خرجتُ و كُنتُ في الطريقِ أسير ، كانت هذه المرة الأولى التي أتوهُ فيها يا صاحب الظّل.. لم أعرف أينَ أنا ولا حتّى ماذا أفعل.
كُنتُ فقط أُحس بثقلٍ فوقَ صدري وأنّي عندما أعودُ إلى المنزل سوف أبكي كثيراً..
كانَ في قلبي عزاءٌ مؤجل .

#جودي_شغالة🍁

على الشُرفة كُنّا نجلس على أرجوحةٍ كبيرة ورُبّما كانت هذه الليلة الأولى التي نسهر فيها سوياً .. كنتُ انظُر أمامي وشاردة في الفراغ وكانَ هو ينظر للسماء ، بعدَ دقائقٍ معدودة أخذَ ينظُر إلي ، نظرَ لأصابع يدي وإلى وجهي وهبّتْ نسمةُ هواءٍ باردة .. كانَ الصمتُ يأكُلنا…

الأحلام المتناثرة.pdf

إنّها فتاة إذا أعارتكَ انتباهها
ستقضي عُمراً كاملاً
وأنتَ تُسدد
" أقساطَ دهشتك ".

#جودي_شغالة ?

ومالَ رأسُكِ على كتِّفي خشيتُ أن أتنفس فأُزعجكِ..
مالَ رأسُكِ على كتِّفي خشيتُ أن أُغلق عينيّ فأُزعجكِ..
مالَ رأسُكِ على كتِّفي
لم أتخيّل طوالَ حياتي أن أكونَ هُنا في موضعٍ دقيق ومُهم مثلَ هذا .

#جودي_شغالة ?

ثُم قال الدكتور وسط المُحاضرة الصباحية بأسلوبٍ شديد التركيز والحدّة ، العامل الأول والأهم الذي يؤثر في التعلم هو الانطفاء أو المحو ، وبمُختصر القول يعني الانطفاء محو الاستجابة بسبب عدم حصولها على التعزيز .
وعلى ما أذكُر أنّ هذه المعلومة التي تلقّيتُها جعلتني مُبتسمة ابتسامةُ تنبؤ ..
تنبؤ للرقم خمسة وبجانبها صِفر سوف يوضع بعد امتحانِ هذه المادة المُمتعة .

بما أنّ العامل الثاني الذي يؤثر بالتعلم كانَ التعميم ويعني أنّ المثيرات المُتشابهة تستجر نفس الاستجابة ، كنتُ قد أدركتُ سلسلة من الرقم خمسون أمام دكتور لو اشتعلَ الكتاب في دماغِك من كثرةِ الفهم سوف يرشق في وجهكَ الانطفاء والمحو وخمسونَ درجة .

وفعلاً صدقَ باترسون عندما قال أنّ النظرية الجيدة هي التي تضم مسلمات متسقة داخلياً وبنائياً ..

على أيّ حال ، المُهم أنّك تعرّفت على بعض المعلومات المُفيدة وابتسمتَ وسط مُحاضرة صباحية مُهمة لشدّةِ أصالتِها.

#جودي_شغالة ?

وكانت فكرةُ خروجي أفضل من جلوسي على كُرسي أمامَ مسرحيةٍ هزلية ، كانت قد تمّت دعوتي إليها لِألتقي بالمُخرج وأكتُب مسرحياتٍ على نمطِ ما أُشاهد .
وبالطبعِ كانَ اعتذاري عن هذه الفُرصة بنظرِ الجميع ضرباً من ضروبِ الحماقةِ البشرية .
بالمُناسبة عندما أسسّ مورينو المسرح التلقائي رُبما كان أيضاً قد خرج من مُنتصف مسرحية هزلية ، لأنّ تأسيسهُ لهُ كان رداً على خيبةِ أمله من المسرحِ التقليدي الذي اعتبر أنّ عيبه هو جمود السلوك الاجتماعي الكامن في السيناريو .

