#بيان

قال الله تعالى في محكم كتابه الحكيم:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾

أما بعد، فقد صدق الذكر الحكيم واقتضى من المؤمنين العمل والتسليم. وإننا، بموجب ذلك، ندين المعتدي الأثيم، المصرَّ على الحنث العظيم، ياسر الحبيب، بعد تطاوله المستمر على شعيرة الشور المقدسة، وسخريته منها، وانتهاكه حرمتها وحرمات المؤمنين العاملين بها والقائمين عليها.

وبعد إشهاره لسان العداء في وجوه المعزين خلال جلساته الأخيرة، وتأييده لما شاع سابقًا من قرار منع دخولهم العتبات المقدسة بلا مبرر شرعي يجيز له ذلك، فإننا نعدّ هذا الموقف من شخص مثله كبيرة من كبائر الإثم، وعظيمًا من عظائم المقت، لا سيما مع ما عُرِف عنه من انتمائه إلى مدرسة لطالما أحيت الشعائر الحسينية وحاربت أعداءها.

وعليه، فإننا، تعظيمًا للشعائر الحسينية، نبرأ إلى الله تعالى من ياسر الحبيب ومن كل من آزره أو دعمه من أعوانه الذين اعتدوا على هذه الحرمات بألفاظ قبيحة، مع إصرار وتعنت.

نسأل الله الثبات على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وصلى الله على خير الخلق أجمعين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين. آمين، رب العالمين.

حرره جمع من المؤمنين
٢٢ جُمادَىٰ الأولى ١٤٤٦

#بيان

لمراجعة فهرس المحاضرات راجع الرسائل المثبتة أو ابحث عن اسم المحاضرة داخل القناة

سعد بن عبد الملك وكان أبو جعفر عليه السلام يسميه سعد الخير وهو من ولد عبد العزيز بن مروان على أبي جعفر عليه السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء قال:
فقال له أبو جعفر عليه السلام: ما يبكيك يا سعد؟ قال وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن، فقال له: لست منهم أنت أموي منا أهل البيت أما سمعت قول الله عز وجل يحكي عن إبراهيم: " فمن تبعني فإنه مني.

صلاح الدين الأيوبي كم هو مجرم بحق أهل البيت والعروبة والوطن
ابنه المباشر علي بن صلاح الدين حكم دمشق بعد أبيه كان شيعيا

قال ابن الأثير :
كان من محاسن الزمان خيرا فاضلا عادلا لم يكن في الملوك مثله
والقضايا في هذا المضمار كثيرة انتهى

🪷الحلقة السادسة والأخيرة :

مقدمة : يوجد هناك مقطع في دعاء كميل بن زياد " لئن تركتني ناطقا لأضجن إليك بين أهلها ضجيج الآملين ولأصرخن إليك صراخ المستصرخين ولأبكين عليك بكاء الفاقدين ولأندينَّك أين كنت يا ولي المؤمنين" وهذه المقاطع مقيدة بـ"لئن" وتعني " إن" وهذا يعني أن من المحتمل الا يترك أهل جهنم ولو في بعض الحقب والفترات ناطقين،ويقال أن آخر كلمة لأهل جهنم يخاطبون فيها الله " ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون..قال اخسئوا فيها ولا تكلمون"

ومن ثم يختم على أفواههم ولا يسمع منهم إلا الشهيق والعواء والنهيق كالكلاب والحمير والخنازير

سؤال : ما هو بكاء الفاقدين ؟

بكاء الفاقدين مظهر من ثلاث مظاهر أي ثلاث أشياء تكتنف الفقدان وتتعقبه،إذا ما فقد الإنسان شيئا فتتعقبه ثلاث حالات :

1-حالة نفسية : لعله يكون في قوله تعالى : وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا...لعل فيه إشارة إلى هذا المعنى

في النفس البشرية فراغات تحتاج الى ملئ ولكن عندما يفقد الإنسان ما ينبغي أن يجده يعيش حالة الفراغ مثل الطفل اليتيم الذي يفتقر إلى طعم الأبوة.

