-
﷽ ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.

أحبُّ الفرح الَّذي يكون لله تعالى وبه سبحانه وبرحمته وشعائره، والحمدُ لله الَّذي جعل من تقوى القلوب أن يفرح المُؤمن ببلوغه مواسم الخيرات
الحمدُ لله الَّذي بلَّغنا مُطهر القلوب: شهر الخيراتِ رمضان المُبارك
اللهم بارك لنا في طلعته، وأغدق علينا فيضَ فضلِك في لياليه وأيَّامه، وبلغنا الاستبشار بنفحَات رضوانك في تمامه

بارك الله لكم شهر رمضان وقرَّبكم إليه وحفَّكم بالرضوان وأكرمكم بالفوز في الجنان والعتق من النيران، وأعانَنا وإيَّاكُم علَى صلاح السرِّ وضبط النَّفس وحُسن العِبادة، وبَلغنا منه بلاغ التَّوفيق والقَبول
وجعلنا فيهِ ممن غرَس الثمرَ وحصدَ الأجر.

ضمونا ووالدينا في دعاءكم في هذه الأيَّام الفضيلة واسألوه لنا الغُفران والعفوَ والعافِية
ولا تنسوا إخواننا الموحِّدين المُستضعفين في شتَّى بقاع الأرض من دعاء صدق وإلحاح، وخصُّوا -الجمر في أكبادنا- الأسرى والأسيرات
تقبَّل الله منَّا ومنكم الصيام والقِيام، والدُّعاء وصالح الأعمال.

-
«حقوق منسية
تفصلنا عن رمضان أيامٌ قليلة -بلَّغنا الله وإياكم هذا النُّور-، ومع ذلك الانشغالات تبدو جليَّة عند البعض، والاستعجال ظاهرٌ عند البعض الآخر والمقلِّدون كثر؛ مقلِّدون في المطبخِ ومقلِّدون في العبادات، ويزيدُ العبء خلفَ ستار الهمَّة المزيَّفة؛ إذ أنهم نسوا حقوقَ أنفسهم وطاقاتِها، حديثي هذا ليس منعًا لك من الإكثار في الطَّاعة كلَّا بل أمنعكَ من التقليدِ الأعمَىٰ المُحطِّم للهمَّة والمخيِّب للآمال؛ الذي يؤول بك بأن تتحمَّس في البدايات وتفتُر في النِّهايات لأنك أردت نتائج لأعمَالٍ وجهودٍ لا تلائم طبيعتك، أنت عندما تقبل علىٰ رمضان فأنت تفتحُ صفحةً خاصَّةً بك لتكتب فيهِ عن قلبك وروحك وتسأل الله الأمنيات والعفو والجنَّة
فرمضان رزقٌ ونعمة علىٰ كلِّ عبدٍ حيٍّ فلا تنسىٰ حقَّك فيه بتبذير طاقتك، خُذ ما يلائمُ طبيعتك واجتهد ما وجدتَ همَّةً صادقة وعالج نقصك واقتدِ بما تستطِيعه ولا تراكِم علىٰ نفسك؛ فربَّما تستطيع قيامَ الليل طويلًا بقرائتك الخاشعة وتختم في خمسة أيام وغيرك يتعب من الإطالة في الصلاة لكنَّه يستطيع ختم القرآن في ثلاثة أيام؛ وهكذا الجهود متفاوتة والعملُ واحد ورمضان لا يميِّزُ أحد. فهو رحمةٌ فوق رحمة وخيرٌ فوق خير، والنيَّة فيه زكيَّة والأعمالُ فيه روحانية والضياء فيه عظيم والرَّواء منه ندي، فتلمَّس هذا كلَّه وأعِد ترتيب نفسك وجاهد بما يلامس قلبك ولا تبخس القليل وسارع في الكثير، واحرص عليه بالسَّاعات فلا ضمان على الأيَّام.