أنا احترمه كثيراً رُغم أنّهُ ألغى وجودنا نحنُ معشر الكُتّاب حيثُ قررَ أنّهُ في السيكودراما لا توجد أدوار وسيناريوهات مكتوبة خصيصاً لكنّه على الأقل استطاع أن يخرج بنتيجة مُهمة ألا وهي أنّ الفعل النّفسي يتفوق أمام اللفظ الشفوي .. رُغم أنّي أُقدّر أنّ الجوانب المعرفية أيّ الكلمات  هي التي تولّد المشاعر والانفعالات لكنّي كنتُ مُدركة أنّ على خشبةِ ذلك المسرح كانتْ مواكبة السطحية هي الأهم.

صحيح بالمُناسبة أنا لستُ ضد المسرحيات ، على العكس أنا أُحب المسرح والتمثيل وقراءة السيناريو والتأمّل .
كنتُ في السنةِ الثانية بالجامِعة عندما اكتشفتُ صُدفة أنّنا في العلومِ النّفسية نمتلك علاجاً خاصاً يُسمّى العلاج بالفن ..
وكُنتُ في السنةِ الرابعة عندما وجدّتُه في أحد فصولِ الكُتب الدراسية ، لم يشرحه لنا الدكتور في الجامِعة .. كُنّا مُنشغلين في الاستماعِ لرحلةِ دراسته في فرنسا والمقارنة بينَ العادات هُنا وهُناك ...
لنخرج من المُحاضرة بضحكةٍ ساذجة على عاداتِ العرب وإجلالاً واحتراماً للغرب ..

بالضبط وتحديداً مثلما خرجَ الناس من تلك المسرحية .

#جودي_شغالة?

صغيرتي الوحيدة فاطِمة :
أتمنى لكِ سنة سعيدة مليئة بالحُب ..
هل تعرفين
كنتُ طفلة صغيرة عندما أدركتُ وجودي في منزلنا الدافئ الصغير مع عائلةٍ دافئة و كُنتُ الفتاة الوحيدة لهذا المنزل بين ثلاث صُبيان .. كانَ اللون الأزرق يطغى على منزلِنا ، ألعاب الكُرة ، الطائرات والسيارات المُتحركة .. وأحياناً لُعبة المُصارعة .
كنتُ دائمة الشعور بالوحدة يا فاطِمة ، الوحدة التي لا تنتهي ..
أجوبُ المنزل ولا أجد شيئاً يُشبهني ولا حتّى من يلعب معي ، رُغم محاولات أُمي التي لا تُعد بأن تلعبَ معي وتُخفف من وحدَتي لكنني لم أشعر يوماً ما بالألفة ..
كانَ أبي يُسافر للأردن بينَ الحينِ والآخر ويعمل هُناك وكنتُ مُدللة عندهُ للحدّ الذي يصعب وصفهُ لأيّ مخلوق .

وذات مرّة طلبتُ منهُ لُعبة تطير ولها شعرٌ بُنيّ طويل ..
وعندما عادَ كان فعلاً يحمل لُعبة تطير !
وقال بحثتُ كثيراً لكنّها كانت بشعرٍ أشقر
لم يُدرك أبي يومها يا فاطِمة أنّي طلبتُ لُعبة تطير لرغبتي الشديدة أن ينمو لي أجنحة وأُحلّق واستقر في منزلٍ مليء بالفتيات واللون الوردي الفاتح لأنّي أُحبه ، و أُحب الفساتين وبكلات الشعر الحريرية ..
وأن أجد من يُشاركني ألعابي الكثيرة هذه .
وفي يومي الأول للمدرسة وأنا أسير بجانب ثلاث صبيان كنتُ أعتقد أنّي أتعس فتاة في هذا العالم .

