"لبسكم، تصرّفاتكم، حتّى تليفوناتكم، حتّى الحالات والكلمات إلّي تكتبوها بتليفوناتكم، بينوا انتوا تابعين فقط لله ورسوله، ما تابعين لأنظمة سياسيّة لو لكيانات سياسيّة، الدّين مو هذا! الله العالم، والله يحفظ الشيعة وين ما كانوا.."

-أحد فُضلاء الحوزة العلميّة وأساتذتها.

• أزمَــةُ أولـــويّــات..!

عَظُمَتْ زِيارةُ أبِي عبد الله الحُسَينِ (صَلَواتُ اللّٰهِ عَليهِ) في نفوسِ مُحبّيهِ لِما فِيها مِن الفضلِ والشّرف ممّا لا يمكنُ حصره وتبيان حجمه حتّى باتَ كونها "زيارة مليونيّة" امرًا غير محصور بزيارةِ الأربعين العظيمة بل تعدّى لكلّ الزِيارَات المُستحبّة ومِنها وأهمّها زيارة يوم عرَفة المُقبلين عليها -إن شَاء الله- وَكُنتُ قَد وُفّقتُ لَها العَامَ المَاضِي وَرأيتُ بعض المشاهد أثارَت حَفيظَتي وحَزّت بنَفسِي كَثيرًا وَقد لاحظنهَا معي ثلّة مِن المؤمنات العزيزات الّاتي أفخرُ بِهنّ كثيرًا وبعضهُنَّ تكلّمن عن الموضوع فِي حِينها وَاودُّ أن أشيرَ لبعضِ هذهِ المَواقِف لا من بابِ الانتقادِ والانتِقاص - فَحَاشا للّه أن أنتقِصَ من نساءٍ أُحسِنُ الظنّ بإيمانهنّ، تكبدنَ مشقّةَ زيارةِ أبي عبدِ اللهِ الحُسَينِ (صَلَواتُ اللّٰهِ عَليهِ) فِي جوٍّ حرّهُ لاهِب، مِن طُرقٍ وعِرةٍ بعيدةٍ محفوفة بحوادثِ السَّير وَوقعنَ فِي بعضِ المحاذيرِ غفلةً منهنّ أو سهوًا-؛ بل من بابِ تذكرةٍ لعلّي اَنتفعُ بِها قبلَ غيري:

المشهدُ الأوّل: في وقتِ الظهيرةِ أشتدَّ الزُحام في الطُرق ِالمتّجهةِ مِن حرمِ أبي الفَضلِ العَبّاس (عَلَيهِ السَّلام) إلى ضريحِ أبي عبدِ الله الحُسَينِ (صَلَواتُ اللّٰهِ عَليهِ) لكون منطقة بينَ الحرَمين أغلِق بعضها تهيُّؤً لآداءِ الصَلاةِ وَعجِبتُ مِن أنّ عددًا ليس بالقَليل اقتحمنَ مناطِقَ الزّحام متدافِعاتٍ مع الرِجال بُغيةَ الوصُولِ للحَرَمِ الشّريف فِي منظرٍ لا يُرضِي أبِي عبد اللهِ (عَلَيهِ السَّلام) بل لعلّه يُغضبهِ (بِأبي هوَ وأمّي)؛ لمَا فيهِ من انتفاءٍ للحشمةِ وَالوقارِ والعفّة..

المَشهدُ الثاني: أثناء الصلاةِ الّتي أقيمت بين الحرمَين الشّريفين كانَ صفًّا من النِساء يُصلّي خلفَ صفِّ الرِجالِ بصورةٍ عشوائيّة غيرَ منتظمة لا تمتُّ بِصلةٍ إلى صفوفِ النساء الّتي تُشرفُ على تنظيمها شعبةُ التبليغِ الدينيّ في العتبةِ الحُسينيّة وبعيدًا عن العشوائيّةِ شَذَّ هذا الصّف بعدمِ وجودِ مسافةٍ بينهُ وبينَ الصفّ الأخيرِ للرجال والأدهى من ذلكَ والأمرّ اِضطرارُ بعضِ الرجال للصلاةِ خَلفهُن!! وقد تكررّ هذا المشهد في صلاةِ الظهرِ في يومِ عرفة ويومِ العيد ومن قبلهما يومَ العاشرِ من محرّم - وفي هذا اليوم كنّ مجموعاتٍ متفرّقة لا صفًّا واحدًا وقد اضطُرّ الرِجال للصلاةِ خلفهن استعجالًا قبل بدءِ مراسمِ ركضةِ طويريج -

أقولُ وَ"اَلقَولُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الْأَشيَاءِ قَولُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا وَ مَا أَعلَنُوا،وَ فِيمَا بَلَغَنِي عَنهُم وَفِيمَا لَم يَبلُغنِي":
ينبغي للمؤمنةِ مُراعاةُ مقتضياتِ العَفاف في كلّ زَمانٍ ومَكانٍ وترتيبُ أولويّاتها بحيث لا يُزاحمُ العمل المُستحبّ عَملًا واجبًا وعلى رأسِ هٰذهِ الأولويّات تجنُّبُ مُزاحمةِ الرجالِ بغضّ النظرِ عن الغايةِ وَمدى سموَّها وشرفها واليقينَ بأنّ الإمام عليهِ السّلام حيٌّ عندَ ربّه يسمعُ مقالنَا ويرى مقامَنا ويردّ سَلامنَا؛ فحذارِ من أن يرانا بموقفٍ لا يُحبّ أن يرى فيهِ امرأة مواليةً مُؤمنةً من شيعتهِ..