2-حالة فكرية : هذا الأثر يكون في حالة الوجدان لا يعرف قيمة ما يجده بل لعله لا يشعر بوجوده

مثل : إذا لم يكن هناك ظلام ولا مراتب للنور فلعله لم نكن نشعر بوجود النور عندما يفقد النور يشعر بقيمة النور

3-حالة عملية : الأثر العملي إذ يحاول إذا أمكن أن يصل إلى من فقده
إذا كان الوصول إلى المفقود مقومات يوفر هذه المقومات

لذا فالإجابة السابعة المحتملة : سوق البشرية نحو التكامل النفسي والفكري والعملي بالفقدان

🪷الحلقة الخامسة :

الإجابة السادسة : التزيُّل

مقدمة:
ما هو مفهوم التزيُّل؟!

قال تعالى : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

التزيُّل : لغة : التفرق والبينونة
1-المفهوم الظاهر من هذه الرواية : هذه الآية أن إحدى السنن الإلهية الحاكمة لهذا الكون أنه لو كان هنالك مجتمع اختلط فيه من يستحق العذاب ومن لا يستحق العذاب فالسنة الإلهية اقتضت أن النقمة لا تنظل على هذا المجتمع.

في بداية دعوة رسول الله أهل مكة اختلط فيهم من استحق ومن لم يستحق العذاب فكان فيهم الكافر وفيهم من نفذت كلمات رسول الله قي صدورهم واستوعبتها قلوبهم وآمنت بها ولكن الجو العام لم يكن يسمح لهم بإظهار هذا الإيمان لغلبة أهل الكفر

فالذين كفروا جريمتهم الأولى الكفر والثانية الصد عن المسجد الحرام وعن الهدي والإيمان أن يصل إلى الناس وهذه الجرائم توجب لهم العذاب الأليم ولكن!!
هناك رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ممن لا يستحقون العذاب

لو "تزيلوا" -أي لو صار هناك فارق بينهم وبين الكفار لعذب الله الكفار عذابا أليما

2-المفهوم الباطن من هذه الرواية : وهو لا يضاهي المعنى الأول وإنما إضافة أبعاد وبطون غير مُلتَفَت إليها أو من باب أن هذه السنة الإلهية تعتمد على ملاك(السبب الكامن) معين وهذا الملاك موجود في المعنى الباطن الذي سنتحدث عنه

السبب الكامن هو ما نعبر عنه بـ " أصالو الرحمة الإلهية"
هذه الأصالة مثلما هي موجودة في مجتمع اختلط فيه المؤمن والكافر فإنن ممكن أن يوجد في موضع آخر

وذلك الموضع الآخر هو : إذا كان هنالك من لا يستحق العذاب ومن يستحقه غير متعاصرين في زمان واحد وإنما تفصل بينهما الأزمنة ولكن هذا الذي يستحق العذاب كان في سلسلة العلل الوجودية امن لا يستحق العذاب ، يعني الجد الأعلى يستحق العذاب ولكن هناك من في أصلابه من لا يستحق.

حتى على فرض أن الآية لا تشمل هذا المعنى ولكن الملاك موجود

ما السبب في عدم نزول العذاب على أهل مكة هو حرمان هؤلاء المؤمنين من حق الحياة بغير ذنب فكذلك مع الفرض الذي نتكلم عنه فلو عُذِّبَ الأجداد وذهبوا فما ذنب من هم في أصلابهم من المؤمنين

هناك إشارة خفية إلى هذا المفهوم :

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا
إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا

عن صالح بن ميثم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما كان علم نوح حين دعا على قومه أنهم لا يلدوا إلا فاجرا كفارا ؟ فقال أما سمعت قول الله لنوح: " إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن "
لن يلدوا مؤمنا وليس هناك أمل فيهم ولا في أولادهم فخذهم يا رب

عن عبد الله بن الحسين، عن بعض أصحابه، عن فلان الكرخي قال: قال رجل لأبي عبد الله عليه السلام: ألم يكن علي قويا في بدنه قويا في أمر الله؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: بلى. قال: فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟
قال: قد سألت فافهم الجواب: منع عليا من ذلك آية من كتاب الله. فقال: وأي آية؟ قال: فقرأ: [لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما] ، إنه كان لله ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علي صلوات الله عليه ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع، فلما خرجت ظهر على من ظهر وقتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتى يخرج ودائع الله فإذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله.

