المعركة في غزّة تعنينا جميعاً بالقدر الذي قد لا يتصوره كثير من النّاس الذين يظنون أنهم بمعزل عنها وعن آثارها،
وإنّ لهؤلاء الذين يقفون -اليوم- في وجه العدوّ في جباليا وفي سائر مناطق غزة حقاً عظيماً في الدعاء الصادق الذي يكافئ حرارة المعركة وشدة طغيان العدو، فضلاً عن نصرة سائر أهل غزة بكل يمكن من وسائل أخرى.
هذا وإن إدراك خطورة هذا العدو ومشروعه التوسعي وما قد ينشأ عن طغيانه هذا على كامل المنطقة = أمر يجب أن يأخذ له الجميع حيطته، ويفهم الصغير قبل الكبير خطورته، ويعود بسببه الغافلون إلى وعيهم ورشدهم، وينبغي أن يعاد استذكار الآيات القرآنية التي نزلت في وصف هؤلاء القوم وكيدهم ومكرهم، والنصوص النبوية الواردة في معركة الأمة معهم في آخر الزمان -وقد مضى من زمن هذه الأمة الكثير منذ وفاة نبيها ﷺ-، وويل لنا إن لم ندرك ذلك كله ونتأهب له أهبته؛ والله المستعان.

مع صور احتراق النّاس المرعبة بفعل الصواريخ، يكثر الآن تداول سورة البروج ومشهد أصحاب الأخدود، وهو تداول في مكانه، ولكن يستوقفني الآن حجم ثقل المعنى الذي كان وما زال القرآن يحاول ترسيخه، تخيّل أن يكون المعنى "انتصر من احترق"، يا ألله ما هذه المعاني!!، وكم يحتاج الإنسان من العمل على إيمانه حتى يتحرّك بمقتضى هذا المعنى، ولا أظنّ الإنسان الذي ما زال منغمسًا في ذنوبه ودنياه ومُغيبًّا لآخرته والجنّة والنار يستطيع مجاراة هذه المعاني الحقيقيّة والصعبة، قالوا الأفاضل أنّ هذه المرحلة تحتاج إلى زاد إيماني وصبر وتحمّل، وحالة سكرة القلب هذه التي يعيشها الإنسان لا مفرّ ستخذله إن لم يصحو، والباب لنا مفتوح، تخيّل أنّ في سورة البروج نفسها ومن قام بحرق المؤمنين يُقال له قبل أن يذكر العذاب "إنّ الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثمّ لم يتوبوا.." تخيّل هذا التطميع بالتوبة لمن مثلهم، ومثلنا أولى….

الخطوط المستقيمة تعكس صنعة الإنسان، شغفه غير الصحي بالكمال، أما الخطوط المنحنية فهي تُجلي جمال صنعة الخالق، تأخذ بلبك، وتسحرك، وتطوف بعينك في ثنايا بديع خلق المصور سبحانه.

كمالُك في نقصك، تموجات أيامك، تُؤلمك، تُعلّمك، تقربك إلى خالقك، تضعك بين يديه، تفتقر إليه، لا ترفع نفسك فوق أحد من الناس، تقيم صلبك ثم تركع لله، تنحني، تسجد، تستقيم على الصراط..

ومهما اختطفتك الكلاليب تعود إليه، تلك المعصية التي تورثك ذلًا وانكسارًا، أوبتك، وتلك السقطات والعودات والانحناءات هي التي لأجل تعرجاتها يفاخر الله بك ملائكته.

لله درّهم !
‏كسروا الخوف، وأسقطوا الهيبة، ونشروا الأمل، وأحْيَوا العزائم، وجدّدوا الإيمان، وأيقظوا الغافل، وفضحوا الغرب والشرق، وبصّرونا بالداء، وتجرّعوا الدواء، وهتكوا سِتر النفاق، وعلّمونا التضحية، وجسّدوا الصبر.

‏﴿وليعلمَ اللهُ من ينصرُه ورسلَه بالغيب إن الله قوي عزيز﴾

• د/ أحمد عبد المنعم

إن الله إذا كلّف أعان..
فلا تنظُر لثُقل التكليف، وانظر لقدرة القدير

"لا يُكلّفُ اللهُ نفسًا إلا وسعَها"

كل مسؤولية ألقاها الله على عاتقك أنتَ لها، فاستعن بالله ولاتعجز ??

يا أُخيّه .. إنّ الأثقال تمنعُ قلبَك مِن التحليق، والقيود تمنعه من المسير؛ فتخفّف!

تخفّف كي تُحلّق، كي ترى السماء عن قرب ، تخفّف كي تحملك كلمات القرآن، ومجالسة الصالحين، وسيرة الشفيع لحياةٍ لم ترَها مِن قبل! حياة يستحقُّ قلبك أن يعيشها ويشعر بها! 

تخفّف فإن المثقلات كُثر وهي من تحجب عنك كل ذاك النور!، تخفّف لأن القلب القاسي لا يتأثر بما يُلقى فيه من عطايا!

#رسائل

-
«نُصَبّر أنفُسنا بالله، نَحتَسِبَ لله،
ولا نَرجو إلّا من الله.

يا رَبِّ أحسَنا الظَنّ بِك، وألجأنا ظَهرنا إلَيك، نَرى ما يُحزن قُلوبنا ولا نَلتفِت إليه، نقُول بقَلبٍ موقِنٍ أنّ لأمرِكَ حِكمة لا نعلمها أنت تَعلمها، وأنّك الجَبّار، وأنك تُجزِي عِبادكَ بما صَبروا، لا تَكِلنا إلى أنفسنا طَرفة عَين، اغفِر لَنا وارحَمنا وآتِنا سؤلنا وما تتوق إليه أنفسنا، واجعَل لنا فِي كُل أمرِنا خَير».

• نُون.

-
المُريح في الأمر، أن اللّٰه يعرفنا من الداخل ♥️!

- عِباد الله .. ساعةُ استِجابة؛ أدّوا حَقّ الأُمّة بذِكرها ، وخُصوا بذلك اهلنا في غزّة والسودان و أدلب، والمُستضعفين من المُسلمين أجمعين ..

‏" إلهي، إنَّ حسناتي لا تَنفعُكَ، وسيِّئاتي لا تَضرُّكَ، وأنتَ الغنيُّ عنِّي، وأنا الفقيرُ إليكَ، والفقر إليكَ موجبُ الغِنَى بكَ، إذ في تَأميلكَ بلوغ المأمولِ، وفي قصدكَ نيل السُّولِ، فتقبَّل منِّي ما لا ينفعُكَ، واغفر لي ما لا يضرُّكَ، وارحم فاقتِي، وفقرِي، وضعفِي، وضُرِّي، فإنِّي أستحي أن أسألكَ الجنَّة بحسناتي وأنا لا أرضاها، وأنتَ أولى بالمغفرةِ بحُبِّكَ العفو عن سيِّئاتٍ أخشاها، فالسَّيِّئاتُ منِّي موجبةٌ لعفوكَ عنِّي.
يا مَن وسِعَت رحمتُهُ كُلَّ شيءٍ، وغَمرت نعمتُهُ كُلَّ حَيٍّ، لقد رَبِحَ عبدٌ في معاملته لمن يقولُ: ﴿كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾، فشاكِلَتِي ما تَعلم، وشاكلتُكَ أن تَعفُو وتَرحَم.
يا مَن سَنَّ الفضلَ والجميلَ، أنتَ حسبِي ونِعم الوكيلُ ".

- الإمام النووي رحمه الله.