ويمكن أن يكون الدليل دالا على ثبوت المحمول للموضوع، ودليل وثاقة ثبوت المحمول للموضوع هو دليل آخر ( كما تقول دليل الحدوث يدل على أن الله سبحانه وتعالى موجود، اما دليل كون ذلك الوجود يكون على سبيل الوجوب فهو برهان آخر وهو برهان منع التسلسل)، فالدليل الواحد قد يكون دالا على مطلق ثبوت المحمول للموضوع وعلى مدى وثاقة ذلك الثبوت، وقد يكون دالا على مدى وثاقة ثبوت محمول لموضوع ثبت بدليل آخر كالأمثلة الموجودة.
وهل يمكن أن يكون الدليل الواحد يدل على ثبوت أكثر من محمول للموضوع ام لا، هذا ما ساتكلم عنه في ما بعد بإذن الله سبحانه وتعالى.

فائدة: التقليد وجهة خلاف العلماء فيه وجهة اتفافقهم وعلاقته بمواد القضايا والكلام على التصديق.

كل قضية فإن نسبة محمولها إلى موضوعها لا بد أن يكون في نفس الأمر ثبوت المحمول للموضوع اما واجب او ممكن أو ممتنع، وحتى يكون تصديق الإنسان صحيح لا بد أن يكون مطابقا لما في نفس الأمر، فمثلا قولنا ( الله موجود ) فهنا نسبة الوجود لله تعالى لا تخلو اما أن تكون واجبة او ممكنة او ممتنعة، وهي واجبة كما تعلم، واعلم أن البراهين التي يضربها العلماء إنما هو للتعرف على ثبوت المحمول للموضوع وعلى مدى وثاقة ثبوت المحمول للموضوع، فمثلا قولنا ( الجسم ممكن ) هنا هذه نسبة إمكان الوجود للجسم لا تخلو عن تلك المواد الثلاث ( الوجوب والجواز والامتناع ) فدليل الحدوث يدلنا على ثبوت الإمكان للجسم ويدلنا على أن نسبة إمكان الوجود للجسم هي نسبة واجبة والتصديق يحصل بمجرد أن يدل الدليل على ثبوت المحمول للموضوع، وليس يشترط في حصول التصديق معرفة مدى وثاقة ثبوت المحمول للموضوع.

ومنطلق الخلاف في مسألة التقليد (( يجب أن يكون )) ، بعد اتفاق الكل على أنه يجب أن يكون التصديق بثبوت محمولات العقائد لموضوعاتها على سبيل الوجوب كما تقول الله موجود، سيدنا محمد صادق، الله متكلم، حشر الأجساد حق، أو على سبيل الإمكان كما نقول - الجنة موجودة _ اي ثبوت الوجود للجنة ممكن ليس ضروريا بمعنى انه يمكن أن تعدم وان كانت هي موجودة باقية لأن الله سبحانه وتعالى أراد ذلك، أو يصدق بانتفاء المحمول عن الموضوع كما في قولك الله تعالى معدوم فثبوت العدم للباري ممتنع في نفس الأمر ( وإن كان هذا ليس تصديقا في اصطلاح المناطقة كما سأبين لكن لا يهمنا الاصطلاح الآن) ، فالتصديق بهذه الأمور يجب أن يكون مطابقا لما في نفس الأمر، والاختلاف يجب أن يكون في انه هل يجب معرفة دليل وجوب ثبوت المحمولات للموضوعات ام يكفي ان يعتقد بثبوت المحمول للموضوع على سبيل الوجوب؟ نعم الكل متفق على أن من يعتقد بأن نسبة الوجود لله سبحانه وتعالى ممكنة اي الوجود جائز لله تعالى فهو لا حظ له من الإيمان، والظاهر في كتب العقائد انهم يتكلمون عن هذا الشيء الذي ذكرته بأدنى تأمل، ويظهر من الكلام الذي ذكرته ان الخلاف بينهم يتصور على ثلاث مذاهب: ( الأول: القائل بكفاية التقليد مطلقا فيصدق بوجوب ثبوت المحمول للموضوع في المحمولات الواجبة الثبوت ويعتقد بإمكان ثبوت المحمولات للموضوعات الممكنة الثبوت... الخ، الثاني: القائل بأنه لا بد من معرفة دليل ثبوت المحمول للموضوع مع التصديق بوجوب ثبوته في المحمولات الواجبة الثبوت وبإمكان ثبوته في المحمولات الممكنة الثبوت كما نقول الجنة موجودة، فثبوت الوجود للجنة ممكن... الخ لكن يكفيه في ذلك الدليل الاجمالي، الثالث: القائل بضرورة معرفة وثاقة ثبوت المحمول للموضوع بالدليل ولا يكفي فيه التصديق فقط وهذا قول من اشترط على الناس تعلم العقائد ومعرفة المصطلحات وكلفهم فوق طاقتهم، والذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة هو القول الثاني كما تجد هذا في كتب العقائد، فالكل متفق على ضرورة التصديق بوجوب ثبوت المحمول للموضوع وإنما الخلاف كما صورته، والقول الثالث باطل لأنه من باب تكليف ما لا يطاق إذ بليد الذهن كيف له أن يعرف تلك الأدلة الدقيقة، نعم القول الثالث يجب على الكفاية.

