بناء جامع لإشباع ألف جائع

قبل أن نشرق ونغرب في ديار الإسلام لاستنطاق الجغرافيا، وقبل أن نغوص في أعماق القرون لاستقراء التاريخ للإجابة عن ثنائية جامع/جائع.
والتي يرى البعض بين طرفيها نزاعا كنزاع النون والإضافة، الذي دونه الشاعر بقوله:
كأني نونٌ وأنت إضافةٌ فحيثُ تراني لا تحلَّ مكاني
ومادام أن أحد طرفي هذه الثنائية المتضادة -كما يتوهم البعض- هو المسجد فلنلق نظرة على أبرز الآيات القرآنية التي تتحدث عن المسجد، لنرى إن كان فيها ما له علاقة بطرف الثنائية الثاني (الجائع).
وسنكتفي بموضعين اثنتين يتحدث فيهما القرآن الكريم عن المسجد لئلا يطول الموضوع فيزهد القارئ في قراءته.
الموضع الأول هو قول الله تعالى: {في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ** لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (النور:36-38).
وإن مرورا عابرا على الآيات ليوقفنا على صورة العلاقة الإيجابية لعامري المساجد ومرتاديها مع المال، فهم وإن كانوا من أهل الوفرة المالية والمشتغلين بالتجارة، فإنهما لا تلهيانهم عن حقوق الله من فريضة الذكر والصلاة ولا تنسيانهم حقوق (الجائع) في فريضة الزكاة!
وإنك لست واجدا، ولو حرصت، في أي مؤسسة سوى المسجد هذه الصرامة في المطالبة بتنفيذ شعيرتي الصلاة والزكاة، بالقدر نفسه من الحرص، حيث حق (الجائع) مساو في الصيغة التشريعية لحق الله؛ فالصلاة والزكاة في المنزلة ذاتها من أركان الإسلام!
وإني لأدعوك لإتمام تلاوة الآيتين لترى كيف أن وظائف المسجد الاقتصادية، لا تكتفي بوظيفة المطالبة بتخليص حقوق (الجائع) ممن يضمها إلى أملاكه بغير وجه حق، وإنما يعلق قلبه بربه وحده، سبحانه، فإنه يرزق من يشاء بغير حساب.
أما الموضع الثاني فهو قول الله تعالى:
{لا تقم فيه أبدا، لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المطهرين} (التوبة:108).
وقبل هذه الآية بخمس آيات، جعل الله التطهير هو غاية الزكاة، قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن} (التوبة:103).
وأما إذا عدنا إلى حيث البدء؛ وهو استنطاق الجغرافيا، واستقراء التاريخ، فإن أول ما يطالعنا من تلازم هذه الثنائية لا تضادها هو أهل الصفة، والصُّفَّة: هي مكان في مؤخر المسجد النبوي، مظلل، أُعد لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل؛ [فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، ج: 6، ص: 595].
وما أكثر ما ورد في السنة من أخبار تعزز هذا التلازم. وإن السفر عبر التاريخ الإسلامي ليؤكد هذه الحقيقة ويرسخها.. ما يجعل المرء يقول (بالفم المليان) لا يوجد مكان على وجه الأرض أنفع للفقراء والمساكين والمحتاجين والمعوزين و(الجائع)ين كـ: (المسجد)!
وانظروا في قراكم وأحيائكم ومدنكم، إن وجدتم غير المساجد أماكن تسهر على إطعام الفقراء وكساء العارين وكفالة الأيتام وستر المحتاجين، فاذكروها لي لأردد مع ما يردده عميان الأقلام: إشباع جائع خير من بناء ألف جائع.

أمين حميد

عنوان الفتوى: ذكر الله عز وجل بطرق مبتدعة:

"السؤال:
أرجو التكرم بالموافقة على عرض شريط الفيديو المرفق بهذا الكتاب على هيئة الفتوى، لمشاهدته والإفادة بما يلي:
1- ما حكم الشريعة الإسلامية في مثل هذه الأعمال والمشاركة فيها.
2- حكم الشريعة فيمن يعمل إماماً أو خطيباً أو واعظاً في مساجد الكويت، ويقوم بالدعوة أو المشاركة في مثل هذه الأمور.

جواب لجنة الفتوى:?

اطلعت اللجنة على شريط الفيديو المتضمن بعض مشاهد من تصرفات ما سُمّي في الشريط بالطرق الصوفية في الكويت، وبعض الدول العربية الأخرى، وانتهت إلى تقرير أن الشريط المذكور يضم بعض مشاهد من ذكر الله تعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض مشاهد من ضرب الطبول، والضرب بالسيف والسهم (الشيش)، وفي البطن والعنق والفم والرأس، وهذه المشاهد بعضها مأذون به شرعاً مثل ذكر الله تعالى ببعض الصيغ السليمة من الشوائب وبعض الدعوات والمواعظ السليمة أيضاً.