وهنا يتضح المطلب فإنه عند وجود الجماعات الإجرامية التي تحكم العالم سيكون للإمام المهدي طريقان أما أن يتركهم وأما أن يقتلهم ويحرم المؤمنين الموجودين في أصلابهم من حق الحياة
لذا يجب توقيت الظهور في زمان لا يكون فيه هذين الطريقين

عن يونس، عن ابن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال في قول الله عز وجل: [لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما] : لو أخرج الله ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين لعذب الذين كفروا.

مفهوم التزيل يرشدنا إلى ثلاث حقائق
1-مفهوم أصالة الرحمة الإلهية وهو مفهوم عقائد
2-مفهوم إجتماعي أنه لا توجد هناك حتمية،فالأب والجد مهما كان يكون بعيدا فلا شرط أن يكون الابن والحفيد مثل آبائه
3-لا يوجد هنالك يأس إطلاقًا

الحجاج الظالم الطاغي كان في احفاده ممن هو مؤمن موالٍ لأهل البيت ومعروف بولايته ومدحه لأهل البيت وهو أبو عبد الله الحسين المعروف بالحجاج صاحب القصيدة المعروفة :

ياصاحب القبة البيضاء في النجف من زارقبرك واستشفى لديك شٌفي

سعد الخير الذي سمّاه الباقر بهذا الأسم هو من أحفاد الشجرة الملعونة،من أحفاد مروان بن الحكم

فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟
فقال: فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم، وسيف يقتلهم، واختلاف يبددهم.
إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا.
قلت: جعلت فداك، فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة؟
فقال: اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، أولئك الذين في أموالهم يتواسون، وفي قبورهم يتزاورون، ولا تختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان .

عن أبي عبد الله عليه السلام في صفة أصحاب المهدي : ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك في ذات الله أشد من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها، لا يقصدون براياتهم بلدة إلا خربوها، كأن على خيولهم العقبان يتمسحون بسرج الإمام عليه السلام يطلبون بذلك البركة، ويحفون به يقونه بأنفسهم في الحروب، ويكفونه ما يريد فيهم.
رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل، يبيتون قياما على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، هم أطوع له من الأمة لسيدها، كالمصابيح كأن قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون يدعون بالشهادة، ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله شعارهم: يا لثارات الحسين، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر يمشون إلى المولى إرسالا، بهم ينصر الله إمام الحق. انتهى

🪷الحلقة الرابعة :

الإجابة الخامسة : إنتظار تمام العِدة
وهي إجابة الشيخ المفيد-رسائل في الغيبة الجزء 3 الصفحة 11

مقدمة قبل ذلك :الحركة الإصلاحية التي تهدف إلى تغيير الواقع القائم تحتاج إلى الرجال وهؤلاء يتنوعون إلى نوعين

النوع الأول : رجال مرحلة التكوين
النوع الثاني : رجال مرحلة البناء

ولكل منهما صفات،ونجد في القرآن إشارة إلى هؤلاء
فرجال مرحلة التكوين كرجال طالوت،نجد أن القرآن يؤكد على صفة في هؤلاء وهي " نكران الذات" وعدم الإلتفات إلى ملذات النفس وشهواتها أي أنهم مستعدون للتضحية

طالوت عليه السلام أجرى لهم امتحانا،إذ أراد منهم أن يحاربوا عمالقة أقوياء أشداء،فقال لهم :

فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.

فالذي خالف وقدم نفسه لشهوة العطش،هل يترك شهوة الحياة؟
لا،ففشلوا واستسلموا في الإمتحان الصغير فكيف بالإمتحان الكبير؟ من يفشل مع الدينار يفشل مع القنطار إلا من لم يشرب فذهب وحارب وانتصر

الثاني : رجال البناء : قد يتلقون مع رجال التكوين ببعض الصفات ولكن ليس كل من قدر على المواجهة قدر على الإدارة بشتى أنواعها الإجتماعية والإقتصادية والسياسية وغير ذلك

يوسف عليه السلام :(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)
أي أن الوزير والقائد ينبغي أن يكون له خبروية وإتقان في عمله

انتهت المقدمة.