رَزَقَ الله المؤمنينَ وَالمؤمنات زيارةَ سيّد الشّهداء (عَلَيهِ السَّلام) وَلا حرمهُم شَفاعتهُ وَمنَّ عليهُم بِالعفّةِ والحياءِ والتَوبةِ والإنَابة.

- نُورُ الهُدَىٰ: ١٤ ذ.حج ١٤٤٥هـ

? كَربَلَاءُ المُقَدَّسَة، يَوم عَرفة ١٤٤٥هـ: النّص في الصّورة بخطِّ سَمَاحَة السَيّد عَلاء المُوسويّ (حَفظَهُ اللّٰه)

#وَلَهُنَّ_مِثلُ_الَّذِي_عَلَيهِنَّ_بِالمَعرُوفِ

وصيّتان جديرتان بالتأمل

لقد أوصى الإمام الباقر (عليه السلام) وصايا متعددة وكلها مهمّة، إلا أن من أبرز تلك الوصايا وصيّتين..

الأولى: أوصيك بأصحابي خيراً.

لقد اهتم الإمام الباقر (عليه السلام) بأصحابه في حياته اهتماماً بالغاً، وفي كافة الجوانب، في العلم والفقه وغيره، وها هو لا يفارق الدنيا الفانية حتى يوصي ولده بهم، فجاء في الحديث الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما حضرت أبي (عليه السلام) الوفاة قال: يا جعفر، أوصيك بأصحابي خيراً، قلت: جعلت فداك، والله لأدعنّهم والرجل منهم يكون في المصر [أي: المدينة] فلا يسأل أحداً. الكافي ج1 ص206.

فالإمام الباقر (عليه السلام) يوصي ابنه، والابن (عليه السلام) يتعهّد بتنفيذ الوصيّة، كلّ ذلك حرصاً على أولئك الأصحاب الذين هم خيرة من على الأرض بعد أئمتهم، وهم حَمَلَة الحديث ووعاته والعالمون العاملون به.

وقد أقسم الإمام الصادق (عليه السلام) بالله تعالى أنه لا يترك أصحابه يضطرون إلى سؤال غيره.

الثاني: نوادب تندبنني بمنى.

روى يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي أبي: يا جعفر، أوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تندبنني عشر سنين بمنى أيام منى. تهذيب الأحكام ج6 ص358.

لم تكن هذه الوصية المباركة إلّا أسلوباً ذكياً معصوماً يرجى من ورائه إبراز ظلامته (عليه السلام) وإيصالها إلى أبعد نقطة في البقعة الإسلامية من خلال الحجاج والمعتمرين، فإن اختيار خصوص أيام منى له بُعد إعلاميّ مهمّ حيث تكون منى مكتضة بالحجيج، ويكون مدعاة لسؤالهم ومعرفتهم بصفات الفقيد الذي تندبه النوادب وتذكر مآثره وفضائله.

والندبة هذه لم تكن لسنة واحدة، وإنما لعشر سنين، وهي طريقة إعلاميّة لم تكن مألوفة آنذاك، فيكون تأثيرها بالغاً وكبيراً.

- السيّد أسعد القاضي

Telegram

السيد أسعد القاضي

وصيّتان جديرتان بالتأمل لقد أوصى الإمام الباقر (عليه السلام) وصايا متعددة وكلها مهمّة، إلا أن من أبرز تلك الوصايا وصيّتين.. الأولى: أوصيك بأصحابي خيراً. لقد اهتم الإمام الباقر (عليه السلام) بأصحابه في حياته اهتماماً بالغاً، وفي كافة الجوانب، في العلم والفقه…

"إنّ المرحوم الشيخ عليّ كانَ وجهًا نقيًّا من بين الوجوه الّتي عايشتهم النجف الأشرف وحوزتها، فهو «أحد الأبرار والأبدال ومن الأتقياء والنسّاك، وكان يأتمّ به خلق كثير من أهل التقوى والصلاح، ولم يُرَ إلّا ذاكرًا. يقول أحد المقرّبين له: كنتُ أزوره في داره في بعض الأحيان فأراه رجلًا ناسكًا متعبّدًا، وكلّما ازددت قربًا منه زدتُ وثوقًا به».

من هذا الرجل المؤمن الورع انحدر شيخنا الجليل الشيخ حسين الحلّيّ، وهو أصغر ولديه.

والأكبر منه الشيخ حسن كان فاضلًا وشاعرًا، عرفته الندوات الأدبيّة من الشعراء اللامعين، «فقد أجاد وأبدع وساجل وطارح حتّى صقلت مواهبه وذاع صيته».

والأصغر شيخنا الجليل آية الله العظمى الشيخ حسين الحلّيّ من مواليد ١٣٠٩هـ في النجف الأشرف، وعاش في ظلّ والده عليّ يتنقّل معه في مجالس العلماء والوجهاء، ويرتاد مع أخيه الشيخ حسن الّذي يكبره بأربع أو خمس سنوات مجالس الأدب والشعر، فقد عرّفته بعض المصادر بأنّه: «من نوابغ عصره... شديد المُلازمة لحضور نادي السيّد محمّد سعيد الحبوبيّ الّذي كان من أزهى الأندية العلميّة الأدبيّة الّتي لها تأثيرها الخاصّ في التوجيه والتربية، وبثّ روح الفضيلة، وصقل الأفكار والقرائح»..".

"اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّجافِي عَنْ دارِ الغُرورِ، وَالإنابَةَ إِلى دارِ الخُلُودِ، وَالاِسْتِعْدادِ لِلْمَوْتِ قَبْلَ حُلُولِ الفَوْتِ".

إنَّها الدَّواء لكُلِّ داءٍ أخلاقيّ،
ووصفةٌ تسمو بالرُّوح..