التوجه الاقتصادي للعالم ومطالب سوق العمل أصبح يدفع الشعوب العربية لمواكبة تلك المطالب، ومنها اللغة الأجنبية. فتجد الفرد مهتماً جداً بتطوير مهاراته اللغوية في لغات مثل الإنجليزية أو الألمانية...ألخ، حتى يرتفع قدرها وقيمتها بداخله، لمجرد أنها ستكون عاملاً هاماً لتوظيفه في مكان ما. ويعتقد بداخله أنها أهم لمصلحته من العربية التي أصبحت مهمشة بالنسبة له. من ثم، اختصر البعض الطريق وأدخل أبناءه المدارس الخاصة والدولية ليكون أول من يمتلك ميزة اللغة الأجنبية قبل غيره، ويُحسن إتقانها بعامل دراستها من الصغر. بل ويُعامل داخل تلك المدارس باللغات الأجنبية كلغة أولى، ليستمر تهميش العربية مقابل توجهات الأنشطة الاقتصادية، حتى نصل إلى جيل لا يرى لها أي أهمية في حياته ويتساءل عن الاستفادة من لغة لا طلب لها في سوق العمل ولا تعطي له ميزة هناك، ليأتي بعدهم جيل لا يتحدث أصلاً العربية في معاملاته اليومية.

الإنسان الحديث نظرته لما حوله مقتصرة على قيمتها كسلعة فقط. لا يتم تقدير الأشياء إلا من خلال سعرها أو مبلغها، وكل حكم يصدر منه على أي شيء معتمد على تكلفته وقيمته المالية، حتى البشر يتم تقديرهم حسب ثروتهم.

كان الأب يُعتبر مركز العائلة وعمودها الفقري، حيث كانت حقوقه وامتيازاته مستمدة من قدرته على الحفاظ على الطقوس التقليدية، وكانت هذه الحقوق تشمل السلطة المطلقة على أفراد أسرته. في العصور القديمة، كانت الأسرة أكثر من مجرد علاقة طبيعية؛ كانت وحدة دينية متكاملة تحت قيادة الأب، الذي كان يحمل رموز وقيم النظام والتقاليد الروحية.

فالمجتمع الليبرالي، الذي يضع نفسه في معارضة للمجتمعات الجماعية للاشتراكية والفاشية، قد صار، في حد ذاته، مجتمعًا جماعيًا - مجتمعًا نمطيًا متقولب في قالب واحد. وكلما أراد الفرد أن يكون فريدًا في سياق النموذج الليبارلي، كلما أصبح مشابهًا للجميع. فالليبرالية تجلب معها القوالب النمطية والتجانس للعالم، مما يحطم جميع أشكال التنوع والتمايز.

ألكسندر دوغين

ينظر الأوروبي الأبيض لمشاكل مجتمعه من الجانب البيولوجي تحديدًا فقط وانغمس في التفكير به، يعتقد أنه الحل لجميع المشاكل و إيجاد حلول للحد من الاختلاط والتزاوج بالوقاية و بناء الحواجز، ومن بعدها تحسين النسل، حتى يظهر كل فضائله ومميزاته التاريخية تلقائيًا وحدها، تخلق من جديد أجيال مبدعة و أرقى كمان كان أجدادها قديمًا وحدها ايضًا، اليوم بالفعل يوجد العديد من شعوب أوروبا بدرجة عالية من النقاء العرقي في شبه الجزيرة الإسكندنافية مثلا، بالفعل موجود النقاء العرقي حلم الأبيض الأوروبي، الشرط إلي في نظره ندرته سبب أساسي في كل المشاكل و بوجوده يعني العلاج من كل الأوبئة، لكنهم متجاهلين تمامًا أنهم مُهجنين روحيًا ومحرومين من الفضائل التي كانت تمييزهم حتى بوجود النقاء العرقي.

الحرب الصغرى هنا تتناغم مع الحرب الظاهرية، وهي المعركة الدامية التي تُقاتل بواسطة الأسلحة المادية ضد العدو، ضد عرق أدنى يُدعى أن حقًا فوقيًا يُطالب به، أو أخيرًا عندما يكون الحدث مبررًا دينيًا، ضد "الكافر". بغض النظر عن مدى فظاعة ومأساوية الأحداث، بغض النظر عن حجم الدمار، تظل هذه الحرب، ميتافيزيقيًا حتى الآن "حربًا صغرى". بالمقابل، تكون الحرب "الكبرى" أو "المقدسة" من النوع الداخلي وغير الملموس - إنها الحرب التي تُقاتل ضد العدو الذي يحمله كل إنسان في نفسه.

Metaphysics of War | Julius Evola

إن الحداثة ليست غربية، إنها مرض، مرضٌ حداثيٌ يقتل الهوية الغربية؛ وإن هذا المرض ليس مُسببًا من قبل عدو بشري؛ بل هو مسببٌ بتغيرٍ في سجل الوجود؛ يجب أن نضع نهاية للرأسمالية والحداثة الغربية والمادية والعلم الحداثي وكل نواتج الحداثة السياسية والثقافية والفلسفية، إن هذا لا يعتبر عدميةً أبدًا، لأن إطفاء الحداثة سيمكننا من استشعار الإرث الضخم للثقافة الرومانو-يونانية {التي قد تم حذفها حاليا، أو أنها على وشك الانمحاء جذريًا}؛ سنستكشف جذور الهوية الغربية، الجذور الروحانية والدينية والفلسفية والسياسية، وليس هذا الشذوذ والانحراف الذي نتعامل معه عبر الحداثة السياسية؛ لا يجب رفع الاستعمار من على العالم فقط، بل حتى الغرب بذاته يجب أن يرفع عنه الاستعمار ويُستعاد إلى كرامته الحقيقية، كحضارة عظيمة بين الحضارات الاخرى العُظمى؛ وبالتالي فإن 'الصحوة العُظمى' ليست ضد الغرب؛ بل هي ضد الليبرالية والعولمة، ضد الحداثة السياسية الغربية.

-ألكسندر دوغين| اليقظةُ العُظمى في مواجهةِ إعادةِ الضِّبطِ العظيمِ.