الله يرحمك يا مصطفى
أسأل الله أن يجعلك في عليين، وأن يغفر لك ويعفو عنك فقد لاقيته صائما..
قلبي مفطور عليك يا حبيبي!

إنا لله وإنا إليه راجعون
إنا لله وإنا إليه راجعون
إنا لله وإنا إليه راجعون.

وَاَللَّه إِنَّه مِمَّا يُمزِّق القلْب أن نرى رِجالا قد تنكَّبوا اَلطرِيق كُنَّا نراهم مِن القدوات الأخْيار، حُبُّ الدُّنْيَا اُسكُت عن اَلحَق رِجالا كُنَّا نُعدُّهم مِن الأوْلياء وِسادَات العلماء، حُبُّ الدُّنْيَا خذل كثيرًا مِن المصْلحين عن مُعَالجَة تَنشِئة جيل اَلأُمة الصَّاعد؛ حُبُّ الدُّنْيَا قد أَسكَت كثيرًا مِن أَهْل الإنْكار بِحجَّة المصْلحة والْحكْمة، أيْ حُكْمِه والْأعْراض، والدِّين، والرُّجولة، بَدأَت تَتآكَل ونحْن نَنتَظِر رَأْي حكيم الزَّمَان، وَطائِفة قد أهمَّتْهم أَنفُسهم، اشْغلْتهْم هُمُوم دُنْياهم حَتَّى نَسُوا هُمُوم أُمتِهم، أَخشَى أن يكونوا مِمَّن كَرِه اَللَّه اِنْبعاثهم فثبَّطَهم عِيَاذً بِاللَّه، يَا رفيق الدَّرْب اِعتذَر لِقسْوة العتَاب وَلكِن اَلطبِيب إِذَا عَالَج أَوجَع، لَقد قضتْ سنة اَللَّه أنَّ مِن رَغِب عن خِدْمَة دِينه اِبْتلَاه اَللَّه بِخدْمة اَلخُلق حتْمًا..

لا يستوعب عقلي والله بأن بنت محترمة تعرف بأن هنالك رجل يتابعها وتأتي بكامل رغبتها في فضاء مثل مواقع التواصل الإجتماعي فيه البر والفاجر والسكير والمجرم وتضع ظفرها أو ظلها هنا أمام الرجال، فكيف بتلك التي تأتي تثبت نصف وجهها أو عيونها أو جسمها أو شكلها ونقابها وحجابها وقهقاتها ومزاحها أمامهم على مدار يوم كامل ولا تتحرك غيرتها على نفسها وحيائها وسمعتها!
ألا يوجد رجل في بيتها!.

من قَاتل مِن أَجْل تَحكِيم دِيمقْراطيَّة فقد قَاتل لِأَجل اَلكفْرِ.
الدِّيمقْراطيَّة هِي حُكْم الشَّعْب نَفسَه بِنفْسِه، وَحسَب رغباته، وَهذَا كَفْر بواح..
قال جلَّ شَأنه وَتَقدسَت أسْمائه: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ.. وَيَقولَ: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الكَافِرُون.()'"

‏هل يُعقل أن الصحابة قاتلوا أناساً يشهدون أن لا إله إلا الله، وكفروهم وسمّوهم مرتدين بسبب الامتناع عن أداء الزكاة؟ رغم أن حجتهم كانت أن الزمن قد اختلف بعد النبي ﷺ، وأن أبا بكر ليس نبياً! اشتبه عليهم الحق ومع ذلك، لم يُعذروا، لأن الزكاة ليست مجرد عمل فردي، بل هي شعيرة من شعائر الإسلام وركن من أركانه.

إذا كان الامتناع عن الزكاة استوجب قتال الصحابة لهؤلاء واعتبارهم مرتدين، فكيف بمن يرفض تحكيم الشريعة، وهي الأصل الأعظم لكلمة "لا إله إلا الله"؟ الشريعة ليست مجرد ركن أو شعيرة، بل هي الإقرار بحاكمية الله في الأرض، وأساس التوحيد الذي يُظهر أن الله وحده هو الحاكم، ولا شريك له في الحكم والتشريع.

تأمل حال من يدّعي الإسلام اليوم: لا يفرض حتى الزكاة كما أمر الله، بل يستبدلها بالضرائب والجمارك والإتاوات، يرفض تحكيم الشريعة، ويستبدلها بالقوانين الوضعية.
إذا كان الصحابة لم يقبلوا من المرتدين قول "لا إله إلا الله" دون إقامة شعائر الدين، فكيف يكون الحال مع من يعطل أصل التوحيد ويستبدل حكم الله بحكم البشر؟

تحكيم الشريعة هو الركيزة التي تقوم عليها "لا إله إلا الله"، ترك هذا الأصل ليس مجرد ذنب أو خطأ عابر، بل هو تفريغ لكلمة التوحيد من مضمونها، وهو أعظم وأخطر من ترك أي شعيرة أخرى؛ لأن ترك تحكيم الشريعة واستبدالها بحكم البشر يعد شركاً أكبر، تماماً كعبادة الأصنام والأوثان، إذ هو تعطيل لحاكمية الله وانتهاك لأصل التوحيد.

فإن كانت الزكاة تمثل جزءًا من الإسلام، فإن الحكم بالشريعة يمثل كل الإسلام.

أليست القضية اليوم أكثر وضوحاً؟ إذا كان الامتناع عن الزكاة استوجب قتال الصحابة لأولئك، فما الحكم على من يرفض الشريعة بكاملها؟ أليس في ذلك تعطيل للدين من جذوره؟

تحكيم الشريعة كالبستان الغنّاء، تزهو فيه أشجار العدالة، وتثمر رحمةً وسلاماً للجميع، تسقيه مياه الحق الصافية، وتظلله غيوم الرحمة، هو كحديقة لا يذبل خضارها، يأكل الجميع من طيب ثمارها، ويرتوي العطشى من أنهارها العذبة، حيث لا جوع ولا عطش، بل كفاية وعدل واطمئنان.

الشريعة ليست مجرد قوانين، بل هي غذاء الأرواح وراحة النفوس، وكما أن الأرض لا تعطي ثمارها إلا إذا سُقيت بماء الحياة، فإن المجتمع لا يزدهر إلا إذا رُوي بعدل الشريعة وحكم الله.()'"