من أمارات صلاح وحياة القلب:
التأهّب والتهيؤ لشهر الخير والحرص على استقباله بأفضل حال ! وقد كان السلف رحمهم الله يحرصون أشد الحرص على ترويض النفس و تعويدها على العبادات حتى لا يدخل رمضان والجوارح ثقيلة والقلب غافلٌ لاهٍ
فكان عمرو بن قيس- رحمه الله- يغلق حانوته ويتفرّغ لقراءة القرآن ويقول :
‏طوبى لمن أصلح نفسه قبل رمضان.

قبل رمضان :
١-فرّغ ذهنك وأنْهِ مشاغلك
٢-خفّف من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
٣- استكثر من الطاعات
( الذكر- قراءة القرآن - قيام الليل - صيام الاثنين والخميس …)
٤- جهّز قائمة الدعوات
٥- ضع خطة مرنة بسيطة لاستغلال شهر رمضان
وركّز على "هدف إيماني" تودّ أن تربي نفسك عليه
-كصلاة الضحى
-التعبّد لله بأسمائه الحسنى وفهم معانيها
-الكفّ عن الغيبة
-ترك مشاهدة المسلسلات والأفلام

٦- اقرأ كتيّبًا خفيفًا عن رمضان حتى تعيش مشاعر الشوق واللهفة والروحانية وتستذكر فضائل رمضان وما يتعلق بأحكامه
•اقتراح👇🏻:
-رمضان يبني القيم لمشعل الفلاحي
-وظائف شهر رمضان لابن رجب

٧- اغسل قلبك بكثرة الاستغفار والتوبة
٨-ادعُ الله أن يبلغك رمضان ويعينك فيه على الصيام والقيام وأن تكون فيه من المقبولين الفائزين

أخيرًا :
إن كنت قد فرّطت طوال العام فأمامك ثلاثون يومًا ذهبيًّا لتعوّض وتستدرك عمرك ، لتجعله ميلاد فجر جديد لقلبك وروحك
فاستعدّ وتأهّب ! وأعيذك بالله أن تكون من المحرومين .

«من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده» .

أكتب أمام نافذتي على أنغام قطرات المطر :

هذا المطر!
يواسيني ويبهجني تارةً
ويشعرني بالحنين والبكاء تارةً أخرى !
قطرات المطر وهي تتدافع على نافذتي توقظ في داخلي الذكريات النائمة ! والكثير من المشاعر البائسة !

إنّه ليس سهلًا أن يستمر المرء في التجاوز بالرغم من كل ما حدث ليبقى حيًّا
أن يمضي قُدمًا رغم كل الأصوات والمواقف التي تريد أن تبتلعه!
ليس سهلًا أن ينشغل المرء بالبناء ثم يأتي غيره ليهدم بكل سهولة وجفاء !
ليس يسيرًا على النفس أن تحبس انفعالاتها ورغباتها حتى تعيش باتّزان وحكمة وخفّة ! حتى تمضي وقد تركت خلفها أثرًا طيّبًا لا يموت ، دون أن تخدش قلبًا وتكسر خاطرًا

هذا المطر أشعر أنه يرسل لي رسائل
متناثرة وذات معانٍ عميقة ينبغي الإنصات إليها !

يخبرني المطر أن أبقى دائمًا ذات قلب تقيّ ونقيّ كقطراتـه
ألا تشوبه شائبة من شوائب الدنيا ، أن أغسل باستمرارٍ ما يتعلّق به من أوساخٍ ومشّقات وجراح لتدوم طهارته !

