وما أدْراكَ ما الِمْلِيحِيّ! تِلْكَ الأكْلَةُ الشَّهيرَةُ في حَوْرَانَ ، إنَّهُ يُعَدُّ بِطَريقَةٍ خاصَّةٍ ، حيث يُطْبَخُ اللَّحْمُ بالأقِطُ ، أوْ ما نُسَمّيهِ في حَوْرانَ "الكِثِيّ" ، وكُنْتُ أتَساءَلُ عَن مَعْنى هذِهِ الكَلِمَةِ ، حتى وَجَدتُّ تَفْسيرَها في لِسانِ العَرَبِ ، بأنه : هو اللَّبَنُ الذي نُزِعَتْ مِنْهُ الزُّبْدَةُ ، ثُمَّ جُفِّفَ حتى صارَ كَالحِجارَةِ ، لِيُخَزَّنَ لِلشِّتاءِ والمُناسَباتِ ، وقيل : مِنَ الأَقِطِ الكَثْءُ ، وَهُوَ مَا يُكْثَأُ فِي القِدْرِ وَيُنْصَبُ .

لَكِنَّ المَشْهَدَ الأكْثَرَ إثارَةً في هذِهِ الوَليمَةِ هو لَحْظَةُ صَبِّ السَّمْنِ ، تَخَيَّلْ مَعي ذلِكَ المَشْهَدَ المَهيبَ: الضُّيوفُ جالِسونَ ، واللَّقْنُ الضَّخْمُ أمامَهُم ، ثُمَّ يَأْتي المُضيفُ بِإناءٍ كَبيرٍ يَغْلي فيهِ السَّمْنُ ، وعلى أنْغامِ الأَهَازِيجِ الحَوْرانِيَّةِ التَّقْليدِيَّةِ ، يَبْدَأُ في صَبِّ السَّمْنِ ، وهُم يُرَدِّدونَ:
يا اللهُ تَوَكَّلْنا عَلَيْكَ يا رَبُّ تَوَكَّلْنا عَلَيْكَ.
، يا هَلا يا هَلا بِالضُّيوفِ
وهُنا تَأْتي الاِسْتِعارَةُ البَليغَةُ ، فَصَبُّ السَّمْنِ لا يَكونُ بِالقَطَراتِ كَما يَفْعَلُ الإنْسانُ العادِيُّ ، بَلْ يَتَدَفَّقُ كَالنَّهَرِ الجارِفِ ، وفي هذِهِ اللَّحْظَةِ ، يَقولُ الشّاعِرُ: > تَقولِ الزِّيْدِي فاتْ < ، إنَّها اسْتِعارَةٌ تَمْثيلِيَّةٌ رائِعَةٌ ، تُشَبِّهُ كَرَمَ المُضيفِ وسَخاءَهُ بِتَدَفُّقِ وَادِي الزَّيْدِيِّ في أوْجِ فَيَضانِهِ ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ التَّدَفُّقُ وكذلك اللَّوْنُ المَائِلُ للأصْفَرِ ، وهذِهِ الصّورَةُ البَلاغِيَّةُ لا تُجَسِّدُ كَرَمَ الحَوْرانِيّينَ فَحَسْبُ ، بَلْ تُصَوِّرُ بَلاغَتَهُم وقُدْرَتَهُم على التَّعْبيرِ ، فَهُم يَرَوْنَ في الطَّبيعَةِ مِن حَوْلِهِم وفي أنْهارِهِم ووِدْيانِهِم صُوَرًا حَيَّةً لِقِيَمِهِم وأخْلاقِهِم.
وهكذَا ، يَتَحَوَّلُ الزَّيْدِيُّ في مُخَيِّلَةِ أهْلِ حَوْرَانَ مِن مُجَرَّدِ وادٍ يَحْمِلُ الماءَ والطَّمْيَ ، إلى رَمْزٍ لِلْكَرَمِ والسَّخاءِ الذي لا حُدودَ لَهُ ، إنَّهُ دَرْسٌ في كَيْفِيَّةِ اسْتِلْهامِ الجَمالِ والمَعاني العَميقَةِ مِنَ الطَّبيعَةِ المُحيطَةِ ، وكَيْفَ يُمْكِنُ لِلإنْسانِ أنْ يَرى في مَظاهِرِها انْعِكاسًا لِقِيَمِهِ وأخْلاقِهِ.
فَهذِهِ الذِّكْرَياتُ ، وهذِهِ الصُّوَرُ البَلاغِيَّةُ ، لَيْسَتْ تُراثًا شَفَهِيًّا نَتَناقَلُهُ فَحَسْبُ ، إنَّها جُزْءٌ مِن هُوِيَّتِنا ، تُذَكِّرُنا بِقِيَمِ أجْدادِنا ، وتَحُثُّنا على الحِفاظِ على تِلْكَ القِيَمِ النَّبيلَةِ مِنَ الكَرَمِ والضِّيافَةِ والبَلاغَةِ في التَّعْبيرِ .
مقتبس من كتاب (( أولئك آبائي )) د . يحيى الغوثاني
https://www.facebook.com/share/p/168exMiXBi/