سؤال : حركة الإمام المهدي هل هي حركة غيبية يتحكم بها الغيب أم حركة طبيعية تعتمد المعادلات الطبيعية؟

جواب : الظاهر من الروايات أنها كحركة رسول الله طبيعية غيبية
نعم رسول الله يستند إلى الإمداد الغيبية ولكن حركته أيضا تعتمد على منطق المعادلات الطبيعية

وفيه ذا الشأن روايتين :

الجانب الغيبي : عن ضريس بن عبد الملك عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الملائكة الذين نصروا محمدا صلى الله عليه وآله يوم بدر في الأرض، ما صعدوا بعد ولا يصعدون حتى ينصروا صاحب هذا الامر وهم خمسة آلاف.

الجانب الطبيعي والذي يؤكد أن الجانب الغيبي هو جزء من حركة الإمام وهو خلاف المُتَصَوَر إذ يعتقد الكثير أنه قادر على أن يأتي ويصلح هذا الأمر،وهذا غلط،لإن هناك جبابرة هناك طغاة هناك مجرمين مصالحهم تتعرض للخطر فسيحاربونه كما حاربوا رسول الله
الخط الأموي لم ينتهي،الخط العباسي موجود،وسيقفون أمام الإمام،والإمام لا ينتصر عليهم بالمعجزة فقط

عن بشير النبال، قال:
" قدمت المدينة، وذكر مثل الحديث المتقدم، إلا أنه قال: لما قدمت المدينة قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إنهم يقولون: إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفوا، ولا يهريق محجمة دم، فقال: كلا والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفوا لاستقامت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أدميت رباعيته، وشج في وجهه، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق، ثم مسح جبهته.

فلو كانت تستقيم للإمام بهذه السهولة لكان من الأولى أن تستقيم لرسول الله صلى الله عليه وآله

ومنها : عن جابر قال: قال أبو جعفر عليه السلام في قول الله تعالى " في ظلل من الغمام و الملائكة وقضى الامر " قال: ينزل في سبع قباب من نور لا يعلم في أيها هو حين ينزل في ظهر الكوفة فهذا حين ينزل.

السؤال : هذه الحركة التي تعتمد على منطق المعادلات الطبيعية كم من رجال التكوين التي تحتاج لإدارة هذه المرحلة أي مرحلة الحرب؟ لاسيما أن أول الظهور حرب ثامن أشهر،وما هي صفات هذه الرجال؟
وكم نحتاج من الرجال لمرحلة الإدارة؟ وأي إدارة؟ إدارة أعظم الحكومات على مر التاريخ كله!

الجواب : هذا العدد لم يكتمل ولو اكتملت العدة لظهر الإمام
وهذا بسبب التقصير في تأخير العِدة

سؤال : فما هي صفاتهم؟

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه دخل عليه بعض أصحابه، فقال له:
" جعلت فداك، إني والله أحبك وأحب من يحبك، يا سيدي ما أكثر شيعتكم.
فقال له: أذكرهم.
فقال: كثير.
فقال: تحصيهم؟
فقال: هم أكثر من ذلك.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يمدح بنا معلنا، ولا يخاصم بنا قاليا ((1))، ولا يجالس لنا عائبا، ولا يحدث لنا ثالبا، ولا يحب لنا مبغضا، ولا يبغض لنا محبا.

🪷الحلقة الثالثة :

الإجابة الثالثة : تهيُؤ الأجواء العامة لنجاح الحركة

مقدمة

النجاح على نحوين : اولاهما نجاح لمنطق المعادلات الغيبية : فهو مضمون بالحركة الإلهية،ولا يمكن أن يتطرق إليها الفشل،قال تعالى : ((إحدى الحُسنَيَنِ)) والمقصود أن في حالة الحرب فالنصر حسنى والشهادة نصر أيضا ما دام في طريق الله عز وجل فعلى كل حال هو نجاح ونصر وحسنى،ثانيهما : نجاح بمنطق المعادلات المادية : النجاح الظاهري،أي المادي وهو مختص بالنصر،وهو المقصود في إجابتنا

سؤال : هل النبي أو الولي يحتاج إلى تهيؤ الأسباب المؤدية للنجاح؟

جواب : هذا يعتمد على المهمة التي أوكلت إليه،فإن كانت مهمته إتمام الحجة،مثل نبي يأتِ لئلا يكون للناس حجة بعد الرسل،إذا كانت وظيفته تضحوية تهز المشاعر وتيقض النيام،ففي كلا الفرضين لا تحتاج إلى تهيؤ الأسباب

