"فتعود غريبًا كأنّك لم تكن، وتعود وحيدًا وكأنّك زهرة لاڤندر وُجِدت في صحراء قاحلة بمحضِ خطأ"

"كان يؤذيني أن أكون دومًا في موضع الشّكّ، أبرر مخاوفي وحُزني ومرضي، وأن أدافع عن المتّهم البريء بكلّ ما أوتيت من قوّةٍ دون أن يصدّقني أحد، المتّهم الذي لا يدينه شيء ولكن الجميع أتّفق على جريمته"

مَخاوِفي تقف على كتفيّ يوميًّا عندما أنهض من السّرير، تُثقِل حركتي، تُقيّد تلوحياتي، ابتساماتي، تدفع قلبي للجري كغزالٍ جريحٍ يهرُب من أسدٍ جائعٍ، لا يعي أنّ الأسد هذه المرّة على كتفيّ، لا يعي أنّ الأسد هو مخاوفي، تمنعني من ممارسة أيّ نشاطٍ في يومي عِدا البُكاء، مخاوفي أسدٌ جائعٌ وعَطش جدًّا لا يرويه إلّا الكثير من الدّمع، وإن قاومتُ البُكاء في مرّةٍ ما، أنزف؛ فالدّماء أيضًا تَفي بغرضه أحيانًا.

مَخاوِفي تُنجب الكثير من الأشواق، كعصافيرَ هاربة من الجّحيم، تنقضّ على غزالي المُتعب تنهش منه بقسوة وكأنّها تأكل لآخر مرّة، وكأنّ هذا الغزال سيتلاشى، أُراهن على تلاشيه في كلّ يومٍ لكنّه يقاوم، يقاوم، ويقاوم، فمن منّا لا يتمسّك بالحياة؟

من مِنّا يُحبّ الرّحيل؟

-أحمد حجازي.

من المُفترض أن تُبادر أنتَ في كلّ مرّةٍ، أن تحتضِن الخِلاف لكيلا تتصدّع المسافة الفاصلة، من المُفتَرض أن تعتذر حتّى وإن لم تُخطئ، حتّى وإن كان الأمرُ لا يستحقّ اعتذارًا للحفاظ على الودّ، من المُفتَرض أن تقضي عُمرك تنزع الأشواك عن سيقان ورود علاقاتك لكيلا تُجرح أصابع قلبيكما بمحضِ الخطأ وتسيل الدّماء محمّلة بالضّحكات.

ماذا لو توقّفت فجأةً على المحاولة؟ هل ستسيل العلاقات كالدّماء مُحمّلة بالأشخاص؟

-أحمد حجازي.

خائفٌ أنا؛ وكأنّ مَكيَدةً تُحَاك في هذه اللّحظة، وكأنّ الشّرّ الأعظم يقظٌ الآن يقف على كتفي يراقبني بعينيه المفرّغتين تمامًا. خائفٌ أنا؛ وكأنّ الأرض تُحدِث فجوة في هذه اللّحظة، لتبتلعني فجأةً وكأنني لم أكن يومًا. الشّعور الّذي يقبِض على قلبك فجأةً، دون سابق…

خائفٌ أنا؛ وكأنّ مَكيَدةً تُحَاك في هذه اللّحظة، وكأنّ الشّرّ الأعظم يقظٌ الآن يقف على كتفي يراقبني بعينيه المفرّغتين تمامًا.

خائفٌ أنا؛ وكأنّ الأرض تُحدِث فجوة في هذه اللّحظة، لتبتلعني فجأةً وكأنني لم أكن يومًا.

الشّعور الّذي يقبِض على قلبك فجأةً، دون سابق إنذار أو حتّى دوافع، يجعلكَ خائفًا جدًّا، وخائفٌ أنا الآن بشدّة وكلّ مافيّ يرتجف.

نحنُ بأمسّ الحاجة لشعورٍ
يجعل أصابع أقدامنا تطول
وكأننا نمشي على قطنٍ
على سحابةٍ في السّماء
على نارٍ!

نحنُ بأمسّ الحاجة لشعورٍ
يجعل قلوبنا تنبض في رؤوسنا
والدّماء تجري
والدّماء تجري
وتجري
تحت جلودنا مباشرةً
لدرجة أننا نرى جريانها.

نحن بأمسّ الحاجة لشعورٍ
يجعل أصواتنا تفقد بحّتها
نتكلّم
فنرتجف
نتكلّم
فنرتجف
وكأنّها تُمطر فينا
تُمطر!
قطرة!
رجفة!
قطرة!
رجفة!

الشّفاه تزرق
والعظام تتراقص
كلّما مشينا
على سحابةٍ في السّماء
كلّما مشينا
على نارٍ!

نحن بأمسّ الحاجة لشعورٍ
يجعل الحزن فينا يضحك
والدّمع في أعيننا يلمع
وتجاعيد أروحانا تحفر أنهارًا فينا
نهرٌ طويل
نهرٌ يتدفّق!

فهل رأيتِ يومًا ياحور
نهرًا يتدّفق
على سحابةٍ في السّماء؟
على نارٍ؟

إن رأيتِ ذلك
فلا تكترثي
هذا النّهر من دمعي
من دمعي أنا
فنحن لن نصل لهذا الشّعور!

والكون ينتهي
والكون ينتهي
وكأنّه مجرّد مسرحيّةٍ قديمةٍ
بلا ألوانٍ
ولا وجوه
وينطبق السّتار الثّقيل
على قلبي
قلبي أنا ياحور!

-أحمد حجازي

غارقٌ أنا في أنصافِ الأمور
أقف في منتصف الطّريق دومًا
منتصف الطّريق تمامًا
لا أذكر أين مقصدي؟
لا أذكر إن كان مقصدي يستحقّ العناء
يستحقّ الاستمرار!
لا أعلم.

جفني ثقيلٌ
جفني ثقيلٌ
يدفعني للنّوم
لكنّ عينيّ ترفضا النّوم
جفني ناقوس خطر
ينبض كقلبي
عند منتصف اللّيل
لكنّ عينيّ ترفضا النّوم
فأغرق في منتصف الأمر

بعينين يقظتين
وجفنين ذابلين
أنام كسمكة
بنصف تغميضة فقط!

ابتسامتي تقف عند المنتصف
وكأنّ جيوشًا تمنعني
تمنعني دومًا من الابتسام
تُذكّرني بخساراتي كلّها
بكلّ معركةٍ هُزمت بها
تُذكّرني بكِ دومًا
فأبتسم ولكن
بنصف ابتسامةٍ فقط!

أين كان المقصد؟
هل يستحقّ الأمرُ كلّ هذا العناء؟

أنتِ لا تعلمين
أنّ من يتبسم بأسى
في أي طريقٍ يتوه!.

-أحمد حجازي
٢٢-٦-٢٠٢١م
أفندينا - بيروت ??