الآبارِ الَّتي كانتِ المَصْدَرَ الأَسَاسَ للمَاءِ .

لَكِنَّ وادي (( أبو لُؤَيٍّ )) كانَ أكْثَرَ مِن مُجَرَّدِ مَصْدَرٍ لِلْماءِ ، بِالنِّسْبَةِ لي ولِأَقْراني مِنَ الصِّغارِ ، كانَ مَدْرَسَةَ الحَياةِ الأولى ، فَفيهِ تَعَلَّمْتُ السِّباحَةَ وأنا في الصَّفِّ الأوَّلِ الابْتِدائِيِّ ، مُتَحَدِّيًا مَخاوِفَ أُمّي وتَحْذيراتِها المُتَكَرِّرَةِ ، كُنْتُ أسْمَعُها تَقولُ بِقَلَقٍ: > انْتَبِهْ يا يَحْيَى ، لا تَسْبَحْ في الوَادِي ؛ فهُو خَطيرٌ ، الوَادِي هذا يَا مَا نَاس ضَاعُوا فيهِ ، يَا مَا ناس راحوا فيهِ < .
لَكِنَّ روحَ المُغامَرَةِ والفُضولِ كانَتْ أقْوى ، فَمَعَ أصْدِقائي بَدَأْنا نَتَعَلَّمُ السِّباحَةَ شَيْئًا فَشَيْئًا ، نَبْدَأُ في المِياهِ الضَّحْلَةِ ثُمَّ نَتَقَدَّمُ تَدْريجِيًّا ، فمُتْعَةُ السِّبَاحَةِ واللَّعِبِ في المَاء لا يُمْكِنُ أن تُقَاوَمَ ، كانَ الوادي مُعَلِّمَنا الصّامِتَ ، يُلَقِّنُنا دُروسًا في الشَّجاعَةِ والحَذَرِ في آنٍ واحِدٍ.
ثُمَّ جاءَتْ فِكْرَةُ بِناءِ سَدٍّ على ذلِكَ الوَادِي ، تِلْكَ الفِكْرَةُ الَّتي جَسَّدَتْ حِكْمَةَ أهْلِ القَرْيَةِ وبُعْدَ نَظَرِهِم ، بَدَلًا مِن تَرْكِ المِياهِ تَمُرُّ دونَ الاِسْتِفادَةِ مِنْها ، قَرَّروا بِناءَ سَدٍّ صَغيرٍ يَحْجِزُ الماءَ ويُوَفِّرُهُ لِلْقَرْيَةِ ، أتَذَكَّرُ كَيْفَ اجْتَمَعَ أهْلُ القَرْيَةِ ، وكانَ والِدي ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ مِن بَيْنِهِم ، يَعْمَلونَ يَدًا بِيَدٍ لِبِناءِ هذا السَّدِّ ، كانَ مَشْهَدًا مُلْهِمًا ، يُجَسِّدُ روحَ التَّعاوُنِ والتَّكاتُفِ التي مَيَّزَتْ مُجْتَمَعَنا ، وبَعْدَ بِناءِ السَّدِّ ، تَحَوَّلَ المَكانُ إلى ما يُشْبِهُ بُحَيْرَةً صَغيرَةً ، وأصْبَحَ مَلْعَبَنا المُفَضَّلَ نَحْنُ الصِّغارَ ، هُناكَ أتْقَنّا فَنَّ السِّباحَةِ ، والمُغامَرَةِ ، وتَعَلَّمْنا دُروسًا في الحَياةِ لا تُنْسى.
واليَوْمَ ـ وأنا في العِقْدِ السَّابِعِ مِن عُمُرِي ـ ما زالَتْ ذِكْرَياتُ وَادِي > أبو لُؤَيٍّ < حَيَّةً في قَلْبي وعَقْلي ، في أحْلامِي ، أجِدُ نَفْسي أعُودُ إلَيْهِ مِرارًا وتَكْرارًا ، أرى مَرابِعَ نَصِيبَ ومَراتِعَها ، بَيادِرَها وأشْجارَها ، آبارَها وبِرْكَتَها وسَدَّهَا ، ومَحَطَّةَ القِطارِ والسِّكَّةَ الحَديدِيَّةَ ، كُلُّ هذِهِ المَشاهِدِ تَتَراقَصُ في مُخَيِّلَتي ، وكَأَنَّها تَأْبى أنْ تُغادِرَ ذاكِرَتي.
وَادِي الزَّيْدِيِّ: رَمْزُ الكَرَمِ الحَوْرَانِيِّ:

