والله الموفق.

🔴فإن قال قائل: قوله: "فَليُغَيرهُ بيَدِهِ" هل هذا لكل إنسان؟

🟢فالجواب:ظاهرالحديث أنه لكل إنسان رأى المنكر

ولكن إذا رجعنا إلى القواعد العامة رأينا أنه ليس عاماً لكل إنسان في مثل عصرنا هذا؛

لأننا لو قلنا بذلك لكان كل إنسان يرى شيئاً يعتقده منكراً يذهب ويغيره وقد لا يكون منكراً فتحصل الفوضى بين الناس.

نعم راعي البيت يستطيع أن يغير بيده؛ لأنه هو راعي البيت، كما أن راعي الرعية الأكبر أو من دونه يستطيع أن يغير باليد.

ولا حاجة أن نقول ما يدور الآن بين الشباب وطلبة العلم: هل الأعمال من كمال الإيمان أو من صحة الإيمان؟ فهذا السؤال لا داعي له، أي إنسان يسألك ويقول: هل الأعمال شرط لكمال الإيمان أو شرط لصحة الإيمان؟

نقول له: الصحابة رضي الله عنهم أشرف منك وأعلم منك وأحرص منك على الخير، ولم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السؤال، إذاً يسعك ما يسعهم.

إذا دلّ الدليل على أن هذا العمل يخرج به الإنسان من الإسلام صار شرطاً لصحة الإيمان، وإذا دلّ دليل على أنه لا يخرج صار شرطاً لكمال الإيمان وانتهى الموضوع، أما أن تحاول الأخذ والرد والنزاع، ثم مَنْ خالفك قلت: هذا مرجىء. ومن وافقك رضيت عنه، وإن زاد قلت، هذا من الخوارج، وهذا غير صحيح.

فلذلك مشورتي للشباب ولطلاب العلم أن يدعوا البحث في هذا الموضوع، وأن نقول: ما جعله الله تعالى ورسوله شرطاً لصحة الإيمان وبقائه فهو شرط، وما لا فلا ونحسم الموضوع.

ولذلك القسامة قال عنها بعض العلماء: إنها تخالف القياس من ثلاثة أوجه:

▪️الوجه الأول: أن الأيمان صارت في جانب المُدَّعين، والأصل أن اليمين في جانب المنكر.

▪️الوجه الثاني: أنها كررت إلى خمسين يميناً.

▪️الوجه الثالث: أن أولياء المقتول يحلفون على شخص قد لايكونون شاهدوا قتله.

وسبق الجواب عن هذا، وأن القسامة مطابقة تماماً للقواعد الشرعية.

1. فيه أنه لو أنكر المنكر وقال لا أَحلف فإنه يقضي عليه بالنكول، ووجه ذلك أنه إذا أبى أن يحلف فقد امتنع مما يجب عليه، فيحكم عليه بالنكول.

والله أعلم.

?المصدر: شرح الأربعين نووية العلامة ابن عثيمين رحمه الله الصفحة من ٣٥٦ إلى ٣٦١.

وهذه وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقضى بها هكذا، على أنه إذا حلف خمسون رجلاً من أولياء المقتول فإنهم يستحقون قتل المدعى عليه، وهذا هو الحق، وإن كان بعض السلف والخلف أنكر هذا وقال: كيف يُحكم لهم بأيمانهم وهم مدعون.

?فيقال: السنة هنا مطابقة تماماً للواقع، لأن مع المُدَّعين قرينة تدل على أنهم قتلوا صاحبهم وهي العداوة، فهذا القتيل رؤي عند القبيلة الأخرى المدعى عليها، ولا نقول: هاتوا شهوداً؛ لأن قرينة الحال أقوى من الشهود.

?فإذا قال قائل: لماذا كررت الأيمان خمسين يميناً؟

?فالجواب: لعظم شأن الدماء، فليس من السهل أن نقول احلف مرة واقتل المدعى عليه.

?فإن قال قائل: كيف يحلف أولياء المقتول على شخص معين وهم لا يدرون عنه؟

?فالجواب: أننا لا نسلم أنهم لا يدرون عنه، فربما يكونون شاهدوه وهو يقتل صاحبهم، وإذا سلمنا جدلاً أو حقيقة أنهم لم يشاهدوه فلهم أن يحلفوا عليه بناء على غلبة الظن وتتم الدعوى، والحلف بناء على غلبة الظن جائز.

??لا شك أن المؤمن إذا تقين من هذا يكون ذلك حادياً له، ليعود إلى الصراط المستقيم، وليؤوب إلى الله، وعلى كل واحد منا أن يفتش نفسه، أن يفتش في قلبه، هل هو على معصية؟ أن يفتش في ظاهره، هل هو على معصية؟ سواء علم بها الناس أو لم يعلموا، وأن يبادر بالتوبة.

??والتوبة فرض لازم على كل مؤمن ومؤمنة، فالله أمر المؤمنين جميعاً بالتوبة، ولا فلاح إلا بالطاعة والتوبة، إن أردت الفلاح فجاهد نفسك على الطاعة وأحمل نفسك على التوبة.

