القناة الرسمية والموثقة لـ أخبار وزارة التربية العراقية.
أخبار حصرية كل مايخص وزارة التربية العراقية.
تابع جديدنا لمشاهدة احدث الاخبار.
سيتم نقل احدث الاخبار العاجلة.
رابط مشاركة القناة :
https://t.me/DX_75
Last updated 1 year, 8 months ago
Last updated 2 months, 1 week ago
👆🏼• أقول لكل واحد من إخواني المبتلين بميل لقتل النفس أو نحو ذلك:
○ تجنّب هذه التريندات وكل ما يتعلق بها، ولا تُعِن على نفسك.
○ قد تميل إلى هذا لاعتقادك أنه لا سبيل لإنهاء معاناتك إلا بهذا، والأصل في هذا أنه يكون بسبب التشوّهات الإدراكية التي يُصاب بها المضطرب اضطرابًا نفسيًا، لا تثق فيما ترى، الخيارات غالبًا أوسع مما تعتقد، وكم من إنسان مر بهذه المرحلة ثم جاوزها إلى مرحلة يرى فيها أنه كان سيندم ندمًا شديدًا لو قتل نفسه، أحسِن الظن بالله، استعن بالله ولا تعجز، خذ بالأسباب قدر المستطاع، أسباب السماء والأرض، جاهد نفسك في سبيل الله، هذا والله من أعظم الجهاد ومن أعظم أبواب الأجر الذي سيُذهِلك عند لقاء الله، وإني لقيت من أمثالك مَن يحسبهم الناس مساكين وأنا والله أراهم في نفسي أرسخ من الجبال الرواسي في تحمّل هذا البلاء والصبر عليه والاستعانة بالله عليه وإن ضعفوا أحيانًا، لكن لا أعدل بهم كثيرًا من أهل العمل الظاهر، ولا أرى أني أبلغ من الإيمان والقوة ما يجعلني أجاهد جهادَهم في هذا المضمار إذا كنت ابتُليت بما ابتُلوا به، فهذا الباب كغيره من أبواب البلاء الكبير، الزلل فيه عظيم، لكن الأجر فيه جزيل، والأجر على قدر المشقة.
○ لعل العافية تَمَسّك إن شاء الله، لكن الدنيا على أي حال دار بلاء ونقص وألم، سجن المؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، المعوَّل على الآخرة على أي حال، العِوَض الحق في الآخرة، إنما الدنيا لهو ولعب وأهون مرحلة في حياة الإنسان، ومهما طالت فهي كلمح البصر، فإياك أن تعرّض نفسك لخسران الدنيا والآخرة، إياك أن تدخل على الآخرة وعلى المرحلة الأعظم والأهم من حياتك بكبيرة عظيمة تجعلك في خَطَر، ولا تغتر بتهوين الناس ولا بردود أفعالهم، الناس لن ينفعوا المرء شيئًا، روحك عزيزة، خلقها الله عزيزة ثمينة، لا تُرخِصها بيدك وإن أرخصها الناس، روحك أغلى من تعاطف عابر، عامة هذا التعاطف لن يصمد أكثر من عدة أيام ثم سينشغل كل امرئ بهمومه، روحك أغلى من أن تكون أداة انتقام أو تحسير، وإن كان أحدٌ قد ظلمك فلا تجمع إلى ظلمه لك ظلمك أنت لنفسك، وإن كان أحدٌ يريد أن يكسرك فلا تحقق له مراده.
أخيرًا .. في نفسي منذ مدة طويلة أن أسجّل ضمن سلسلة (نفثات) عدة لقاءات عن هذا الأمر من عدة زوايا، لعله يكون إن شاء الله، لكن بعض ما ذكرته ههنا ذكرته أشرت إليه في حلقة (نفسانيات).
