بعدَ دقائِقٍ.. تضربُ الساعة الثانية عشرة..
وينتهي عامٌ.. ويولدُ عام..
لا تُهِمُّني السنوات الَّتي تولد..
ولا السنوات الَّتي تموت..
فأنتِ الزمنُ الوحيد..
الذي لا تغتالهُ عقارِبُ الساعات..
لَن أُقَبِلَكِ عِندما تُطفَأُ الأنوار..
كما يفعلُ كُلُّ الأغبياء..
ولَن أرقُصَ معكِ بِشراسة
كما يفعلُ كُلُّ المجانين..
ولَن اختَرِعَ كلاماً سخيفاً
يحمِل إليكِ أطيبَ تمنياتي بعامٍ جديد..
فالتمثيلُ ليسَ مِهنتي..
إنِّي أُحِبُّكِ..
بعيداً عَن كؤوسِ الويسكي..
وقُبَّعات الورق..
بعيداً عَن موسيقى الجار..
وانفجار البالونات الملوَّنة..
أُحِبُّكِ..
وأنا أنزفُ على الطاولةِ وحدي..
كما ينزفُ مُصارِعُ الثيران..
أُحِبُّكِ..
قبلَ أنْ تَضرُبَ الساعةُ الثانية عشرة..
وبعدَ أنْ تَضرُبَ الساعةُ الثانية عشرة..
فما أنتِ حبيبةُ الساعة الثانية عشرة..
وإنَّما حبيبةُ كُلِّ الساعات..
وكُلِّ الأزمِنة..
بعدَ دقائقٍ..
سيرحلُ عامٌ كُنتِ سيدتهُ ومليكتهُ
فيا سيِّدتي ومليكتي
لا أريدُ من هذا العام الجديد ذهباً ولا قصورا..
لا أريدُ مِنهُ ديباجاً ولا حريرا..
أريدُ مِنهُ فقط..
أنْ تَظلِّي حبيبتي.

ويبقى مكانُكِ فارِغاً
وفراغُكِ أجملُ الحاضِرين.

إنْ كُنتِ صديقتي.. ساعديني
كي أرحلَ عَنكِ..
أو كُنتِ حبيبتي.. ساعديني
كي أُشفى مِنكِ.

وفي نهاية الأمر
اخترتُ أن أُمسِكَ بكِ
في أحلامي
لأنَّ بأحلامي
لا حدَّ لكِ.

أنْ تَقتُليني
وأنْ توقِفيني عن الموت
هذا هو الحُب.

تلومني الدنيا إذا أحببتُها
كأنني، أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتهُ
كأنني أنا على خدودِ الوردِ قَدْ رسمتهُ
كأنني، أنا التي
للطيرِ في السماء قد علّمتهُ
وفي حقولِ القمحِ قَدْ زرعتهُ
وفي مياهِ البحرِ قَدْ ذوّبتهُ
كأنني، أنا التي
كالقمر الجميلِ في السماءْ قَد علّقتهُ
تلومني الدنيا إذا
سمّيتُ منْ أحبُّها، أو ذكرتُها
كأنني أنا الهوى ومن كونتهُ
هذا الهوى الذي أتى
من حيثُ ما انتظرتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما قرأتهُ
وكُلِّ ما سمعتهُ
هذا الهوى أجملُ حبٍ عشتهُ
أروعُ حبٍ عشتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ
نوعٌ منَ الإدمانْ، ما أدمنتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ
بابٌ كثيرُ الريحِ، ما فتحتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ
عودٌ من الكبريتِ، ما أشعلتهُ
هذا الهوى، أعنفُ حبٍ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني
فاتحاً يديهِ لي، رددْتُهُ
وليتني من قبلَ أن يقتلَني، قتلتُهُ
هذا الهوى الذي أراهُ
في الليلِ على ستائري
أراهُ، في ثوبي
و في عطري وفي أساوري
أراهُ، مرسوماً على وجهِ يدي
أراهُ منقوشاً على مشاعري
لو أخبروني أنهُ
طفلٌ كثيرُ اللهوِ والضوضاءْ ما أدخلتهُ
وأنهُ سيكسرُ الزجاجَ في قلبي لما تركتهُ
لو أخبروني أنهُ
سيضرمُ النيرانَ في دقائقٍ
ويقلبُ الأشياءَ في دقائقٍ
ويصبغُ الجدرانَ بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقٍ
لكنتُ قد طردتهُ.

