"مَضَت عَشرٌ فَعَشرٌ مُسرِعَاتٍ
وعَشرٌ أسرَجَت ظَهرَ البُرَاقِ

مَضَىٰ الثُّلثَانِ يَا قَلبَاهُ فَالحَق
عَلىٰ الثُّلثِ الأخَيرِ مِنَ السِّبَاقِ

أمَامَكَ لَيلَةٌ عَن ألفِ شَهرٍ
مُخَبَّأةٌ لَدَىٰ العَشرِ البَوَاقِي

رَجَوتُكَ يَا إلَٰهَ الكَونِ ثَوبًا
يُوَارِي سَوءَتِي يَومَ المَسَاقِ".

ولو تستطيع الحائض أن تستغني عن القراءة والتلاوة بالسماع فهو الأفضل عندي والله أعلم وفي ذلك خروج عن الخلاف…

تنويه: قراءة الأذكار والأدعية للحائض جائزة بالإجماع.

تنويه²: مس المصحف للحائض دون حائل محرم إجماعا قال ابن تيمية -رحمه الله-: «يحرُمُ على الحائض.. مسُّ المُصحَف عند عامَّةِ العُلَماءِ» «مجموع الفتاوى (26/176)».

أبو علاء…

قد كثر السؤال عن قراءة الحائض للقرآن…

وأنا عن نفسي متوقفٌ في هذه المسألة وفي مسألة الكحول هل نجاسته حسية أو معنوية!

ولي فترة من الزمن أحرر فيها الأقوال وأنظر فيها ولا يكاد يغيب عني قولًا في هذه المسألة!

لكن مع هذا لم يظهر لي الترجيح…

ومختصر القول أن جمهور أهل العلم على المنع، وخاصتهم على الجواز والعلل في ذلك كثيرة ولطرحها يطول المقام!
قال الإمام الترمذي -رحمه الله- في «الجامع»:
«وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم مثل: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئا، إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل».

وهو الراجح عند الحنابلة وإلا هناك رواية في الجواز نقلها صاحب الإنصاف والمعتمد عندهم مارواه أبو داود -رحمه الله- في «المسائل»:
قلت لأحمد بن حنبل الحائض لا تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: «لا، وتسبح وتذكر الله». وقال: «الحائض أشد من الجنب، ورخص في الكلمة يقرؤها».

قال ابن قدامة في المغني: ويحرم عليهم قراءة آية. فأما بعض آية; فإن كان مما لا يتميز به القرآن عن غيره كالتسمية ، والحمد لله، وسائر الذكر، فإن لم يقصد به القرآن، فلا بأس; فإنه لا خلاف في أن لهم ذكر الله تعالى، ويحتاجون إلى التسمية عند اغتسالهم، ولا يمكنهم التحرز من هذا، وإن قصدوا به القراءة أو كان ما قرؤوه شيئا يتميز به القرآن عن غيره من الكلام، ففيه روايتان: إحداهما، لا يجوز، وروي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن الجنب يقرأ القرآن؟ فقال: لا، ولا حرفا. وهذا مذهب الشافعي لعموم الخبر في النهي; ولأنه قرآن، فمنع من قراءته، كالآية. والثانية لا يمنع منه، وهو قول أبي حنيفة»

وهو المشهور من مذهب صاحب الإمام أحمد إسحاق بن رهويه -رحمهما الله- قال حرب الكرماني -رحمه الله- في «مسائله»:
سمعت إسحاق -رحمه الله- يقول: «إذا أرادت الحائض أن تتطهر لوقت صلاةٍ للتسبيح والذكر لا للصلاة؛ فذلك لها، وتسبح وتذكر الله، ولا تقرأ من القرآن شيئاً قليلاً ولا كثيراً وإذا سمعت السجدة وهي حائض فلا قضاء عليها إذا طهرت؛ كما لا تصلي وهي حائض؛ الصلاة أعظم جرماً».

ولمالكٍ -رحمه الله- في المسألة قولان نقلهما أئمة مذهبهم والراجح والله أعلم في المذهب عندهم الجواز لأن هذا مانقله كبار أئمة المذهب وأصحاب مالك كمحمد بن مسلمة بل اعتمد ذلك وافتى به.

وللشافعي -رحمه الله- قولان في المسألة القول القديم نقله عنه أهل خرسان يرى جواز ذلك، وأما القول الثاني يرى المنع وهو المعتمد عند أكثر الشافعية!

روى البيهقي عن الشافعي -رحمه الله- أنه قال: «إذا كان جنباً لم يجز له أن يقرأ القرآن، والحائض في مثل حال الجنب إن لم يكن أشد نجاسة منه».

ونقل عنه أبو ثور وأهل خرسان خلاف ذلك… وقد بسط ذلك ابن رجبٍ الحنبلي -رحمه الله- في كتابه فتح الباري

والقول في الجواز روي عن جماعة منهم الطبري والبخاري و أبو ثورٍ ومحمد بن مسلمة وأبو المنذر صاحب الإجماع وغيرهم…

ورجح ابن ابن رجب -رحمه الله- في «الفتح» بعد أن ساق الأقوال المنع.

قال -رحمه الله-:
«والاعتماد في المنع على ما روي عن الصحابة، ويعضده: قول عائشة وميمونة في قراءة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القرآن في حجرهما في حال الحيض، فإن يدل على أن للحيض تأثيراً في منع القراءة.
وأما الاستدلال المجيزين بحديث عائشة: «اصنعي ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوفي»، فلا دلالة لهم فيهِ؛ فإنه ليس في مناسك الحج قراءة مخصوصة حتَّى تدخل في عموم هذا الكلام، وإنما تدخل الأذكار والأدعية.