👆🏼• لا حَجْر ههنا على مشاعر كل إنسانٍ في نفسه وفي دوائره الضيقة المنضبطة، أما الخطاب العام في مثل هذه الوقائع فإن الاتزان فيه لا يعدله شيء، لكن الخطأ في التشديد والمبالغة قد يكونان خيرًا من الخطأ في التساهل والمبالغة، لأن التشديد لا يلحق بالمرء في قبره، والله أرحم مِن أي أحد مِن عباده وألطف، لكن تأثير الخطاب يتعلق بالأحياء أكثر من الأموات، فيُراعى فيه المصلحة والمفسدة من هذه الجهة، وهذا ظاهر جدًا في تشديد الشريعة في السياقات ذات التأثير الاجتماعي البالغ، ولذلك صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي برجلٍ قتل نفسه بسلاح فلم يُصَلّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وجماهير الفقهاء حملوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم على تشنيع الأمر في أعين الناس وزجرهم عنه، وهذا من أعظم مقاصد الشريعة، وله نظائر كثيرة، ولا يمتنع أبدًا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أكثر من الدعاء له والاستغفار مع ذلك، لأن المقصود لم يكن عقاب هذا الميت أو التبرّي منه، بل ما ذكرناه، لكن لا ينبغي مع ذلك أن يبلغ خطاب التشديد حدًا ينزع بالأحياء إلى الانسلاخ من الرحمة والشفقة كما يُشاهَد بالفعل أحيانًا، خاصة في مثل هذه السياقات، والموت عظيم، والنبي صلى الله عليه وسلم لما مرت به جنازة يهودي قام لها وقال: "أليست نفسًا؟!"، وكذلك ينبغي مراعاة خاطر أهل المتوفى وأحبائه، ومن أحسن ما يعين على ذلك إماتة الأمر والسكوت عنه، لا نشره وجعله مُضغة في الأفواه! (وبمناسبة الواقعة الأخيرة ومراعاة الخواطر، لاحظت مبالغة شديدة في تحميل أهله وأصحابه أكثر مما يتحملون ورميهم بالتقصير والجفاء من غير بيّنة، وللأسف ناس كثيرون يريدون استغلال الموقف للتعبير عن تألمهم من غدر الزمان وأهله .. لكن ليس على حساب خواطر الناس! .. وظاهر جدًا أن حال الشاب أكثر تعقيدًا مما يُقال)
و(بعض) النافرين من خطاب التشديد لا تخلو دوافعهم من شيء من الأنانية، أنانية شهوة الكلام والتنظير، وأنانية تفريغ المشاعر بغض النظر عن العواقب، وأنانية الشعور بالأمان النفسي وأن الإنسان مهما ضعف سيجد من يرحمه ويدفع عنه، لأننا كلنا ضعاف، وقد نرى أنفسنا في كل ضعيف مقهور، على الأقل يمكن أن يحدث في يوم من الأيام، نريد أن نطمئن، أحيانًا في هذه السياقات نتعاطف مع أنفسنا ضمن تعاطفنا مع الضحايا، وندافع عن أنفسنا في ضمن دفاعنا عنهم، وهذا لا بأس به في الأصل، لكن لا ينبغي أن يجرنا إلى تهوين ما لا ينبغي تهوينه بحيث يفضي إلى زهوق أرواح أو فساد معتقد أو نحو ذلك، ومن لا يُحسن ضبط عواطفه ففي السكوت له متَّسَع.
• سجّلت منذ فترة مادةً عن علاقة الدين بالصحة النفسية، لكن حالت بعض الظروف دون نشرها، وأرجو أن أعيد تسجيلها إن شاء الله، وذكرت فيها أمرًا أريد التنبيه عليه في هذا المقام.
○ أولًا: التدين الشخصي الحق والإيمان القوي ليس ملازمًا بالضرورة للالتزام بالعمل الظاهر واجبًا كان أو مستحبًا، بل هناك مساحات أخرى واسعة من المجاهدات والرياضات الباطنة التي يقضي فيها الإنسان عمره، وهذه الملازمة ظلمت كثيرًا من محاولي الالتزام بالأعمال الظاهرة أكثر مما ظلمت بعض المقصّرين فيها مع كونهم من أهل الديانة والصلاح.