أحبُّ الاقتداء الحسَن وأبغضُ التّقليد المخيِّب للآمال، والعبادة الموسومة بالإخلاص كفيلة بالوصول وكفيلةٌ بالتسابق وكفيلةٌ بالظفر مهما كانت أعداد الختمات ومهما كانت الركعات، يقول ابن الجوزي رحمه الله : "الإخلاص مِسْكٌ مصونٌ في مَسكِ القلب، ينبه ريحه علىٰ حامله؛ العمل صورة والإخلاص روح؛ إذ لم تخلص، فلا تتعب، لو قطعت سائر المنازل في الحج لم تكن حاجًّا إلَّا بشهود المَوقف". فعِش مع العبادة الخاصَّة بك في رمضان عيشَ الكرام المخلصين المرتحلين من الدُّنيا إلىٰ الجنَّة وسابق الناس بعدل يليق بك ولا تحمل همَّ فلان أحسن منِّي، فكتابك أنت وعملك أنت وجهادك أنت وطاقتك أنت ورمضان يفتحُ ذراعيه لأجلك أنت. فتلمَّس الحقوق وعِش رمضانك

أسأل الله لي ولكم فلاحًا رمضانيًا، وإخلاصًا وقبولًا، ورحمةً ونور».

-
"كيف أحفظ القرآن الكريم، وأجعل الحِفظ مُتقَن؟"
قُمنا بصياغة هذه النَّصائح الَّتي ستفيدكم وتعينكم -إن شاء الله- على حفظِ القُرآن الكريم في هذا المُنشور، سائلين الله تعالىٰ لكم النَّفع والبَركة، ولنا القُبول والأجر
ــــــــــــــ
بدايةً:
= حفظ القُرآن هدف جزئي، ومعرفة جواب "لماذا أحفظ القرآن"؟:

• حفظ القرآن هدف جزئي:
فأنتَ تسعىٰ من خلال هذا الهدف العظيم -حفظ القُرآن- إلى تحقيق هدف أعظم وهو: "مصاحبةُ القرآن".
فمثلًا: من يتدبَّر الآيات وهو حافظ لها ليس كمن يتدبرها وهو يقرأها من المُصحف.
فتصبح بحفظك أكثر مُلازمةً للقرآن.
وتكفيك لِذَّة القِراءة من محفوظك متىٰ وأينَما وكيفما شِئت.

• معرفةُ جواب "لماذا أحفظ القُرآن؟":
وجوابه مرتبطٌ نوعًا ما بالنقطة السَّابقة، فأنت عليك أن تعدِّد نياتك في حفظ القرآن الكريم.
واستحضار هذه النيَّات بشكل دائم يُعتبر دافعًا كبيرًا لمُواصلة الحفظ بهمَّةٍ عالية.

ثانيًا:
= خطةٌ واضحة، وطريقة واضحة، شيخٌ مُتقن ورفيقُ حِفظ:

• خطة واضحة:
من يسيرُ في درب الحفظ بخطةٍ واضحة أفضل ممَّن يسيرُ سيرًا ضبابيًا بلا خطة.
اجعل لك خُطة واضِحة ومرنة، تحدد فيها تاريخ البداية والنهاية.
مع وضع خطة شهرية وأسبوعيَّة إضافة إلىٰ السَّنوية، لتعرف مِقدار حفظك اليومي والأسبوعي والشَّهري.

مهم: ‏لابد من أن تحتوي خطتك على ثلاث ركائز أساسيَّة:
١- الحفظ الجديد:
مِقدار لم يسبق لك حفظه، "قليل دائم خيرُ من كثير منقطع".
٢- تثبيت الحفظ الجديد:
وتثبيته بِتكراره، وكلَّما زاد عدد مرَّات التَّثبيت كان الحفظ أكثر رسوخًا.
٣- المُراجعة:
وهو مرورٌ سريع علىٰ المحفوظ السَّابق، من فترة لأخرىٰ "المُعاهدة".

‏• طُرُق الحفظ:
لابد أن تعرف طريقة الحفظ التي تناسبك..
ومن طرق الحفظ:
١- قراءة الجزء المُراد حفظه مرارًا وتكرارًا، حتَّىٰ تبدأ تدريجيًّا بتقليل نظرك للمُصحف.
٢- الاستِماع للآيات حتىٰ ترسخ.
٣- كتابة الآيات.
٤- الحفظ بمُجرد النَّظر للآيات، و"تصويرها" في الدماغ، فترسخ فيه.
[-قد تناسبك أكثر من طريقة-].

‏• شيخٌ محفِّظ/ رفيق الحفظ:
صعبٌ جدًّا أن تحفظ وتُسمِّع محفوظك بمفردك… حاول أن يكون معك شيخ يتابعك ويُسمِّع لك ولو علىٰ فترات متباعدة…
وإن تعذر ذلك فلا أقل من أن تتَّخذ رفيقًا تشدَّان عضد بعضكما، وتتبادلان التَّحفيز والتَّشجيع.

