حين أكتب فلا أدري بم أبدأ رسالتي وأُسمِّي مقالتي، وكيف أُحرِّر أوراقي وأشرح أشواقي، هل بالسؤال عنك، أو لهفة القرب منك، ولمَ كانت هِزَّتي إليك، وباتت العاطفة عليك، وأنوارك أسنى، ووصوفك حُسنى، وهي إليَّ في سباق، وأنا لها -فديتُك- في لحاق، والقلم لأجلك مطروح، وإلى الله عوَز كل مبحوح ..

~ واكف ~

يا ليلُ، صُمتكَ راحةٌ
للمُوجعين أسىً وكربَا

خفَّفتَ من آلامهم
ووسِعتَهم رفقًا وحبَّا

يا ليلُ، فارْوِ مُحدِّثًا
أخبارَنا غِــبًّا فغِـبَّا

فلَنَا بذلك حاجةٌ
إن تقضِها فرَّجتَ كربَا

وابدأ حديثك بالأولَى
عانوا من الآلام وَصْبَا

فعسى بهم تأسُو وعلَّ
لنا بذلك منه طِـبَّا

~ محمد بن سرور الصبان ~

قال أبو عثمان، عمرو بن بحر الجاحظ:-

«ولستُ أدري لِمَ كرِهتَ قُربي وهويتَ بُعدي، واستثقلتَ روحي ونفسي، واستطَلْتَ عمري وأيامَ مُقامي. ولم سَرّتكَ سيّئتي ومصيبتي، وساءتكَ حسنتي وسلامتي، حتّى ساءكَ تجمُّلي بقدر ما سَرّكَ جزعي وتضجّري، وحتى تمنّيتَ أن أخطِئَ عليكَ فتجعلَ خطيئتي حُجّةً لك في إبعادي، وكرهتَ صوابي فيك خوفًا من أن تجعلَه ذريعة لك إلى تقريبي. فإن كان ذلك هو الذي أغضبك، وكان هو السبب لِمَوجِدَتِكَ، فليس -جُعِلتُ فِداكَ- هذا الحقدُ في طبقةِ هذا الذّنب، ولا هذه المطالبةُ من شكل هذه الجريمة».

‏ليس كُل أحد تدوم رفقته وتبقى صُحبته، فإنَّ بعضًا تتكشَّف طباعُه فتلقاه لا يحتملُ الزلَّة والزلَّتين، ولا يفهمُ كلامك إلا على وجهين، وينسى مُروءاتك ويتذكَّر الإساءة، ويتبحَّث العيب ويُعادي على البداءة، فوصف الصديق أشرفُ منه، ونعت القريب أبعدُ عنه، وأنت تصحبُ لقصد رِبحٍ لا لتغرم ..

~ واكف ~

‏قال أعرابي: واللهِ، إنّا لنُحسن الظن في الرجل، فيكون فوقَ ما نؤمِّل؛ فكيف بالله الواحد الأحد!

سبحانه وتعالى!

«إذا لم يتوارد القلبان على مورد واحد، فالعاذل يضرب في حديد بارد.
لو اتحدت الغرائز والأخلاق، لعذرت المشتاق في الأشواق، ولكن النفس الواحدة لا تدبر تدبيرين، كما لا يكون الاتفاق واحدا ولا الواحد اثنين.»

~ الفلك الدائر على المثل السائر لابن أبي الحديد ~

صاحب فكرة تسيير العبارة مثلًا: الأستاذ عُبَيد الكلباني.