? إلا أن أكثر ما في الشريط مما سوى ذلك يدخل في دائرة الممنوع والحرام، من ذلك:
1- ضرب الطبول مع ذكر الله تعالى، فإنه بدعة ممنوعة شرعاً.
2- القيام بحركات غير متوازنة في أثناء الذكر هي أقرب ما تكون إلى الرقص والهذيان، والإخلال بمبدأ الحشمة والوقار، وهو ممنوع شرعاً.
3- كشف العورات من الرجال، كالفخذ، وما تحت السُرّة من البطن، وكشف بعض عورات النساء كالرأس وما دونه، واختلاط الرجال بالنساء بغير حجاب، وهو ممنوع شرعاً.
4- الضرب بالسيف والسهام (الشيش) من قِبل بعض الحاضرين من الكبار والصغار، في البطن والعنق والفم والرأس وإدخال النار في الفم، وهي ممنوع شرعاً; لما فيه من الضرر والخطر والتعذيب الجسدي والإيهام بالقذرة على فعل خوارق العادات، الأمر الذي يفتن الناس، ويدخل الشُبه في عقيدتهم، ويُجرِّئ العامة على أن يطلبوا منهم النفع والضر، ولا يُعدّ ذلك بحالٍ من كرامات الأولياء.
5- التلطُّخ بالدماء النجسة وشُربها وسقيها للآخرين، وهو ممنوعاً شرعاً.

?وعلى ذلك: فإن اللجنة ترى أن جُلّ ما في الشريط المُشار إليه من الأعمال والتصرفات هو ممنوع ومحرم، وهو ضربٌ من الشعوذة، والعبث الضار المُخلّ بالقيم الإسلامية، والأخلاق الإسلامية، ويُعطي الذريعة لأعداء الإسلام من النيل من دين الله الحق وتشويهه في نظر المسلمين وغيرهم.
ولا يجوز معه تداول هذا الشريط بين الناس.
كما لا يجوز لأحد أن يشارك في الاجتماعات التي تضم هذه التصرفات العابثة المحرمة، سواء كان من الأئمة أو الخطباء أو الوعّاظ أو عامة المسلمين، ولا أن يدعو إليها أو يُحرّض على المشاركة فيها.

أما الاجتماعات التي لا تضم غير ذكر الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بطرق مهذّبة وهادئة وخالية عن الحركات المثيرة العابثة، وكذلك الدعوات المأمونة لله تعالى والمواعظ الحصيفة، فلا بأس بحضورها والمشاركة فيها، والله أعلم".

الدُرر البهية من الفتاوى الكويتية، الصادرة عن وزارة الأوقاف بالكويت، كتاب العقائد، (ج1/ص355-357).

كتاب: (استعادة الإسلام) ل عصام القيسي

الكاتب معروف فكره المنحرف، وتأثيره على كتابه لاشك فيه، وهو لن يأتي بجديد من الفكر أو الطرح المألوف.

والكتاب من عنوانه يعيد تدوير معلومات كاتبه بنمطه الخاص به، وبنظرة للفهرس فموضوع الكتاب قديم ولكنه يتفنن في بعض العناوين والأسلوب، كعنوان الكتاب

عموماً الكتاب يستحق القراءة المتأنية والنقد
ولكن بنظرة سريعة للعنوان ظهر لي:
١- أول خطأ في عنوان الكتاب:
إن المؤلف يشير أن الإسلام مختطف وهو يسعى لإعادته من خاطفيه، والإسلام أعلى من ذلك فهو منهج رباني ليس للبشرعليه سلطة ولا قدرة، ولكن كان يمكنه أن يعنون الكتاب بقوله: مفاهيم مغلوطة، أو أفهام معوجة، أو تصحيح المفاهيم.

ويذكرني تعبيره هذا بتعبير الجهمية حيث فسروا استواء الرحمن على عرشه بالاستيلاء، وكأن العرش كان مخطتفاً فاستولى الله على عرشه من خاطفيه تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.

٢- خطأ ثاني في عنوان الكتاب:
وكأن الإسلام ذهب في غيبة عن الناس كغيبة المهدي عند الشيعة، فالمؤلف يطلب إعادته للناس الذين لم يكن الإسلام فيهم.

٣- خطأ ثالث في عنوان الكتاب:
العمومية الممجوجة فيه: فمتى غاب الإسلام عن واقع الناس حتى يطلب إعادته، وفيه رائحة تكفير المجتمعات.

٤- وفيه تنكّر لجهود الدعاة والمصلحين في خدمة الإسلام.

