‏قلبٌ كقلب الطيرِ
غادر مرفأَهْ
بادٍ عليهِ حنينُهُ
لو خبَّأَهْ!

آه من وحشة الصمت ..
لم يبق في علبتي غير عودٍ
يزيد الظلام انطفاء ..

مظفر النواب

حَبيبي الله ..
أرتدي شعورًا مُزعجًا وقلقًا
هذهِ الليلة ،
كما لو أنه ينحدر من طوفانٍ عَظيم
لا يقدر على كبحِ غضبه
إلا أنتَ ،
برحمتك أصرفه عنّي
وأبدلني من لدُنك طمأنينة
تذوب في عَصبي وأطرافي
آمين .

‏"احيانًا حين أنظر إليك أشعر بأني أحدّق بنجمٍ بعيد مُبهر لكن الضوء آتٍ من قبل عشرة آلاف سنة، ربما لم يَعُد النجم موجودًا, ومع ذلك يبدو احيانًا حقيقيًا اكثر من أي شيء آخر"

في بعض الغياب حضورٌ أكبر.

لقد عَرَفنا الحزُن منذُ زمن وعرفناه، حتى في السنوات التي سبقت السابع من أكتوبر، كان كلُ غزاوي يشعر بوخزة النقص في أعماقه وهو في ذروة فرحه، كان ينتظر البكاء الذي سيتبع الإفراط بالضحك والسعادة، أمّا في هذه الأيام، فنحن نعيش قيامة النقص والفراغ والوحدة والخذلان، لقد شقت هذه الحرب قلوبنا، راكمت في جفوننا خزانات من الدموع الحبيسة، وها نحن نشتهي لحظة البكاء، لقد أوذينا حتى صرنا نشتهي البكاء، لقد أوذينا حتى بتنا نشعُر أن الظُلم خلق لنا وطوّب باسمنا

إإذن يارب لكل هذا أن ينتهي

تشعر بأنك منهك ؟
متعَب تمامًا كأن الحرب بدأت للتو ،كأن كل غارة فوقك وكل قصف يستهدفك ، وكل جرح يؤلمك ، وكل مصابٍ يخصك ، وكل سهمٍ ينفذ من صدرك أولاً ..

تشعر بأنك مستهلك ، مستنفد ، مستنزف ، نازف مشلول ،عاجز كأن القصف الذي لا يصيبك بالبتر ، يصيبك بالشلل،
كأن كل هؤلاء أنت ، كأنك عشرون ألف شهيد ومفقود ،
كأنك وحدك خمسون ألف جريح .

ذكريات كلما هاجت تؤنس القلب الحزين
ذكريات كلما عادت أيقظت فينا الحنين

اثنان وعشرون عامًا من العطاء أيَّتُها الحياة.

17/ مايو ♥️

كانت الحياة أضيق من أحلامنا، لكنّ المحاولات، على ألمها وطولها، كانت ممكنة ومجديةً. كانت الأيّام طويلةً وثقيلةً ومليئة بسعيٍ يأكل أرواحنا، لكنّا كنّا نسعى، نخيب ونفوز، نشقى ونسعد .. لكنّنا كنّا نسعى .. كانت الحياة دائرةً، لنا وعلينا، والخطى تتعثّر تارة وتستوي تارة، لكنّا، بيأسنا وأملنا، كنّا نخطو .. كانت الجراح شخصيّة، لا يفهمها إلا عارف، وكان العارفون قلّة. كان واحدُنا يجد بعض زوايا للتّسرية ومتّسعًا للحزن والحنين وحتى البكاء، إذ كان البكاء في اللّيالي يجدي، ولو قليلًا .. فكيف الآن .. يستعصي البكاء دهرًا! كيف صارت اللّيالي سيوفًا بلا أغماد .. كيف آلت الحياة إلى هذا الموت الجماعيّ حتى صار الفقدُ عنوان البلاد التي، زمنًا مضى، ما يئست تحاول عيشًا! كيف يفقد الإنسان بلاده! كيف راحت الطّرقات والخطى والأيّام، كيف راحت كلّ الشّواهد، كيف يرحل الشّهود تباعًا، كيف يحيا الإنسان نصف عام منسوخة أيّامه من البكاء والذّهول والموت، كيف صارت الحياة محض جراح! كيف يحيا إنسانٌ آمن بأنّ في الموتِ نجاتَه، كيف ينجو، هل ينجو؟!