ثالثًا:‏
= وقت خاص، ومكان خاص، ومصحفٌ خاص:

• وقت خاص:
استقطِع من يومك وقتًا خاصًّا واجعله وقتًا مُقدَّسًا تحفظ فيه كلام الله ولا تتنازل عنه إلَّا بعذر قاهر.
وأخبر من حولك بهذا الوقت كي تتجنَّب مقاطعتهم لك فيه.
واختر وقتًا تكون فيه صافي الذهن (قبل الفجر/بعد الفجر/ بين العشائين…).
- هذا الوقت يعتمد علىٰ مقدار المحفوظ اليومي وسرعة حفظك.

‏• المكان:
اختر مكانًا خاليًا من المُلهيات، وبعيدًا عن الضوضاء قدر الإمكان.

• طبعة واحدة:
من الجيِّد أن تلتزم طبعة واحدة ثابتة في مشوار حفظك، لأن مكان الآيات يختلف من طبعة لأخرىٰ، فتجنبًا للتَّشتت التزم بطبعة واحدة.

‏رابًعا:
= أهميَّة كلٍّ من: علمُ التجويد، التفسير وفهم المعاني، والاستماع والتِّلاوة:

• علم التجويد:
يجب على الحافظ قبل الشُّروع في الحفظ أن يكون ملمًّا بأساسيات علم التجويد -علىٰ الأقل-، لكي لا يقع في اللُّحون الَّتي يصعب تعديلها بعد ثبات الحفظ.

• التَّفسير وفهم المعاني:
ممَّا يعين علىٰ الحفظ: فهم معاني الآيات ومعرفة تفسيرها ولو بشكل مبسَّط.

• الاستماع والتِّلاوة:
ممَّا يُساعد علىٰ الحفظ: كثرة الاستِماع والتِّلاوة مع التَّركيز وحضور الذهن.
خصص لك وردًا لاتتنازل عنه.

خامسًا:
= معالجة الفُتور، وخطورة المقارنة:

• معالجة الفتور:
إن أصابك فتور فعالِج هذا الفُتور بتقليل ورد الحِفظ وليس بتركه بالكُليَّة… "لا تتوقف"، وحاول أن تُعيد همتك في أسرع وقت بأي طريقة.

‏• لا تُقارن:
لا تُقارن قدرتك في الحفظ مع قدرات غيرك، فقد تختلف الطَّاقات والقُدرات، فالزَّمن الذي تستغرقه في حفظ نصف صفحة قد يستغرقه آخر في حفظ صفحتين وثالث في حفظ نصف صفحة.
تأكَّد أنها مواهب من الله، ولكن لا يقعدك هذا عن زيادة قُدرتك في الحفظ وتطويرها.

‏أخيرًا:
= الدُّعاء:
اولُ سلاحٍ وأقوىٰ معين لك في مشوارك هذا هو الدعاء، لا تبرح باب الله، اسأله أن يبلغك يوم الختم، وأن يثبت آياته في صدرك إلىٰ يوم يقال لك "اقرأ ورتل وارتق"، واسألهُ الإخلاص والعَون والقوَّة والصبر.
ـــــــــــــــــــــــ
نسألُ الله أن يجعلها خالصةً لوجهه الكريم وأن يتقبَّلها عنده ويكتب لها القبول بين طلاب العلم ويجعلها محفِّزة لهم، وأن ينفعنا بها جميعًا، وأن يرزقنا وإيَّاكم الهُدىٰ والسَّداد، وأن يتجاوز عمَّا كان فيها من تقصير وسهو وزلل.