لا أتذكر إلَّا وجهكِ انتِ
لا أتذكر إلَّا صوتكِ أنتِ.

فبرغمِ جميعِ حرائقهِ
وبرغمِ جميعِ سوابقهِ
وبرغم الحزنِ الساكنِ فينا
ليل، نهار
وبرغمِ الريحِ
وبرغمِ الجوِّ الماطرِ والإعصار
فالحُبُّ سيبقى أحلى الأقدار.

جلستْ والخوف بعينيها
تتأملُ فنجاني المقلوب
قالتْ
يا بُنيَّتي لا تحزني
فالحبُّ عليكِ هو المكتوب
يا بُنيَّتي
قد ماتتْ شهيدة
من ماتتْ على دين المحبوبة
فنجانُكِ دنيا مرعبةٌ
وحياتُكِ أسفارٌ وحروب
ستحبينَ كثيراً يا بُنيَّتي
وتموتينَ كثيراً يا بُنيَّتي
وستعشقينَ كُلَّ نساء الأرض
وترجعين كالملكة المغلوبة
بحياتكِ يا بُنيَّتي امرأةٌ
عيناها، سبحانُ المعبود
فمها، مرسومٌ كالعنقود
ضحكتها، موسيقى و ورود
والشعرُ الغجري المجنون
يسافرُ في كل الدنيا
قد تغدو امرأة واحدة
يهواها القلب هي الدنيا
لكنْ سماءُكِ ممطرةٌ
وطريقكِ مسدودٌ، مسدود
فحبيبة قلبكِ، يا بُنيَّتي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
وإنْ حاولتِ طلبَ يدها
وإنْ دنيتِ من سورِ حديقتها
وإن جرَّبتِ فكَّ ضفائرها
فستكونينَ يا بُنيَّتي
مفقودة، مفقودة، مفقودة
بصرتْ ونجمتْ كثيراً
لكنِّي لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبه فنجانكِ
لم أعرف أبداً يا بُنيَّتي
أحزاناً تشبهُ أحزانكِ
مقدوركِ أن تمشي أبداً
في الحُبِّ على حدِّ الخنجر
وتظلينَ حزينةً كالصفصاف
وتظلينَ وحيدةً كالأصداف
مقدوركِ أن تبقينَ مسجونة
بينَ الماءِ وبينَ النار
فبرغمِ جميعِ حرائقهِ
وبرغمِ جميعِ سوابقهِ
وبرغم الحزنِ الساكنِ فينا
ليل، نهار
وبرغمِ الريحِ
وبرغمِ الجوِّ الماطرِ والإعصار
فالحُبُّ سيبقى يا بُنيَّتي
أحلى الأقدار
ستفتشينَ عنها يا بُنيَّتي
في كُلِّ مكان
وستسألينَ عنها موجَ البحر
وفيروزَ الشطآن
وتجوبينَ بحاراً وبحارَ
وتفيض دموعكِ أنهارَ
وسيكبرُ حزنكِ حتَّى يصبحَ أشجارَ
لكنكِ ترجعينَ يا بُنيَّتي
مهزومةً مكسورةَ الوجدان
وستعرفينَ بعدَ رحيلِ العُمر
بأنَّكِ كُنتِ تطاردينَ خيطَ دُخان
فحبيبةُ قلبكِ ليسَ لها أرضٌ أو وطنٌ أو عنوان
ما أصعبَ أن تهوي امرأةً يا بُنيَّتي
ليسَ لها عنوان.

أكتبُ لكِ
لأنَّها طريقتي الأُخرى في لَمسِكِ.