ولكن إاذ كانت المهمة التي أنيطت به مهمة إقامة دولة العدل
فالقيام بهذه المهمة يحتاج إلى تهيئة الظروف العامة لإتمام المهمة

سؤال : هل هنالك بديل للأجواء العامة؟

الجواب : نعم،تحكيم منطق القوة أو منطق الفرض

يأتِ الإمام ويفرض دولته بالهيمنة الإلهية والقوة والسيطرة ويضبط الأمور فإنه بمجرد زوال هذه الدولة يرجع كل شيء إلى حاله
وليس هذا يسمى إصلاحًا حقيقيًا

مثل : انجذاب الحجر نحو الأرض بفعل الجاذبية
فقم أنت وحاول ان ترميه إلى فوق بفعل القوة فسيرتفع ولكن إلى أي مدى وأي وقت؟ سيرجع لا محالة إلى الأرض.

وحقيقيةً،أن الحكم والسيطرة ليس الهدف ما دام النظام ثابتًا

الإمام الصادق عندما طُلب منه أن يكون حاكما على الدولة العباسية قام وأحرق الورقة..لماذا؟

الجواب لإن الإمام إن صار حاكمًا فأي إصلاح سيصلحه ما دام وزاؤه وجنوده وموظفوه غير مهيئين على تقبل أحكامه،فلن يتغير شيئا

والإمام الرضا عندما اُجبِر على الحكم شرط ألا يتدخل في شيء من شؤون العباد

فكذا الإمام المهدي،لو جاء وحكمنا ونحن رافضون له،والناس رافضة له وغير مهيئة له فأي إصلاح سيصلحه؟

سؤال : كيف تتهيأ الأجواء العامة،حتى يظهر الإمام المهدي صلوات اله عليه؟

الجواب : في كلمة واحدة وهي " الشعور بالضعف والعجز والإنقطاع
ولتبيان المطلب نضرب مثالين

المثال الأول على الصعيد الفردي:
الشباب في مرحلة الشباب عادة ما يشعرون بالغرور والإعتماد على الذات والقوة والطاقة التي يمتلكها لكن شيئا فشيئا يهرم ويضعف ويعجز فيشعر بذلك في أواخر عمره،هو في الحقيقة من البداية ضعيف ولكنه ما أحس بهذا حتى كَبِرَ نتيجة الضعف بالشعور والإدراك،وإلا فأولياء الله في حالة العجز والضعف والإنقطاع التام إلى الله

فالشاب هذا يحتاج إلى صفعة،ليستيقظ،فإذا بالأمراض والمشاكل وهو يبقى يقاوم ويقاوم فيضعف شيئا فشيئا حتى يصل إلى أدنى مراحل الضعف والعجز

الله يعطينا هذا لنشعر بضعفنا وعجزنا واحتياجنا إلى الله تبارك اسمه
طبعا لا شك أن اوقات العجز متفاوتة،فمنهم من يستيقظ مبكرا ومنهم من يتأخر ولا لا يدرك ذلك

الأدعية تؤكد على هذا المعمى كثيرا :
"عبد ضعيف فقير بائس مسكين مستكين لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا" والكلمة التي نقولها : لا حول ولا قوة إلا بالله

المثال الثاني على صعيد الأمة : أمة كتب الله عليها العذاب،امة تركها نبيهم وجائهم العذاب،حتى وصل العذاب إلى أيديهم فذهبوا إلى عالمهم -روبيل- فأمرهم بالخروج إلى الصحراء والتضرع والبكاء لله تعالى

فرحمهم الله لضعفهم قال تعالى : ((فلولا كانت قرية آمنت فنفعها أيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين))

فالإنسان كالمريض الذي لا يعلم أنه مريض،ولا ينكشف له إلا بعد استفحاله،فكل شيء يقوله الطبيب يفعل،فالبشرية إذا وصلت إلى هذا الشعور-شعور الضعف والعجز والإنقطاع-كان هذا سببا لظهور الإمام

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
" ما يكون هذا الأمر حتى لا يبقى صنف من الناس إلا وقد ولوا على الناس حتى لا يقول قائل: إنا لو ولينا لعدلنا، ثم يقوم القائم بالحق والعدل "

الكل سيحكم والكل سيخدعون وستُخدع الناس بالشعارات البراقة ولن يشعروا بالضعف الذي هم عليه حتى يصفعوا كل يوم بصفعة ثم يشعروا بالضعف بعد ذلك.

سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : قدام القائم موتان: موت أحمر وموت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة، الموت الأحمر السيف، والموت الأبيض الطاعون.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « أبشروا بالمهدي فإنه يأتي في آخر الزمان على شدة وزلازل ، يسع الله له الأرض عدلا وقسطا » انتهى

🪷الحلقة الثانية :

ثالثًا : إمتحان للعباد

والقرآن الكريم يبين أن الإمتحان سنة الله في الأرض
قال تعالى : أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ؟
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ.

والأختبار الإلهي له أشكال فقد يكون بالغنى أو بالفقر
والإبتلاء بالقوة والضعف و الإبتلاء بالجمال أو القبح
والإبتلاء بالغيبة

وجود القائد في ظروف التقلبات مهم جدا،ومع أهمية وجوده
نجد أن نبيا من الأنبياء يغيب في ظرف من ظروف التحولات والتقلبات

وهو نبي الله موسى صلوات الله عليه ،فقوم موسى ما زالوا تكوين جديد،للتو خرجوا من وقت فرعون،ووجود القائد في هذه الفترة مهم جدا،ولكنّا نجد أن قائدهم يغيب ثلاثين ليلة والأغرب أن يتم ذلك بعشرة،فطالت الغيبة،وإذا بالكوامن الدفينة تتحرك و المجال يفسح أمام القوى التي في قلبها مرض،وإذا بها تمتحن إمتحان شديد بوجود السامري.

الله أوحى إلى نبيه أن قد فتنت قومك،والظاهر أن هذا النوع من الفتنة والتمحيص لا يتم إلا بغيبة موسى عنهم،لإن هنالك مجموعة من القوى الداخلية التي لا بد أن تخرج وتكشف

وهذا الإختبار كي يحول ما بالقوة إلى ما بالفعل
فعلى سبيل المثال لو أتيت ببيضتين لطائر وأفعى ووضعتهما في ظروف غير ملائمة لنموهما فلعلك لن تلاحظ فرقا

واكن إذا ما وفرت السبل لتحويا قوتيهما إلى فعل ووضعتهما في ظرف مناسب تحولت واحدة إلى طائر جميل واخرى إلى حية تلسع

فالإختبار وضع لكشف البواطن،ليس لله لإن الله يعلم

ولكنه لأنفسنا،كي نعرف أنفسنا أمن المؤمنين نحن؟
لذلك المؤمنون يحذرون دائما ونجواهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
ففي ظرف من الظروف يتحولون إلى أولياء لله تعالى أو إلى شياطين

لذا فالله إرادتين : تكوينية : وهي حركة الأحداث بشكل يظهر لنا البواطن والكوامن والذوات الحقيقية.
و تشريعية : وهي ما يريدها الله

وهما ليستا متوافقتين لإن في توافقهما لا يوجد إمتحان ولا تمحيص

عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للغلام غيبة قبل ان يقوم، قال: قلت ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - ثم قال:
يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف ومنهم من يقول: حمل ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
" والله لتكسرن تكسر الزجاج، وإن الزجاج ليعاد فيعود كما كان، والله لتكسرن تكسر الفخار، وإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان، ووالله لتغربلن، ووالله لتميزن، ووالله لتمحصن حتى لا يبقى منكم إلا الأقل، وصعر كفه" .

عن جابر الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام متى يكون فرجكم؟ فقال: هيهات هيهات لا يكون فرجنا حتى تغربلوا ثم تغربلوا ثم تغربلوا، يقولها ثلاثا، حتى يذهب (الله تعالى) الكدر ويبقى الصفو.

ملاحظة : في إمتحانات الغيبة هنالك اختلاط بين عنصرين : البطون والظهور أي التجلي والإختفاء أو الغيبة والوضوح

لماذا الظهور الكامل؟ لتمام الحجة لمن أراد الإيمان
لماذا البطون والإختفاء الكامل؟ للإمتحان بعد الإيمان انتهى