حُضنكِ الآمن
المرسوم كترتيلة على جدارِ الكنيسة
الدافئ كمدخنة المنزل
والحنين كالقهوة
هو أقصى ما يرغبُ بهِ
رجلٌ أضاعَ الطريق بين الثلوجِ
حُضنكِ الثوري
الذي لا يؤمن بمبدأ الديمقراطية
فهوّ يُقِّرُ أن حُصَتَهُ الوحيدة
تواجدَهُ بينَ أضلُعي
حُضنكِ المستحيل
كالحُبِّ في بغداد
وكالسَلامِ حينما أراه.

أحمد قاسم.

غريبةٌ انتِ
كيفَ بإمكانكِ أن تكوني شخصًا
قد أجدتُ قراءتَه
الى شخصٍ لا أعرفَه!
كيفَ بإمكانكِ أن تكوني حلًا
قد أدمنتُ سهولتَه
إلى حَلٍ ما أصعبَه!
ثُمَّ منَ منحكِ حريّة التَنقلِ في البالِ
مثل الحَمامِ؟
أوتقولينَ: مَن مانَعه!
أنا الذي ما هويتُ الرحيقَ ولا أزهرَه
أنا الذي ما خشيتُ الليلَ ولا أنجُمه
أنا الذي ما هزني شعرٌ
ولا لونٌ على وجهٍ
ولا شفةٌ مُستدارَه
ما قد وقفتُ لبرهةٍ
اتخايلُ منظرًا خرافيًا
ولا جَبلًا ولا إنارَه!
أنا الذي ما كنتُ يومًا
أسيرَ عصفورٍ ولا غناءَه
ولم أذهب لصيدٍ
ولم أنوي عناءَه
فإن عطشتُ يومًا
أشربُ البحرَ وماءَه
وإن رغبتُ بنجمةٍ في كوكبٍ
نزلت لي سماءَه
وإن أردتُ شيئًا
صارتُ الأشياءُ اشياءًا وأشياءَ
فكيفَ تملّكتي الكونَ
وكيفَ وزعتي أقدارَه!
وكيفَ رقصتي فوقَ بيتي
وكيفَ طاوعتي جدارَه!
يا ألفَ كيفٍ وكيفَ
متى تسربتي تحت جلدي
ومتى أستحليتي دماءَه!
آهٍ على قلبٍ قَد تلوّعَ بكِ
آهٍ على قلبٍ، آهٍ على نارَه!

أحمد قاسم.

كأنني أقرأ كتابًا باستمرار
ينقصهُ صفحة،
وهي دائمًا الصفحة الأهم.

حسنًا
عيناكِ لم تكن خضراء..
ولا زرقاء..
هي عيون نرجسية عادية..
وكنتُ أُحبكِّ.

في الحقيقة..
ذوقكِ في الأغاني ليس بالفريد..
كأي فتاةٍ في عُمركِ..
تعجبها أغاني الحفلات الراقصة والبعيدة عن ذوقي
وكُنتُ أُحبكِ.

شعرُكِ لم يكن مُبهرًا
لا طويلًا جداً..
ولا قصير..
ولا مُجعّد..
بل كشعر مُعظم فتيات بغداد..
وكُنتُ أُحبّكِ.

لستِ بالماهرة بتحضير الطّعام..
في الجامعة علاماتك طبيعية..
مع بعض التفوّق
تقرأين القليل من الكُتب..
بين أصحابكِ لم تكوني ذات الحضورِ اللّافت أو الحديث المثير للانتباه..
وكُنتُ أُحبّكِ.

رُبّما لم تعملي ولم تجني قرشًا حتى يومنا هذا..
ولم تُنجبي أطفالًا..
ولم تعشقي..
ولم تتألمي..
ولا زلتِ تضيعين في أزقة باب شرقي حتى الواضحة منها..
ولا زلتِ ترتبكين أمام كُلِّ تحدٍّ جديد في حياتك..
ولم تختبري السّهر في البردِ في دمشقَ ليلاً..
ولم تعرفي من الكحول سوى رائحته..
ولم تُشاهدي القُبلَ سوى في الأفلام والمسلسلات..
وكُنتُ أُحبكِ.

لم تكوني سوى انثى عادية..
ولم أطلب سوى أن تكوني أنتِ..
وكُنتُ أُحبّكِ.

رُبَما اليوم لا تذكرين حتى اسمي..
أما أنا..
فكُنتُ..
ولا زِلتُ
أحبّكِ.

مثل ورقةٍ يابسة
تَخلّت عنها شجرتها
وتركتها تسقط في شارعٍ
لا يمرُ بهِ سوى
أولئك الذين يبحثونَ عن معنى
للحياة
مثلَ حزن البيوت المهجورة
تلكَ التي يخرجُ منها
أصواتُ أنين الماضي
اتسائلُ دائمًا ،
بِمَ سيغُلِفُ المتأملون
أحلامهم الضائعة
قبلَ أن يرموها في مهبِ اليأس ؟
هَل يُقبلونها مثل قبلةِ الوداع
بين أيّ عاشقينِ خائبينِ؟
أم يرموها مثلَما ترمي أمٌ
ذلك الماء خلفَ إبنها الشهيد؟
حزين
حزن الياس الذي يتمنى
أن يُشِمَهُ أحد
فيموتُ في الغصّةِ
حزنَ النجوم التي فقدت بريقها
وهيّ تُضيء للآخرين
حزين
حزن البلابل التي صَرَخت
لكي يسمَعَها أحد
حتى ظَنت أنها بلا صوت
حزين
مثل قوسِ قزح نسيّ ألوانَهُ السبعة
وظهر باللونِ الأسود
كأنّهُ يعلنُ الحداد
على أولئك الذينَ ماتوا
لأنهم لم يجدوا معنًى للحياة.

أحمَد قاسم.

هذا أنا يا حبيبتي
لم أتغيَّر
لا تجعلي من غيابي
مستودعًا لأفكاركِ الحزينة
إمسحي دموعكِ
فأنا حتى إذا قررتُ الذهاب
سأخذكِ معي
هذا أنا يا حبيبتي
ما زلتُ جداركِ الحنون
الذي تستندينَ عليهِ دومًا
ما زلتُ البَطل الخاص بكِ
الذي يطردُ الأشباحَ من منامكِ
ويفرشُ الأرضَ لكِ زهورًا
ويتنَفَسُكِ إذا أحتاجَ للحياة
هذا أنا .. أُمنيتك
التي لطالما حلمتِ بها.

أحمَد قاسم.

تقولين أنَّكِ تُحبينَ المَطر
وحينَ تمطُر
تحملينَ المظلة
لهذا أنا أخاف
حين تقولين أُحِبُكَ.