الإجمال في الدعاء
أحيانا يراود الإنسان أفكار حيال مشكلة ما في حياته، ولا ملجأ من الله إلا إليه، فيكون العبد متوكلا وصابرا ولكن ربما مر في قلبه : أنت لم تدعُ حيال هذه المشكلة وتفرعاتها "بالتحديد"، وكعادة الشيطان، هي خطوات، لا يجرك من العابد التقي إلى الفاجر الشقي مباشرة، ولا إلى أي خصلة سيئة كذلك، فهنا يبدأ الإنسان بالتحديد في الدعاء، ثم يكثر ويكثر حتى يصبح الدعاء بحد ذاته هما! كلما أراد أن يدعو أو يصلي يخطر في باله أنه سيقضي ربع ساعة يدعو بتفاصيل التفاصيل، وربما تزعزع توكله لأنه لم يدعُ حيال هذا التفصيل المعين! ومن هنا أوحي إلى نبينا الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم : جوامع الكلم، حتى تكون صلة العبد بربه خوف ورجاء وطمعا وليس تكلفا وهما، والنبييون عليهم الصلاة والسلام ومن تبعهم كان دعاءهم كما ذكره الله في كتابه بنحو هذا الإجمال، انظر :
من دعاء سليمان عليه السلام :
{قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}{النمل : 19)
من دعاء موسى عليه السلام :
{فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }(القصص : 24)
وأمر الله تعالى نبيه ﷺ فقال :
{وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} (الإسراء : 80)
يروى أنه من كلام الصحابة :
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران : 173)

وقد طمأن الله تعالى هارون وموسى عليهما السلام أنه لا يخفى عليه شيء بعدما ذكرا الخوف من فرعون بقوله :
{{قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ} (طه : 46)
وهو قول عام، أي أنهما لا يحتاجان أن يخافا من كل تفصيل من التفاصيل لكونهما قد توكلا على الله، فشمل ذلك كل حدث قد يكون مكان خوف.
وقال أنس رضي الله عنه : كانَ أكْثَرُ دُعَاءِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ.(رواه البخاري ومسلم)

وللتوضيح أكثر، ليس المقصود عدم الدعاء بالأمور العامة التي فيها بعض التخصيص، كقوله ﷺ :
"تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَماتَةِ الأَعْدَاءِ."(رواه البخاري ومسلم)

ولكن المقصود أنك إذا دعوت كدعاء النبي ﷺ "اللهم إني أعوذ بك من شماتة الأعداء." شمل ذلك كل شماتة من كل عدو، فلا يحتاج الإنسان أن يخصص شماتة فلان وفلان، أو كدعاء سليمان عليه السلام : "رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي"، شمل ذلك الإعانة على كل طاعة لله تعالى، فلا يحتاج لتخصيص الصلاة أو الزكاة إلا في حالات معينة، لكن المقصد أن الأفضل للمرء أن يكون غالب دعائه دعاء عاما، ولا يتعارض ذلك مع الإلحاح ولا الإكثار، كما قال أنس أن أكثر دعاء النبي ﷺ كان "اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ.".
والعبد إذا دعا بالدعاء العام كان خيرا له من الدعاء بالشيء الخاص، من حيث أن هذا يثبت في قلب المرء حديث ابن عباس المعروف، حيث الدعاء العام مزيد تأكيد على التسليم التام لله تعالى في كل الشؤون، وأعني قوله ﷺ :
"يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ."(رواه الترمذي وقال : حسن صحيح)

هذا والله تعالى أعلم، لا تنسوا الإكثار من الصلاة على نبينا الصادق الأمين، وسورة الكهف وساعة الاستجابة ?

على موضوع منشور شيخنا الخليفي :

"قام باحثون في فرنسا بتعريض نساء صغيرات في السن لصور لنساء إما جدا نحيلات وإما متوسطات البنية، وجد الباحثون أن النساء اللواتي تم تعريضهن لصور النساء النحيلات أصبحن أكثر توترا حول أجسامهن ومظهرهن الخاص.
ولكن ذاك الشيء المثير للتعجب : الصور عُرِضَتْ على الشاشة لمدة 20 جزء من الثانية فقط، وذلك أسرع من أن تكون النساء قد وعين أصلا ما رأين. فاستنتج الباحثون أن "المقارنة الاجتماعية تحصل خارج الوعي وتؤثر على التقييم الخارجي للنفس." مما يعني أن التذكير المتكرر الذي تقوم به النساء لبعضهن أن مواقع التواصل لا تعكس الواقع غالبا له تأثير محدود، لأن الجزء من الدماغ الذي يقوم بالمقارنة ليس متحكما به من قبل الجزء من الدماغ الذي يعلم، بشكل واعٍ، أنهن يرين فقط مقاطع معدلة مقتصة."
(The anxious generation, Jonathan Haidt, p. 165-166)