-
جاءَ في مُقدمَّة مخطوطة للزمخشري بِعنوان "رسالة في التَّسلية لمن كُفَّت عينُهُ" بعد بسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم: "زادكَ الله استبصارًا في مُعتقدك ودينك، واستِبانةً لمراشد إيمانك ويقينك. وملأ أحناء صدرك نورًا ساطعًا وأطواء ضميرك حقًّا ناصعًا. وجعلك من الَّذين يُبصرون ما هُوَ أخفى من السُّها، بعيونِ الألباب والنُّهى. وعوَّضك من شُعاع ناظرك المُنطفي، وإدراك بصرك المنتفي، ببصيرةِ تنفذ فيما لا ينفذ فيهِ أحد ناظر، ولا يبلغ مطامحها لمحُ باصر. وألهمك الصَّبر على إظلام ذلك السَّواد، وأوزعك الشكر على إضاءة سواد الفُؤاد، فإنَّ من قاسمه الله في شيئين فأصابه في القِسمة أعظمها منتفعًا وأكثرهما مستمتعًا، وأعزَّهما نقدًا، وأوراهما زندًا، وأعذبهما وِردًا، لحقيقٌ أن يشكر على تلك القِسمة، ويسجد لمولى تِلك النِّعمة، وحسبُ العبد أن الله قسمه فخرًا، وكفاهُ ما اذخر الله عندهُ ذخرًا".
ثمَّ كتب بعدَها في التَّسلية: "اعلم أنَّ الإنسان بقلبه كما النَّخلة بقلبها، والقلبُ بلبِّه كما أنَّ النواة بلبَّها، وما عدا ذلك فهو بالقِياس إليه قشر قليل الجدا، تباينهما كتباين نداء المصَوِّت والصَّدى. ومعلومٌ أنَّ المُصاب ببصره ضَبطُه أقوى وأبلغ، وحفظه أوفى وأسبغ، وقلبُه أشد اجتماعًا، وأُذُنه أصح استماعًا، وقريحتُهُ أصفى وأنصع، وخاطِره أسلس وأطوع، وذَكاؤه ألهَب، وفكرُه في كل معنى أذخب، ولبَّه أحصف، وعقله للزجاجة أوصف، ولسانُه أحدُّ وأذرب، وبالتصرُّف في المحاورات أدرب، كأنَّ ما أخذه من إبصاره ردَّهُ في استبصارِه، وما استرجعَهُ من ناظريه، أمدَّ به أصغريه، فكأنَّ مابه الإنسان إنسان أثبتُ فيهِ قدَمًا وأمكن، وأشدُّ استقرارًا عليهِ وأسكَن".
وجاء فيها أيضًا: "وَاعلم أنَّ الله لم يقيِّض لعباده بليَّة من البلايا، ولا أصابهم برزيَّة من الرَّزايا إلَّا مشفوعة بمنَّة حسيمة، ومضمومةٌ إلى نِعمة عظيمة. ومن أحقِّ النعم الَّتي شُفعت بهذه البليَّة، وأولاها بأن يفتتِحَ اللَّبيب بذكرها ويُطنب في شكرها أنَّ وجوهَ أكثر أبناء هذا الزَّمن الأهوج، وصور جل أهل هذا القَرنِ الأعوَج، قَد صارت محجوبة عن نظرك، وضُرِبت الأسداد بينها وبينَ بصرك، فإنها لعمر الله الصور الَّتي ليس للكرَم عليها معرج، ولا لِعيون الأخيَار في رُؤيتها مُتفرَّج، والوجوه الَّتي دُمغت باللؤمِ أدَماتُها، وسُلِخت بالهجاء سحكاتها، ونضب عن أسرتها الحَياء فلم تبقَ فيها مِنه قطرة، وهربَ منها النُّبل ونسيَها فما يخطر بباله خطرة، وفقدت السيماء الَّذي يلوح ضياؤه على وجوه الأحرار، ويقدر مَاؤها من خدود الأبرار، كأنَّها لوقاحتها وتخليجها حوافر الأعيار، أو صُم الأحجار" وقد أوجز الكاتب هذهِ الرسالة دون هذر؛ بحُسن استدلال في اللغة، وبلَّغها دون مُبالغة، ولو وجد الإكثار أبلغ والإيجاز عيًّا؛ لأكثر. وخيرُ الأمور أوسَطها.