تنبيه:
لكن ليس كل تصديق يكون موافقا لما في نفس الأمر كما في قول احدهم (شريك الباري موجود) التصديق كما تعلم هو الاذعان بكون النسبة مطابقة للواقع، لكن هنا نسبة الوجود لشريك الباري جل جلاله ممتنعة كما عُلم ذلك من براهين الوحدانية إذ ثبوت الوجود لشريك الباري جل جلاله ممتنع، ولكن إذ اعتقد احدهم في هذه القضية ( شريك الباري موجود) إذا اعتقد ان النسبة ليست بواقعة اي انها ليست مطابقة لما في نفس الأمر فهذا لا يسمى تصديقا في اصطلاح المناطقة وان كان الأمر كما اعتقد في نفس الأمر، لذلك فإنه يجعل قضية أخرى ليوافق الاصطلاح فيقول ( شريك الباري لا يتصف بالوجود ) فسلب الوجود عن شريك الباري واجب، فإن اعتقد اعتقادا يقينيا بسلب الوجود عن شريك الباري كان اعتقاده موافق لما في نفس الأمر، وإن كان اعتقاده السابق ((وهو أن ثبوت الوجود لشريك الباري ممتنع)) هو اعتقاد صحيح لكن ليطابق الاصطلاح في التصديق يفعل ما ذكرت.

فالأدلة التي تورد في العقائد ينظر لها من وجهين: الأول لبيان ثبوت المحمول للموضوع او عدمه، ومن الجائز أن يكون الدليل الواحد يدل على ثبوت المحمول للموضوع او عدم ثبوته، وأيضا يدل على كون ذلك الثبوت او عدمه من اي مادة من المواد الثلاث، ( كدليل منع التسلسل دال على ثبوت القدم للباري جل جلاله ودال على كون ثبوته على سبيل الوجوب بمعنى امتناع الانفكاك)....

على هذه القناة https://youtube.com/@user-og1dc6gy3m?si=PEm-ylLEW47DoTPG سوف يتم رفع الدروس إن شاء الله سبحانه وتعالى، وقد تم اليوم الشروع بكتابي مغني الطلاب ومحاكمة الملحد ناوباي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الإخوة الكرام إن شاء الله جل جلاله سوف اقوم بشرح كتاب محاكمة الملحد ناوباي كما ذكرت في مقدمة الكتاب، فمن اراد ان يحضر هذه المجالس فلينضم للرابط أدناه، وإن شاء الله سبحانه وتعالى نتفق في قابل الأيام على موعد المجالس نسأل الله العظيم أن يتمم لي ولكم الأمور على خير وعافية.
https://t.me/asdgjkklvghjcfuk

سؤال : ما هو المعتبر في التصديق شرطا او شطرا؟
----------------------
الجواب: ( للسيد الشريف الجرجاني ):
لأن المعتبر في التصديق - شرطاً أو شطراً - هو تصوّر المحكوم عليه و تصور المحكوم به وتصوّر النسبة ،الحكميّة، وكل واحد من هذه التصورات تصور خاص مستفاد من القول الشارح إذا كان نظرياً، فيكون كل واحد منها تصوراً ساذجاً مقابلاً للتصديق ومندرجاً تحت مطلق التصور، فقد اعتبر في التصديق - شرطاً أو شطراً - التصور الذي اعتبر فيه عدم الحكم، فالإشكال باق بحاله.
والجواب أن يقال : إن عدم الحكم معتبر في التصور الساذج على أنه صفة له وقيد فيه، والمعتبر في التصديق هو ذات التصور الساذج لاصفته وقيده، فإن الموصوف إذا كان جزء من الشيء لا يلزم أن يكون صفته جزء منه.

حاشية السيد على شرح الشمسية