في أعْماقِ ذاكِرَتي ... يَتَدَفَّقُ نَهَرٌ آخَرُ ، لَيْسَ مِنَ الماءِ فَحَسْبُ ، بَلْ مِنَ الكَرَمِ والسَّخاءِ ـ أيْضًا ـ إنَّهُ : (وادِي الزَّيْدِيِّ) ، ذلِكَ الوَادِي شَرْقيَّ قَرْيتِنا نَصِيبَ ، الذي كانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ في بَلاغَةِ الحَوْرانِيّينَ وكَرَمِهِمُ الفَيّاضِ.
كانَ الزَّيْدِيُّ حينَ يَأْتي مِنَ الأُرْدُنِّ ، يَحْمِلُ مَعَهُ الطَّمْيَ ، فَيَصْبُغُ ماءَهُ بِلَوْنٍ أصْفَرَ كَدِرٍ ، هذا المَشْهَدُ الطَّبيعِيُّ أَلْهَمَ أهْلَ حَوْرَانَ ، فَنَسَجوا حَوْلَهُ أمْثالًا وأشْعارًا تَصِفُ كَرَمَهُم الذي لا يَنْضَبُ، ومن تِلْكَ الأبْياتِ الشِّعْرِيَّةِ التي كانَتْ تَتَرَدَّدُ على ألْسِنَةِ أهْلِ حَوْرَانَ الكِرامِ ، تَصِفُ مَآدِبَ الكَرَمِ الَّتي كانُوا يُقيمُونَها ، وبِاللَّهْجَةِ الحَوْرانِيَّةِ:
طَوَّعْناهَا مِن عَمَّانِ لَلْجُوْفْ
ومْنَ الشَّامِ لَحْدُودَ الطَّفِيلَهْ
وأبُو مُحَمَّدٍ يا رَبيعَ لِضْيوفْ
ولُوْ مِنْسَفِ يِصَدِّرْ قَبيلَهْ
كانوا يَفْخَرونَ بِأَنَّ كَرَمَهُم يَمْتَدُّ مِن عَمّانَ إلى الجَوْفِ ، ومِنَ الشّامِ إلى الطَّفيلَةِ ، مُصَوِّرينَ اتِّساعَ رُقْعَةِ ضِيافَتِهِم وسَخائِهِم ، وكانَ أبو مُحَمَّدٍ ، رَمْزُ الرَّجُلِ الكَريمِ الحَوْرَانِيِّ ، يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ في إكْرامِ الضُّيوفِ ، حتَّى قِيلَ إنَّ مِنْسَفَهُ يَكْفي قَبيلَةً بِأَكْمَلِها.
ثُمَّ يَأْتي البَيْتُ الآخَرُ ، الذي يَصِفُ المِنْسَفَ بِتَفاصيلَ تُثيرُ الدَّهْشَةَ:
يِكْرَمِ الكَرْمَهْ ولَقْنُهْ سَبْعْ حَلَقاتْ
ويُوْمَ يَصُبّ السَّمِنْ تَقولِ الزِّيْدِي فَاتْ
وهُنا تَتَجَلّى بَراعَةُ التَّصْويرِ الشِّعْرِيِّ الحَوْرانِيِّ ، فَالكَرْمَةُ لَيْسَتْ دَعْوَةً عادِيَّةً ، بَلْ هِيَ عَزيمَةٌ كَبيرَةٌ ، واللَّقْنُ ـ وهو الوِعاءُ الذي يُقَدَّمُ فيهِ الطَّعامُ ـ لَيْسَ عادِيًّا ، بَلْ هو ذو سَبْعِ حَلَقاتٍ ، تَخَيَّلْ مَعي حَجْمَ هذا اللَّقْنِ! إنَّهُ كَبيرٌ لِدَرَجَةِ أنَّهُ يَحْتاجُ إلى سَبْعَةِ رِجالٍ لِحَمْلِهِ ، وهو ما يَكْفي لإطْعامِ عَدَدٍ كَبيرٍ مِنَ الضُّيوفِ.

