(وَقَالُوۤا۟ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَاۤۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنࣰا یُجۡبَىٰۤ إِلَیۡهِ ثَمَرَ ٰ⁠تُ كُلِّ شَیۡءࣲ رِّزۡقࣰا مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ)

كانوا يخافون أن يتبعوا النبي ﷺ كي لا يفقدوا الأمن في أوطانهم.. وقد سموه "الهدى" فهم يعلمون أنه الحق ولكنهم خائفون من تبعات الإيمان.. فيخاطبهم الله: أليس الله قد جعل لكم هذا الحرم الآمن وأنتم مشركون به أصلًا عاصون له؟ أوليس قادرًا سبحانه على أن يؤمّنكم حالَ إيمانكم وطاعتكم له؟ أليس من أسمائه سبحانه المؤمن؟ ينزل السكينة والأمن على قلب من يشاء ويقذف في قلوب من يشاء الرعب فيسلبهم الأمن رغم كل أسباب الأمن..

وهكذا يخاطب كل من تمسّك بشيء من الحرام بداعي الخوف من فوات الخير إن قرر الالتزام.. أليس الله هو الذي كان يرزقك حين كنتَ في عملك المشبوه؟ أوليس هو الذي ينعم عليك بكل أصناف النعم حين كنت في علاقات محرمة؟ أوليس هو الذي لم يزل منّانًا متفضلًا؟ فابتغِ عنده الرزق والفضل!

وكذلك هو سبحانه كان الحامي لنا قبل التحرير رغم أننا كنا نعيش بين وحوش بشرية، وكان ييسر لنا فسحات نتلقى فيها وحيه وهداه رغم معاداتهم للوحي والهدى.. فهو سبحانه قادر اليوم على أن ييسر لنا مزيد التيسير ويفتح علينا مزيد الفتح ويتولى أمرنا وينصرنا.. فلا مبرر للشعور الذي يخبرك أننا الآن نعوم في الهواء دون أرض ثابتة.. لا يزال المؤمن في زمان أصله ثابت وقلبه في السماء.

#إشراقة

قال السَّنْدي رَحمَهُ الله: "ما كُتِبَ لِلْعِبدِ مِنَ الرِّزْقِ يَأْتِيهِ لا محالةَ، إِلَّا أَنَّهُ مَن طَلَبَ الآخرة يَأْتِيهِ بِلا تَعَبٍ، ومَن طَلَبَ الدنيا يَأْتِيهِ بِتَعَبٍ، وَشِدَّةٍ، فَطَالِبُ الآخرةِ قَد جمع بين الدنيا، والآخرة، فإنَّ المَطْلُوبَ من جمع المال الراحة في الدنيا، وقد حَصَلَت لطالب الآخرة، وطالِبُ الدنيا قَد خَسِرَ الدنيا والآخرة؛ لأنَّهُ في الدنيا في التَّعَبِ الشَّديد في طلبها، فَأَيُّ فائِدَةٍ له في المال إذا فاتَتِ الراحة؟"

كلما نقّلت طرفي بين البشر.. وسمعت كلماتهم.. ولامست أفكارهم.. خشيتُ على نفسي.. خشيتُ على كل شيء.. ثم أذكر أنك من تملك أمرنا وأن أمرنا كله بيده.. فتعود مساحات الأمان الخضراء لتغطي خارطة القلق..
تحزنني أقلامي الجافة وصوتي الذي فقدتُه منذ أيام (صوتي المعنوي لا الحسي).. يحزنني هذا الضجيج في رأسي الذي يعجز في النهاية عن التفوه بكلمة واحدة، لكن لعله خير؟ هل جلب لنا الضجيجَ والصداعَ إلا من يثرثرون ليل نهار ويرفعون الشعارات ويصدرون البيانات؟ أسحب بساط نفسي وأنفضه طاردةً كل نفايات أفكار البشر ومكرهم وأخبارهم التي باتت تثقل قلبي ونفسي.. وأمضي لأمد بساط النفس تحت عرش الرحمن، هنا نحمد الله لأنه قد أنزل كتابه وبيّن لنا الحق والباطل.. تخيّل لو كنا حقاً مجبرين على قبول هذه الغابة التي يعتقد فيها كل شخص أن رأيه هو الصائب؟ تخيل لو أننا نعيش في عالم ليس فيه سوى تدرجات الرمادي.. لا أسود ولا أبيض.. بل الحمد لله قد عرفنا الحق.. وعرفنا منذ البداية أن من حمل الحق عودي وحورب..
ثم انظر.. لم يكلف الله نفسك إلا وسعها.. لماذا تكلفها أنت ما لا تطيق؟ وتغرقها بهذا الكم من التوجس والتخوف من كل ناعق ينعق.. تعرف راما تماماً أن كل هذا لا يعدو كونه رحلة استنزاف لروحها.. متى تعود راما إلى ما كانت عليه؟