أبو عبدالرحمن فيصل البدجي

#الديانة_الإبراهيمية_المزعومة

كمن يخلط بول الكلاب، وروث البقر، وعسل نحل، وحليب

فيأخذون شيئاً من الإسلام، واليهودية المحرفة، والنصرانية المحرفة، والمجوسية، والهندوسية، والبوذية ويقولون هذا الدين الجديد الذي تجتمع عليه القلوب.

?مراتب قيام ليلة القدر:

للعبد في عمارة ليلة القدر بالصَّلاة أربع أحوال :

١ - أن يصلي الليل كلَّه. وهو الذي كان عليه النبي ﷺ لما قام ما قام بمن معه في رمضان، فكان ﷺ يقوم الليلَ حتى يخشى أصحابه أن يفوتهم الفلاح يعني السَّحور. فيشرع قيام ليلة القدر كلها لمن استطاع، وهذا عزيز في الخلق.

٢ - أن يقوم أول الليل وآخره. وهذه الحال هي التي عليها العمل غالبًا؛ لأن أكثر الناس يعجزون عن قيام أكثر الليل، فلهم أن يقوموا أوله في التراويح وآخِرَه في صلاة التهجد، وكلا الصلاتين من قيام رمضان، فليستا مختلفتين، وفُرِّق بينهما باعتبار ملاحظة حال الناس.

وأنهم لو حُمِلوا على صلاة الليل كله لشق ذلك عليهم. وقد صح عن عمر رضي الله عنه أنه مر بالصحابة وهم يصلون أول الليل التراويح فقال: والتي تنامون عنها خيرٌ مما تصلون. يعني أن الذي يشهد الصلاة في آخر الليل أكمل حالا ممن يقتصر على الصلاة أول الليل.

ومن قُدَّر له أن يصلي أول الليل وآخره، ثم وجد سعة من وقته فصلاته بينهما خيرٌ له من أن يجلس ويقرأ القرآن، فيشرع أن يصلي ما بين الصلاتين استكثارا من قيام هذه الليلة.

٣ - أن يقتصر على صلاة آخر الليل إذا عجز عن صلاة أوله؛ لأن آخر الليل مشهود .

٤ - أن يصلي أول الليل إذا لم يستطع أن يصلي آخره. فتحرَّوا ما تقدرون منها لتفوزوا بالجزاء المذكور في قوله ﷺ: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".

◄ [معالي الشيخ د. صالح العصيمي حفظه الله]

ليلة القدر ميلاد أمة

كما أن يوم ميلادك تجدّد ذكراه في كل عام.

كذا ليلة القدر نزل فيها القرآن في رمضان، فهذا الشهر وهذه الليلة ذكرى للأمة الإسلامية بيوم ميلادها، يوم أخرجها الله فيه من الظلمات إلى النور، ليلة شعّت فيه نور هداية الأمة.

٤/ إيقاظ من يُرجى تهجُّده: استحب الشافعية لمن قام يتهجّد أن يُوقظ من يطمع في تهجده إذا لم يخف ضرراً.
٥- إطالة القيام وتكثير الركعات: عند الحنفية والشافعية وقول للمالكية ووجه للحنابلة: أن طول القيام أفضل من كثرة العدد.
وزاد الشافعية قولهم: هذا إن صلى قائماً، فإن صلى قاعداً فالأقرب أن كثرة العدد أفضل؛ لتساويهما في القعود الذي لا مشقة فيه، حيث زادت كثرة العدد بالركوعات والسجودات وغيرها.
وعند بعض الحنفية إذا لم يكن له وِرد فطول القيام أفضل، وأما إذا كان له ورد من القرآن يقرؤه فكثرة السجود أفضل.
وعند المالكية ووجه للحنابلة أن الأفضل هو كثرة الركوع والسجود.
ووجه ثالث للحنابلة وهو أنهما سواء؛ لتعارض الأخبار في ذلك.
٦/ نية قيام الليل عند النوم: عند الشافعية والحنابلة يندب أن ينوي الشخص قيام الليل عند النوم؛ لحديث (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كُتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل) أخرجه النسائي، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

الموسوعة الفقهية الكويتية (ج34/ ص117-127), مصطلح (قيام الليل).

موسم الصبر الاستراتيجي
...

ما يحدث في اليمن من صراع وحروب وانهيارات متتابعة، هو حصيلة تراكمات من الجهل والتخلف والهشاشة القيمية التي تفشت في المجتمع،
والانفعال والتبرم منها لن يفيدنا في شيء.
قد فعلها الفلسطينيون من قبلنا في السبعينيّات والثمانينيات، وسخطوا على الجميع، فانقلب سخطهم على أنفسهم، في أيلول الأسود، وصبرا وشاتيلا، وتل الزعتر وغيرها.
ولم يفدهم إلا لزوم كلمة التقوى، والاعتماد على الذات، حتى حفروا في الصخر، وتكاملوا في الداخل والخارج، ولم نسمع لأحدهم نغمة حول أفضلية من هو في خط النار الأول، على من هو في أقصى الأرض، يحشد التأييد لقضيته.