يخبرني المطر أن أبقى على أملٍ وفأل كنقائه ورقّته !
على صلةٍ وتجديدٍ وأكثر قُربٍ ممن ينزل الغيث ويحيي الأرض بعد موتها ويعيد إليها اخضرارها !
فلا حياة للمرء إن لم يسقي قلبه من نهر العبودية لله سبحانه

يخبرني المطر أنّ ثمة سعادات لم نعشها بعد
ثمّة مباهج في انتظارنا ، ثمة علاقات وقلوبٍ نستحق أن تغمرنا بدفئها وأن تحتفي بنا
ثمّة صباحات قادمة ستُشرق شمسها في دواخلنا أولًا
وثمة مساءات ستحفّنا بالأُنس والهدوء والبهجة

يخبرني المطر أنّه مهما طال القحط والجدب سيأتي ما يروينا وينعش أرواحنا ، ستأتي سُحب محمّلة بالغيث والوهج والفرح لتخضّر قلوبنا من جديد، ويصل شُعاعها في كل زواية من زوايا الحياة

يخبرني المطر أنّ من يتأمّل المسرات الصغيرة ويبتهج بها لن يضيق أبدًا ، الذي يفرح بأبسط الأشياء ستبقى روحه نيّرة مشرقة لن يخفت بريقها ، لأنّ الذي يمدّنا بالمشاعر هو إدراكنا لقيمة الأشياء التي نمتلكها بغضّ النظر عن ثمنها!

يخبرني المطر أنّ لكلٍ شيء بداية ونهاية ، لكل حزنٍ توقيت ولكل جرحٍ زمن ولكل تجربة سيئة مرحلة ثم ستموت ، كل الأحوال ستتبدّل وكل الآلام ستنطوي !
وكل الأشياء ستصبح يومًا ما : ذكرى لا أكثر ولا أقلّ

يخبرني المطر أنّه كما يهطل فجأة ويأتي دون ميعاد فهكذا الفرج سيأتي دون موعد ، سيأتي بشكلٍ لن تتصوره ، وفي وقت لن تتخيله ، وعلى شكلٍ لن تستطيع استيعابه !

فعش كالمطر في نقائه ورقّته وبهجته ! عش كالغيث أينما حلّ أزهر وأنعش وأورق 🌱🌧

ثم إنّ القلب أحيانًا يشمّ رائحة الفرج ✨!

﴿ .. إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾

"حتى في بطن الحوت كان هناك أمل "

قرأتها ذات مرة وما زالت عالقة في ذهني ، أتامّلها عند كل حزن وألم وشدّة لأرددّ تلك الدعوة التي نجا بها يونس عليه السلام من بطن الحوت

" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "

_فيها نجاة كل مؤمن ♥️!

١٢:٥٠ ص

والذي تعلمته بعد مكابدة رحلة البلاء زمنًا من العمر:

أنّ الذي يعرف ربه في الرّخاء لا يتركه الله في الشدة ، قد يتأخر الفرج- لحكمة لا يعملها إلا هو - لكنّ الله المغيث يغيث عبده بنسائم اليقين التي تربط على قلبه وتصبّره،

فمن أراد الثبات في وجه العاصفة فليأخذ من أيام الرخاء بدوام الاتصال مع الله والإكثار من العمل الصالح لأوقاتٍ عجافٍ يحتاج فيها إلى ركنٍ قوي متين يستند عليه !

ولذا قيل :"إنّ العمل الصالح ليرفع صاحبه، فإذا عَثَرَ، وجد متكأً"

هذه الأيام التي تتقلب فيها مابين العافية والنعم تستطيع أن تستمثرها لترى حصادها في أيام البلاء!

صلواتك في جوف الليل
تسبيحاتك
إحسانك للآخرين
صدقاتك في الخفاء …
كلها ستظلّلك كالغمامة في يومٍ شديد الحرارة
فمن كان مع الله كان الله معه
وفي الحديث الشريف : من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكَربِ، فليُكثرِ الدعاء في الرخاء.
ختامًا:
-اهتمّ ببنائك النفسي جيّدًا فهذا يساعدك على الثبات وعدم الانهيار التام في وقت المحن واستعذ بالله دومًا من جهد البلاء !