○ ثانيًا: الإنسان - وإن كان متدينًا قوي الإيمان في الجملة - ليس آلة مضبوطة على وضع محدد وحالة ثابتة، والإيمان يزيد وينقص، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَزْنِي الزّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهو مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُها وَهو مُؤْمِنٌ"، وقد وقع في جنس هذه الذنوب أقوام لا يُشك في ثبوت إيمانهم في الجملة وصلاحهم، وفي أنهم يحبون الله ورسوله، كما في حديث ضرب شارب الخمر، لكن الإنسان قد تعرض له العوارض الخارجية والداخلية فيضعف إيمانه وتضعف نفسه ويقع في أمرٍ عظيم، ثم قد يقوى بعد ذلك، وهذا الباب من أعظم أبواب المجاهدات.
○ ثالثًا: التدين الشخصي ليس هو الدين، بل الدين أوسع، الدين ضارب في الأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للأمة، وحال الأمة لا يستقيم بمجرد التدين الشخصي، بل بالدين، وكمال التدين الشخصي نفسه لا يُحصَّل إلا تحت مظلة الدين، ومن الدين: التواد والتراحم والصلة والشفقة والصدقة والزكاة وحمل الكلّ وإكساب المعدوم والإعانة على نوائب الحق، ومن الدين: العدل والامتناع عن الظلم والبطش والقهر (وبمناسبة التريند الأخير أيضًا، هذا الشاب اعتُقل بغير وجه حق لشهور، واختفى قسريًا وحُبس احتياطًا كما يقع مع الآلاف غيره، وقيل إنه حاول قتل نفسه أثناء ذلك، وبغض النظر عنه، فإن أثر هذا البغي والظلم في التدمير النفسي لخلق كثيرين ولأهلهم وذويهم = أظهر من ضوء الشمس، قتلوهم قتلهم الله، قتلوهم مائة مرة، هذه أرواح غير محسوبة، لكن أحصاه الله ونسوه) 👇🏼
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، فــ :
• قتل النفس إثم عظيم، وكبيرة من الكبائر، ليس كفرًا مخرجًا من الملة، لكنه إثم عظيم جدًا، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً"، وقال صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جُرح فجزَع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة"، وقد دلّت النصوص واتفق علماء أهل السنة على أن قاتل نفسه ليس بكافر، ولا يُحرَم من الجنّة أو يُخلَّد في النار حرمان الكفّار وتخليدهم، وحملوا هذين الحديثين وشبههما على محامل شتى، ومع ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أطلق الكلام تشديدًا، كما هي عادة الخطاب النبوي الشريف في مثل هذا، مع كون قتل النفس ليس هيّنًا أبدًا على أي حال وفي أي زمان، والأصل أنه لا يجرؤ على إتمام ذلك إلا من كان في كرب عظيم، فالأصل أنه لا أحد يقتل نفسه حال سكينة واطمئنان، لكن يحمله على ذلك (الجزع) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، من ألمٍ في البدن أو النفس، فلم يكن ذلك مانعًا من إطلاق هذا التشديد العظيم!
• الألم النفسي عمومًا شديد، والهم والغم قتّالان، أما المرض النفسي (الإكلينيكي) فبلاء عظيم جدًا لا يفهمه أكثر الناس ولا يتصورونه، وهو مع ذلك أنواعٌ ودرجات، و(أكثر) أنواعه ودرجاته لا ترفع التكليف الشرعي أو المسؤولية القانونية، بل يظل الإنسان محاسَبًا على أفعاله، وإن كان هذا لا يتعارض مع لحاظ الضغوط الداخلية والخارجية في محاسبة هذا الإنسان، كالفرق بين الشاب والشيخ الزانيين والعائل والغني المستكبرَيْن وهكذا، لكن قد يرتفع التكليف في بعض أنواعه ودرجاته، كبعض درجات النوبات الهَوَسيّة (Manic episodes) وبعض درجات وصور الذُهان (Psychosis)، والذي هو عَرَض قد يُوجد في اضطرابات كثيرة، وليس خاصًا بالفصام [بالمناسبة، وعلى الرغم من أني لا أريد ربط الكلام بواقعة معينة، فالواقعة الأخيرة يظهر من بعض السكرينشوتس أن الشاب - رحمه الله وعفا عنه - قد كان يعاني من ضلالات (Delusions)، وهناك تقرير طبي سابق مُشخَّص فيه بالفصام!]
