"ممّا على القلب أن يتجلّى بهِ علمًا، ويستوجب عليه تفكُّرًا في عظيم رحمة الله عزّ وجلّ؛ هيَ عزّة الحَسنة الواحدة عنده جلّ جلاله!هيَالتي بها يرفع ويُكفّر، ويُربّيها ويزكّيها عنده، وما أن يزيد؛ فيفتح الله بها له آفاقًا من الأبواب يُحلّق بها بالأعمال الحسنة ويُزاد له بجنس ما عمل، ولهذهِ اللَفظة والآية من فَيض كلامه سبحانه وتعالى؛ ما يُعيد النّفس إلى حقيقة ما هيَ عليه، وحجم ما بين يديها إلى عظيم ما عند الله جلّ وعلا: ﴿لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾. يسير العَبد بين أعمالٍ وأعمال يضع فيها بَصمات حسنة خالصة لله، لا تأخذ شيء من ثنايا وقته ولا جهده، وَمَا عَلِمَ أنَّ الله سخّرها لسرائره التي يرفعهُ بها ويكفّر عنه كثيرُها وهو لا يَشعر؛ قد يكون العمل في لحظة عابرة بين نفسه وقلبه، في مكان عادي، في طريق يسير فيه، في تأمّلٍ يَصبّ فيه الفكر والعقل، في نظره لمخلوقاته، في مَشيه وتحريك لسانه لما يرضى به ربّه، بل وقد يكون في أرجاء زوايا بيته التي هو بينها بحالِ قلبه وفقره إلى ربّه الذي يفتله، وفي نواياه الصّامتة ولو ما يقتدر بها عملًا!"

"تتأمّل لأحوال مَن رفعهم الله إليه، ونالوا منه سبحانه وتعالى؛ تجد الصّدق المكنون بالخلاص لله عزّ وجلّ في الخطوة الواحدة -بغض النّظر- عن العمل الذي خطى إليه صغيرًا أو كبيرًا، ومُصاحبة القلب لأعماله التي ينبغي عليه من الأعمال القلبيّة وما ينزل تحتها من اللّجأ الحقيقي الذي يصل وصفه إلى الفِرار والهجرة بالقلب إلى الله عزّ وجل، واستحضار حقيقة أوصاف نفسه وعبوديّته بالإيمان والعمل إلى درجة أن يتجسّد ذلك في أركانه، وعلم نفوسهم بما يتزاولون إليه؛ ليوقظ قلوبهم، ويُحرّكها لأصل ما خُلقت لأجله ولتحقيقه!
وعلى الرّغم من سهولة معرفتها والعمل بها، إلا أنّ بها نالوا عند ربّهم من الشّيء العظيم، فهُنا تتجلّى لدينا معرفة حقيقة هذا القول: «إن الرّجلين ليكونان في الصّلاة، مناكبهما جميعًا؛ ولما بينهما، كما بين السّماء والأرض؛ وإنّهما ليكونان في بيت، صيامهما واحد ولما بين صيامهما، كما بين السّماء والأرض»".

"من فتش عن عيوب نفسه وعمله علم أنها لاتصلح لله وأن بضاعته لاتشترى بها النجاة من العذاب فضلا عن الفوز بالثواب!".

"إنها لحياة أخرى طويلة، تُبنى كلها بما نعمله في هذه المدة القصيرة!
لا رفاهية في الوقت... تدارك ما مضى، وأحسن فيما تبقى".

من أعجب ما سمعت ولا زال يتردد في رأسي منذ سمعته!
أن رجلًا أعطاه الله وفتح عليه نافِذة التدبر والتأمل بشكل عجيب -تبارك الله- وأذكر كما سمعت أنه يربط كل شيء بالله تعالى، ويرى من هذهِ النافذة أن -الجاذبية الأرضية- هي في الحقيقة خشوع وانخفاض للربّ تعالى!.

- سبحان الله شيء عجيب!، وتدبر عظيم يملى القلب هيبه وخشيه وإنابة! - رزقنا الله وإياكم افضل مما رزقه-.

وتأملت رابط عجيب من هذا؛ أن الله يحب القلب الخاشع الخاضع المنخفض المُخبت لربه المُنكسر، يعني لا عَجب في أن نرى الأشياء تنخفض وتسقط أمام عظمته وكبريائهِ - سبحانه جلَّ في عُلاه!-.

-
اللهم أرزقنا إيّاها، اللهم لا تجعله آخر العهد بِنَا.