الجزء السادس
#ختمة_أهل_المحبة ?
@ahloalmahaba

١١- عبد الله بن جحش :
هو ابن أُميمة بنت عبد المُطَّلب، فهو ابن عمّة النبي ﷺ، وأُختُه أمّ المؤمنين زينب بنت جحش زوجة النبي ﷺ. كان من السابقين إلى الإسلام، وثاني المهاجرين، فكان الذي سبقه إلى هذا الفضل أبو سَلَمة رضي الله عنه. ولقد وضع أبو جهل يده على دار عبد الله بن جحش وجعل يتصرف فيها. فلمّا بلغ عبد الله بن جحش ما صنع أبو جهل، ذكرَ ذلك لرسول الله ﷺ، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا ترضى يا عبد الله أن يعطيك الله بها داراً في الجنّة؟). قال: بلى يا رسول الله. قال:(فذلك لك).
ما كاد يذوق عبد الله شيئاً من طعم الراحة حتى تعرض لأقسى امتحان لقيَه منذ أسلم، ذاك أن رسول الله ﷺ انتدبَ ثمانية من الصحابة للقيام بأول عملٍ عسكري في الإسلام وقال: (لأُؤمِّرن عليكم أصبرَكُم على الجوع والعطش)ثم عقد لواءهم لعبد الله بن جحش. حدد رسول الله ﷺ لعبد الله بن جحش وجهتَه، وأعطاه كتاباً، وأمَرَه ألا ينظرَ فيه إلا بعد مسيرة يومين. فلمّا انقضى يومان نظرَ عبد الله في الكتاب فإذا فيه: (إذا نظرت في كتابي هذا فامضِ حتى تنزِل "نخلة" بين الطائف ومكة، فترصَّدْ بها قريشاً وقِفْ لنا على أخبارهم)، وما إن أتمَّ عبد الله الكتاب حتى قال: سمعًا وطاعةً لرسول الله.ثم قال لأصحابه: إنَّ رسول الله أمرَني أن أمضي إلى "نخلة" لأرصُد قريشًا حتى آتيه بأخبارهم، وقد نهاني عن أن أستكرِه أحدًا منكم على المُضيِّ معي، فمن كان يريد الشهادة ويرغب فيها فليصحبني، ومن كرِه ذلك فليرجع غير مذموم. فقال القوم: سمعًا وطاعةً لرسول الله ﷺ، إنما نمضي معك حيث أمرك رسول الله. ثم سار القوم حتى بلغوا "نخلة" وطفقوا يبحثون خلال الدروب ليترصَّدوا أخبار قريش. وفيما هُم كذلك أبصَروا عن بُعدٍ قافلةً لقريش... فأخذ الصحابة يتشاورون فيما بينهم، وكان آخر أيام شهر رجب، حتى أجمعوا على الوثوب عليهم وقتلِهم وأخذِ مافي أيديهم غنيمة... وفي لحظات قتلوا واحدًا منهم وأسروا اثنين وفرَّ الرابع من أيديهم، فلمَّا قدِموا على رسول الله ﷺ ووَقفَ على ما فعلوهُ استنكرَ عليهم أشدَّ الاستنكار، وقال لهم: (والله ما أمرتُكم بقتالٍ، وإنّما أمرتُكُم أن تقِفوا على أخبار قريش، وأن ترصُدوا حركتها). وأوقف الأسيرَين حتى ينظر في