• تحويل أي واقعة (قَتْل نَفْس) إلى تريند أمرٌ ضار ومؤذٍ وقد يكون جريمة عظيمة، لأن هذا بمجرده كفيل بتشجيع بعض الناس على ذلك ورفع معدلات الإقدام على هذا الأمر وارتكابه، فضلًا عن أن يكون ذلك مشفوعًا بحملات الدعم والتعاطف والمدح ولعن المتسببين في هذا ومهاجمتهم، ليس لأن هذه الأمور قبيحة في نفسها ضرورةً، لكن لأنها أيضًا مشجّعة على مزيد من هذه الحوادث الكارثية المدمّرة، حتى وُصف هذا بأنه (عدوى قتل النفس)، أو ما يُعرف باسم (تأثير فيرتر)، ونحن قد نجد مرضى في نوبات هَوَسية أو نوبات من ضلالات العظمة (Grandiose Delusions) يكون دافعهم للإقدام على مثل هذا الرغبة في الظهور والانتشار أو وصول رسالته - مثلًا - لأكبر عدد ممكن أو تلقِّي المدح والثناء والتقدير، وأحسب أن أي عامل متمرس في مجال الصحة النفسية قد سمع غالبًا من حالات (النزوع إلى إيذاء النفس أو قتلها) دوافع مثل: "علشان أحس برحمة الناس حتى لو مش هأشوفها بعيني"، "علشان يصدّقوا حجم المعاناة اللي بأمر بيها"، "علشان أنتقم منهم وأحرق قلبهم وأؤنب ضميرهم وأعرفّهم إنهم ظلموني"!
• لأجل (تأثير فيرتر) المذكور فإن كثيرًا من الهيئات والمنظّمات الإعلامية والصحافية في عدد من الدول [مثل بريطانيا وألمانيا وأمريكا والنمسا وغيرها، وهناك أيضًا ما يتعلق بذلك في لائحة المجلس المصري الأعلى لتنظيم الإعلام] قد وضعت مواثيق وإرشادات لتغطية حالات قتل النفس خصوصًا، وهناك كذلك إرشادات منظمة الصحة العالمية (WHO)، ومن أهم الأمور المشتركة بين هذه المواثيق والإرشادات:
○ تقييد التغطية الصحفية والإعلامية قدر المستطاع، وعدم تثبيت هذه الأخبار، أو إظهارها بشكل لافت، أو تكرار نشرها أو بثها.
○ تجنب نشر الصور والفيديوهات المؤثرة
○ تجنب عبارات الثناء والتمجيد أو المبالغة في التعاطف أو التهوين والتبرير، أو العبارات البلاغية المجازية المثيرة للمشاعر، والالتزام بلغة محايدة وصفية.
○ التجنب التام لوصف تفاصيل الحادث وكيفية حصوله والوسائل المستعملة فيه (وقارن هذا بالجريمة الحاصلة الآن في تعريف كثير من الناس بوسيلةٍ لم يسمعوا عنها من قبل، وتجدهم يسألون عنها في تعليقات المنشورات .. حسبنا الله ونعم الوكيل!)
○ التركيز على تقديم الدعم والنصح ونشر عوامل الوقاية ونحو ذلك. 👇🏼
[وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ]
من أعظم أسباب البِشْر عند المؤمن - حتى الشهداء المتقلبين في النعيم - الاطمئنان إلى انتقال إخوانهم وأحبابهم من محل الخوف والحَزَن إلى محل الأمن والفَرَح!
قال السُدّيّ: فإن الشهيد يؤتى بكتاب فيه من يقدم عليه من إخوانه وأهله، فيقال:"يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا"، فيستبشر حين يقدم عليه، كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا.
فاللهم فَرِّج كرب عبادك المظلومين المأسورين، وأقِرّ أعين أهليهم وإخوانهم بقدومهم عليهم، حيث لا يخافون عليهم ولا يحزنون!
الحمد لله قاصم الجبابرة، مُذِل الأباطرة، مُغرق الفراعنة، ناصر المستضعفين، وجابر المنكسرين، ولو من بعد حين!
[فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ . فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ]
[كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ . فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ]، بل إن السماء والأرض والبهائم والشجر والحجر لتفرح بانكسار الظلمة الفجرة المجرمين، ولقد كان بشّار وآله مِن أقذر مَن بُليت بهم بلاد المسلمين عبر التاريخ، وربما ستكشف الأيام مزيدًا من فظائعهم التي لا تخطر على قلب بَشَر، ولقد كان مع ذلك جبانًا خسيسًا حقيرًا حتى في الدفع عن مُلكه الباطل، ولقد كان بلاءً على كل من له به صلة، حتى أوليائه ومناصريه من داخل سوريا وخارجها!
هذا يوم بُشرى واطمئنان وفرح، وتبرؤ من الحول والقوة، واغتسال من الظنون والقنوط واليأس .. [وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ] .. ولقد كان الطريق أمام المسلمين يومئذ لم يزل طويلًا، لكن المؤمن يحتاج في سيره إلى استبشار واطمئنان وتذكير وتثبيت!
هذا يوم تذكر أن الأيام تدور، وقد تدور سريعًا جدًا، وبما لم يكن في الحسبان أو الخاطر، وأنه ما بين غمضة عينٍ وانتباهتها يغيّر الله من حال إلى حال، وأنه سبحانه [الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ]، وتذّكر سنة الله سبحانه في خلقه، [حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ]، وتذكّر مَثَل الذين خلوا من قبلنا [مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ]، وكل علو للحق والعدل والخير - ولو كان فيه دَخَن وتنغيص وخوف - على الباطل والظلم والإجرام المحض فهو نصرٌ من الله سبحانه، هو الذي ثبّت عباده المؤمنين، [وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ]، وهو الذي يدبّر لهم، وكل الأسباب الممكنة قد تتهاوى بشيء يقدره الله، فلله الأمر من قبل ومن بعد، بل إن علو الباطل الأدنى على الباطل الأعلى مما يثبت المؤمنين هو نصرٌ من الله سبحانه، وبه يفرحون ويستبشرون، ويجددون حُسن ظنهم الراسخ في وعد ربهم مهما تعاقبت السنون وتلاطمت الظنون، [لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ]
هذا يوم يرى الظلمة الفجرة مصارع إخوانهم الذين نسوا ما ذُكّروا به، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم، واطمأنوا واستكانوا، [حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ]، بغتة! .. يوم يرون تجدد التحرر من اليأس وأنهم كلما أطفأوا نارًا للإصلاح أوقدها الله .. يوم يرون منة الله على المستضعفين في الأرض ورؤية الجبابرة منهم ما كانوا يحذرون، مهما أخذوا في أسباب قهرهم ومنعهم من تحقيقه [وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ]
هذا يوم استمرار الدعاء والرجاء والتعلق برب الأرض والسماء، والأخذ بأسباب التوفيق والسداد .. فهذا بداية طريق طويل وصراع أشق واختبار أدق ومعارك أجلّ .. هذا يوم ينظر الله من عباده كيف يفعلون .. [قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ]
هذا يوم تجدد الموالاة للمؤمنين في كل مكان، فالعبادة تُذكّر بجنسها، فهذا يُذْكي آلام غزة وأحزانها لا يُطفئها، لكنه يُذْكي أيضًا الأمل في ارتفاع البلاء وشفاء صدور المؤمنين!
هذا يوم تطير بعض العصافير!
لتغرّد عن غد بعضها الآخر!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فلا ينقضي عجبي ممن يظل غارقًا في التحليل والتنظير واكتشاف الغامض والمثير، وهو مع ذلك هباءة في ركن مظلم من إحدى ساحات مواقع التواصل المترامية، ولا أثر له على أرض الواقع، وإن كثرت التفاعلات والتعليقات، وقد يصل الأمر ببعضهم إلى إعلان الشجب والاستنكار، وتوجيه النصائح إلى الأطراف المتنازعة!
وبغض النظر عن عبثية هذا المشهد، فإن المرء قد يجلب بذلك على نفسه مزالق الثرثرة حيث يحسن السكوت، من التكلم بما لا يُرضي الله سبحانه، والتألي عليه، والإغراق في القيل والقال، والإرجاف، وقول "هلك الناس"، والافتراء وسوء الظن، والغمز واللمز، والتشاغل عمّا يحبه الله ويرضاه مما يملكه المرء ويستطيعه وينفع به وينتفع!
