إن امرأةٌ تعد نفسها خادمةً لأبناء زوجها، بل وتجعل من هذا شرطاً لموافقتها على الزواج، وتتخلى حتى من إسمها فتطلب من زوجها بأن لا يناديها باسمها (فاطمة)، شفقة عليهم لئلا ينكسر قلبهم عند تذكر أمهم، وكأنها تريد القول بأن هذا الإسم أكبر من ابنة حزام، ولا أجد نفسي لائقة له، فهو لا يليق إلا بأم أبيها "ع"، ثم تطلب من أولادها، وخصوصاً أكبرهم (أبي الفضل) بأن لا ينادي أخاه الحسين إلا ب (سيدي)، وبقي كذلك حتى استشهاده بين يديه وكم كان مشتاقاً إلى هذه الكلمة (أخي يا حسين )وكم كان يمني نفسه بها، فحبسها إلى أن اجتمعت مع أمنيته الأخيرة بشهادته بين يدي أخيه. . .
وتمضي هذه المرأة فتقضي حياتها عطاء وشرفاً في خدمة أبناء زوجها، ثم تترجم هذا العطاء بتقديمها أولادها قرابين بين يدي أبي عبد الله الحسين "ع" .
بعد هذا كله ليس كثيراً على الله الكريم أن يجعلها و ولدها باباً للحوائج، ثم يأتي الوفاء من سيدة النساء رافعة كفّي أبي الفضل مطالبةً بحقهما على رؤوس الأشهاد

**إن كنتَ في عسرٍ ولم تلقَ المُعين
‏فاقصد لبابٍ لا يردُّ الطالبين

‏ولتتلُ فاتحةَ الكتابِ مُرتّلًا
‏واهدِ الثوابَ لفاطمٍ أمِّ البنينْ**

وفاء أم البنين زلزل الحقيقة في قلب ابن حذلم وجعله حائرا بالحسين ...
هل هو أبن فاطمة بنت محمد ؟
أم ابن فاطمة بنت حزام ؟

وَاعْمُرْ لَيْلِي بِإِيقَاظِي فِيهِ لِعِبَادَتِكَ، وَتَفَرُّدِي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ، وَتَجَرُّدِي بِسُكُونِي إِلَيْكَ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ

الليالي الفاطِمية، فُرصةٌ لأن تلتحقَ بِمُحبّي السِّيدة الزَّهراء، فُرصةٌ لأن تكونَ فاطميًا، فُرصةٌ لأن تنالَ نظرةً خاصةً مِن قِبلها، فالإهتمام بهذه الليالي، والتألم لِتلكَ المظلومة الشَّهيدة، يوطدان علاقتنا معها، ولو سَألنا بعض مُحبّيها، عن سببِ إرتباطهم بها، لقالوا لنا: (إن إلتحاقنا بصفوفِ مُحبّي "السِّيدة الزَّهراء" كانَ بسببِ الليالي الفاطمية)!.

وَلا أَقُولَ: لِمَ وَكَيْفَ وَما بالُ وَلِيِّ الأمْرِ لا يَظْهَرُ وَقَدْ امْتَلأتِ الأرْضُ مِنَ الجَوْرِ، وَأُفَوِّضُ أُمُورِي كُلَّها إِلَيْكَ.

لو تأمل العبد في إعجاز بقاء حياته ، وحفظ الله تعالى له ، بصرف الحوادث القاتلة ، والتي قد تغيب عنه ، لرأى أنه يعيش موتاً متكررا في كل آناء حياته ، واستشعر شكر من استُوهب الحياة بعد الممات ، وما يلزمه من الخجل ، والعمل بما يرضي به المنعم

إِنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي طَمِعَ بِهَا شَمْرَ مُقَابِلَ رَأْسِ ، اَلْحُسَيْنُ لَمْ يَنَلْ مِنْهَا إلَّا خِزْيٌ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ .

كُنْ حُسَيْنِي الْمَبْدَأَ

تَرَبُّحُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