أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى * وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكانِ
وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِهِ * يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ
وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةً * تَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ
وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا * سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ
وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً * في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ
لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ ما * صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ
نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً * وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِ
أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلى * بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوانِ
أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً * في زَحْمَةِ الآلامِ وَالأَشْجانِ
إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ * قَدْ سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ مُدانِ
فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا * قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى الأوْطانِ
وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في الدُّجى * تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ
وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها * أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ الجِيرانِ
فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني * لا أَبْتَغي مِنَها سِوى الغُفْرانِ
مازَالَ في سَمْعي رَنينُ حَديثِها * وَمقالِها في رَحْمَةٍ وَحنانِ
أَبُنَيَّ: إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً * لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى الأَحْزانِ
فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ عَنْ * بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْياني
كانَتْ لها أُمْنِيَةً رَيَّانَةً * يا حُسْنَ آمالٍ لَها وَأَماني
وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ * سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ جِنانِ
هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي * بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ عانِ
لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ * بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ
فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتي * مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ
وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ * قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ والمِيزانِ

رسالة في ليلة التنفيذ!
أنا مدين لهذا الشاعر الشهيد هاشم الرفاعي (ت: 1959) ولهذا النص، مدين لهما في كراهية أنظمة الطغيان، وسجاني الشعوب، ومدين لأستاذة اللغة العربية في مرحلة (المتوسط) وقد علمتنا هذا النص حتى حفظته غيبا.
النص يحكي قصة محكوم بالإعدام في سجن مصري في زمن البطل المزيف عبد الناصر، وهذا المحكوم يبعث في آخر ليلة برسالة إلى والده ووالدته مودعا، ويبدو أن هذه الرسالة كانت سبب اغتياله لاحقا!
---
رسالة في ليلة التنفيذ
ابتاه ماذا قد يخطُّ بناني * والحبلُ والجلادُ ينتظراني
هذا الكتابُ إليكَ مِنْ زَنْزانَةٍ * مَقْرورَةٍ صَخْرِيَّةِ الجُدْرانِ
لَمْ تَبْقَ إلاَّ ليلةٌ أحْيا بِها * وأُحِسُّ أنَّ ظلامَها أكفاني
سَتَمُرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ في * هذا وتَحمِلُ بعدَها جُثماني
الليلُ مِنْ حَولي هُدوءٌ قاتِلٌ * والذكرياتُ تَمورُ في وِجْداني
وَيَهُدُّني أَلمي فأنْشُدُ راحَتي * في بِضْعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ
والنَّفْسُ بينَ جوانِحي شفَّافةٌ * دَبَّ الخُشوعُ بها فَهَزَّ كَياني
قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ ولم أَذُقْ * إلاَّ أخيراً لذَّةَ الإيمانِ
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم * فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي * أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا و لم يشهده يا أبتي معي * أخوان جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة * بدمي و هذا غاية الإحسان
والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ * عَبَثَتْ بِهِنَّ أَصابعُ السَّجَّانِ
ما بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها * يرنو إليَّ بمقلتيْ شيطانِ
مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ * وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى الدَّوَرَانِ
أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ * ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني
هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي * لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى العُدوانِ
لكنَّهُ إِنْ نامَ عَنِّي لَحظةً * ذاقَ العَيالُ مَرارةَ الحِرْمانِ
فلَرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً * لو كانَ مِثْلي شاعراً لَرَثاني
أوْ عادَ - مَنْ يدري - إلى أولادِهِ * يَوماً تَذكَّرَ صُورتي فَبكاني
وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ بها * معنى الحياةِ غليظةُ القُضْبانِ
قَدْ طالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً * في الثَّائرينَ على الأسى اليَقْظانِ
فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ مُصَوِّراً * ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ غَلَيانِ
نَفْسُ الشُّعورِ لَدى الجميعِ وَإِنْ هُمُو * كَتموا وكانَ المَوْتُ في إِعْلاني
وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما الَّذي * بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ أَغْراني؟
أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى * مثلَ الجُموعِ أَسيرُ في إِذْعانِ؟
ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما * غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في الكِتْمانِ؟
هذا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي مُطْفِئاً * ما ثارَ في جَنْبَيَّ مِنْ نِيرانِ
وَفؤاديَ المَوَّارُ في نَبَضاتِهِ * سَيَكُفُّ في غَدِهِ عَنِ الْخَفَقانِ
وَالظُّلْمُ باقٍ لَنْ يُحَطِّمَ قَيْدَهُ * مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ قُرْباني
وَيَسيرُ رَكْبُ الْبَغْيِ لَيْسَ يَضِيرُهُ *ةشاةٌ إِذا اْجْتُثَّتْ مِنَ القِطْعانِ
هذا حَديثُ النَّفْسِ حينَ تَشُفُّ عَنْ * بَشَرِيَّتي وَتَمُورُ بَعْدَ ثَوانِ
وتقُولُ لي إنَّ الحَياةَ لِغايَةٍ * أَسْمَى مِنَ التَّصْفيقِ ِللطُّغْيانِ
أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمِدَتْ * سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بِدُخانِ
وقُروحُ جِسْمِكَ وَهْوَ تَحْتَ سِياطِهِمْ * قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ الْجاني
دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ * وَدَمُ الشَّهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ
حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما الرُّبى * لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ الفَيَضانِ
ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ هُبُوبُهَا * بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ الرُّبَّانِ
إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى * أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ
وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ * سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّوفانِ
فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً * أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ
أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي * أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟
أمْ أنَّني سَأَكونُ في تارِيخِنا * مُتآمِراً أَمْ هَادِمَ الأَوْثانِ؟
كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي * كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني
لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً * غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني
أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا * إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ
فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي * يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني

تعلمت من التاريخ أن فتوح الله تعالى لهذه الأمة غالبا ما تأتي فجأة، وفجاءتها لا تعني أن الرجال لم يعملوا من اجل تلك اللحظة، بل تعني أن بركة الله تعالى تحل فجأة في الاسباب، وبعد ما يشبه اليأس، فإذا بالواقع يزهر نصرا، ويثمر فتحا، وهذا ما نتوقعه في معركة الطوفاان هذه، فالاسباب تحت قانون: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}، وقانون: {واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}، والاحسان هنا إحسان الصبر والثبات وإعداد المستطاع!!

هناك سؤال لا أدري ان كان تم طرحه، وهو السؤال عن الدليل من الكتاب والسنة على معنى (البدعة أعظم من المعصية)، وهي القاعدة التي جعلوها مطية للطعن في المخالف حتى طعنوا في الجهااد.
ألم يقل القوم إن دليلهم الكتاب والسنة! فأين دليلهم على هذه القاعدة ؟!
ما أعرفه أن هذا بعض كلام أئمة كسفيان الثوري وهو القائل: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها)، وما هو بقول معصوم، واذا كان الخلاف حاصلا في
حجية مذهب الصحابي إن لم يكن نقلا، فكيف بمن هو من تابع التابعين كالثوري على جلالته.
ثم إن الثوري - بمنطق سفهاء اليوم - خارجي لأنه كان خارجا عن ولي الأمر، منكرا عليه، حتى طلبه الخليفة المنصور ليقتله وجهز له آلة القتل فمات قبل ذلك، فكيف يقبل السفهاء قوله ولا يقبلون فعله في الإنكار على جور ولي الأمر، فإن سلموا لنا بفعل الثوري في الإنكار سلمنا لهم بقاعدته في البدعة.

