من جبال الألب

مالت ريحُ الشرق استهواها
ضحكت غمازتها
قالت أهوى الشمسَ
إذا لاحت من خلف
الجبل الأبيض
أتفاءلُ لإشراقها
لسناها
أنتَ أتيتَ مع الشمس
على صهوة شلال أشعتها؟
(أردفني) خلفكَ
خذني لمخدع دارتها
وسّدني عضُداً نجدياً
فوق جناح قصيدةَ
شعرٍ
تروى لي عن شمسكِ
أولاها
وأخراها
أنا بنتُ الثلج أتوقُ
لدفء الصدرِ
ويبض الشعرِ
وغناء البدوي
بصحراء الدهناء
بروض التنهاتِ
بأنجمها وسماها.

خذني ضقتُ
بزلزال التقنيةِ
بضجيج الإنسان الآلةِ
يمشي آلياً
يأكل آلياً
يشرب آلياً
يعشق آلياً
وينامُ
كدمية طفلٍ آلياً.

خذني ضقتُ كرهتُ
حياتي ترسٌ في آلة كونِ
حضاراتٍ
نَسيَت إنسانيتها
وضلّت في صرعتها
مرساها.

خذني
يا ابن الشمسِ
إلى الشمسِ
أعيش بخيمةِ حبكَ
في ظل جناحيكَ
آخر أيامي
آخر أحلامي
وأحلى أحلاها.

محمد الفهد العيسى

نفثة محزون
إليكَ يا أخي عبدالعزيز في الخالدين

أخي كنتَ بالأمس ملء القلوب
وملء المسامع ملء البصر
أخي كنتَ بالأمس لحن الحياة
بك الدهر يشدو لدنيا البشر
أخي كنتَ بالأمس عزماً يدُكُّ
الخطوبَ قوياً أبياً أغر

إلهي تحطّمتِ الأمنيات
وضاعت قلوبٌ لها تنتظر
هوى النجم يا رب عند البزوغ
ولما يدُر حول فلك العمر
وسطّر في الغيب ما قد أراد
فيا رحمة الله فيما قُدِر
أجبتَ النداء: إلى الخالدين
عزيزاً وفياً كريم السيَر

أخي قد تركتَ قلوباً تُمَزّق
حزناً ومن لوعةٍ تستعر
أخي تلك أمكَ بين الأكف
تعاني الأسى وتعاني الكدر
أخي وأبي الشيخ رطب اللسان
يناجي الإله بقلبٍ فُطِر
أخي والأخوة والأصدقاء
عراهم ذهولٌ رهيبٌ أمر
وزُلزلت الأرض من لوعةٍ
ومادت ووجه الحياة اندثر

أخي سوف أبكيك حتى تشيبَ
الدموعُ فقلبي عليك انفطر
أخي سوف أبكيك دهراً طويلاً
سأبكي وتبكي عليك العُصُر
أخي قد رضينا بحكم الإلهِ
رضينا القضاء رضينا القدر

محمد الفهد العيسى

في وادي مسرّة

ليت شعري هل نسيت الحب في وداي مسرّهْ؟
هل نسيت الكوخ والأشجار والزهر وخمره؟
هل ترى تذكر أحلاماً لنا فيه وسهره؟
ها هنا كنا ونقضي أمسيات الأمس عبره؟!
نترع الكأس ونجني من رياض الحب زهره
وتغني لي لحناً -أنتَ لا تذكر- غيره
وأنا وحدي ألبّي شفتيكَ اللعس إثره
وأعب الخمر منها -يا حبيبي- ألف مرّه
كم لنا فيه لقاء تحفظ الأنجم سرّه

هل ترى تذكر؟
لا أدري!!
ومن أنساك ذكره؟!

محمد الفهد العيسى

التائه

(في سكون الليل يسري شبحٌ)
سئم العيش بدنيا البشرِ
يتنزّى قلبهُ من لوعةٍ
ويذيب النفس وهنُ السهرِ
يا لهُ صبّاً معنّى مدنفاً
يتلاشى كتلاشي الأثرِ
هو في الناس غريبٌ مفردٌ
وبعمق البحر مثوى الدررِ

هو في عالمِهِ يا صاحبي
شاعر الحب نجيُّ القمرِ
قد طواه اليأسُ في أرديةٍ
من ظلال الحب زاهي الصوَرِ
فهو ظلٌ ناحلٌ مرتعشٌ
وهو لحنٌ حائرٌ في وترِ
وهو في حالَيهِ قلبٌ خافقٌ
ساقهُ الحبُّ لدرب خطرِ

إن شدا الطيرُ بكى مدّكراً
وارف الظل، شهيّ الثمرِ
والهاً يبكي ليالي حبَّهُ
لو تفيد القلبَ نجوى الذكرِ
إن سجى الليلُ تلظّى لوعةً
ساهر العين شريدَ الفكَرِ
يتلوّى كسليمٍ نابَهُ
شرّ أفعى في سلام السحَرِ
يتشكى ويمنّي نفسهُ
بصباحٍ مستفيضِ مستترِ
يا لهُ، يا رب رحماكَ بهِ
(تائهاً) حار (بدنيا البشرِ)

محمد الفهد العيسى

هل تذكرين؟

المنى والحب والنجوى وألحان الغزل
وهوانا يملأ الكأس ويشدو بالأمل
وحديثُ الحب -نجوى- كان همساً وقُبل
آه من ذكرى ليالٍ بفؤادي لم تزل
وصدى الماضي بنفسي
رنّ في أعماق حسّي
يبعثُ الوجد الدفينَ
في ظلال الهرم
هل تذكرين؟
أمسياتٌ كم قضيناها على تلك الصخور
تتغنى بغرامٍ سكرت منهُ الطيور
فشدت نشوى وراحت تُشهدُ الحب العصور
فهوانا ألهم الطير أغاريد البكور
آه يا نِعمُ فحبي أشعل النار بقلبي
بادّكارٍ وأنين
في ظلال الهرم
نِعمُ، هل تذكرين؟
الرحيق العذب من ثغرك يا نعمُ حُميّا
والهوى المشبوب يدنيني ويدنيكِ إليّا
بارك النيلُ هوانا فانتهلناه سويا
كان حُبَّيكِ هنيا كان لحناً أبديا
وسيبقى في الزمان كل حينٍ كل آنِ
قِبلةً للعاشقين
في ظلال الهرم
نِعمُ هل تذكرين؟
الهوى آيٌّ قديمٌ أبديّ ما يزال
وحياة لقلوبٍ يتصبّاها الجمال
كل يومٍ ليس فيه -الحب- وهمٌ وخيال
والترانيمُ ستبقى فيهِ أصدافُ لآل
الهوى فيه حياتي فيه أحلى أمنياتي
فيه سلوى وحنين
في ظلال الهرم
نِعمُ هل تذكرين؟

محمد الفهد العيسى