-

‏وأخرى جعلناها لِلَيلى وِقايةً
‏فصادف منها من هوى القلبِ موقِعا ..

‏فقامت إلينا في خَفِيِّ رسالةٍ
‏تُرينا بنانًا والجبينَ المُبرقَعا ..

‏وتحدو من الأشعارِ ما كان مثله
‏لنا في ليالي الدهر صوتًا مُرجَّعا ..

‏فقمتُ إليها لا أريدُ خيانةً
‏معاذَ إلهي أو هوًى مُتصنَّعا ..

‏ولكن لأرفو من دموعٍ عزيزةٍ
‏على الحُرِّ أن تُهراقَ ذُلًّا وتخضعا ..

‏فقلتُ أبيني ثم عودي أمينةً
‏على السرِّ لا تخشي مقامًا مُضيَّعا ..

‏" فما كَلَّمَتْني غير رَجْعٍ وإنما
‏ترقرقت العينان منها لتدمعا .. "

‏وكان لها من صامتِ الحُبِّ خشعةٌ
‏وكان لها قولُ القُشيريِّ مَرجِعا ..

‏عليكِ سلامُ اللهِ ما كنتِ قصدنا
‏وكم ذا لِلَيلى قد جعلنا فأطمعا ..

‏فؤادَكِ صوني أن يَبيتَ مُرَوَّعا
‏وخلِّ الهوى كم ذا أقامَ وودَّعا ..

_

‏-

‏ليت الذي أخفى التفاعل مُبصِرٌ
‏فِعلَ الكَعابِ براصدٍ مُرتابِ ..

‏ما زال من حنقٍ يغصُّ بريقهِ
‏مُتنمّرًا في جيئةٍ وذهابِ ..

‏للهِ درُّ أمينةٍ في وُدّها
‏جعلتْ تَتابَعُ مثل ماء سحابِ ..

‏سقتِ الفؤادَ بمازحات حديثها
‏شيئًا من الأعسالِ والأعنابِ ..

‏وكأنما مسحت ببعض بنانِها
قلبي ولم تضغط على الإعجابِ ..

_

-

‏قد قلتِ قولًا أصاب اليوم مَقتلةً
‏من الفؤادِ فكان الهمُّ والأرقُ ..

‏هذي مقالةُ ليلى كنتُ أسمعُها
‏تحدو بها كُلَّما يدنو لها الغَسَقُ ..

‏وكم تُطَرِّزُ من كُتْبٍ إذا بعثتْ
‏بها رسالةَ من تنأى بها الطُّرُقُ ..

‏فليتها غير عَمْدٍ ذاك أرحمُ بي
‏أو ليتها إذ بَدَتْ لم تدمعِ الحَدَقُ ..

_

-

‏ومرَّت بهِ بعد افتراقٍ فهزَّهُ
‏من الشوقِ صَعَّادٌ إليها وحادِرُ ..

‏فصدَّ صدودَ الأكرمين وإنَّهُ
‏على بعثِ مكنونِ الفؤادِ لقادِرُ ..

‏يقولُ مقالًا يُسْمِعُ النَّاسَ نَوحَها
‏إذا ابتدرتها بالحنينِ البوادِرُ ..

‏فهابَ انسكابَ الدمعِ منها فردَّهُ
‏وَفاءٌ لأيَّامِ المُحِبِّين نادِرُ ..

_