https://youtu.be/YkjHqC4AKO0?si=rOF--tes3m0hcS4t

#خاطرة

صحيحٌ أنّه طال بك البلاء ولا ترى بوادر الفرج وتخيفك الغمامة السوداء التي أحاطت بك وتشعر أنّك سقطت في حفرة عميقة لا تعلم كيف تخرج منها لكنّني أحدّثك من الضفة الأخرى من البلاء والألم يا صاحبي
أحدّثك وأنا أيضًا قد ذقت مرارة الدنيا ورأيت قسوتها

مهما بلغ بك الأذى والوجع تذكّر
{ ما ودّعك ربك وما قلى } الله قريبٌ منك
يسمعك ويعلم حالك ويرى دموعك الحارّة
أحسن الظنّ به والزم الصبّر

تقول لي ولكنني أتألّم وأخشى أن أفقد الصبر :
أقول لك يا صاحبي:
نحن نتألّم عندما تنقص معرفتنا بالخالق سبحانه وتعالى
نتألم عندما تقلّ الموارد الإيمانيّة التي تغذّينا ويقلّ اليقين
نتألم عندما نرفع سقف التوقعات تجاه الآخرين
نتألّم عندما ننشغل بتحديد طريقة الفرج ونجهل مفهومه الواسع !
نتألّم لأنّنا نزاحم القلب الذي خُلق ليكون لله بالبشر
نتألّم لأنّ الألم جزء من هذه الحياة ولكننا لا نتقبله ونسعى جاهدين لإزالته كليًا وهذا محال
نتألّم لأننا لم نتعلم بعد فقه التعامل مع البلاء
نتألّم لأننا نطرق كل الأبواب وننسى باب الله

تأمّل معي قول ابن القيم رحمه الله : لو كشف الله الغطاء لعبده، وأظهر له كيف يدبر له أموره ، وكيف أن الله أكثر حرصًا على مصلحة العبد من العبد نفسه ، وكيف أنه أرحم به من أمه لذاب قلب العبد محبةً لله ، ولتقطّع قلبه شكرًا لله!"

كفاك قلقا وبؤسًا وحزنا
فوض أمورك لله وامضِ مطمئنًا واثقاً بحسن تدبيره
ثم اعلم أن أشد ساعات الليل حُلكة هي التي تسبق الفجر

الفرج قريب ?.

سورة الضحى
من السور المحبّبة إلى قلبي جدًا جدًا
فيها من الإيناس الشيء الكثير ♥️✨
سورة تروي شغاف القلب لمن تأمّلها جيَدًا

سبب نزول السورة كما جاء في التفسير :
احْتَبَسَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالتِ امْرَأَةٌ مِن قُرَيْشٍ: أَبْطَأَ عليه شيطَانُهُ، فَنَزَلَتْ: {وَالضُّحَى واللَّيْلِ إذَا سَجَى، ما ودَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلَى}
﴿ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى﴾ أي
ما تركك - أيها الرسول - ربك، وما أبغضك؛ كما يقول المشركون لما فَتَر الوحي.
- المختصر في التفسير

والدليل؟
عدد الله تعالى له النعم وقال :
ألم يجدك يتيمًا فآوى ؟
ووجدك ضآلّا فهدى؟
ووجدك عآئلًا فأغنى ؟

اعتنى الله عزوجل بالرسول صلى الله عليه وسلم عناية شديدة ولم يتركه لحظة واحدة !
عندما توفي والداه
سخر له جدّه ليـرعاه وعندما مات جدّه سخر له عمه أبو طالب فكفله ورعاه وتولى تربيته
وهكذا ترقّى به من نعمة إلى نعمة فأغناه وهداه وعلمه الإيمان واصطفاه للنبوة والرسالة
فكيف يتسلل الحزن إلى قلبك وهذا حال ربك معك !؟

ومع هذه النعم كلها أيضًا وعده سبحانه وتعالى بأنه سيعطيه حتى يرضى !
{ ولسوف يعطيك ربك فترضى}
فرفع سبحانه وتعالى ذكره في الدنيا فصار المسلمون يرددون اسمه في الشهادتين وفي التشهد وبعد الآذان …
وأعلى شأنه ونصره على أعدائه ففتح البلاد
وأيده بنصره وبالمؤمنين !
وفي الآخرة سيُعطى الشفاعة والحوض !
{وللآخرة خير لك من الأولى}