ومن هنا تعلم خطورة مواقع التواصل على النساء بشكل أخص، ولكن قد يقال : ألسنا نتعرض لأناس أغنياء أو سعداء أو "نساء نحيلات"(خاص بالنساء، غض البصر للرجال) في الحياة الواقعية؟
والجواب أن نعم، قد قال ربنا سبحانه وتعالى :
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} (طه :131)
ولكن هناك فارق : أولا في الحياة الواقعية معظم الناس من الطبقة المتوسطة وعلى قدر ما ترى أناسا في حالة مادية جيدة، على قدر ما ترى أناسا في حالة مادية سيئة، هذا وأيضا، أنت إذا لم تكن تعرف هذا الشخص الغني معرفة شخصية فكل ما ستراه هو لمحة لن تدوم في عقلك كثيرا(على عكس صفحة شخصية مليئة بأفضل ما عنده)، ولو كنت تعرفه شخصيا لكنت علمت أن كثيرا من حياته أمور ليست بتلك الجاذبية، الروتين كما يقولون.

ثانيا والأهم : الفارق الأكبر أن مواقع التواصل تسمح لأي شخص مهما كان أن يبدو وكأنه في ترف من العيش أو صاحب كثير من العلم أو إلخ، فأنت هنا تنظر واعيا -وليس لا شعوريا حتى- أنك الوحيد في هذا العالم الذي لم يحقق شيئا، لأنه وبكل بساطة : الناس لا تنشر إلا أفضل ما عندها على مواقع التواصل، وصاحب الكلمات التي تقرأها شخصيا ليس استثناء، هل تراني كتبت حول الأسبوع الماضي حيث ضيعت وقتي على مشاهدة اليوتيوب في أوقات الفراغ(وقد تركت)؟ لو أن في الأمر فائدة لكنت كتبت(وقد أكتب، فقد تعلمت شيئا من تلك التجربة)، ولكن تخيل الآن شخصا أعمته المظاهر المادية، برأيك هذا سينشر تفاصيل حياته المملة في ظل كون كل الناس تنشر أفضل ما عندها؟ فنحن في حلقة مفرغة من نشر أفضل ما لدينا لأن البقية ينشرون أفضل ما لديهم.

ثالثا : في الحياة الواقعية أنت تُعطى استراحة، ربما رأيت اثنين أو ثلاثة أشخاص أغنياء مثلا، ربما تأثرت لا شعوريا ولكن الاستراحة الموجودة في الحياة الواقعية تعطيك وقتا لتعود إلى رشدك، فتنظر إلى الأمور بشكل واقعي، لكن على مواقع التواصل أنت وكأنك تحت مطر من النجاح والأجسام المفتولة عضليا والمحللين وطلبة العلم وإلخ، الاستراحة التي تحتاجها لكي تخرج المقارنة من رأسك ليست موجودة، وهذا من تجربتي الشخصية.

فهذا الذي تراه أخي من معظم مصائبنا ليس إلا شيئا يبدأ بمواقع التواصل وينتهي بمواقع التواصل، وقد قلت سابقا أن توضيح الأمر للناس ثغر أرى لا أحد عليه لذلك وقفت عنده، والأمر ليس ببساطة إقناع الناس : "مواقع التواصل ضارة، اتركها." فللأمر جوانب عدة صعبة، منها أن مواقع التواصل مصممة لجذبك أكثر وأكثر وبالتالي الإقناع حتى لو اقتنع الشخص به، قد يستمر في استعمالها تحت "الرغبة" وليس المنطق، ومنها أن لمواقع التواصل أحيانا نفع، فمناقشة هذه الأمور تحتاج التمرس في الأمر ثم القيام بوزن السلبيات والإيجابيات، وقد قلت سابقا أن الإقرار بحدودك أمر من الحكمة بمكان، لذلك أقر أني لوحدي لا أملك إلا وجهة نظر واحدة وذلك غير كافٍ، ولخطورة الأمر وضروريته يجب أن يصبح كثير منا ذا معرفة كبيرة متعمقة بالأمر ومنه أنصح بالبدأ بقراءة الكتب حول هذه المواضيع مثل :
The anxious generation by Johnathan Haidt.
Stolen focus by Johnathan Hari.
The shallows by Nicholas Carr.