والمِنْسَفُ الِمْليحِيّ ،

الحلقة الثانية :

القِسْمُ الأَوَّلُ: النَّشْأَةُ وَعَبَقُ الذِّكْرَيَاتِ
أَوَّلاً: مَسْقَطُ الرَّأْسِ وَنَبْعُ الذِّكْرَيَاتِ

نَصِيب: حَنِينُ الرُّوحِ إِلَى مَوْطِنِ الصِّبَا:
ولا يَزالُ قَلْبي يَخْفِقُ بِحُبِّ نَصِيبَ ، ويَحِنُّ إلَيْهَا ، تِلْكَ القَرْيَةُ الوادِعَةُ الَّتِي احْتَضَنَتْ طُفولَتي وصِبايَ ، وهَا أنا اليَوْمَ ، أجِدُ نَفْسي أسيرُ في دُروبِها كُلَّ لَيْلَةٍ في عالَمِ أحْلامِي ومَنَامَاتِي ، وكما قالَ الشَّاعِرُ الحَوْرَانيُّ أبو تَمَّام :
نقِّلْ فؤادَكَ حيثُ شِئْتَ من الهَوَى ما الحُبُّ إلا للحَبيبِ الأَوَّلِ
كَمْ مَنزلٍ في الأرضِ يَأْلَفُهُ الفَتَى وحَنينُهُ أَبَدًا لأوَّلِ مَنْزلِ
سُبْحانَ اللهِ! كَأَنَّ روحي تَأْبى إلّا أنْ تَعودَ إلى تِلْكَ البُقْعَةِ الطَّيِّبَةِ مِنَ الأرْضِ ، فَلا يَكادُ يَمُرُّ أُسْبوعٌ أوْ عَشْرَةُ أيّامٍ دونَ أنْ تَحْمِلَني أجْنِحَةُ الرُّؤى إلى هُناكَ ، أرى في مَنامي مَرابِعَها الخَضْراءَ ، ومَراتِعَها الفَسيحَةَ التي كُنّا نَلْهو فيها صِغارًا ، أَشَمُّ رائِحَةَ القَمْحِ في بَيادِرِها ، وأسْمَعُ حَفيفَ أوْراقِ أشْجارِها العَتيقَةِ .
كَأَنّي أقِفُ الآنَ على حَافَةِ الآبارِ القَديمةِ ، أتَأَمَّلُ صَفْحَةَ الماءِ الصّافِيَةَ التي تَعْكِسُ وَجْهَ السَّماءِ ، أرى نَفْسي طِفْلًا يَرْكُضُ حَوْلَ البِرْكَةِ ، تِلْكَ البِرْكَةُ الَّتي اشْتَهَرَتْ بِها نَصِيبُ وكانَتْ مِياهُ الأمْطارِ تَجْتَمِعُ فيها ، يَلْعَبُ مَعَ أقْرانِهِ ، ويَسْتَمْتِعُ بِبُرودَةِ مِياهِها في أيّامِ الصَّيْفِ الحارَّةِ ، وها هُو سَدُّ الماءِ القَديمُ الذي بُنِيَ على الوادي للِاسْتِفادَةِ مِن مِياهِهِ ، شاهِدٌ صامِتٌ على تاريخِ القَرْيَةِ وحِكاياتِ أهْلِها.

