🔰 إن قيل: كيف يشتبه الحكم في مسألة, والله ما فرط في الكتاب من شـيء, والنبي ﷺ ما مات حتى بيّن الدين؟
فيجاب: بأن الله تعالى ما فرط في الكتاب من شـيء, ولكن القصور يقع من البعض, وسبب اشتباه بعض الأحكام وخفائها على بعض العلماء أمور، منها:
1- عدم بلوغ الدليل في المسألة, فليس كل عالم أحاط بكل الأدلة فقد يخفى عليه الدليل.
2- وقد يبلغه ولكن بإسناد ضعيف, فيخفى عليه الحكم.
3- أنه قد ينقل له النصّان جميعًا بالتحليل والتحريم, ويخفى عليه الترجيح بينهما لعدم علمه بالصحيح منهما، أو عدم علمه بالمتأخر.
4- أن يخفى على العالم هل الأمر في الحديث محمول على الوجوب أم الندب، وهل النهي في الحديث محمول على التحريم، أم الكراهة, وهكذا.
«الحلل البهية» د. منصور الصقعوب (صـ73)

قيل لابن تيمية: يقال: إنّك تحفظ البخاري ومسلمًا؟
فقال:
الكتب السّتة مطروقة كلّ أحد يحفظها.
«تذكرة الحفاظ» لابن المبرد (صـ٣٣)

الله المستعان
اليوم كثير منّا لم يقرأها كاملة فضلا عن أن يحفظها

قال الجاحظ: ولربّما أراد مؤلّف الكتاب أن يصلح تصحيفا، أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حرّ اللفظ وشريف المعاني، أيسر عليه من إتمام ذلك النقص، حتى يردّه إلى موضعه من اتّصال الكلام.
كتاب الحيوان (1/55)
كلام يعرف حقيقته من عانى تحقيق مخطوط أو تصحيح منشور.

أداء الدين عن الأخ
الأخ هو من يقف مع إخوانه في شدتهم ورخائهم, وليس بصادقٍ في الأخوة من يقف مع صاحبه في حياته, ثم هو يتخلى عنه بعد وفاته, والحاجة حينها له أشد.
ومن روائع الوقفات أن يقف مع أخيه الذي مات وعليه دينٌ, فيسعى في فكاكه منه, وهذا موقف ينبئ عن صدق أخوة, وقصد حسن, لأنه بعد وفاة صاحبة.
قال شعبة: لما توفي الزبير بن العوام رضي الله عنه، لقي حكيم بن حزام رضي الله عنه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، فقال: كم ترك أخي من الدين؟ فقال: ألف ألف.
فقال: علي خمس مائة ألف. «سير أعلام النبلاء» (3/50)
وهذا بلا شك ليس بالقليل, فهو نصف مليون درهم من الفضة, ولكنها الأخوة الصادقة من هذا الصحابي الكريم رضي الله عنه.
#تأملات في سير النبلاء (11)

النصيحة بشيخ آخر
من النصح لطالب العلم إعطاءه ما تتقنه من العلم ثم إرشاده في غير ما تحسنه لغيرك، وهذا لا يصنعه إلا كرام العلماء ومن طابت مقاصدهم، وفي هذا ما ذكره ابن أبي يعلى عن أبيه أنه درس عند الشيخ ابن مفرحة القارئ، فلقنه القرآن ومختصر الخرقي، فاستزاده أبو يعلى، فقال له ذلك الشيخ: هَذَا القدرُ الَّذِي أحسنتُه، فإن أردت زيادة عَلَيْهِ فعليك بالشيخ أَبِي عبد اللَّه بْن حامد، فإنه شيخُ هَذِهِ الطائفة، ومسجدُه بباب الشعير
فمضى أبو يعلى إلى ابن حامد وصحبه حتى مات، وبرع أبو يعلى في المذهب.
فانظر كيف وُفِّقَ هذا الشيخُ لنصيحة الطالب، فربحت الأمة عالماً، وكسب الناصح له الأجر.
#تأملات في سير النبلاء (10)

جبر الخواطر
أصحاب النفوس الكريمة، والأخلاق الزكية، يسارعون لخبر خواطر الآخرين، وسد حاجتهم، بألطف طريق، كي لا يشعروا من أعانوه بفضلهم عليه، وهذا من تمام الإحسان.
من لطيف الأخبار في هذا ما حكي عن الوزير ابن هبيرة: أنه كان إذا مدّ السماط يحضره الفقراء والعميان، فلما كان ذات يوم وأكل الناس وخرجوا بقي رجل ضرير يبكي، ويقول: سرقوا مداسي وما لي غيره، والله ما أقدر على ثمن مداس، وما بين إلا أن أمشي حافيا وأصلي، فقام الوزير من مجلسه، ولبس مداسه وجاء إلى الضرير، فوقف عنده وخلع مداسه والضرير لا يعرفه، وقال له: البسْ هذا وأَبصِرهُ على قدر رِجلك، فلبسه، وقال: نعم، لا إله إلا الله كأنه مداسي، ومضى الضرير، ورجع الوزير إلى مجلسه، وهو يقول: سلمت منه أن يقول: أنت سرقته.
#تأملات في سير النبلاء (9)

هنيئاً للمؤذنين

(المؤذن له مثل أجر من صلى معه) رواه النسائي

(لا يسمع صوته شي إلا شهد له يوم القيامة) رواه مسلم

(يغفر له مدى صوته) رواه أبو داود

قال الأحنف: ما تكبَّر أحدٌ إلا من ذِلَّةٍ يجدها في نفسه.
وصدق
فلن تجد متكبراً إلا ولديه شعور بالنقص؛
جعله يطلب فخراً يترفع به ليدفع ما بنفسه من نقص.

حفظ الله لك عن المعاصي امتنان منه وتوفيق، ولولا الله لزللنا
فإذا رفع الله عنك حفظه وجدت الوقوع في الذنب سهلاً والثبات أمامه شاقاً
حينها راجع نفسك وزكِّ قلبك وأعلن لله ضعفك واعتصم بأمرين:
1- الدعاء: بدعوتين: رب آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها
رب اصرف عني السوء والفحشاء
2- الإكثار من الطاعات ولا سيما القران والذكر لتغسل من القلب أثر الشيطان.

متى يفتح على القلب:
اعلم أن القلب إذا خلا من الاهتمام بالدنيا والتعلق بما فيها من مال، أو رياسة، أو صورة، وتعلق بالآخرة، والاهتمام بها من تحصـيل العدة، والتأهب للقدوم على الله عز وجل، فذلك أول فتوحه، وتباشـير فجره.
«مدارج السالكين» لابن القيم(352/3)