فالذي يتأمل في هذه السورة سيدرك يقينًا أنّ الله سبحانه وتعالى لم يترك عباده لحظة واحدة ولم يخلقهم ليهملهم وينساهم حاشاه سبحانه!
بل عطاياه ونعمه تحفهم من كل صوب وحدب

فكر معي بأطول ليلة مرت عليك
ألم يأت الصباح؟
تذكر تلك المصائب والآلام التي تجرعت مرارتها
ألم يذهبها عنك ؟
ألم يخرجك من ذلك الضيق الذي ظننت أنّه لن ينفكّ عنك؟
ألم يستجب دعائك وحقق لك ما أردت في سالف أيامك؟
ألم يهبك ما رجوت حصوله؟
بلى والله بلى ✨

الله عودّنا الجميل فكيف تدور بك الظنون الآن ؟ ?

طمئن قلبك وثق { ولسوف يعطيك ربك فترضى}
سيعطيك من خزائنه مالا يخطر ببالك
وسيعطيك حتى تبكي من شدة الفرح
سيعطيك حتى تنسى كل لحظة ألم عشتها
وإن فعلت بك الدنيا ما فعلت تذكر { وللآخرة خير لك من الأولى}
هناك النعيم الأبدي والراحة السرمدية التي نرجو أن يكرمنا الله بها
وقيل أيضًا في تفسير هذه الآية { وللآخرة خير لك من
الأولى} ولآخر كل أمرٍ خيرٌ من أوله
ما يدريك ما الذي خبّأه الله لك!
ثق أنّ القادم سيكون أجمل مما مضى فالعبرة بالنهايات لا بالبدايات
ثم ختم الله هذه السورة بــ:
{فأما اليتيم فلا تقهر }
{وأما السائل فلا تنهر}
{وأما بنعمة ربك فحدث }
كما أنعم الله عليك بكل تلك النعم وأحسن إليك فأحسن إلى غيرك من المحتاجين والسائلين فلا تنهر ولا تتضجر ممن يقصدك ويأتي إليك !

﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾
حدث بنعم الله عليك واشكر الوهّاب عليها وكن لآلآئه من الحامدين فالنعم تزيد بالشكر ♥️

#ظلال_سورة

﴿إِنَّ في هذا لَبَلاغًا لِقَومٍ عابِدينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٦]

يُثني الله تعالى على كتابِهِ العزيز القرآنِ ويبيِّن كفايته التامَّة عن كلِّ شيءٍ وأنَّه لا يُستغنى عنه، فقال: ﴿إنَّ في هذا لبلاغًا لقوم عابدين﴾؛ أي: يتبلَّغون به في الوصول إلى ربِّهم وإلى دار كرامته، فيوصِلُهم إلى أجلِّ المطالب وأفضل الرغائب، وليس للعابدين الذين هم أشرفُ الخلق وراءه غايةٌ؛ لأنَّه الكفيل بمعرفةِ ربِّهم بأسمائِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ وبالإخبار بالغيوبِ الصَّادقة وبالدَّعوة لحقائق الإيمان وشواهد الإيقان، المبيِّن للمأمورات كلِّها والمنهيَّات جميعها، المعرِّف بعيوب النفس والعمل والطرق التي ينبغي سلوكها في دقيق الدين وجليله، والتَّحذير من طُرُق الشيطان، وبيان مداخلِهِ على الإنسان؛ فمن لم يُغْنِهِ القرآنُ؛ فلا أغناه الله، ومَنْ لا يكفيه؛ فلا كفاه الله.

_تفسير السعدي✨

اللهمّ أغننا بالقرآن
اللهم علّمنا القرآن
اللهمّ آنسنا بالقرآن