عَجيبٌ أمْرُ هذِهِ الذِّكْرَياتِ! كَيْفَ تَظَلُّ حَيَّةً نابِضَةً في أعْماقِ الوِجْدانِ ، تَأْبى أنْ تَخْبوَ أوْ تَنْدَثِرَ ، كُلَّما أغْمَضْتُ عَيْنَيَّ ، أجِدُ نَفْسي أسيرُ في تِلْكَ المَسالِكِ التُّرابِيَّةِ ، أتَنَسَّمُ عَبَقَ الماضي ، وأسْتَعيدُ لَحَظاتِ الطُّفولَةِ البَريئَةِ.
وكَأَنَّ الزَّمَنَ قَدْ عادَ بِنا إلى الوَراءِ ، أشْعُرُ وكَأَنَّني أسْمَعُ صَوْتَ أُمّي يُنادي عَلَيْنا لِتَناوُلِ الغَداءِ ، وأرى والِدي جالِسًا في فِناءِ البَيْتِ يَقْرَأُ في مُصْحَفِهِ أوْ يَسْتَقْبِلُ ضُيوفَهُ.
إنَّ حَنينَ القَلْبِ إلى مَسْقَطِ الرَّأسِ لَشَيْءٌ عَجيبٌ! فَمَهْما بَلَغْنا مِنَ العِلْمِ والمَكانَةِ ، ومَهْما تَنَقَّلْنا في بِقاعِ الأرْضِ ، تَظَلُّ تِلْكَ البُقْعَةُ الصَّغيرَةُ التي شَهِدَتْ أولى خُطُواتِنا في الحَياةِ ، هِيَ المَلاذَ الآمِنَ لِأَرْواحِنا ، والمَأْوى الدّافِئَ لِذِكْرَياتِنا.

ولَعَلَّ في هذا الحَنينِ الدّائِمِ إلى نَصِيبَ وحَوْرَانَ رِسالَةً مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، تُذَكِّرُني بِأَصْلي وجُذُورِي ، وتَحُثُّني على التَّمَسُّكِ بِالقِيَمِ والمَبادِئِ التي نَشَأْتُ عَلَيْها في تِلْكَ القَرْيَةِ الطَّيِّبَةِ ، فَكُلَّما زارَتْني نَصِيبُ في أحْلامي ، أسْتَيْقِظُ وقَدْ تَجَدَّدَتْ في نَفْسي العَزيمَةُ على مُواصَلَةِ رِسالَتي في نَشْرِ العِلْمِ والخَيْرِ ، مُتَذَكِّرًا دَوْمًا فَضْلَ اللهِ عَلَيَّ إذْ أنْشَأَني في بيئَةٍ طَيِّبَةٍ ، وبَيْنَ أسْرَةٍ فاضِلَةٍ.

(( وَادِي أَبِي لُؤَيٍّ: يُرْوِي الذَّاكِرَةَ )) :
في قَلْبِ نَصِيبَ ـ تِلْكَ القَرْيَةُ الوادِعَةُ ـ يَجْري وادِي (أبو لُؤَيٍّ) كَشِرْيانِ الحَياةِ ، يَحْمِلُ في مِياهِهِ قِصَصَ الأجْيالِ وذِكْرَياتِ الطُّفولَةِ ، هذا الوَادِي ، الَّذِي نَخْتَصِرُ اسْمَهُ بِلَهْجَتِنا المُحَبَّبَةِ إلى "أبُو لْوَيّ" ، لَيْسَ مُجَرَّدَ مَجْرًى مائِيٍّ عابِرٍ ، بَلْ هو روحُ القَرْيَةِ النّابِضَةُ ، ومَصْدَرُ خَيْرِها الوَفيرِ.
كانَ الوادي بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ نَصِيبَ أشْبَهَ بِمُؤَشِّرٍ اقْتِصادِيٍّ عالَمِيٍّ ، فَحينَ تَتَدَفَّقُ مِياهُهُ بِغَزارَةٍ ، ويَسْمَعُ النّاسُ صَوْتَ خَريرِهِ في هَدْأَةِ اللَّيْلِ ، تَتَهَلَّلُ الوُجوهُ وتَبْتَسِمُ القُلوبُ ، إذْ يَعْني ذلِكَ أنَّ العامَ سَيَكونُ خَيْرًا وبَرَكَةً ، وعلى ضِفافِهِ حَفَرَتْ كُلُّ عَشيرَةٍ بِئْرَها الخاصَّ ، وكَأَنَّها تَحْجِزُ لِنَفْسِها نَصيبًا مِن هذا الخَيْرِ المُتَدَفِّقِ، وكانَتِ الآبارُ تَمْتَلِئُ في مَوْسِمِ الأمْطارِ ، ثُمَّ تَصْفو المِياهُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا مَعَ مُرورِ الأيّامِ ، وفي الصَّيْفِ حينَ تَشْتَدُّ الحاجَةُ إلى الماءِ ، كانَ أهْلُ القَرْيَةِ يَتَوافَدونَ على آبارِهِم ، كُلُّ عائِلَةٍ إلى بِئْرِها ، في مَشْهَدٍ يُجَسِّدُ روحَ التَّعاوُنِ والتَّكافُلِ التي مَيَّزَتْ مُجْتَمَعَنا الصَّغيرَ ، ومَا زَالَتْ ذاكِرَتِي تَحْتَفِظُ بصُوَر أمَّهَاتِنَا وهُنَّ يَحْمِلْنَ أَوَانيَ المَاءِ على رُؤوسِهِنَّ مَمْلوءَةً من هذه

