين أدوخ، والله يتولى راسي بكرا بالدوام