لم أتمكن من الانتماءِ لعالمِهم يا فاطِمة وفي اليوم الوحيد الذي قررتُ فيه أن أخرج معهم لنلعب كُرة القدم عُدتُ إلى المنزل بيدٍ مكسورة ، وانتهى بي الأمر في نهايةِ اليوم بجبيرة كبيرة وضعت على يدي ..
كُنتُ ناعمة قلباً ومظهراً  وحسّاسة وأُحب الرسم وقراءة القصص الملوّنة .
لكنني في ذلك اليوم أجبرتُ نفسي على اللعبِ معهم لأنّي وحيدة .

كثيراً ما كنتُ افتح عينيّ ليلاً وأجدُني في غُرفة تحتوي على ضوءٍ خافت ولا صوت سوى صوت عقارب الساعة الذي يتدفق حتّى لحظتي هذه إلى مسمعي ، وكانت أصوات إخوتنا من الغُرفةِ المجاورة تؤنس وحدتي أحياناً وتؤلمني أيضاً.

كانت أُمنّا تسعى جاهدة للتخفيفِ من شعوري هذا .. وكانت تقول لنلعب سوياً ألستُ صديقتكِ ..لكنّي كُنتُ بحاجةٍ إليكِ يا فاطِمة.
كنتُ مُدللة جداً مثلما أنتِ مُدللة الآن لكن لم يكن هذا الدلال كافياً لأغدو سعيدة !.

وبعدَ عشرِ سنوات أمضيتُها وحيدة ، أرسلكِ الله لهذه العائلة
اختارتْ أُمي لكِ اسم فاطمة ..
أبي من أطلق عليّ اسم جودي
وأُمي من أطلقت عليكِ اسم فاطِمة

كان قدومكِ يوماً سعيداً من أيامِ أيلول وكنتُ أجلس بجانبكِ وأُمسك يدكِ الصغيرة طوال أيام وأخافُ أن أتنفّس بجانبكِ فأُزعجكِ ، وكنتُ أُحس أنّكِ لي وأنتِ هُنا من أجلي ، كأنّكِ هُنا كي لا أتجمّد ..
وكنتُ عندَ وعدي
واعتنيتُ بكِ حقاً ، حتّى أنّ إحدى صديقات أُمي قالت لي ذات مرة وأنا ألعب معكِ أشعر أنها ابنتكِ .
أُحِبُّكِ كثيراً يا فاطِمة لأنّكِ كسرتي وحدتي ، وأعرف أنّكِ واعية وناضجة ..
وحقّكِ على قلوبِنا ..
فارق العُمر بيننا وبينكِ كبير
أنتِ طفلة تربّبتي معنا..
أحدنا طبيب والآخر مُحامي والآخر في مخبرِ الأسنان وأنا في الإرشاد النّفسي ولكن ..أنا مؤمنة أنّكِ راضية عنّا لأنّكِ مُدللة ومحبوبة .
وأيضاً عندما تكبُرين أكثر وتفهمين كلامي سوف تُدركين أنّي قبلَ سنوات كتبتُ لكِ نصوص كثيرة  أراكِ فيها من مكاني هذا فتاة ناجحة وواثقة من نفسِها وقوية .

نحنُ حقاً نُحِبُّكِ جداً .
وموقنة أننّا نُحب بعضنا البعض جدا
لأنّ ماما امرأة عظيمة
كانت تقول يفقأُ المرءُ عيناه ولا يترُك أخاهُ حزيناً .

أتمنى أن يحفظكِ المولى من كُل شر ، أن تكوني يوماً ما في مكانٍ يليقُ بكِ ، أنا لا أتوقف عن الإيمانِ بأنّكِ فتاة ناجحة وجميلة وقوية تذكري هذا جيداً .

أُختكِ الوحيدة
جودي .
#جودي_شغالة ??

على المرء أن يملكَ فُسحة صغيرة
يعبّر فيها عن نفسه ..
هنا فُسحتي لأكتُبَ مافي خاطري ..

وهذا لأجلِ خواطركم ?
@joudy_1231_1bot