الجُمُعة : ١٢ صفر ١٤٤٦ ھ
﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا ﴾

سبحوا الله تحت الصواعق فإنها لا تُصيبُ مسبحاً

قال عَطاءً :
« الصّاعِقَةُ لا تُصِيبُ لِلَّهِ ذاكِرًا » (١)

وعَنِ ابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، قَالَ:
« مَنْ سَمِعَ الرَّعْدَ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، لَمْ تُصِبْهُ صَاعِقَةٌ »

حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عامر بن عبدالله بن الزبير أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ :
« سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ. ثُمَّ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ. » (٢)

كان الأسود بن يزيد النخعي إذا سمع الرعد قال:
« سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته » (٣)

___________
(١) المطر والرعد والبرق لابن أبي الدنيا : (١٢٧/١)
(٢) صحيح : أخرجه موطأ مالك - كِتَابٌ : الْجَامِعُ - الْقَوْلُ إِذَا سَمِعْتَ الرَّعْدَ 2839 (2/ 591)
(٣) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 216)، والطبري في ((تفسيره)) (7/ 360)، والطبراني في ((الدعاء)) (984).

الجمعة: ٥/ صفر ١٤٤٦ ھ
﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا ﴾

التوحيد مع الآمن

« فإذا وجد الشرك في بلد اختل هذا الأمن بقدر وجوده،
وإذا ضعف التوحيد في بلد ضعف الأمن بقدر ضعفه،
فلا بد من تحقق الشرط ليترتب عليه المشروط.

ومعروف أنه في زمن علي -رضي الله تعالى عنه- وجد شيء من الغلو به ،
ووجد من طوائف الغلاة الذي غلوا به وألَّهُوه من دون الله،
فلا بد أن يختل الأمن بسبب هذا ،
لا بد من أن يختل الأمن بسبب مثل هذا {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}
فمتى حقق التوحيد وانتفى الشرك حصل الأمن،
وإذا اختل شيء من هذا اختل الأمن بقدره
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} (١)
_____________(١) التعليق على تفسير القرطبي - عبد الكريم الخضير — [٢٠/١٢]

الجُمُعَة :٢٧ محرم ١٤٤٦ ھ
﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا ﴾

الأمن والأمان من الناس
والشأن على إطلاقه، ليس فقط الجار بل جميع الناس والرحِم والضيف ،
والعمل والدراسة والأعياد والمناسبات ، وكل مايُخشى فيه الغدر والبوائِق … ( هذه لك )

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ (١)

وقال صلى الله عليه وسلم : « والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول لله؟
قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه، قالوا يا رسولَ اللهِ وما بوائقه؟ قال : شرُّه » (٢)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه » (٣)

وفي ذلك قال ابن تيمية رحمه الله :
« فإذا كان هذا بمجرد الخوف من بوائقه: فكيف من فعل البوائق مع عدم أمن جاره منه ؟ » (٤)

و(بوائقه) تعني : غوائله وشروره، كما قيل في [النهاية لابن الأثير، ١/‏١٦٢]

فتأمل …
سؤال إبراهيم عليه السلام ربه ( الأمن ) قبل التوحيد ،
( الأمن ) هو الضمان الذي ينشده كل شخص في حياته كافة وفي علاقته بالناس خاصة .
( الأمن ) هو الذي يجعلك تعيش حياة وعلاقات اجتماعية طبيعية دون حذر من غدر وأذى وظُلم وكذب.
تؤدي دورك أمام الله دون أن تخاف أن ماتقدمه في سبيل الله سيعود وبالاً من الأذى والغدرات والفجرات .
بدون ( الأمن ) لن تستطيع الإستمرار في أي شأن من شؤون الحياة ، لا عبادة ولا طاعة ولاعلاقات إجتماعية.

وتذكر …لن يجد امرء ( الأمن ) في قبره ويوم حشره ،
وقد سلب الناس ( أمنهم ) بغدراته وظلمه وأذاه ولسانه وسعيه في الأرض بالخبث والمكر … والموعد الله .

___________
(١) إبراهيم: (٣٥)
(٢) رواه البخاري: (٦٠١٦)
(٣) مسلم: (٤٧)
(٤) مجموع الفتاوى : (٢٠٨/٢١)

الجُمُعَة : ٢٣ ذو القعدة ١٤٤٥ ھ

﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا ﴾

الخُلطة وتأثيرها على القلب

قال ابن القيم رحمه الله عن الخلطة الغير نافعة :
فأمَّا ما تؤثره كثرة الخلطة :
« فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتّى يسودَّ، ويوجب له تشتُّتًا وتفرُّقًا، وهمًّا وغمًّا وضعفًا، وحملًا لما يعجِز عن حمله من مؤنة قرناء السُّوء، وإضاعةِ مصالحه والاشتغال عنها بهم وبأمورهم، وتقسيمِ فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم، فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة ؟

هذا، وكم جلبت خلطة الناس مِن نقمة، ودفعت من نعمة، وأَنزلت من محنة، وعطَّلت من منحة، وأحلَّت من رزيَّة، وأوقعت في بليَّة ؟

وهل آفة النّاس إلَّا الناس؟
وهل كان على أبي طالبٍ عند الوفاة أضرُّ من قرناء السُّوء ؟
لم يزالوا به حتَّى حالوا بينه وبين كلمةٍ واحدةٍ توجب له سعادة الأبد » (١)

وليست ع إطلاقها بل ، بحدود وضوابط ،
ولكن الخير كل الخير في عزلة الشر وأهله.

