منقح

[مما جاء في حسن الظن]

قالت ابنة عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وكان أجود قريش في زمانه: ما رأيت قوماً أشدَّ لؤماً من إخوانك!

قال: مَهْ! ولِمَ ذلك؟

قالت: أراهم إذا أيسرتَ لزموك، وإذا أعسرتَ تركوك!

فقال لها: هذا والله من كرم أخلاقهم! يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم، ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم!

قلت: سبحان الله! كيف لحسن الظن أن يريح فؤاد صاحبه!

قال ابن القيم رحمه الله في "الفوائد" :
"إن الحسد في الحقيقة نوعٌ من معاداة الله؛ فإنه يكره نعمة الله على عبده ، وقد أحبها الله،
ويُحِبّ زوالَها عنه، والله يكره ذلك؛
فهو مضادٌّ لله في: قضائه، وقدره، ومحبته، وكراهته.

قال ابن القيم:

"أما أن نقعد قاعدة ونقول هذا هو الأصل، ثم ترد السنة لأجل مخالفة تلك القاعدة، فلعمر الله، لهدم ألف قاعدة لم يؤصلها الله ورسوله أفرض علينا من ردَّ حديث واحد!"

إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 368)

من يفتي لأهل غزة بالإفطار فهو مخبول، نحن نصوم ونصلي والحمد لله

وفي الشمال انعدام الطعام أصلا محرض على الصيام لا الإفطار، بالذات أنك ستجوع بكل الأحوال فلتجع وأنت صائم لله... والله المستعان

ملاحظة: الكلام ليس عن المحاربين أو المصابين ابتدائا

[هذا الغَمُّ بذنبٍ أَصَبتُه مُنذُ أَربعينَ سَنة]

قال ابن عون:
لما ركِبَ محمد بن سيرين الدَّين اغْتمّ لذلك فقال: إني لأعرفُ هذا الغَمَّ بذنبٍ أصبتُه مُنذُ أَربعينَ سَنة!
(حلية الأولياء (2/ 171)، الجامع لأحكام القرآن (16/ 31))

وقال محمد بن سيرينَ:
إني لأعرفُ الذنبَ الذي حُمِّلَ عليَّ به الدَّينُ مَا هوَ؟!، قلتُ لرجلٍ من أربعينَ سنةٍ: يا مُفْلس!

قال أبو سليمان الداراني - توفي سنة (205هـ) - :
قَلَّتْ ذنوبُهم فعرَفوا من أينَ يُؤتَونَ، وكثُرَتْ ذنوبي وذنوبك فليس نَدري مِن أين نُؤتَى ّ!
(حلية الأولياء (2/ 171)، تاريخ دمشق (53/ 226))

وعَقَّبَ ابنُ القَيِّمِ على هذا فقال:

وهاهنا نكتة دقيقة يغلط فيها الناس في أمر الذنب وهي: أنهم لا يرون تأثيره في الحال، وقد يتأخر تأثيره فينسي ويظن العبد إنه لا يغير بعد ذلك.
(الجواب الكافي/34)

إنا لله وإنا إليه راجعون، توفي في الأمس الشيخ عبد الله القصير رحمه الله بعد معاناة مع المرض.. توفاه الله صائمًا..

اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسّع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارًا خيرًا من داره، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأهلًا خيرًا من أهله، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر..

عن حماد بن زيد قال: قال أيوب السيختياني: إني أُخْبَر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقِدُ بعض أعضائي. (٢٩/شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)

[إن النعيم لا يُدرك بالنعيم]

وقد أجمع عقلاءُ كلِّ أمَّةٍ على أنَّ النَّعيمَ لا يُدْرَكُ بالنَّعيم، وأنَّ من آثَر الراحةَ فاتتهُ الراحة، وأنَّ بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاقِّ تكونُ الفرحةُ والملذَّة؛ فلا فرحة لمن لا همَّ له، ولا لذَّة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبدُ قليلًا استراح طويلًا، وإذا تحمَّل مشقَّة الصَّبر ساعةً قاده لحياة الأبد، وكلُّ ما فيه أهلُ النَّعيم المقيم فهو ثمرةُ صبر ساعة، والله المستعان، ولا قوَّة إلا بالله.

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم ٢/‏٨٩٥

كتاب "مفهوم العقل والحجة العقلية في القرآن الكريم عند أهل السنة والجماعة"

على صغر حجمه فهو نفيسٌ غاية وأنصح به، فهو 78 صفحة،.

وموضوعه "كيف تفهم الأدلة العقلية المذكورة في القرآن" وتتدبرها كما فهمها السلف والصحابة، والفارق المنهجي بين طريقة أهل السنة في فهمها وتقرير الأدلة العقلية على أصول الاعتقاد بشكل عام وبين طريقة الفلاسفة والمتكلمين وبيان أفضلية طريقة أهل السنة على طريقة مخالفيهم من الفلاسفة