قضية هواتف لبنان أغمض من أن يتناولها العالم الافتراضي بهذه السرعة والشراهة التحليلية، ومن يحترم عقله وعقول الآخرين يكف عن إعطاء دروس أو عرض معطيات ليست إلا من قبيل الرجم بالغيب، أو من قبيل الظن، ونحن إلى الآن لم نعرف حيثيات تفجير بيروت الضخم قبل سنوات، فكيف في ظرف ساعات تتوفر للمحللين القراءة الصحيحة لما حدث ؟

كلما أحسست بالقرف من مسوخ هذا الزمان تطهر منه بمشاهدة أنوار أهل الربااط، فإنهم أقرب إلى الفطرة والخلقة السوية التي تأبى الخنوع، وما سجدت الملائكة لآدم عليه السلام إلا لشرف الآدمية، ويعلم الله تعالى أن أهل الربااط أوفر حظا منها، وكلما ابتعد المرء عن أهل الربااط تشوهت صورته الباطنية ومُسخت فيه الآدمية، وهي صورة لا تظهر في المرآة بل تراها البصائر..!
نعوذ بالله من مسخ الباطن!!

إني- بفضل الله تعالى - أميز الأمور كما ينبغي، لا تعصب ولا غلو ولا بخس ولا إجحاف، فمن أنكر عمل المولد لم أنكر عليه، وألتمس له العذر، إلا أن تكلم بجفاء أو سوء أدب في مقام النبوة، أما من أنكر الجهااد وطعن في أهل الربااط فلا أقيله العثرة، ولا أغفر له الزلة، ولا ينجو من حكم النفاق عندي ولو جاء معه الملائكة مقترنين..!
الحمد لله الذي جعل غـزة فيصلا وفاروقا وميزانا..!

لنتأمل شأن من تضامن مع أهل الربااط، سنجد أنهم اصحاب قلوب قبل أن يكونوا اصحاب ثقافة شرعية، وقد يكون عند أحدهم فاقة معرفية، لكنه في الجانب العاطفي مترف جدا، ودمعته سخية سخينة، فلا ينتظر فتوى ليتضامن، إنما يفتيه قلبه، في حين نجد كثيرين لهم ثقافة شرعية واسعة لكن في قلوبهم مرض وقسوة ...!
نفس الشيء يقال في شأن تعامل الناس باحتفاء وحب مع مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكل شأنه، فتعامل هؤلاء عاطفي، لا ينتظر فتوى، وآية هذا أن الجذع حن إليه صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينتظر دليلا، وكذلك فعلها جبل أحد، اهتز شوقا وطربا ولم ينتظر دليلا..
دليلك ايها المحب عاطفي لا شرعي، فإن أشكل عليك الأمر فاسأل الجذع والجبل...وكفى...!

#فرقان
- من وجدته يحتفل بالمولد ويؤيد الجهااد فاستدل على نور باطنه، واكتمال محبته.
- من وجدته لا يحتفل بالمولد ولكنه يؤيد الجهااد فاستدل على إيمانه، وأن قضية المولد عنده اجتهاادية.
- من وجدته لا يحتفل بالمولد ولا يؤيد الجهااد فاستدل على نفاقه.
- من وجدته يسخر من الجهااد ومن المحتفلين بالمولد معا فاستدل على أنه لو كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكان مع ابن سلول، فقضيته مع المولود نفسه لا مع مولده، وإن تظاهر بالسنة والعقيدة الصحيحة..!

إلى خطباء الجمعة الأفاضل..
في شهر ربيع الأول هذا خمس جمعات، ولدينا (أربع غزوات) نبوية على اليهود، فإذا جعلنا جمعة خامسة أو (أولى) للوجود اليهودي في المدينة المنورة، وبداية العلاقة بعد الهجرة مع اليهود ووثيقة المدينة الناظمة للعلاقة كانت كل جمعة فرصة للحديث عن الصراع النبوي مع اليهود برؤية عامة تجعل ما يقع اليوم صدى لما وقع أمس.
هذه من افضل طرق إحياء ذكرى المولد النبوي في نظري، والله الموفق.