أمرِهما ،وأعرَضَ عن العير فلم يأخذ منه شيئاً. عند ذلك سُقِط في أيدي عبد الله بن جحش وصحبه، وأيقنوا أنهم هلكوا بمخالفة أمر رسول الله ﷺ. وزاد عليهم الأمر ضيقاً أنَّ إخوانهم من المسلمين طفقوا يكثرون عليهم اللوم ،وأن قريشاً اتّخذت من هذه الحادثة وسيلةً للنَّيل من رسول الله ﷺ والتشهير به بين القبائل. ولمّا اشتدّ عليهم الكرب جاءهم البشير يبشِّرُهم بأنّ الله سبحانه قد رضي عن صنيعهم، فقد نزل على النبي ﷺ قول الله:﴿يَسأَلُونَكَ عَنِ الشَّهرِ الحَرَامِ قِتالٍ فيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفرٌ بِهِ، وَالمَسجِدِ الحَرَامِ وَإِخرَاجُ أَهلِهِ مِنهُ أَكبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالفِتنَةُ أَكبَرُ مِنَ القَتلِ﴾سورة البقرة: ٢١٧. فطابت نفس رسول الله ﷺ، وأخذَ العير وفَدى الأسيرَين، ورضِيَ عن صنيع عبد الله بن جحش وأصحابه، إذ كانت غزوتهم هذه حدثاً كبيراً في حياة المسلمين، فكانت أول غنيمة أُخِذَت في الإسلام، وقتيلُها أول مشركٍ أراق المسلمون دمه، وأسيراها أول أسيرَين وقعا في أيدي المسلمين، ورايتها أول راية عقَدَتها يد رسول الله ﷺ...
ثم كانت غزوة بدر، فأبلى فيها عبد الله بن جحش من كريم البلاء ما يليق بإيمانه.
قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: لمَّا كانت "أُحُد" لقِيَني عبد الله بن جحش، وقال: ألا تدعو الله؟ فقلتُ: بلى. فدعوتُ فقلتُ: ياربِّ إذا لقيتُ العدوّ فلقِّني رجُلاً شديداً بأسُه، أُقاتِله ويقاتلني، ثم ارزقني الظَّفرَ عليه. فأمّنَ عبد الله بن جحش على دعائي. ثم قال: اللهم ارزقني رجُلاً شديداً بأسُه، أُقاتِله فيك ويقاتلني، ثم يأخُذني فيجدَعُ أنفي وأُذُني، فإذا لقيتُكَ غداً قلتَ: فيمَ جُدِعَ أنفُك وأُذُنك؟. فأقول: فيكَ.. وفي رسولِك. فتقول: صدقتَ..
قال سعد بن أبي وقاص: لقد كانت دعوة عبد الله بن جحش خيراً من دعوتي، فلقَد رأيتُه آخر النهار، وقد قُتِل ومُثِّل به، وإنَّ أنفه وأُذُنه لمُعلَّقان على شجرةٍ بخَيطٍ.
استجاب الله دعوة عبد الله بن جحش، فأكرَمه بالشهادة كما أكرَمَ بها خاله سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب. فواراهُما الرسول الكريم ﷺ معاً في قبرٍ واحدٍ، ودموعهُ الطاهِرة تروِّي ثراهُما المُضمَّخ بطُيوب الشهادة..

