منذ ظهرت الحركات والتجمعات والمؤتمرات والأحزاب المسماة زوراً بالـ "إسلامية" لم تشهد الأمة سوى الويلات والخراب والتفرقة والبعد عن الدين؛ فأنت ترى المسلمين قديمًا متمسكين مفتخرين بشعائرهم الظاهرة كاللحية والحجاب والذي تميزوا به عن الكفار، أمّا الآن فصار إقناعهم به عسيراً والداعي إليه إرهابياً، ومن مساوئ هذه الحركات: تشويه معاني الجهاد الشرعي الذي تركه من أسباب الذل المذكورة فالحديث.
فانقسمت الأمة إلى فريقين، أحدها يهرب من الجهاد هروبه من الأسد (ولو كان جهاداً شرعياً) ولا يفهم منه سوى تفجير النفس كما يراه منهم، والآخر أهل حماسة وتهور واندفاع لا ينظرون إلى المآلات، شعارهم "نلقي بأنفسنا إلى التهلكة" يفسدون أكثر مما يصلحون، ومستمرون في حملات التشويه.

أرادوا أسلمة السياسة، فأصبحوا يُسيِّسون الإسلام، وهذا جزاء البعد عن حقيقة الدين الصافي من الشوائب التي ألصقها به أهل الزيغ والضلال -عليهم من الله ما يستحقون-.

ولا أكذبكم أني في ريب من قصد هؤلاء والجهات التي يعملون لصالحها، أهي خطة شيطانية تسعى لهدم الإسلام بالتحريش والتفريق بين المسلمين وتكثير خلافهم وإضعاف قوتهم وتدمير ديارهم ؟

إن كانت كذلك.. فقد نجح كل مخادع ومخدوع متعصب لهذه الحركات، ألم يحن للمسلمين أن يستفيقوا من سباتهم ؟ ويطلبوا العلم النافع الذي يقودهم إلى العمل الصالح ؟ ويعودوا -صغيراً وكبيراً، حاكماً ومحكوماً- إلى أسباب العزة ؟

إن تولينا إستبدلنا الله بقوم غيرنا، الخوف علينا لا على دينه سبحانه وتعالى.

من أسرار تأكيد النبي ﷺ على بر الوالدة ثلاثاً كما في الحديث* = التهاون في ذلك، فإن الوالدة تقضي أغلب وقتها في البيت فيكون عقوقها غير ظاهرٍ للناس.

كما أن بِرّها أبعد عن الرياء وأدعى للإخلاص وهو باب خيرٍ عظيم لا تعدمه بركة، والخاسر من فرّط فيه.

• الحديث:
  قال البخاري: حدثنا أبو عاصم، عن بَهزِ بن حكيم، عن أبيه عن جده، قلتُ: يا رسول الله! من أَبَرُ؟ قال: «أُمَّكَ» قلتُ: من أبَرُ؟ قال: «أُمَّكَ» قلت: من أبر؟ قال: «أُمَّكَ» قلتُ: مَن أبَرُ؟ قال: «أَبَاكَ، ثم الأقرب، فالأقرب».

فقوله ﷺ: "إن النصر مع الصبر" يشملُ النصرَ في الجهادين: جهاد العدوِّ الظاهر، وجهاد العدوِّ الباطن، فمن صبرَ فيهما، نُصِرَ وظفر بعدِّوه، ومن لم يصبر فيهما وجَزِعَ، قُهِرَ وصار أسيرًا لعدوّه أو قتيلًا له.

ابن رجب | جامع العلوم والحكم.

«..واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه».

المَعونَة في أمر الدين أعظم من المعونة في أمر الدنيا.

لمّا تُعلِّم أخاً لك هَدْيًا قَوِيماً وسُنّةً ثابتةً وتهديه إلى علمٍ نافعٍ، وعبادةٍ قويمةٍ يعمل بها؛ هذا من أكبر المعاونة والتعاون على البر والتقوى.

عبد الرزاق البدر | شرح تطريز رياض الصالحين.

الإسلام لا يرضى لنا الذلَّ والهوان، بل أَمَرَنا بتحصيلِ مَطالِب العزَّة الدِّينيَّة، التي تكمن في الاعتصام بالقرآن الكريم وما يدعو إليه مِنْ دواعي العزَّة وأسبابِ النصر؛ فبِردِّ حياتِنا إليه وإقامةِ روابطنا عليه، وتصحيحِ واقعِنا به، واجتماعِ أُمَّتنا على كلمةٍ سواءٍ، تلك الكلمة التي نادى بها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بأمرٍ مِنْ ربِّه: ﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ﴾ [آل عمران: ٦٤]، فبتلك الكلمةِ يَتِمُّ التمكينُ في الأرض والاستخلافُ فيها، ويتحقَّق الأمنُ بعد الخوف؛ قال تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗا﴾ [النور: ٥٥].

| مختارات من مقالات باديسية.

قد يُراد بالابتلاء بالضراء والشر = التمهيد والتدريب على التمكين في الأرض لِمَا يَعقُب هذا الابتلاء من الصبر في الشدائد وتحمل المشاق، واليقين بأن لله -تعالى- حكمة في كل ما يصيب الإنسان من خير وشر؛ ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة:٢٤].

(لما صبروا): على الابتلاء، فلما جاءهم هذا الابتلاء وصبروا عليه مكن الله تبارك وتعالى لهم في الأرض.

الصبر عبادة، والله يُحب الصابرين.

صلّوا على نبيكم لأن «العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب، واستحضارِهِ في قلبه، واستحضارِ محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه = تضاعف حُبُّهُ له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه» [جلاء الأفهام/٥٢٥]

العبادة لا تكون مقبولة من العبد إلا إذا كانت الله خالصة، ومعنى خالصة أي : صافية نقية، لم يُرَدّ بها إلا الله ﷻ، ولهذا إذا خالط العبادة نيةً أخرى فإنها تخرج عن الإخلاص، وإذا خرجت عن الإخلاص لم تقبل ؛ ولهذا قال ربنا عزّوجل في الحديث القدسي: «أنا أَغْنَى الشَّرَكَاءِ عَنِ الشَّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»