مهما بدا لك أمر، ومهما وجدت الشتات في دنياك، ومهما وقفت مستهاما لا ملجأ إليك، فلا نجاة إلا في جوار الله.. الذي جربته في حياتي أن الإنسان كلما عوّل في أمر من الأمور على غير الله صار ذلك سببا إلى البلاء والمحنة والشدة والرزية، وإذا عوّل العبد على الله ولم يرجع إلى أحد من الخلق حصل ذلك المطلوب على أحسن الوجوه، فاستقر قلبي على أنه لا مصلحة للإنسان في التعويل على شيء سوى فضل الله ورحمته وجوده وكرمه.

اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، سبحانك ربنا لا شريك لك.

‏أشعُر بتقديرٍ خاصٍّ لأولئك الذين لا تُعطِّلهم الأحزانُ عن مُمَارسة برامجهم اليوميَّة بفاعليَّة، كأنَّ الظُّروف تحمِل مشرطًا يريد خطَّ أخاديد الشَّيخوخة في أرواحهِم، وهم يُمسِكون تلك اليد مُقاومين بكلِّ ما أوتوا من أملٍ واستعلاء"

- بدر الثوعي

‏"الإنسان لا يتحمل الألم إلا من خلال إيمانه بشئ ما يتجاوز ذاته الضيقة."

- د. عبد الوهاب المسيري

قال الحافظ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ رحمه الله:

ﺃﻥَّ ﺧَﺎﺩِمَاً ﻟﻌَﺒْﺪِ ﺍلله ﺑﻦ ﻋُﻤَﺮَ ﺃَﺫﻧﺐَ ﻓَﺄَﺭﺍﺩَ ﺍﺑﻦُ ﻋُﻤَﺮَ ﺃﻥْ ﻳُﻌَﺎقِبهُ ﻋﻠﻰ ﺫنبهِ، فقال: ﻳﺎ ﺳَﻴّﺪﻱ، ﺃَﻣَﺎَ ﻟَﻚَ ﺫﻧﺐٌ ﺗﺨﺎﻑُ ﺍللهَ ﺗﻌﺎﻟﻰَ منهُ!!
ﻗﺎﻝ: ﺑﻠﻰ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺒﺎﻟﺬﻱ ﺃﻣﻬﻠﻚَ ﺃَمهِلني؛ ﺛﻢَّ ﺃﺫﻧﺐَ ﺍﻟﻌﺒﺪُ ﺛﺎنياً ﻓﺄﺭﺍﺩَ ﻋُﻘُﻮبَتهُ، ﻓﻘﺎﻝَ له ﻣﺜﻞُ ﺫﻟﻚَ، ﻓﻌﻔﺎَ عنهُ ﺛﻢَّ ﺃﺫﻧﺐَ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔَ، ﻓﻌﺎقبهُ ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺘﻜﻠَّﻢ، ﻓﻘﺎﻝ له ﺍﺑﻦُ ﻋُﻤَﺮَ: ﻣﺎﻟﻚَ ﻟَﻢْ ﺗﻘُﻞْ ﻣﺎ ﻗُﻠﺖَ في ﺍﻷُﻭﻟﺘﻴﻦ؟!

ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺳَﻴّﺪﻱ، ﺣﻴﺎﺀٌ ﻣِﻦ ﺣِﻠﻤِﻚَ مع ﺗﻜﺮﺍﺭِ ﺟُﺮمي، فَبَكَىَ ﺍﺑﻦُ ﻋُﻤَﺮَ ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﻧَﺎ ﺃَﺣَﻖُّ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺀِ ﻣِﻦ ﺭَبِّي، ﺃﻧﺖَ ﺣُﺮٌ ﻟﻮجه الله تعالى.

ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ٣٠٠/١٧)

سمعتُ نشيجَ عُمر بن الخطاب وأنا في آخِر الصُّفوف يقرأ

«إنَّما أشكُو بَثِّي وحُزنِي إلى الله»

عبدالله بن شداد

والإنسان على قدر فهمه للدنيا لاينفك من جهل يصيبه، فتراه يبصر مصيبته على قدر فهمه، ولا يبصرها على قدر لطف الله، يسعى بقدرته ويسخط من قدر الله، خُلق عجولا ظلوما.. يستعجل اليسر وهو آتيه، ويهاب العسر والله معه.

يظن في الدنيا خير وهي لا سعادة فيها خالصة ولا راحة فيها مطلقة، فالله وحدة من بيده كل خير، بيده السعة، صاحب الفضل والمنة والجود.

اللهم بصّرنا بمواقع لطفك، وفقهنا بصور الخير، ولا تكتب علينا سوء، واجعلنا من عبادك المصطفين، وطهر قلوبنا إلا منك.. أنت وحدك لا شريك لك.

ومتى استشعر العبد صحوة قلبه وقربه من ربه، هانت عليه الدنيا، يسير فيها سير من غنم الحرب وحده، ولا يجد من ضرها إلا ماكتب الله له، فَرِضاً وسرور.

ومتى استشعر غلبة الهوى على قلبه وبعده عن ربه، لاذ بالدنيا، يسير فيها سير من تاه ولا مرشد له، فشقاء وخيبة.

يا فتّاح، افتح لنا مغاليق قلوبنا ودروبنا فتحًا مُبينًا.. وايقظنا من الغفلة واكتب لنا سبيلا يرضيك ولا يشقينا.

"من لا يرد أن يرى الجمال، فلن يلحظ تفاصيله.
لن يستوقفه رفرفة فراشة بجناحها الملوّن، ولا زقزقة عصفور، ولا هديل حمامة.
لن يلحظ ألوان السماء في تنفّس الصبح، ولا الشفق وقت الغروب.

ومن لا يدرك تعقّد المشهد، وتشابك أبعاد الحياة، فلن يُحبّ أُحدًا كما أحبّه الرّسول -صلّ الله عليه وسلّم- رغم الهزيمة هناك ومقتل حمزة -رضي الله عنه-.
من ليس لديه النيّةُ لرؤية الجمال في لحظة الألم، والاحتفاظ بالهمّة في عمق الحزن، فلن تسعفه البصيرة، ولن يرى.
اخلص النية.. ترَ!"

- د. هبة رؤوف عزّت.

وكلُّ محبٍّ يمنحُ الودَّ إلفَهُ
ويعذرُه يوماً إذا هو أذنب.

يا الله، وأنت الكبير في عليائك، ومعراج كل نجوى، وأهل كل كرم، رَبّ هذه الحياة ومُقدّرها، وكل شيء عندك في كتاب سبَق وجودنا فيها، نسألك في كل أمر أن تُضِيء لنا الطُرقات، بنورك الذي يُبدِّد الظلمات، وأن تختارَ لنا ولا تُخيّرنا، في عاجل أمرنا وآجله، فإنك تعلم ولا نعلم، وأنت علّام الغيوب.

‏اللهم وأنت ربنا، ونحن الساعون الفقراء.. خلق من خلقك ولا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوبنا، وصُبّ علينا الخير صبّاً، وانزل علينا من بركات السماء.. واجعلنا هداة مهدين، ولا تقبضنا مفتونين، وارض عنا يارحمن يارحيم.. سبحانك وبحمدك لا شريك لك.