لاتنسوا نحن بالأشهُر الحُرُم ….

_______
(١) مدارج السالكين : (٢/ ٨٩)

الجُمُعَة : ١٦ ذو القعدة ١٤٤٥ ھ
﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا ﴾

فضائل المحافضة على الوضوء

قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « الطُّهور شَطرُ الإيمان » (١)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
« إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء » (٢)

وعن أبي هُرَيرةَ قال: سمعتُ خليلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول:
« تَبلُغ الحِليةُ من المؤمِن حيث يبلُغ الوضوءُ » (٣)

وعن ثوبانَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
« لا يحافِظُ على الوضوءِ إلَّا مؤمِنٌ » (٤)

وعن عثمانَ بن عفَّان رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
« مَن توضَّأ فأحسَنَ الوضوءَ، خرجتْ خطاياه من جَسَدِه، حتَّى تخرُجَ من تحت أظفارِه » (٥)

قال النوويُّ :
« يُستحبُّ المحافظة على الدَّوام على الطَّهارة، وعلى المبيت على طهارة، وفيهما أحاديثُ مشهورة » (٦)

وقال العراقيُّ:
« فيه استحباب دوام الطَّهارة، وأنَّه يُستَحَبُّ الوضوء عقب الحدَث، وإن لم يكن وقت صلاةٍ ولم يُرِد الصَّلاة،
وهو المرادُ بقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « ولا يحافِظُ على الوضوء إلَّا مؤمن »
فالظاهر: أنَّ المراد منه دوامُ الوضوء، لا الوضوء الواجِب فقط عند الصَّلاة، والله أعلم » (٧)

قال صلى الله عليه وسلم :
« ألا أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات ؟ قالوا: بلى يا رسول الله،
قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرةُ الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّباط، فذلكم الرِّباط » (٨)

النوم على وضوء سبب في إجابة الدعاء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« ما مِن مسلمٍ يَبِيت على ذِكرٍ طاهرًا، فيتعارُّ مِن الليل، فيسأل الله خيرًا من الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه » (٩)

"يتعارُّ مِن الليل" : ينتبه ويستيقظ مِن نومه ويتقلب، أو يقلق دون أن يقوم.

___
(١) رواه مسلم (223).
(٢) رواه البخاري (136)، ومسلم (246).
(٣) رواه مسلم (250).
(٤) رواه ابن ماجه (277)، وأحمد (5/276) (22432)، والدارمي (655).
(٥) رواه مسلم (245).
(٦) المجموع: (1/472).
(٧) طرح التثريب: (2/55)، وينظر: (الفتاوى الهندية) (1/9).
(٨) مسلم : : (٢٥١).
(٩) أبو داود: (٥٠٤٢).

الجُمُعَة : ٩ ذو القعدة ١٤٤٥ ھ
﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا ﴾

نعيم الدنيا ينقص من نعيم الآخرة

يقول الله تعالى :
﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ﴾ (١)

وعن ابن عمر قال:
« لا يُصيب أحد من الدنيا إلا نقص من درجاته عند الله، وإن كان عليه كريماً » (٢)

عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أُتِيَّ بطعام، وكان صائماً ، فقال :
« قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه وإن غطي رجلاه بدا رأسه.
وأراه قال : وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال : أعطينا من الدنيا ما أعطينا - وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا. ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام. » (٣)

يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر:
« بقدر صعود الإنسان في الدنيا تنزل مرتبته في الآخرة » (٤)

قال أبو الربيع الأعرج :
« دخلت على داود الطائي بيته بعد المغرب، فقرب إلي كسيرات يابسة فعطشت، فقمت إلى دن فيه ماء حار، فقلت: رحمك الله، لو اتخذت إناء غير هذا يكون فيه الماء،
فقال لي: إذا كنت لا أشرب إلا باردا ولا آكل إلا طيبا، ولا ألبس إلا لينا، فما بقيت لآخرتي ؟! » (٥)

ولكن من أتاه الله مالاً وشكره وأدى حقه ، ولم يسرف ولم يبذر، وأنفق في سبيل الله، كان غناه نعمة وخيراً له.

_____________
(١) سورة الإسراء: (١٨-١٩)
(٢) مصنف ابن أبي شيبة: (١١٧/٧)
(٣) صحيح البخاري: (٢/٧٧)
(٤) صيد الخاطر(إلكتروني): (٢٩٨/١)
(٥) الزهد والرقائق للخطيب البغدادي: (١٣٠/١)