°○.

«صَيحَةُ الإنكَار بكُفْرِ القائلينَ بفَناءِ النَّار»

• تحقيقُ القولِ في مسألةِ بَقاءِ دارِ الخُلْدِ والبَوار، والإنكارِ على مَن قال بفَنائها أو انقِطَاعِ شيءٍ مِن عذابها.

• قسم الكتابة: #عقيدة

- كتبه: أبو الأدهم ابن بدران الهاشمي -عفا الله عنه-

• كتاب «النقض على المريسي» للإمام: أبي سعيد عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله [تـ: ٢٨٠ﮪ]

• تحقيق: عادل آل حمدان الغامدي.

• كتاب «الرد على الجهمية» للإمام: أبي سعيد عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله [تـ: ٢٨٠ﮪ]

• تحقيق: عادل آل حمدان الغامدي.

°○.

•• مُعَيَّنٌ مَعهود أيها الواقِفَة! ••

قال النابت مِن الواقفة: «إنما كان توقفنا في الذِّكر أنه يتَصرَّف إلى وجوه، أحدها القرآن، فقولنا: "الذِّكر غير مخلوق" يقع على كل ما أُريدَ به الذِّكر، وهذا لا يَنبَغي، وكذلك نقول في الكتاب وغير ذلك»

• فنقول لهذا التائه الذي لا يَدرِي ما يَخرُج مِن رأسه: هذا تفسير مقلوب؛ خارِج مِن كل معقول، لا يَقبَلُه إلا كل جهول! ولو كنت أيها الواقفي ممن يقرأ كتاب الله ويَفهَم شيئا مِن العربية لعلمتَ أنك كاذِب على الله في دعواك، ورحم الله مَن قال: «عامَّة مَن تَزندَق بالمَشرِق لجهلهم بلسان العرب ولغاتهم» وقال الحسن رحمه الله: «أهلكتهُم العُجمَة؛ يتأولون القرآن على غير تأويلِه» ①

← وكان واضحاً لكل مَن رزقه الله عَقلاً يُدرِك به الخطاب أن سياق الكلام ولحاقه كله في الذِّكر الذي سَمّى الله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] فهذا الذي نَزَّل الله ﷻ هو كلامه غير مخلوق، والذِّكر عَلَمٌ على القرآن، فليس نريد جنس الذِّكر وإنما نريد الذِّكر المُعَيَّن المَعهود الذي هو القرآن، وهذا ما احتج به الإمام أحمد على الجهمية.

❒- قال أحمد ابن حنبل رحمه الله: «قال تعالى: ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ﴾ [الأعراف: ٥٤] فأخبرَ أنّ الخَلْق غير الأمر، والأمر غير الخَلْق، وهو كلامُه، فإن الله لم يَخلُ مِن العِلْم، وقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] والذِّكر هو القرآن، وأنّ الله لم يَخلُ منهما، ولم يزَل مُتَكَلِّماً عالِماً» ② وقال أيضا: «قال الله تعالى: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ [ص: ١] فالقرآن هو الذِّكر، والذِّكر هو القرآن» ③

← وكان معلوماً عند كُلِّ مَن يفقه العربية أنَّ الألف واللام وقعت في «الذِّكر» موقع التعيين، وكذلك في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢] وقوله: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾ [آل عمران: ٣] فيُقال لهذا الواقفي: ما تقول في الكتاب؟ فإن قال: "أقف؛ لأن اسم الكتاب يقع على القرآن وغيره" قلنا له: قد عَلِمَ كل ذي عَقْل أن الكلام في «الكتاب» المعهود الذي سَمّى الله ﷻ، فعلامَ وقفتَ وقد عَلِمتَ أن الرب تعالى جَعَل الكتاب عَلَماً على القرآن بنص التنزيل؟!

☜ وفي مذهبك أن كلَّ ما تَصرَّفَ مِن لفظٍ يوقفُ فيه، فيَلزمُك على هذا المذهب أن تقف في القرآن كما وقفتَ في الذِّكر والكتاب وغير ذلك مِن الأعلام؛ إذ أن اسم «القرآن» يقع على غير التنزيل؛ ومِن ذلك قول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «إنّ في البحر شياطين مَسجُونَة أوثقها سليمان، يوشِك أن تخرُج فتقرأ على الناس قُرآناً» ④ -مِن قرأتُ الكتابَ أقرَؤُه قُرآناً- فهل مِن شيء أشبَه بالكفر البَيِّن مِن هذا المذهب؟! بل هو والله الكفر صُراحاً!

فإن كنت لا تُحسِن العربية فسَل مَن يُحسِنُها ثم تَكلَّم؛ فإنك ما أُتِيتَ إلا مِن عُجمَتِك وطُمطُمانِيَّتِك!