ومما ينبغي للمؤمن العاقل في مثل هذه الأحداث:
• تمييز الحق من الباطل، والخير من الشر، والعدل من الظلم، فإن المرء كلما التبس عليه ذلك نُكتت في قلبه نكتة سوداء، حتى يصبح لا يعرف معروفًا أو يُنكر منكرًا، ولا يلتبس الحق والعدل والخير - ولو كان فيه دَخَن وتنغيص وخوف - بالباطل والظلم والإجرام المحض إلا عند منكوس الفطرة!
• الفرح لفرح المؤمنين المظلومين المكلومين المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، وانشراح الصدر لشفاء صدورهم، والاستبشار بهلاك الظلمة الفجرة الجبابرة المجرمين، والخوف من ذهاب الريح وكيد المتربصين ومكر شياطين الجن والإنس، والرجاء في رحمة الله ومنّه وكرمه ولطفه وقهره وسلطانه، وتوطين النفس على كمال الثقة في الرب وحسن الظن به جل وعلا مهما كان الذي تجري به مقاديره سبحانه.
• تجديد الموالاة لجميع المؤمنين في كل مكان، فلا يَتَشاغل بقضية بعضهم ومصابهم وآلامهم عن قضية آخرين ومصابهم وآلامهم، فيصبح من الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.
• الاعتصام بكتاب الله المسطور، وحُسن التأمل في كتاب الله المنظور، والتفقه في سنن الله في خلقه، [قل سيروا في الأرض فانظروا]، وإطالة الصمت، وكثرة التروّي، وإشباع القلب بأسباب الثبات في الفتن.
• الدعاء والعبادة والتضرّع والتوسّل لله سبحانه بكل حبيب له ..
اللهم أبرم لأهل الشام أمر رشد، يُعز فيه أهل الطاعة الصابرون المظلومون المكلومون المُخرجون من ديارهم وأموالهم، ويُهدى فيه أهل المعصية والغفلة والضعف والريبة، ويُقصم فيه الجبابرة الزنادقة المجرمون الظلمة، وتُشفى به صدور قوم مؤمنين!
من أعظم آفات العلم أن في فضائله ما قد يزيّن للنفس الغافلة التشاغل عما سواه من صنوف العبادة، كالصلاة والقرآن والذكر، حتى الصلوات الخمس وتجويدها وحُسن إقامتها، وكثيرًا ما أجد ذلك في نفسي وألمسه في غيري، فإذا آب الإنسان في يقظة قلبٍ إلى التشاغل بالصلاة والقرآن والذكر ووجد في نفسه حلاوة ذلك = أشفق عليها غاية الإشفاق وودّ لو أنه انقطع عن عامة الخلق، ونفض يده من هذه البهارج، وأقبل على نفسه وسكينتها وصلاحها، ثم تأتيه خواطر الحرج من تفريغ ما يمكن أن يكون ثغرًا حقًا، والخوف من مزايلة مقام يحب الله الإقامة فيه على ما فيه من العوارض، وخشية التحسّر على فقدان ما لم يعلم المرء أنه كان معينًا على البركة في قليل العمل وإصابة حُسن التفكّر فيه، فيحتاج المرء إلى أن يسدد ويقارب ولا يدري أيُحسن في ذلك أم تتلاعب به الأهواء، فاللهم بصّرنا بأحب الأعمال إليك، وخذ بأيدينا ونواصينا إليها، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أو أقل من ذلك، وأعذنا من أن نكون من الذين كذبوا على أنفسهم وضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا!
القناة الرسمية والموثقة لـ أخبار وزارة التربية العراقية.
أخبار حصرية كل مايخص وزارة التربية العراقية.
تابع جديدنا لمشاهدة احدث الاخبار.
سيتم نقل احدث الاخبار العاجلة.
رابط مشاركة القناة :
https://t.me/DX_75
Last updated 1 year, 8 months ago
Last updated 2 months, 1 week ago