#كنتم_خير_أمة ?
@ahloalmahaba✨

يومٌ مباركٌ في شهرٍ مبارك
فلا تحرم نفسك من الخير .. واغتنمه بكل ما فيك
ولا تنسوا قراءة سورة الكهف، وأكثروا من الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم ?

ولا تنسونا من صالح الدعاء ?

سمُي شَهرُ رجب
بالشهر "الأصَبّ"
لأنَّ الله تعالى يَصبُّ فيه الخيرَ صَبّاً
فأكثروا فيه من الصيام والاستغفار والدعاء ..
#دعاء_وأذكار ☁️
@ahloalmahaba?

٣- حَبيبُ بنُ زيد الأنصاريّ :
نشأ الصّحابيُّ الجليلُ حبيبُ بن زيدٍ في بيت تنتشرُ طُيوبُ الإيمانِ في كلّ أركانه .
فأبوه هو زيدُ بنُ عاصمٍ أَحَدُ السبعين الذين شهدوا العقبةَ .
وأمُّه هي أمُّ عَمارَةَ نَسِيبَةُ المازِنِيَّةُ أولُ امرأةٍ حَمَلَتْ السّلاحَ دفاعاً عن دينِ اللهِ، وذياداً عن رسول اللهِ ﷺ .
وأخوه هو عبدُ اللهِ بن زيدٍ الذي جَعَلَ نَحْرَهُ دونَ نَحْرِ النّبيّ يومَ أُحُدٍ.
حتى قال فيهم رسول الله ﷺ: "بارك اللهُ عليكم من أَهْلِ بيتٍ، رحمَكُمُ الله من أهل بيت"
لم يَشهَد حبيبُ بن زيد بدراً ولا أُحُداً؛ لأنّه كانَ ما يَزالُ دونَ حَمْلِ السِّلاحِ، لكنّه شَهِدَ بعد ذلك المشاهد كلّها مع رسول الله ﷺ، غيرَ أنّ هذه المشاهدَ لم تكن في حقيقتها سِوَى إعدادٍ ضَخْمٍ للمَوْقفِ الكبيرِ الذي سَيَهُزُّ ضميرَك في عُنْفٍ كما هَزَّ ضمائرَ ملايينِ المسلمينَ، فتعالَ نَسْتمِعْ إلى هذه القصّة من بدايتها .
في السّنة التاسعةِ للهِجرةِ قَدِمَ وَفْدُ بني حنيفَةَ مِن أعالي نَجْدٍ لِيُعلِنَ إسْلامَهُ بينَ يَدَيْ رَسولِ الله ﷺ، وكان مِن بَينِهِمْ مُسَيلمَةَ بنَ حبيبٍ الحَنَفِي.
لم يكد يَبْلُغُ الوَفْدُ مَنازِلَه في نجدٍ حتّى ارتَدّ مُسَيْلمَةُ عن الإسْلامِ، وقام في الناس يَزْعُمُ أنّه نَبِيّ مُرْسَلٌ أرسَله اللهُ إلى بني حنيفةَ كما أرسَلَ محمدَ بنِ عبدِ اللهِ إلى قريش..
ازداد شَرُّ مُسَيْلمَة الكذابِ، فَرَأَى الرّسولُ صلوات الله عليه أن يبعَثَ إليه برسالةٍ يَزْجرُه فيها عن غَيِّهِ ونَدَبَ لِحَمْلِ الرسالةِ بطلَ قصَّتنا حَبيبَ بنَ زيد ...
مَضَى حبيبُ بن زيدٍ إلى ما أمَرَه رسولُ اللهِ ﷺ حتّى بلغ ديارَ بني حنيفةَ، ودَفَعَ الرّسالةَ إلى مسيلمةَ. فما كاد مسيلمةُ يَقِفَ على ما جاء فيها حتّى انْتَفَخَ صَدْرُه ضغينَةً وحِقداً، وأَمَرَ بحبيب بنِ زيدٍ أن يُقَيَّدَ، وأن يُؤْتَى به إليه ضُحَى اليومِ التالي. فلما كانَ الغَدُ تَصدَّر مُسَيلمَةُ مَجلِسَهُ، وجَعَل عن يمينِه وعن شمالِه الطَّوَاغِيتَ من كبارِ أتْباعِه، وأَذِنَ للعامَّةِ بالدُّخولِ عليه، ثم أَمَرَ بحبيبِ بنِ زيدٍ فَجِيءَ به إليه وهو يَرْسُفُ في قيودِه (يمشي بها ببطء لثقلها). وقفَ حبيبُ بنُ زيدٍ وَسْطَ هذه الجموعِ الحاشِدَةِ الحاقِدةِ مَشْدودَ القامَةِ، مَرْفوعَ الهامَةِ، شامِخَ الأنفِ، وانتَصَبَ بَيْنَها كَرُمْحٍ سَمْهَرِيٍّ. فالتفتَ إليه مسيلمةُ وقال: أَتَشْهَدُ أنَّ محمداً رسولُ اللهِ؟ ، فقال: نعم أشهدُ أن محمداً رسولُ الله. فتَميَّزَ مسيلمةُ غَيْظاً وقال: وتَشْهَدُ أنّي رسولُ الله؟ ، فقال حبيب في سُخْريةٍ لاذِعَةٍ: إنَّ في أُذُنَيَّ صمماً عن سماعِ ما تقولُ. فامتُقِع وجْهُ مسيلمةَ وارتَجَفَتْ شفتاه حَنَقاً وقالَ لجَلّادِه: اِقطعْ قطعةً من جَسَدِه. فَأَهْوَى الجَلّادُ على حبيبٍ بسيفِه وبتَرَ قطعةً من جَسَدِه فتدحرجت على الأرض.. ثم أعاد مسيلمةُ عليه السؤالَ نَفْسَه: أتشهَدُ أنَّ محمداً رسولُ الله؟، قال: نعم أشهَدُ أنَّ محمداً رسولُ الله. قال: وتُشْهَدُ أنِّي رسولُ الله؟ ، قال: قلت لك: إنَّ في أُذُنَيَّ صمماً عن سَماعِ ما تقول. فأمر بأَن تُقْطَعَ من جسده قِطعةٌ أُخرَى فقُطِعَتْ وتَدَحرَجَت على الأرض حتى استَوَتْ إلى جانِبِ أُختِها، والناسُ شاخِصون بأبصارهم إليه، مذهولون من تَصمِيمِه وعِنادِه. ومَضَى مسيلمةُ يَسألُ، والجَلّادُ يقَطعُ، وحبيبٌ يقول: أشهدُ أنّ محمداً رسولُ الله. حتّى صار نحوٌ من نِصْفِه بِضَعاً مُقَطَّعَةً مَنْثورَةً على الأرض...ونصفُهُ الآخرُ كُتْلَةً تتكلم ...ثم فاضت روحُه، وعلى شَفَتيه الطّاهِرَتَينِ اسمُ النّبيِّ الّذي بايَعَه ليلةَ العقبة ...اسمُ محمدٍ رسولِ الله ...
نعى النّاعي حبيبَ بنَ زيدٍ إلى أمِّه نسيبةَ المازنيّةَ فما زادَتْ على أن قالت: من أجل مِثْلِ هذا المَوقِفِ أَعْدَدْته ،وعند الله احتَسَبْتُه ،لقد بايَعَ الرسولَ ﷺ ليلةَ العقبة صغيراً ،وَوَفَّى له اليومَ كبيراً ،ولَئِن أمكنني اللهُ من مُسَيلمَةَ لأجعَلَنَّ بناتِه يَلْطِمْنَ الخدودَ عليه...
لم يبطئ اليومُ الذي تَمَنَّتْه نسيبةُ كثيراً... ففي يومِ اليَمامَةِ الأغرِّ شوهِدَت نسيبَةُ تَشُقُّ الصّفوفَ كاللبُؤَةِ الثّائِرَةِ وهي تنادي: أين عدوُّ اللهِ؟، فلما انتهت إليه وَجَدَته مُجَدَّلاً على الأرضِ وسيوفُ المسلمينَ تَنْهَلُ من دمائه؛ فطابت نفساً ،وقَرَّت عيناً...
ولمَ لا؟ أَلَم ينتقم اللهُ جلَّ وعزَّ لفتاها البَرِّ التَّقِيِّ من قاتِلِه الباغِي الشّقي؟! بَلَى ...
لقد مَضَى كلٌّ منهما إلى رَبِّه ولكِنْ ،فريقٌ في الجنَّة... وفريقٌ في السَّعير...