هذه استبانة كتاب الأدب المفرد لمن حضره مباشرة فليسجل اسمه ومعلوماته
https://forms.gle/ygy4PV31UPcue2oRA

◇《تذكير بمجلس الختم 》◇
لكل بداية نهاية ، وها نحن الآن نختتم المطاف مع كتاب الأدب المفرد بعد أن كنا في رحلة رائعة مع حديث رسول الله ﷺ ومع الإمام البخاري رحمه الله
لقاؤنا?️ يوم الجمعة 27 جمادى الاولى 1446
الموافق 29 ت² 2024

《?الأدب المفرد - 31 》
بتعليقات شيخنا الدكتور يحيى الغوثاني

⏳ الساعة 8:00 مساءً بتوقيت مكة المكرمة واسطنبول

يمكنكم دعوة أحبابكم لمجلس الختم المبارك

*?ملاحظة* :
الحضور في مقر رابطة أهل الساحل في كاياشهير
بجوار مجمع أوربا كنوتلاري_خلف عفيفة

?️رابط خريطة القاعة للحضور المباشر
https://maps.google.com/?q=41.125092,28.769388

*?️ سيتم البث على وسائل التواصل الاجتماعي*

سيتم نشر استبانة ? في نهاية المجلس للاجازة
?️يوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UChJFcmZKa0nnJ2LmmIKY2ZQ?sub_confirmation=1
?️فيس بوك
https://www.facebook.com/dyahyaalgwthani
?️تلجرام
https://t.me/dyahya

يوجد مكان خاص للنساء

°°

"‏الوِرد اليومي من القُرآن يُسكِّن كُلّ ما يُقلق الإنسان من أمور أهمّته، أو أحزان تسبّبت بانطفائه وأعيته، ثمَّة آيات تُخاطب كينونة الإنسان، تُخاطب فكره ومُراده وتوجُّهه واتجاهه، وكأنَّ مُعاهدة القُرآن تُعيد ترتيبه من جديد، ﴿وَمِن آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنزَلنا عَلَيهَا الماءَ اهتَزَّت وَرَبَت إِنَّ الَّذي أَحياها لَمُحيِي المَوتى﴾"

لمن سألني عن رابط أكاديمية التعليم الشرعي
فهذا الرابط الخاص بالتلغرام
https://t.me/Islamicacadeemy

◇《تذكير 》◇
يتجدد اللقاء بكم يوم الجمعة
في روضة من الجنة مع احاديث رسول الله ﷺ

تود إدارة المجالس الغوثانية
التذكير بحضور مجلس قراءة كتاب ?
《الأدب المفرد - 30 》
تأليف الإمام البخاري رحمه الله

بتعليقات شيخنا الدكتور يحيى الغوثاني
?️يوم الجمعة 20/ جمادى الأولى/ 1446
الموافق 22/ تشرين ثاني / 2024
⏳ الساعة 8:00 مساءً بتوقيت مكة المكرمة واسطنبول

*?ملاحظة* :
الحضور في مقر رابطة أهل الساحل في كاياشهير
بجوار مجمع أوربا كنوتلاري_خلف عفيفة

?️رابط خريطة القاعة للحضور المباشر
https://maps.google.com/?q=41.125092,28.769388

*?️ سيتم البث على وسائل التواصل الاجتماعي*

?️يوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UChJFcmZKa0nnJ2LmmIKY2ZQ?sub_confirmation=1
?️فيس بوك
https://www.facebook.com/dyahyaalgwthani
?️تلجرام
https://t.me/dyahya

يوجد مكان خاص للنساء

https://youtu.be/L9TAMtExKTA?feature=shared