‏«قال بعضُ العارِفين مَن قَرَّتْ عَينُه بالله قَرَّتْ بِهِ كلُّ عَيْنٍ، ومَن لم تَقِر عَينُه بالله تَقَطَّعَت نَفسُه على الدنيا حَسَرات»

- ابن القيم

"إلى من
‏إذا ما ذُكرنا
‏بما لا يحبون
‏لم يصمتوا
‏واستماتوا
‏يُزيلون عن ذكرنا الترهات
‏ويجلون عنا الصدا
‏والقتامةْ

‏إليهم
‏إلى من لهم هالةٌ
‏من صفاء
‏إذا حضروا
‏ظللتْ روحنا كالغمامةْ

‏لكم وحدكم
‏حق أن تسكنوا في الحنايا
‏وتنتقلوا
‏كالحياة من القلب للقلب
‏ما ظلّ حياً
‏وحتى يجمّعنا الله
‏يوم القيامةْ!"

- روضة الحاج

"تبتسمين..
‏فتودّ كل الأشياء لو أنها
‏سبب ابتسامتك..
حتى الحزن.

‏تبكين..
فكل شيء يرجو لو
أنه منديلك..
حتى الدمع.

تتكئين..
‏فيود كل ما حولك لو
‏أنه كتفٌ لك..
حتى الفراغ.

‏تنامين..
‏فترجو كل الأوقات
‏لو أنها صباحٌ سيستقبلك..
حتى الليل.

‏تتكلمين..
‏فيودّ كل شيء لو أنه
‏حديثك القادم..
‏حتى الصمت.

‏تفزعين..
‏فكلهم يمدّون أيديهم
‏لطمأنتك..
‏حتى القلق.

‏تتوتّرين..
‏فيُربّت كل شيء على
‏كتفكُِ لتهدئتك..
‏حتى الارتباك.

‏تسألين..
‏فالكلّ إجابةٌ
‏لأجلكِ"

- مفتاح العلواني

"وأعلم يقينًا أن قلبك عزيز جامح، لا يؤدّبه الجفاء ولا كثرة الهجر، إنما يؤدّبه الحنان واللطف، ويغريه الرقة والعفوية والصدق، وتغلبه حرارة الوصل ويخجله الكرم، وتجتذبه بشاشة الوجوه.."