#كنتم_خير_أمة ?
@ahloalmahaba✨

"أشدُّالناسِ محبةً لرسولِ الله ﷺ
أكثرُهم صلاةً وسلاماً عليه
ﷺ?"
#رسول_الله

شاركوا النفع مع أحبابكم في الله لطفاً ?

٢-عمرو بن الجموح : شيخٌُ عَزَم أنيطَأَ بِعَرْجَتِهِ الجَنَّة
عَمْرو بنُ الجَمُوحِ زعيمٌ من زعماء يثربَ في الجاهليّة، وسيّد بني سَلَمَة .
ومن شأنه أنّه اتّخَذَ صنماً يُدعى 'مناةَ'، وكان شديد الإسراف في رعايته، يستشيره في كلِّ صغيرةٍ وكبيرة.
وقد تجاوزَ السّتينَ من عُمُرِه حين بدأت أشعّة الإيمان تغْمُرُ بيوت يثرب على يد سيدنا مُصْعَبِ بن عُمَيْر، فآمن على يديه أولاده الثّلاثة مُعَوَّذٌ ومُعاذٌ وخَلّاد ، وكذلك آمنت معهم أمُّهم هِنْد.
عرف أبناءُ عمرو بن الجموح مَدَى تعلُّقِ أبيهم بصنمه مناةَ، فحملوا الصنم من مكانه في الليل، وطرحوه في حفرة يرمون بها أقذارهم، وعادوا إلى بيوتهم، فلما أصبح عمرو دَلَفَ إلى صنمه لتحيّته، فلم يجده، فقال: ويلكم، من عدا على إلهنا هذه الليلة؟! وطفق يبحث عنه وهو يتهدَّد ويتوعّد حتى وجده، فغسله وطيّبه وأعاده إلى مكانه وقال: أما والله لو أعلم من فعلَ بك هذا لأخْزَيته. وما زال الفتية يفعلون بالصنم مثلَ ذلك كلَّ يومٍ، فلما ضاق ذرعاً؛ غدا عليه قبل منامه وأخذ سيفه فعلّقه برأْسه وقال له: يا مناةَ، إن كان فيك خيرٌ فادفع الشَّرَّ عن نفْسك، وهذا السيف معك، ثمّ أَوَى إلى فراشه. فغدا الفتية على الصّنم وقرنوه إلى كلبٍ ميِّتٍ بحبل، وألقَوا بهما في بئر تسيل إليها الأقذار و تتجمّع فيها. فلما استيقظ الشّيخ خرج يلتمسُه فوجدهُ مُكِبّاً على وجهه في البئر ، فلم يخرجه هذه المرَّة، وأنشأ يقول:
والله لو كنتَ إلها لم تكنْ        أنتَ وكلْبٌ وَسْطَ بئرٍ في قَرَن
ثمّ ما لبث أَن دخل في دين الله .
وما هو إلّا قليلٌ حتّى كانت أُحُد، فرأى عمرو أبناءه الثلاثة يتجهَّزون للقاء أعداء الله، وهم يتَوَهَّجون شوقاً إلى نيل الشَّهادة والفوز بمرضاة الله، فأثار الموقف حميَّته، وعزم على أن يغدوَ معهم إلى الجهاد. لكن الفِتْيَةَ منعوا أباهم؛ فهو شيخٌ كبيرٌ طاعن في السِّنّ؛ وهو إلى ذلك أعرجُ شديدُ العرج، وقد عَذَره الله عزَّ وجلَّ في من عذرهم. فغضب الشيخ من منْعِهِم إياه، وانطلق إلى رسول الله ﷺ يشكوهم فقال: يا نبيَّ الله، إنَّ أبنائي هؤلاء يريدون أن يحبِسوني عن هذا الخير و يتذرّعون بأنّي أعرج، والله إنّي لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنَّة. فقال رسول الله ﷺ لأبنائه: دعوه؛ لعلَّ الله عَزَّ وجَلَّ يرزقه الشهادة؛ فَخَلَّوا عنه إذْعاناً لأمر رسول الله.
وما إِن أزفَ وقت الخروج، حتى ودَّع عمرو بن الجموح زوجتَه وداعَ مُفارِق لا يعود، ثمّ اتَّجَه إلى القِبلة و رفع كفيه إلى السماء وقال: اللّهُمَّ ارزقني الشّهادة ولا تردَّني إلى أهلي خائباً.
ثم انطلق، و لمّا حمِي وطيسُ المعركة، وتفَرَّق الناس عن رسول الله ﷺ، شوهِدَ عمرو بن الجموح يمضي و يثِب على  رجله الصحيحة وثباً وهو يقول: إني لَمشتاق إلى الجنّة، إني لَمشتاق إلى  الجنّة ...وكان وراءه ابنُه خلَّاد .ومازال الشيخ و فتاه يجالدان عن رسولِ الله ﷺحتّى خرَّا صريعين شهيدين، ليس بين الابن و الأب إلا لحظات .
وما إن وضَعتِ المعركةُ أوزارها حتى قام رسول الله ﷺ إلى شهداء أُحُد ليواريَهم ترابَهم فقال لأصحابه: خَلُّوهم بدمائهم وجراحهم فأنا الشّهيدُ عليهم، ثمّ قال: ما مِن مسلم يُكْلَمُ في سبيلِ اللهِ، إلا جاءَ يومَ القيامة يسيلُ دماً، اللونُ كَلَونِ الزّغفران، و الرّيحُ كريح المِسك، ثمّ قال: ادفنوا عمرو بن الجموح مع عبد الله بن عمرو فقد كانا متحابَّين متصافيين في الدنيا .

صور من حياة الصحابة_ عبد الرحمن رأفت الباشا
#كنتم_خير_أمة ?
@ahloalmahaba✨

-
"لا تقع عينك على مسلم إلّا وغلبَ ظنّك أنَّهُ عندَ الله تعالى خير منك، ثمَّ لاحظ ما ظهرَ من خيرهِ وقُل: لعلَّ باطنَ خيرهِ أكثر، ولاحظ ظاهرَ شرّهِ ومعصيتهِ وقُل: لعلّهُ يتوبُ عن قريب ويختمُ اللهُ لهُ بخير، وكُن عظيمَ الخوف أن يَختِمَ الله أمركَ بسوءٍ بشؤمِ نظرةِ احتقار إلى مُسلم يحبط بها عملك ويحل بها محقك والعياذُ بالله."