هذه والله نِعم يهون في سبيلها كل صعب.. أن يعز الله الإسلام في هذه الأرض بعد ما كنا لا نجد مكاناً نصلي فيه ونسمع الكفر بآذاننا ولا نملك أن ننكره بين أناس تشرّبوا العلمانية دون أن يشعروا.. إن لم يكن لنا من كل هذا سوى عزة الإسلام وأهله لكفى! ") ?

"كل مدّعٍ لتعارض شرع الله مع المصالح البشرية أو العقل هو إما جاهل بشرع الله أو متبع لهواه". وكذلك كل متخوف من تطلعاتنا إلى حكومة تجعل الإسلام والوحي مرجعيتها.. فهو إما جاهل بحقيقة هذا الدين.. وحقُّه علينا أن نعلّمه وأن نريه الوجه الصحيح لدينه وللقرآن ونجعله…

"كل مدّعٍ لتعارض شرع الله مع المصالح البشرية أو العقل هو إما جاهل بشرع الله أو متبع لهواه".

وكذلك كل متخوف من تطلعاتنا إلى حكومة تجعل الإسلام والوحي مرجعيتها.. فهو إما جاهل بحقيقة هذا الدين.. وحقُّه علينا أن نعلّمه وأن نريه الوجه الصحيح لدينه وللقرآن ونجعله يعرف نبيه ﷺ ويتشرب حبه.. فيأمن على نفسه حقَّ الأمن حين يقال أن الحكم سيكون بشرع الله (وثغر إصلاح دين الناس وعقيدتهم هو من أهم الثغور اليوم في سوريا).
وإما أن يكون هذا المتخوف متبعاً لهواه.. وما أكثر الأهواء المتخوفة اليوم من علمانية ونسوية وأصحاب الشعارات الوطنية وغيرها.. فنسأل الله أن يمنّ علينا بأن يولي علينا خيارنا وأحب الخلق إليه وأن يمكّن لدينه في هذه الأرض.. فيكون بذلك قد رحم العباد من أن يتولى أمرهم أصحاب الأهواء هؤلاء.. ورحم أصحاب الأهواء بأن لم يمكّنهم مما يريدون ولعلهم رجعوا بذلك عن تلك الأفكار.. ولعل ذلك يكون أحد تجليات الأثر: «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».

أتعرفُ ما أكثر ما أحبه في أذكار الصباح؟

من أكثر ما يهلك نفس الإنسان: استغراقه في تفاصيل الحياة الصغيرة.. وانحشاره في زوايا ضيقة من الدنيا لا يرى فيها إلا ما أمام أنفه بعدّة سنتيمترات.. وهذا ما تفعله الحياة عادةً.. فتراني مثلاً أكاد أُجنّ لأن مرضاً معيناً يُصنف كمرض يسبب الحكة في مقرر جامعة دمشق ويصنف كغير مسبب للحكة في مقرر جامعة أخرى.. أحسب عدد الصفحات.. عدد السطور.. أستثقل الكلمات والتفاصيل وتضمر روحي داخلي.. وينام الإنسان ويستيقظ وفي نفسه هذا الهلع تجاه الدنيا وخوفه المستمر من ألا يركض اليوم بما فيه الكفاية.. حتى إذا جلس يردد أذكاره.. خرج بعيداً عن هذا الهلع كله.. عن هذا الضجيج كله.. معاني الأذكار ترتفع بك لتستوعب معانٍ عظيمة كالسماوات والأرض والمخلوقات كلها والملائكة وحملة العرش وأشياء واااسعة كعدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته سبحانه.. تسحبك بعد أن كدت تغرق في الدنيا فتبدأ يومك هكذا.. إنساناً سماوياً ينظر إلى الحياة لا يغرق فيها.. يعلم أن الله يرزقه ويكفيه ويحفظه ويحميه.. يعلم أن الله معه لأنه ذكره ويذكره.. ويعلم أنه مهما علا به موج الحياة وهبط محاط برعاية الله ولطفه. ❤️‍?