وينبغي على المربِّي استغلال مواسم الطاعات بتوجيه طلابه لخير العبادات..

فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إن الدعاء هو العبادة»، ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠].

وفي الحديث، عن أبي سعيدٍ الخدري عن النبيﷺ: «ما مِن مُسلِمٍ يَدعو، لَيسَ بإثم وَلا قَطيعَةِ رَحِمٍ إلّا أَعطاهُ إحدى ثَلاثٍ: إمّا أَن يُعَجَّلَ لَهُ دَعوَتُهُ. وَإمّا أَن يَدَّخِرَها لَهُ في الآخِرَةِ وَإمّا أَن يدفَع عَنهُ مِنَ السّوءِ مِثلَها»، قال: إذًا نُكثِرُ!
قالَ :(اللَّهُ أَكثَرُ).

«الأدب المُفرد | باب ما يُدخر للداعي، باب فضل الدعاء»

تعليم العلم من أهم أمور الدين وأعلى درجات المؤمنين:

فيقصد المربي بتعليم طلابه وتهذيبهم وجه الله تعالى، ونشر العلم، وإحياء الشرع، ودوام ظهور الحق، وخمول الباطل، واغتنام ثوابهم وتحصيل ثواب مَن ينتهي إليه علمه من بعدهم وبركة دعائهم له وترحمهم عليه، ودخوله في سلسلة العلم بين رسول الله ﷺ وبينهم وعده في جملة مبلغي وحي الله ﷻ وأحكامه.

قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ، وَمَلَائِكَتَهُ، وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ ؛ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ».

«تذكرة السامع والمتكلم»

ينبغي -على طالب العلم-ألا يُنازِع أحدًا، ولا يخاصمه؛ لأنه يضيع أوقاته..

‏وقيل: عليك أن تشتغل بمَصالح نفسك لا بقهر عدوك؛ فإذا أقمتَ مصالح نفسك؛‏تَضمَّنَ ذلك قهر عدوك..

وإياك والمعاداة؛ فإنها تفضحك وتُضيّع أوقاتك ‏وعليك بالاحتمال لا سيما من السفهاء.

«تعليم المتعلم طريق التعلم»

واعلم أنَّ الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعزِّ الناس عليه، وأقرب أهلِه إليه..

وكذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبك الاجتهاد لصيد طالبٍ ينتفع الناس بِه في حياتهم ومن بعدهم..

ولو لم يكن للعالم إلا طالبٌ واحد ينتفع الناس بعلمه وعمله وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعَالى؛ فإنَّه لا يتصل شيءٌ من علمه إلى أحدٍ فينتفع بِه إلا كان له نصيبٌ من الأجر.. كما في الحديث الصحيح، عن النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..»، وأنا أقول -أي: ابن جماعة-: إذا نظرت وجدت معاني الثلاثة موجودة في معلم العلم.

«تذكرة السامع والمتكلم»

"المربون الذين يقومون على المحاضن التربوية هم في ثغر ينفع الأمة، ويصد عنها عاديات الأفكار، وغوازي المذاهب الهدامة والأفكار المضللة، وهم يقومون بواجب كبير من فروض الكفايات ويسدون ثغرا عظيمًا"

الساعون في المدينة

الإيمان هو الأساس والأصل في التربية الإسلامية، وسائر الأمور إنما هي فروع وثمرات لهذا الأصل العظيم، فالسلوك والعلم الشرعي والجهاد والدعوة والكف عن الحرمات إنما هو ثمرة ونتيجة من نتائج تحقق الإيمان.

وحين نعنى بتربية الإيمان في النفوس، ويأخذ الجانب الإيماني نصيبه وحظه نختصر خطوات عدة، ونوفر الجهد في ميدان ومجال واحد.

"تربية الشباب"

الدليلُ بالفعلِ أرشدُ من الدليلِ بالقول؛ فمن لم ينفعك لحظُه”مشاهدته”، لن ينفعك وعظُه..

وقد حثَّ الصحابةُ رضوان اللهِ عليهِم التَّلاميذ بالاهتمامِ بالعلمِ والعبادَةِ؛ فالعلمُ النافِع والعَمل الصَّالح هما أسَاسُ الدعوةِ إلى الله، وقد كان عبدُ الله بن مَسعُود- رضي الله عنه- وهو مِن كبارِ المربِّيين في الأمَّة يقولُ لطلابِه: "كونوا ينابيعَ العلم، مصابيحَ الهُدى، أحلاسَ البيوت، سُرُجَ الليل، جُدُدَ القلوب، خُلقانَ الثياب، تُعرفون في السماء وتَخْفَون على أهل الأرض"، وبهَذَا تتابَعت الأجيَال على الاتباع في القولِ والعملِ.

“صِفَات المربي في هداياتِ الأنبياء “

من أهم القضايا التي لا بُد أن تتربَّى عليها المرأة المسلمَّة وخاصةً في هذا الزَمَان؛ التربية على نصرةِ قضايا الأمَّة والتعاطِف معها ومحبة المؤمنين أجمع في شتىٰ بقاع العالم، وهذه عقيدة ثابتة في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، وعلى هذه الخُطى سارت الصحابيات رضوان الله عليهنّ؛ فعلى أن جهادهنَّ الحج إلا أنهنّ لم يكن يتخلفن عن الغزوات فعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: "غَزَوْتُ مع رَسولِ اللهِ ﷺ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَخْلُفُهُمْ في رِحَالِهِمْ، فأصْنَعُ لهمُ الطَّعَامَ، وَأُدَاوِي الجَرْحَى، وَأَقُومُ علَى المَرْضَى"، وعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها لمَّا قالت: " كُنَّا نَغْزُو مع النبيِّ ﷺ، فَنَسْقِي القَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الجَرْحَى وَالقَتْلَى إلى المَدِينَةِ"، وغيرها الكثير..

فكانت المرأة في زمن النبي ﷺ حاضرة بالمشاركة بما تستطيعه، مهتمة بقضايا أمتها، تربِّي أجيالًا تسير على خُطى الصحابة رضي الله عنهم وتنصر الإسلام بكل ما تملك.

"سلسلة شرح المنهاج من ميراث النبوة"

كان الرسول ﷺ يدرك الصفات الخاصة التي يتمتع بها أصحابه -رضوان الله عليهم-

فكان يدرك ما يتمتع به كلُّ واحد منهم من صفات تميزه عن الآخر، وهو القائل ﷺ "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ "

فخص النبي ﷺ كل واحد من الكبار بفضيلة ووصفه بها، وكذا ينبغي على المربي أن يدرك مميزات طلابه ويخصهم بما يتناسب مع شخصياتهم اقتداء بهدي الرسول ﷺ

"كيف عاملهم"

اعتماد منهج التكوين دون التلقين!

وهو أمر واضح في التربية النبوية، تشهد له الأصول الصحيحة الصريحة، فلم يكن الرسول ﷺ كما تبين يعتمد شيئًا غير القرآن وسنته المطهرة.
وقد كان يوجه الصحابة إلى اكتشاف قدراتهم الذاتية، ومواهبهم الفطرية، وتنميتها بالعمل قائلًا: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له" محاربًا بذلك العقلية الاستهلاكية التواكلية، ويقرُّ المختلفين من أصحابه على الاجتهاد المصيب منهم والمخطئ على السواء، كما هو معلوم في حديث بني قريظة المشهور، مربيًا إياهم ومشجعًا لهم على التزام العقلية الاجتهادية المبادرة، وكذا ينبغي أن يكون المربي!

"التوحيد والوساطة"