قال تعالى(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)

العفو هنا ليس الصفح والمسامحة، بل معنى أشمل كما قال المفسرون، فهو ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طباعهم، بل يشكر من كل أحد ما قابله به، من قول وفعل جميل أو ما هو دون ذلك، ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم.

تفسير السعدي.

كان هدي الصحابة والعلماء رضي الله عنهم أن يعطوا النفس حقها من الترويح والفسحة
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه :ليس من المروءة الوقار في البستان.
وإذا ذهب إلى البستان مزح وضحك ولاطف من حوله.

ولما لعب الحبشة بالحراب في المسجد قال النبي صلى الله عليه وسلم (العبوا يابني أرفدة حتي يعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة).

[مع المصطفى د سلمان العودة]

يا كرام، لا تنسوا غزّة، لا تتوقفوا عن الوقوف مع أهلها ولو بتوفير الطعام والشراب والمأوى، فالحال شديد والوضع صعب، والله المستعان.

مما أخبره الله جل وعلا به من غيب سيكون في قادم الأزمان بعد عصره، وبعد وفاته ﷺ ما ثبت عنه ﷺ أنه قال:

(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟
قال: (بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن)
فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: (حب الدنيا وكراهية الموت).

رواه الإمام أحمد وأبو داود.

القصعة:هي الإناء والوعاء الكبير المليء بالطعام الذي لا يُمنع منه أحد؛ لكثرته ووفرته، ولعدم وجود مانع يمنع مريد الأكل أن يأكل ويشارك في ذلك.

يقرر النبي ﷺ في هذا الحديث قُرب تسلُّط فِرَق الكفر والضلال؛ حيث يدعو بعضهم بعضًا مع اختلاف مِللهم وتبايُنِ مشاربهم وعقائدهم، لكنهم يجتمعون جميعًا على حرب أمة الإسلام والطمع فيما أفاء الله عليهم؛ ليكسروا شوكة المسلمين، ويغلبوهم، ويأخذوا ما ملَّكهم الله إياه من الديار، وما أفاء عليهم من الخيرات.

قال العلماء: غثاء السيل هو ما يحمله السيل من زبد ووسخ، ونحو ذلك مما يقذف به السيل حينما يسير في الوادي، فيحمل الأعشاب اليابسة، ونحو ذلك مما يكون من المخلفات، وفي هذا تشبيه من النبي ﷺ إلى أن هذا العدد يفتقد النوعية والجودة، يفتقد الإنتاج، يفتقد الآثار المباركة؛ وذلك لقلة شجاعتهم، ولدناءة آمالهم، ولتعلُّقهم بتوافه الأمور.

[شبكة الالوكة بتصرف]

عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟

رواه مسلم.

﴿وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون﴾ ولما كان اتخاذ الولد نقصاً في جانب واجب الوجود أعقب مقالَتَهم بكلمة (سبحانه) تنزيهاً له عن ذلك؛ فإن اتخاذ الولد إنما ينشأ عن الافتقار إلى إكمال النقص العارض بفقد الولد.
تفسير ابن عاشور

موقف حدثني به أحد مشايخي وهو من مشايخ السعودية المتقنين لا أزكيه على الله ولكن أحسبه من الصادقين. ذكر لي موقفاً بديعاً يروي عبقرية الشيخ سلمان العودة، فكّ الله أسره، ويدل على ما حباه الله من سرعة بديهة وجودة حفظ قلّ نظيرها.!

ذكر لي ،أن بعض العلماء كانوا في مجلس علم وكانوا يزيدون على الثلاثين إلى الاربعين منهم الشيخ سلمان العودة

فأجرى أحدهم تحدي مازحاً بعد جلسة التعارف عن جودة الحفظ وقال لهم من يقول أسمائنا جميعاً في المجلس كاملة والله لأعطيه مفتاح سيارتي وتكون السيارة له.
وقد ظن أنه قد أتى بما يعجز الحاضرون عنه.

فقام الشيخ سلمان العودة وذكر أسمائهم وأسماء آبائهم وعائلاتهم جميعاً واحداً واحداً حتى أتم الأسماء كاملة، بكل تفاصيلها.

كان الحاضرون في ذهولٍ تام، والإعجاب يملأ المجلس ،فناوله صاحبه مفتاح السيارة،فرده عليه وقال له:

خذ مفتاح سيارتك ولا تستهن بعقول الرجال!.

أهل غزة يموتون من البرد، وكلاب الغرب ينظّرون علينا في حفظ حقوق الإنسان، وحفظ حقوق الأقليات.

وبعض خفاف العقول من أبناء جلدتنا يرددون وراءهم دون فهم.

ألا يستحي أولئك أن يتحدثوا عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة وأطفال غزة ونساؤها يموتون من البرد والجوع؟ وهم لذلك مؤيدون لا يرون المحتل الغاصب إلا ممارسا لحق الرد، يقمع الإرهابيين - وحاشاهم -.

هذا العالم برمته بحاجة لعدل الإسلام، وهذه ضرورة يجب ترسيخها في نفس كل مسلم، يقولها معتزا متعاليا على غير الإسلام من المرجعيات.

غزّة وأهلها في بلاء شديد وكرب عظيم،
ومجرمو الكيان المحتلّ يقتِّلون ويهدمون ويُفسدون ويحرقون ويستهدفون المستشفيات والأطفال والنازحين أمام جميع العالم استكباراً وبطراً وطغياناً.
واشتدّ على إخواننا البلاء والبرد والغلاء والفقد والأسر والتشريد والنزوح.
ومن يعش منّا فسيرى انتقام الله العزيز من المجرمين المحتلين كما انتقم من النظام الأسدي المجرم الذي لم يكن يظن أنه سيسقط يوماً.
والواجب سدّ حاجات إخواننا وعدم الفتور عن نصرتهم والدعاء لهم،
والفرَج قريب بإذن الله، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

كثير من الكُتاب يكتب لإثبات نفسه لا لإثبات دينه،النية في جوف الإنسان كالحبر في جوف القلموكثيراً مايتشابه كلام القائلين ، ولكن أثرهُ في النفوس يختلف؛لأن العبرة ليست بالعبارة وإنما بمن خرجت لأجله
هل خرجت لله أم لغير الله؟!

الشيخ عبد العزيز الطريفي

اللهم اصلح سريرتنا واجعل أعمالنا خالصةً لوجهك الكريم