-
لقدَ لقيت أمِّي عائشة في قلبي مقَامًا عظيمًا لم تسبقها إليه من أزواجِ النَّبي -صلَّىٰ الله عليهِ وسلَّم- إلا أمِّي الطَّاهِرة خَديجة -رضيَ الله عنهما-. ولهَا النَّصيبُ الأوفىٰ بعدها من حُبِّي لأزواجِه صلواتُ ربِّي وسلامهُ عَليه ثم تعقبها أمَّهات المُؤمنين. كَانت أعقَل النِّساء من النسَاء، وأوفرهُن حِكمة وأقربهن لرسول الله -صلَّىٰ الله عليهِ وسلَّم- وأحبهن¹، أكثرهن فهمًا له²، وأكثر من ترجو قُربه³. وأعظم ما يجذبني في سيرتها -رضيَ الله عنها وعلَّمني ممَّا علمها- عنايتها به صلَّىٰ الله عليهِ وسلَّم وبأحواله وأدبها الجم مَعه، وحُسن خلقها بين يديه، وتودُّدها إليه وغيرتها عَليه. أحببت النَّص الَّذي علَّقت به دلال العمودي على أدبها -رضيَ الله عنها- مع زوجها -صلَّىٰ الله عليهِ وسلَّم-، فقالت: "مِن الصُّور الَّتي أُكبرها في سيرة أمِّي عائشة -رضي الله عنها-؛ حُسن حديثها وتأدُّبها في حضرةِ زوجها ﷺ علىٰ ما كانت عليه من علمٍ وفقهٍ وذكاء، بل وتأدُّبها إنَّما هو صنو هٰذا الذكاء الفريد؛ أتأمَّل في غضبها وقول حبيبنا المصطفىٰ ﷺ: «إنِّي لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَىٰ قالَتْ: فَقُلتُ: مِن أيْنَ تَعْرِفُ ذٰلكَ؟ فقالَ: أمَّا إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، فإنَّكِ تَقُولِينَ: لا ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَىٰ، قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْراهِيمَ» وأبتسمُ إذا بلغتُ ردَّها وجمال منطوقها -رضي الله عنها- «أجَلْ واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، ما أهْجُرُ إلَّا اسْمَكَ» وما أجمل هٰذا وأبهاه؛ أن تكون نبتةُ البيوت مرويَّة بماء التَّناغم والإعذار والاحتِرام؛ سيما عِند الإختلاف، وبِذا تُعرف أحوال الأنفُس وهيئات القُلوب".
رضيَ الله عنها وعن جميعِ أمهات المُؤمنين. وإنَّ جُل ما أسعىٰ إليهِ ترسيخُ هذه المعاني الشريفة الَّتي قام عليها هذا الحُب، وقامت بها بيوت أزواجِ النَّبي صلَّىٰ الله عليهِ وسلم -جُعلت فداهم وجمعني الله بهم في جنَّاته- سيما بيتُ عائشة في نفسي؛ لعلني أتمُّ ما امتنَّ الله بهِ عليَّ من سابغ علمٍ ونفع، فاللهمَّ كما أنعمت تمِّم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[¹] لما سئل: أي النَّاس أحب إليك؟ قال: عائِشة، قيل: مِن الرجال؟ قالَ: أبوها.
[²] «.. فرأيته ينظر إليه -أي: إلىٰ السواك- وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار صلىٰ الله عليه وسلم برأسه أن: نعم. فتناوله، فاشتد عليه، فقلت: أليّنُه لك؟ فأشار صلىٰ الله عليه وسلم برأسه أن: نعم. فليَّنتُه.
[³] «فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثرَ عليك أحدًا..».

-
﷽. باسمِ الله أقرَأ، أنقلُ، أكتب، أتعلَّمُ وأعلِّم. باسمِ الله أعمل
باسمِ الله؛ مُصاحبة لاسمِ الله علىٰ وجهِ المحبَّة، وعلىٰ وجهِ الاقتِراب، وعلىٰ وجهِ المُؤانسة، وعلىٰ وجهِ البَركة
باسمِ الله علىٰ وَجه الطَّاعة لأمرِ الله؛ بالامتِثال لأوامر رسولِ الله، والإقتداءِ به ﷺ ‏حيث قال: "كل أمرٍ ذي بال لا يَبدأ باسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم فهو أقطع"..
باسمِ الله منهج حياة، وبدون اسمهِ لا بركة ولا حيَاة
باسم الله طوق النَّجاة لسفينتي وحياتي، [بسمِ الله] نجَت واستَوت مهما صارعتها الأعَاصير والطَّوافين.. ﴿بِسْمِ اللهِ مَجْرْاهَا وَمُرْسَاهَا‏﴾.
﷽. والصَّلاة والسَّلام علىٰ نبيِّنا الأمين، أمَّا بعد:
الحمدُ لله الَّذي منحنا هُنا منبرًا. مساحةً ننقش فيها ممَّا منَّ علينا ففهَّمنا؛ ونغرس فيها فسيلتنا، ولا مبتغىٰ لنا منها إلَّا وجهه تبارك وتعالىٰ، ولانرجوا حصادًا إلَّا حبًّا منه ورضىٰ
ونسألُهُ بلاغ التَّوفيق والقبول.