وقد أترجم بعضها كاملا في المستقبل إذا رأيت إقبالا على الأمر، ولم تكن مترجمة بالأصل.
هذا والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، لا تنسوا الإكثار من الصلاة على نبينا الصادق الأمين وسورة الكهف وساعة الاستجابة قبل المغرب.

ما معك فلوس لا تتزوج!

هذه العبارة رأيتها تتردد كثيراً في موقع اكس، يرددها الذكور والإناث (وغالباً الإناث) ويبدو أنهن صغيرات في السن، حتى رأيت بعضهم ينكر أن الرزق مكتوب في خضمِّ تعضيد هذه النصيحة.

وفي الحقيقة هذه النصيحة مع مخالفتها للشرع سخيفة، ولا معنى لها من الأساس ولا محل لها من الإعراب.

والسبب في ذلك أن الزواج يفتقر إلى موافقة المرأة وأهلها، وهؤلاء إن كان عندهم خيار للزواج من إنسان ثري ومرتاح فلن يرجحوا في الغالب كفة الفقير، ولو كان في أعلى المراتب العلمية والأخلاقية.

لهذا لماذا لا تكون النصيحة هكذا (لا تقبلي الزواج بفقير ثم تُثقلي عاتقه بالطلبات)، لا تأتي النصيحة بهذه الصيغة لأننا نحتاج والحال هذه أن نستخدم أيديلوجيا الضحية وأن المرأة دائماً مظلومة، فكأن هذا الفقير اختطفها من أهلها أو أرغمها، بينما هو غالباً الخيار الوحيد أو المتاح لها.

هذا أولا؛

وثانياً: هو غالباً عنده مال للمهر ومتطلبات الزواج الأولية، فليس هو معدوماً تماماً ويطلب منهم أن يزوجوه صدقة.

وعادة الزواج والأبناء يكون من محفزات الرجل على المقاومة والاجتهاد، والعجيب أن منهن من تطالب أن تأخذ نصف ما اكتسبه الرجل أثناء زواجه منها بعد الطلاق، أو تطالب بنفقات كبيرة، ثم هي لا تريد أن تبذل مجهوداً لاستحقاق هذا، بل تريده جاهزاً من البداية عنده كثير من المال، فما وجه استحقاقها لمال هو حاضر ومتنامٍ بوجودها وعدمه!

ثالثاً: قال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} [النور].

وقال تعالى: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [الأنعام].

فالزواج والأولاد من أسباب تحصيل الرزق.

رابعاً: هذه النصائح لم تكن تقال لمَّا كانت النساء لا يعملن، واليوم مع كون النساء يعملن تجد مثل هذه النصائح، وكأن الرجل هو الوحيد المطالب بالإنفاق.

وهذه هي الحيلة التي انفردت بها مجتمعاتنا.

فالمرأة تارةً تكون قوية مستقلة إذا أرادت أن تعمل.

وتارةً تعود تقليدية تريد للرجل أن يُنفق عليها في سياق الزوجية ويلبي طلباتها.

ولا تشعر بأدنى تعارض بين الأمرين، فالرجل الذي يطالب بالإنفاق ويقال له إن كنت فقيراً لا تتزوج، وما خلي له سوق العمل بل زاحمته فيه تلك التي لا تطالَب شرعاً أو عرفاً بنصف المطالبات التي يطالب بها.

والسبب في ظهور هذه النصائح في هذه الأيام أن الجيل الجديد رسم له كثير من مشاهير مواقع التواصل صوراً حالمة عن الحياة السعيدة، وغالباً ما تكون متعلقة بالبذخ المادي، لأن هذه السعادة المصطنعة برعاية الشركات الرأسمالية.

وهنا تتلاشى القناعة وهي أساس الحياة الطيبة، وتُحصر السعادة في قوالب لا تتوفر لمعظم البشر، ويصوَّر للإنسان دائماً أنه فاشل لأنه لم يحقق المال والشهرة أو المنصب بالصورة التي يراها.

وتنتقل المرأة من دورها التحفيزي للرجل وهو دور فطري جيد يجعلها تشجع الرجل على المزيد من الجهد إلى دور هدمي يهدم راحة الآخرين من أجل سعادة موهومة مرسومة في الخيال.

قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل].

فسَّرها جمع من السلف بالقناعة.

ولهذا كل الدراسات الاقتصادية تهمل القاعدة الأساسية التي ينبغي أن يبنى عليها الكلام، وهي قاعدة التفريق بين الأساسيات والكماليات.

وعامة الدراسات النفسية المتعلقة بالسعادة تهمل الحديث عن مفهوم القناعة، الذي يفصل بين ما تحتاجه فعلاً وما تتوهم أنك تحتاجه، وينبغي أن تتركه لكي تحصل الراحة الضرورية، وتعلم أنك إنسان وليس آلة.

وفي حديث في صحته كلام: «أول ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصبغ، أو قال: من الصيغة ما تكلف امرأة الغني، فذكر امرأة من بني إسرائيل كانت قصيرة، واتخذت رجلين من خشب وخاتما له غلق وطبق، وحشته مسكا، وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين، فبعثوا إنسانا».

هذا المجتمع قد يراه الرأسمالي ناجحاً اقتصادياً لأن الرجال يحترقون فيه في العمل، ولكنه غالباً سيكون مفككاً أسرياً وينتشر فيه من مظاهر الفساد الأخلاقي ما الله به عليم، فالرجل تحول من كونه أباً قواماً إلى مجرد آلة لصرف النقود.

في أواخر التسعينات، قامت مجموعة من الباحثين البريطانيين بمسح أدمغة 16 سائق تاكسي من لندن، والذين كان لديهم خبرة في القيادة تتراوح بين سنتين و42 سنة. عندما قام الباحثون بمقارنة المسح الخاص بالسائقين مع مجموعة مضبوطة من الناس(1)، وجدوا أن الجزء الخلفي من الحصين لدى سائقي التاكسي، وهو جزء من الدماغ يلعب دورا رئيسيا في تخزين ومعالجة المؤشرات المكانية المتعلقة بمحيط الشخص، كان أكبر بكثير من الطبيعي. بل وأيضا، كلما كان السائق قد عمل لفترة أطول كان الحصين الخلفي أكبر. ووجد الباحثون أيضا أن جزء من الحصين الأمامي عند السائقين كان أصغر من المتوسط، وذلك -كما يبدو- لإتاحة المجال للتوسع في القسم الخلفي من الحصين. وأشارت اختبارات إضافية إلى أن ضمور الجزء الأمامي من الحصين ربما أثر على كفاءة السائق في مهمات معينة تخص الذاكرة. المعالجة المكانية المستمرة المطلوبة للتنقل في منظومة شوارع لندن المعقدة، -كما استنتج الباحثون- ترتبط بإعادة توزيع نسبية للمادة الرمادية في الحصين.
(ترجمتي)
(Nicholas Carr, The shallows, p. 38)

(1) (اصطلاح : مجموعة تستخدم في الدراسات للمقارنة، بحيث يكون المتغير الذي يُراد دراسته محددا طبيعيا عندهم غير متأثر.)

ما الفكرة من المنشور؟ بكل بساطة هذا مثال من أمثلة عدى على المرونة العصبية التي يتمتع بها الدماغ، هناك غيرها كثير لكنه من أفضلها. فعندما يتغابى أحدهم المرة القادمة ويقول لك : انظر الناس هذه الأيام إذا تناقلوا خبرا غيروا وبدلوا، كيف نثق بنقل الصحابة والتابعين للسنة؟ قل له يا متخلف! ألا تعلم أن "العلم" أثبت كون الدماغ يتكيف بشكل عجيب للمتطلبات، فأولئك القوم لم يكن عندهم كتابة كثيرة، وبالتالي الاعتماد على الذاكرة عندهم كان الأكبر، حفظا للشعر ولغيره، فأدمغتهم ليست كأدمغة الناس اليوم الذين تعودوا كتابة كل شيء.