مذكرات سوزان طه حسين
تحت عنوان كتاب:"معك"
تكتب بكل صدق ومحبة حقيقية تحملها لزوجها طه حسين، كانت البداية تتلخص في أنها القارئة له في أثناء دراسته ومع مرور الأيام دخلت إلى قلبه هذه الفتاة، أحبها وتعلق بها رغم أنه كان يظن في داخله أنها لن تحمل هذا الحب الذي كان يكنّه لها. ولكنها أحبته إلى حد أنها تصف حياتها بعيدة عنه بالضياع/التشتت، كأن وجوده يضمن لها اتزانها ونعيمها في الدنيا!
"سأحاول أن أتحدث عنك ما دام قد طلب إليّ ذلك. أولئك الذين يعرفون حياتك العامة، ويعرفون عن حياتك عالمًا وكاتبًا أكثر مما أعرف عنها أنا نفسي، كتبوا وسيكتبون مؤلفات جميلة وعميقة عنك.
أما أنا، فإنني أريد بكل بساطة أن أخلد للذكرى مستعيدة ذلك الحنان الهائل الذي لا يعوض؛ ولا شك أن تدرك ذلك، أنت الذي كتبت لي ذات يوم:"لسنا معتادين على أن يتألم الواحد منا بمعزل عن الآخر" بإحدى رسائله التي كتبها إلى سوزان:"كان لطفي يقول: إن طه لا يستطيع أن يعمل بعيد عن زوجته، ذلك أن قلبه لا يكون آنذاك معه! أي نعم! ولا كذلك عقلي، ولعل سكرتيري قد ضحك في نفسه؛ فهذا الشاب لا يؤمن بالحب، ولم أكن أنا نفسي لأؤمن به من قبل إلى أن جاء؛ فلم أعد أنا نفسي ما كنته قبل" يغير الحب الإنسان، يجعله أكثر توهج ونظرة وينبض قلبه بحيوية متجددة ، ويغلفه لين لا يغادره قط.
في نظري يعيد الحب تهذيبه من جديد، أن يرى عالمًا آخر من خلاله أو ينظر للحياة بأكملها باتساع ومحبة. يعيش في الحياة متزنًا وكأن اكتفى من كل ما تمناه فيما مضى.
استذكرت ما كتبته ياسمين عبدالله:"يهذبنا الحب، يُعيد تشكيلنا ويُغيرنا، يهدينا كينوناتنا بعد أن تغيرت ونضجت، وقد يُحقق لنا مستحيلًا قديمًا فنجمع بين ضدينِ بتمازج منسجم؛ يجعلنا أكثر رقة ويُكسبنا مزيدًا من الرهافة، ويمنحنا ثباتًا وهيبة، ولمعة حياة في العيون، وقوة بها نحمي ونبقى ونحنو ونحتوي، ونرعى نستعذب الصبر."
وكتب المنفلوطي:"ولكنّه الحبُّ يملأ القلبَ رحمةً وحنانًا، ويصغّر في عينيه عظائمَ الأمور وجلائلَها، ويُوحي إليه أفضلَ الأمور وأشرفَها!"
كتب ميشليه:"إن الحب العفوي أرفع تعبير عن الحنان الإنساني"
«الحب لا يمنحك أجنحة، بل سماوات في نفسك لم تُحلق فيها من قبل، فهو انكشاف جديد على ذاتك عبر آخر يمتلك أجنحة مثلك، إذ أن الحرية شرط الحب السوي القويم، الذي توجد بذرته في كل ذاتٍ عَرفت المسؤولية فتحملتها وقَدرتها؛ فكان الحب عندها جامع لمكارم الأخلاق»
كتب أيضًا طه حسين في إحدى رسائله:"فلدي شخصيتان واحدة للعالم كله، وأخرى لكِ، لي، لنا، وفكرتكِ وحدها هي التي جعلتها تعيش.."
عن التماس الجمال والعزاء في الطبيعة، كتبت سوزان عن أهمية أثر الطبيعة في حياتهم:"أستطيع أن أضع في عداد الأفراح النادرة، تلك الأفراح التي منحتها الطبيعة له؛ فعلى امتداد ذكرياتي هناك غابات ومروج وبحيرات وجبال وسهول وبحار، كانت بعض المناظر عزيزة علينا وأليفة إلى أنظارنا بحيث كانت تبدو وكأنها ملكنا في لحظات الغبطة، فنقف ونطيل الوقوف أمامها؛ كنا نلقاها بفرح كما لو كنا سنلقى أصدقاء أعزاء، وهذا هو السبب في أنني أحاول أن أستمر في الذكرى ماضية إلى لقاء بعض هذه الأماكن التي كان فيها سعيدًا"
يعود من جديد ويكتب إليها:"لم أكن أعتقد على الإطلاق بقدرتي على مثل هذا الحب. وستبقى دومًا في أعماق نفوسنا زاوية كانت وستبقى دومًا وحشية، ولم يمكن تقاسمها إلا بين كائنين، كائنين فقط، أو أنها لن تقتسم على الإطلاق. هذه الزاوية الوحشية المتوحدة هي أفضل ما فينا"
تتساءل بعدها سوزان باستعجاب:"أمن الممكن يا طه أنني كنت محبوبة على هذا النحو وأنني كنت المقصودة بهذا السيل من الحنان والعاطفة؟"
مذكرات في غاية الرقة والعذوبة، تفيض بالمحبة التي كانت متجسدة في كل زاوية بحياتهما.
شكرًا لسوزان التي قررت أن توثقها بالكتابة كشيء يستشعر ويخلد، وما أجمل ما فعلته.
أستطيع القول الآن خير ختام لقراءات السنة.

#مراجعة_قراءات

حالة من الاغتناء تزورني عندما أنتهي من كتاب رائع، هي نفسها حالة السكينة والتأمل في معانيه وأفكاره هذه تحديدًا ستكفيك عن القراءة لمدة طويلة.. أنهيت في هذه الليلة هذا الكتاب البديع وقبل أن أشارككم المراجعة أوصيكم بقراءة هذا الكتاب، وهذه توصية مكثفة لاستعذاب معانيه وخاصةً لمن يهتم لسيرة عميد الأديب العربي طه حسين.

"أدفئ فكرة اخترعها الإنسان حتى الآن هي فكرة البيت. أحب البيت، أحب فكرة البيت نفسها، الجدران الأربعة والباب، مهما كان الخارج ممتعًا وشيّقًا، لا شيء يساوي الشعور بالطمأنينة داخل حدودك، حتى لو كنت وحيدًا أو مريضًا أو حزينًا، البيت يعطيك مساحتك، ويعطيك شيئًا من الكرامة في ممارسة أي شعور تريد. أحب فكرة البيت التي لا تتركك خارجًا مع مخاوفك، كغريب أمام منزل لا يدخله. أحب البيت لأن البيت دائمًا يعود لأهله، ونحن دائمًا نعود للبيت. مهما ذهبنا.. إلى أين نحن ذاهبون؟ دائمًا إلى البيت."

‏"وتظنُّ من فَرطِ لُطفه بِك،
أنكَ عَبدُه الوَحيد" ❤️‍?