فَإِنْ قَالَ قائل: فَنَدَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْبَاطِلِ، وَنَسْكُتُ عَنْهُمْ؟

قِيلَ لَهُ: ‌سُكُوتُكَ ‌عَنْهُمْ وَهِجْرَتُكَ لِمَا تَكَلَّمُوا بِهِ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ مُنَاظَرَتِكَ لَهُمْ كَذَا قَالَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ»

«الشريعة للآجري» (1/ 451)

وَأما مَا يموه بِهِ من نفي التَّشْبِيه والتجسيم فَإِنَّمَا هُوَ شَيْء وَضعه المتكلمون وَأهل الْبدع توسلا بِهِ إِلَى إبِْطَال السّنَن ورد الْآثَار وَالْأَخْبَار والتمويه على الْجُهَّال والأغمار ليوهموهم إِنَّمَا ‌قصدنا ‌التَّنْزِيه وَنفي التَّشْبِيه
وَهَذَا مثل عمل الباطنية فِي التَّمَسُّك بِأَهْل الْبَيْت وَإِظْهَار بحثهم إيهاما للعامة أَنهم قصدُوا نَصرهم
وَإِنَّمَا تستروا بهم إِلَى إبِْطَال الشَّرِيعَة والتمكن من عيب الصَّحَابَة وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين رضوَان الله عَلَيْهِم بنسبتهم إِلَيْهِم وظلم أهل الْبَيْت والتعدي عَلَيْهِم
كَذَلِك طَائِفَة الْمُتَكَلِّمين والمبتدعة تمسكوا بِنَفْي التَّشْبِيه توسلا إِلَى عيب أهل الْآثَار وَإِبْطَال الْأَخْبَار ….

«تحريم النظر في كتب الكلام» (ص57)

#تذكرة

قد يبتليك بما تكره ليوصلك إلى ما يحب
وقد يزوي عنك ما تحب ليبلغك ما يحب
و‌‌رب محنة خير من منحة

روى الدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (2/ 358): عن عثمان بن الهيثم؛ قال: كان رجل بالبصرة من بني سعد، وكان قائدا من قواد ‌عبيد ‌الله ‌بن ‌زياد، فسقط من السطح، فانكسرت ‌رجلاه، فدخل عليه أبو ‌قلابة، فعاده، فقال له: أرجو أن يكون ذلك خيرة.
فقال له: يا أبا ‌قلابة!
وأي خيرة في كسر رجلي جميعا؟
فقال: ما ستر الله عليك أكثر.
فلما كان بعد ثلاث؛ ورد عليه كتاب ابن زياد يسأله أن يخرج فيقاتل الحسين بن علي رضي الله عنهم، قال: فقال له: قد أصابني ما أصابني.
قال ذلك للرسول، فما كان إلا سبعا حتى وافى الخبر بقتل الحسين رضي الله عنه، فقال الرجل: [ رحم الله أبا ‌قلابة، لقد صدق، إنه كان خيرة لي ]

ترى كثير من أهل السنة أول التزامهم قد يبتلى أحدهم بالفقر مثلاً أو السجن وكان قبل ذلك غنياً ومن الناس من كان في صحة قوية وإذا به عند التزامه ابتلي بمرض

فيقال : إياك أن تكره ما قدره الله عليك فما يجري لك لعل الخير كل الخير في هذا الذي قدره الله عليك

وعلى المرء السني إدراك حقيقة في غاية الأهمية وهي أنه إذا سلك الطريق التي يحبها الله وهي طريق التوحيد والسنة وترك الشرك والابتداع والمعاصي فإن كل ما يصيبه فهو خير له كما قال صلى الله عليه وسلم (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير )

وأنه يؤجر إن شاء الله على بلاءه والذي يجازيه هو الله الغني

«جامع بيان العلم وفضله» (2/ 945):
مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ وَجَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَصَحَّ عَنْهُمْ فَهُوَ عِلْمٌ يُدَانُ بِهِ، وَمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا جَاءَ عَنْهُمْ فَبِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ وَمَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ عَنْهُمْ سَلِمَ لَهُ، وَلَمْ يُنَاظَرْ فِيهِ ‌كَمَا ‌لَمْ ‌يُنَاظَرُوا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: «رَوَاهَا السَّلَفُ وَسَكَتُوا عَنْهَا وَهُمْ كَانُوا أَعْمَقَ النَّاسِ عِلْمًا وَأَوْسَعَهُمْ فَهْمًا وَأَقَلَّهُمْ تَكَلُّفًا وَلَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُمْ عَنْ عِيٍّ فَمَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَا وَسِعَهُمْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ»

التعليق المختصر على كتاب أحكام النساء للإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى -.

بسم الله الرحمن الرحيم؛ والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد ؛
فهذا تعليق مختصر على كتاب أحكام النساء للإمام أحمد رحمه الله من رواية الشيخ أبي بكر الخلال رحمه الله .
أحببت أن أنشره لعل الله الرحمن الرحيم يجعل فيه إفادة لطالبيه وسدادا لقارئيه إنه سميع قريب مجيب .

قرأه وعلق عليه عبيد ربه الكثيري - هداه الله -