أنا أتعجب حقيقة من حال بعض الناس، الي فاضيين يمسكوا أي ترند يعلقوا عليه ويجادلوا حوله ويناقشوا.. صديقي.. ما عندك طلب علم؟ دروس تحضرها، كتب تقرأها، ورد قرآن وسنّة، دراسة أكاديمية قد يكون في حالتك لازم تدرسها وإلا فيه عواقب سيئة؟ أو إن لم تكن فشغل تتكسب به..…

أنا أتعجب حقيقة من حال بعض الناس، الي فاضيين يمسكوا أي ترند يعلقوا عليه ويجادلوا حوله ويناقشوا.. صديقي.. ما عندك طلب علم؟ دروس تحضرها، كتب تقرأها، ورد قرآن وسنّة، دراسة أكاديمية قد يكون في حالتك لازم تدرسها وإلا فيه عواقب سيئة؟ أو إن لم تكن فشغل تتكسب به.. وأهل في بيتك تساعدهم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يحمل هموم أمة كاملة يساعدهم، رياضة تعملها، صلة رحم، أقل قليل من عمل اليوم والليلة مواظب عليه؟!.. كيف بس فاضي تقعد تجادل بالساعات من هب ودب في مواقع التواصل، ومسوّي حالك ((أبو العرّيف)) الي أي مسألة لا تصعب أنه يقعد يناقش فيها ويجادل ويعطي فيها رأيه... حتى طلبك للعلم صار نَفَسك فيه نفَس ندّي، بدك تصادم فلان وفلان وبس!... وأنت في الحقيقة - وهذا سبب هذه النتيجة - فاضي! ومنشغل بكل شيء إلا بالله وبنفسك!

روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفي صحته كلام لكن معناه تشهد له نصوص كثيرة - : من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه.

وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: احرص على ما ينفعك.

راقب نفسك كم الوقت الي عم تستغرق فيه على مواقع التّواصُل، بعدين تزعم أن الوقت ضيق وعم يضيع ومافيه بركة، وجهلك وفراغك وانشغالك بالناس سبب رئيسي في هذا! ولك على نفسك بصيرة..

إذا كان الوقت الذي تستغرقه في هذه المواقع يتجاوز الساعة إلى ساعة ونصف، وهذا كثير أصلا ودليل على أنك فارغ فاضي، فالموضوع متأزم وتحتاج اتّخاذ تدابير عاجلة لوقف هالأمر في حق نفسك.. إن كنت صادقا في رغبتك بما يزكيها ويرفعها عند الله!

والكلام هذا لنفسي قبل أي أحد، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا به سبحانه.

"صديقي تود كاشدان، وهو طبيب نفسي يعمل في جامعة جورج ميسون، كان من أول الناس الذين أظهروا ذلك بشكل واضح، كان لديه أناس يعانون من القلق الاجتماعي يقومون بالإخبار عما يقومون به ويشعرون به عبر جوالاتهم خلال اليوم. النتائج أظهرت بوضوح أن الأشخاص الذين يعانون من التوتر ليسوا متوترين طيلة الوقت، بل لديهم أوقات من الفرح والسعادة، مثلا عندما يتم الثناء عليهم، أو عندما يتم دعوتهم إلى التجمعات الاجتماعية، أو عندما يحصلون على درجات جيدة، وإلى ما هنالك. ولكن تود وجد أن الذين كانوا أكثر تجنبا للتجارب(1) لم يستطيعوا الحفاظ على هذه المشاعر الجيدة لوقت مماثل لمعظم الناس.
عندما حصلت أمور جيدة، شعروا بشكل جيد حيالها، ولكن أحاسيسهم الجيدة هبطت بشكل سريع جدا، إذا لم تكن راضيا بأن تشعر بالوجع، لا يمكنك المخاطرة بالشعور بالفرح كثيرا.
ففي النهاية كلما كنت كبيرا كلما كان سقوطك أصعب.
الأفضل أن تشعر بالخدر."
(A librated mind, Steven C. Hayes, p. 198)

العبرة : الآلام جزء لا يتجزأ من نظام غذائي متكامل.

(1): كلمة اصطلاحية، يقصد بها الذين يتجنبون التجارب والأحاسيس والمشاعر حتى عندما يكون هذا التجنب مضرا، كمن يتجنب الاجتماع بالناس في اجتماع مهم لأنه يخاف من التوتر.

لو قمت ساعة من الليل، الحسنة بعشر أمثالها على الأقل.

فأنت قمت ١٠ ساعات، وهذا تقريباً هو مقدار الليل في هذه الأيام - لأنه نحو ١١ ساعة -، فكأنك قمت الليل كاملاً!

وهذا من عظيم فضل الله، فلا تزهد ولا حتى بالخمس دقائق فهي خمسين في الأجر إلى سبعمئة ضعف..، والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم.

أحسن ظنك بالله واعمَل، حتى لو كانت عندك أشغال وأعمال ولم يتيسر لك التفرغ، ولا تحقرن من المعروف شيئا، فربك الغفور الشكور.