??فيا معاشر المؤمنين توبوا إلى الله جميعاً فإن في ذلك نجاتكم، وفي ذلك فلاحكم، وفي ذلك رضى ربكم. وربكم ﷻ أمركم بذلك وهو يحب ذلك منكم، والله لو أنك أقمت على ذنوباً عظام، أعظم من الجبال سنين عددا.

??لو إنك كنت تعصي الله منذ بلغت إلى اليوم، ثم وقفت لحظة تائباً صادقاً في توبتك، والله ينهدم كل ما مضى، والتائب من الذنب كما لا ذنب له، ربنا رؤوف رحيم كريم ﷻ، ولكن الناس يظلمون أنفسهم. والله أن المصر على ذنبه مع فتح باب التوبة له، ولا زال وقتها قائما، فلم يغرغر ولم تطلع الشمس من مغربها، وهو قادر على التوبة قادر على أن يقلع عن ذنبه، فإن أصر فأنه، فإنه هو الظالم لنفسه، فالله الله معاشر المؤمنين توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

?وقوله ﷺ: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة)

??في هذا الحديث يخبرنا رسولنا ﷺ فيه أن ربنا ﷻ يضحك إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر ويدخلان الجنة، القاتل والمقتول!! أما أحدهما فكان مؤمناً، وأما الآخر فكان كافراً، فالمؤمن مجاهد يقاتل في سبيل الله فيقتله الكافر فيدخل الجنة، ويعيش الكافر من بعده ثم يتوب الله على هذا الكافر، فيؤمن ويصبح مجاهداً يقاتل في سبيل الله فيُقتل فيدخلان الجنة.

??وأحاديث ضحك ربنا ﷻ كثيرة، والضحك صفة لله ﷻ، صفة فعل اختيارية قائمة بذات الله ﷻ، والضحك معلوم مدرك يدركه كل أحد لا يحتاج إلى تفسير، ولا يحتاج إلى تكلف معنى، وهذا معنى قول السلف في هذا وأمثاله، كالفرح والعجب والغضب، لا يفسر، أي أن معناه معلوم، وهو أمر ظاهر جداً، فلا يحتاج إلى تعبيرات في تفسيره.

??وضحك الله ﷻ يستلزم رحمته، ولذلك قال أبو رزين: أوَ يضحك ربنا؟ وهذا سؤال لتثبيت العلم، أو هو سؤال ليُرَتب عليه شيء بعده، هو علم من قول رسول ﷺ أن الله يضحك، فهو لا يسأل ليعلم، ولكن إما أنه سأل ليثبت العلم، أو أنه سأل ليرتب عليه شيئاً ولذلك لما قال له النبي ﷺ: نعم، قال: والله لن نعدم من رب يضحك خيرا.

?وقوله ﷺ: (عجب ربنا من قنوط عباده وقرُب غِيَره، ينظر إليكم أزلين قنطين، فيظل يضحك يعلم ان فرجكم قريب) حديث حسن

??(عجب ربنا من قنوط عباده) من شدة يأسهم لتأخر المطر وشدة الجذب، فيقع اليأس في قلوبهم.

??(وقرُب غِيَره) يعني: وقرُب تغييره للحال، فتغير الحال قريب منه لكنهم ييأسون.

??(ينظر إليكم أزلين قنطين) أي مجدبين قانطين من نزول الغيث وتغير الحال.

??(فيظل يضحك يعلم ان فرجكم قريب) هذا الحديث لا نعلمه بهذا اللفظ مسنداً إلى رسول الله ﷺ، وإنما جاء بلفظ: "ضحك ربنا" وهذا عند الإمام أحمد وعند ابن ماجة، وحسن إسناده ابن تيمية رحمه الله، لكن المصنف رحمه الله أورده لإثبات صفة العجب لله ﷻ من سنة رسول الله ﷺ.

??وقد ورد إثبات صفة العجب لله ﷻ في أحاديث كثيرة، منها ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: إنّي مجهود فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماءً، فقال النبي ﷺ: مَن يُضيّفُ هذا الليلة رحمه الله؟ غنيمة عظيمة، - دعوة من النبي ﷺ - فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله فانطلق به إلى رَحْلِه، فقال لامرأته هل عندك شيء؟ قالت: لا، إلا قوت صبياني، قال: فعلليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا أريه أنا نأكل فإذا أهوى ليأكل قومي إلى السراج حتَّى تطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح غدا على النبي ﷺ، فقال له النبي ﷺ: قد عَجِبَ الله من صنيعكما بضيفكما الليلة. متفق عليه، واللفظ لمسلم.

??(إنّي مجهود) إني في مشقة عظيمة من شدة الجوع، أصابني الجوع الشديد حتى صرت في مشقة عظيمة، فأرسل النبي ﷺ إلى إحدى زوجاته يسألها هل عندك شيء نعطيه لهذا ؟ فقالت لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء؛ لا إله إلا الله بيت رسول الله ﷺ ما فيه شيء يؤكل ولا تمرة! ما عندي إلا ماء.

??فأرسل إلى الأخرى، فقالت: مثل ذلك لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء حتى أرسل إلى نسائه جميعاً، وكل واحدة تقول: لا والذي بعثك بالحق، ما عندي إلا ماء، بيوت رسول الله ﷺ ليس فيها شيء يؤكل ولا تمر، ما فيه إلا الماء.