← بل يَلزَمُك على مذهبك أن تقف في «العِلْم» المُعَيَّن في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ٦١] فمذهبك أن كلّ ما تَصرّفَ إلى أكثرِ مِن وجه يُتَوَقَّفُ فيه، لكنّا -بحمد الله وفَضلِه- نَعلَم أن العِلْم في هذا الموضع ونحوه: هو القرآن -كلام الله وعِلْمُه- لوجود لام العهد والتَعيين، ولذلك صَرّح الإمام أحمد: أن العِلم غير مخلوق ↓

❒- قال الإمام أحمد رحمه الله: «القرآن كلام الله غير مخلوق، ومَن قال: "مخلوق" فهو كافر بالله واليوم الآخر، والحُجَّة فيه: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ٦١] ... فالذي جاءَ النبي ﷺ به مَن العِلْم هو القرآن، وهو العِلْم الذي جاءَه، والعِلْم غير مخلوق، والقرآن مِن العِلْم، وهو كلام الله» ⑤

فنقول لك أيها الواقفي ما قاله الإمام الدارمي رحمه الله: «ما أولاكَ أيها المعارض أن تَعَضَّ على لِسانكَ ولا تَحتَجَّ بشيء لا تَقدِر أن تقودَه أو تَتَخَلَّص منه بحُجَّة حتى تَنقُضَه على نفسِك بنَفْس كلامِك، ولو كان لك ناصحٌ لحَجَرَ عليك الكلام، ولولا أنه يُشِيرُ إليك بعض الناس ببعض النَّصرَة في العِلْم ما اشتغلنا بالرَّدِّ على مِثلِك؛ لسخافَة كلامك، ورَثاثة حُجَجِك، ولكنا تَخوّفنا مِن جهالَتِك ضَرراً على الضعفاء الذين بينَ ظَهريك، فأحببنا أن نُبَيِّنَ لهم عَورة كلامك وضَعفَ احتجاجِك كي يَحذروا مثلها مِن رأيك، وقد فضحناك في ذلك» ⑥

.•والحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ•.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. تفسير ابن وهب: (جـ٣ صـ٤٤ ر٨٥).
⑵. الإبانة الكبرى: (جـ٢ صـ١٣٧ ر٢٣١٢).
⑶. حلية الأولياء: (جـ٩ صـ١٩٩).
⑷. مقدمة صحيح مسلم: (جـ١ صـ٩).
⑸. الإبانة الكبرى: (جـ٢ صـ١٣٦ ر٢٣١٢).
⑹. النقض على المريسي: (صـ١٩٤).

#عقيدة #الواقفة_الجدد

°○.

•• ما أقَلّ عُقولَ الواقِفَة الجدد ••

مِن بَلادَة هؤلاء «الواقفة الجدد» توقفهم في نفي الخَلْق عن الذِّكْر الحكيم، والكتاب المُبين، بحجة أن أهل العِلْم رحمهم الله ما تَكَلَّموا في ذلك بشيء، وهم مع كذبهم -خذلهم الله- ابتلاهم ربهم بعمى البصيرة؛ فهم لا يفقهون وإن رأوا ذلك بأعين رؤوسهم، قال الله ﷻ: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: ٢٣]

← ويلزمهم على مذهبهم القبيح أن لو قيل لهم: ما تقولون في الخَالِق الخَلّاق عز وجل؟ لقالوا: لا نقول مخلوق ولا غير مخلوق - أو قيل لهم في المبدي، والباري، والفاطر، والمُصَوِّر، أن يقولوا مثل ذلك، وهذا مُقتَضى مقالتهم في الذِّكْر والفرقان والكتاب والنور إلخ...

• وصدق عبيد الله بن معاذ رحمه الله إذ قال: «لو عَلِم الواقفةُ أن ربهم غير مخلوقٍ لما وَقَفوا» ①

فاللهم إنّا نَشهَدُ أنّ تَنزِيلَك، وأمرَك، ووحيَك، وهُداك، ونُورَك، وعِلْمَك، هو الحقُّ مِن عندك، قُرآنٌ مَفرُوق، لا خالِقٌ ولا مخلوق، وأنّ مَن أمسكَ عن ذلك: جهمي عدو لك ولكتابك، عليه نحيا وعليه نموت وعليه نُبعَث إن شاء الله.

❒- قال أبو عبد الله ابن بطة رحمه الله:
«قل للجهمي الضال: هذا كتاب الله عز وجل، ‌سَمّاه ‌الله في كتابه: قرآنا، وفرقانا، ونورا، وهدى، ووحيا، وتبيانا، وذِكرا، وكتابا، وكلاما، وأمرا، وتنزيلا، وفي كل ذلك يُعلِمُنا أنه كلامه منه، ومتصل به ... فلَكَ في أسمائِه التي ‌سَمّاه ‌الله بها كِفايَة» ②

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. الإبانة الكبرى: (جـ٥ صـ٣١٥ ر١١٧).
⑵. الإبانة الكبرى: (جـ٦ صـ١٥٠).

#عقيدة #الواقفة_الجدد