ربما نحتاج إلى قليل من الوقت حتى نتأقلم مع واقعنا المُر،
وطبيعي أن نمر بنفس الطريق الذي سلكه الذين من قبلنا: تبرم ورفض، انتقاد متبادل، تلاوم، ثم القبول بالواقع، ثم التكيف معه، ثم استئناف المسير.
ولكن الأفضل أن نختصر حقبة التلاوم المتبادل، وننتقل إلى التعافي بسرعة، توفيراً للطاقة والوقت، وتفويتاً للعدو المتوحش الذي يريد مسخ هويتنا واستعباد حاضرنا ومستقبلنا.

نستطيع أن ننتقد شعبنا، ونسخط على مؤسساتنا، ونعذل أنفسنا، ولكن ذلك كله لن يجدي مالم يتحول إلى عمل نافع، ونحت في الصخر يتكامل مع مشروع التحرر الوطني.

• نحن في موسم الصبر الاستراتيجي، يحدونا فيه قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران: 200.
  - فهناك منّا من هو صابر على حمل المشروع الوطني في مختلف الأصقاع رغم الظروف.
  - ومنّا من هو مصابر تحت هيمنة الحوثي وعجرفته وإجرامه، يحافظ على الهوية وينتصب قدوة يثبت الناس.
  - ومنّا من هو مرابط في خط النار الأول، يفترش الأرض ويلتحف السماء.
  - وثمة قيادة توجه الجميع، يليق بها أن تلتزم كلمة التقوى في الباطن والظاهر.
  وإذا تضافرت هذه المعادلة الرباعية، أوشك أن يهبط علينا الفلاح.

• ويليق بكل فرد وزعته يد القدر في مختلف المواقع، أن يعمل من موقعه، وأن يتخفف من نقد الآخرين في مواقعهم.
  فأما الذين حملوا العبء الأكبر في سجون الباغي، أو خطوط النار، فعليهم أن يستشعروا عظيم أجر البلاء، وأما الذين نأى بهم القدر إلى دول آمنة وخصب ومرعى، فليحذروا استدراج المولى لهم، ولتشتعل قلوبهم بالقضية الوطنية، وليستثمروا وافر النعمة والأمن والفراغ لمد المقاومين في الداخل بالمستطاع.
  وأما الذين يقبعون في مناطق الاحتلال الحوثي، فإن دورهم حيوي في الحفاظ على هوية المجتمع، والالتفاف بذكاء على خطة القمع والتجريف التي استمرأها البغاة، ولن يعدموا حيلة إذا صحّت العزائم.
• والجميع في حالة ابتلاء، والموفق من أرى الله من نفسه عزيمة واستثماراً لموقعه، قدر الإمكان، وتجنب حالة المفاخرة الساذجة بين المواقع، فرب مغترب نائي الديار يخدم قضيته أفضل من مهذار يتبطل بجوار الجبهة ليس له شغل إلا توزيع النقد دونما عمل مفيد.
  فإن أفضل خدمة للباغي أن يسقط الأحرار في حفرة التلاوم والمفاخرة بالمواقع،

- فمصابر يلوم مرابط، ويتناسى أنه في موسم ابتلاء يليق به الصبر، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)محمد: ‎﴿٣١﴾‏.
- ومرابط يرى نفسه أولى الناس بالقضية، ويتحدث من علو، ويكأنه يمنُ بجهاده على الناس، متناسياً قوله تعالى: ( وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)العنكبوت: ‎﴿٦﴾. ‏
- ومهاجر يوزع النقد البارد من على أريكته، وحاله كما قال تعالى : ( الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا)آل عمران: 168.

ونتيجة هذا التهارش البائس: الفشل وذهاب الريح كما قال تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)الأنفال: ‎﴿٤٦﴾‏.
ولو كان الإخلاص هو المحرك للعمل، لما ظهرت مثل هذه النتوءات، فإن المسلم يتعامل مع الله أولاً وأخيراً، ويحدوه توجيهه الجلي: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا) النساء: ‎﴿٨٤﴾.

وبفضل الله لا تزال الكتلة الأكبر من الأحرار، معتصمة بالتكامل والتعاون على البر والتقوى، ولم تأت هذه الحروف إلا لتنبه من أخذته سِنة الغفلة، حتى لا تطول غفلته، والعاقل من يدرك طبيعة المرحلة ويساهم بقدر الوسع، والله يتولى الصادقين.

ك. ق

https://www.facebook.com/share/p/WXwDXTELJEyTynYq/?mibextid=WC7FNe

Facebook

Log in or sign up to view

See posts, photos and more on Facebook.