وأما الاستدلال بحديث الكتاب إلى هرقل، فلا دلالة فيهِ؛ لأنه إنما كتب ما تدعو الضرورة إليه للتبليغ، وقد سبق ذكر ذَلِكَ في شرح حديث هرقل في أول الكتاب».

وممن ذهب للتجويز من المتأخرين شيخ المتأخرين وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله-:
«ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة، وقال: ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء».

وقال تلميذه البار -رحمه الله-:
«ومن هذا جواز قراءة القرآن لها وهي حائض إذ لا يمكنها التعوض عنها زمن الطهر لأن الحيض قد يمتد بها غالبه أو أكثره فلو منعت من القراءة لفاتت عليها مصلحتها وربما نسيت ما حفظته زمن طهرها وهذا مذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد وأحد قولى الشافعي والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يمنع الحائض من قراءة القرآن وحديث: لا تقرأ الحائض والجنب شيئا من القرآن. لم يصح فإنه حديث معلول باتفاق أهل العلم بالحديث».

وبهذا يتضح لنا أن المسألة خلافها قوي جدًا وشديد والقول فيها يحتاج تحري ونظر واسع وليس لي في المسألة قول…

نسأل الله أن يريني وإيَّاكم الحق حقًا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه..

موعظة عفوية

قال الإمام ابن بطة في كتابه[ الإبانة الكبرى ص٣٩٠]

«اعْلَمُوا إِخْوَانِي أَنِّي فَكَّرْتُ فِي السَّبَبِ الَّذِي أَخْرَجَ أَقْوَامًا مِنَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَاضْطَرَّهُمْ إِلَى الْبِدْعَةِ وَالشَّنَاعَةِ، وَفَتَحَ بَابَ الْبَلِيَّةِ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ وَحَجَبَ نُورَ الْحَقِّ عَنْ بَصِيرَتِهِمْ، فَوَجَدْتُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْبَحْثُ وَالتَّنْقِيرُ، وَكَثْرَةُ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يُغْنِي، وَلَا يَضُرُّ الْعَاقِلَ جَهْلُهُ، وَلَا يَنْفَعُ الْمُؤْمِنَ فَهْمُهُ. وَالْآخَرُ: مُجَالَسَةُ مَنْ لَا تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ، وَتُفْسِدُ الْقُلُوبَ صُحْبَتُهُ، وَسَأَذْكُرُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَا يَكُونُ فِيهِ بَلَاغٌ لِمَنْ قَبِلَ النَّصِيحَةَ، وَكَانَ بِقَلْبِهِ أَدْنَى حَيَاءً إِنْ شَاءَ اللَّهُ»

ألفاظٌ لازمها التكفير لأن الكتاب والسنة بينا أنها من صفات الكفار…

¹•«نجس» قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن لا ينجس»

²•«خنزير أو قرد» قال تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ}

روى مسلم: أنه ذكر عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ القِرَدةَ والخنازيرَ فقال: «إنَّ اللهَ تعالَى لم يجعلْ لمسخٍ نسلًا ولا عقبًا وقد كانت القردةُ والخنازيرُ قبلَ ذلك»

³•«استخبارات» قال تعالى: { لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ }

وقال صلى الله عليه وسلم: «ومن قاتل تحت رايةٍ عَمِيَّةٍ ، يغضبُ لعَصَبِيةٍ ، أو يَدْعُو إلى عَصَبِيَّةٍ ، أو ينصرُ عَصَبِيَّةً ، فقُتِلَ ، فقَتْلُه جاهليةٌ»

وغير ذلك من الألفاظ التي لا تحمل إلا على أوصاف الكفرة والمشركين…

فلازم هذه الألفاظ التكفير؛ والعياذ بالله.

فيرجى الانتباه.

يبدأ البث بعد خمس دقائق

قال ابن القيم رحمه الله:

فلا تدخُلُ الجنَّةَ نفْسٌ مُشْرِكَةٌ، وإنما يدخُلُها أهلُ التَّوْحِيد، فإنَّ التوحيد هو مِفتاحُ بابِهَا، فمَنْ لَمْ يَكُن معهُ مِفتاح، لَمْ يُفتَح له بابُها.

( الوابِلُ الصيِّب - صـ ٤١)

«والله لطالما حز هذا الكلام في صدري؛ ولولا أن يلزمنا المخالفون بمشائخهم الضلال وتوباتهم المزعومة، لقلته دون استناد؛ لكن بعد قول الكرجي الشافعي لا أجد أي وجه يمنع من تكذيب نسبة هذا الباب لابن خزيمة -رحمه الله-.»

•قال أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي في كتاب -الفصول في الأصول-:

«فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة، فغير مقبول، وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف، غير مجهول، نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق ابن خزيمة، في تأويل الحديث: (خلق الله آدم على صورته)، فإنه: يفسر ذلك بذلك التأويل، ولم يتابعه عليه من قبله من أئمة الحديث، كما روينا عن أحمد رحمه الله، ولم يتابعه أيضاً من بعده، حتى رأيت في كتاب الفقهاء للعبادي الفقيه: أنه ذكر الفقهاء، وذكر عن كل واحد منهم مسألة انفرد بها، فذكر الإمام ابن خزيمة، وأنه انفرد بتأويل هذا الحديث: (خلق الله آدم على صورته)، على أني سمعت عدة من المشايخ رووا أن ذلك التأويل مزور مربوط على ابن خزيمة، وإفك مفترى عليه، فهذا وأمثال ذلك من التأويل لا نقبله ولا يلتفت إليه».

خمسون سؤال وجواب في العقيدة