مُتعبة. في روحي الكثير من الألم، أعجز عن تقيّئه، أعجز عن بكائه، أعجز عن التّحدّث عنه أمام أيّ أحد .. أتمنّى ألّا أعجز الآن عن كتابته. البداية؛ يوم الثّلاثاء ١٧/٩/٢٠٢٤ كنتُ أتجهّز للخروج مع صديقتي المقرّبة، حدّدنا السّاعة الثّالثة ، وعلى غير عادة تأخّرتُ…

مُتعبة.
في روحي الكثير من الألم، أعجز عن تقيّئه، أعجز عن بكائه، أعجز عن التّحدّث عنه أمام أيّ أحد .. أتمنّى ألّا أعجز الآن عن كتابته.

البداية؛ يوم الثّلاثاء ١٧/٩/٢٠٢٤
كنتُ أتجهّز للخروج مع صديقتي المقرّبة، حدّدنا السّاعة الثّالثة ، وعلى غير عادة تأخّرتُ ٢٠ دقيقة للوصول -وأنا شخص يلتزم بمواعيده-
عندما رأيتها حضنتها حضنًا طويلًا، وبدأنا مشوارنا المعتاد في شوارع الضّاحية، الشّوارع التي اعتادت أن تسمع أخبارنا وأسرارنا التي نتحدّث عنها ونحن نمشي. يومها نظرتُ في كلّ زاوية مررتُ بالقرب منها، دقّقتُ بجمال ضاحيتي، ابتسمتُ لكلّ شيء فيها لآخر مرّة ..
٥ دقائق، وسمعنا صوت انفجار
- شو ها جدار صوت؟
— لا، يمكن ضربة مسيّر، أو حدا قوّص
ابتسمنا وأكملنا المسير
وصلنا إلى شارع الجاموس، نسمّيه أنا و(روح) شارعنا إذ أنّه كان يستقبلنا في الجمعة الواحدة ٦ أيّام تقريبًا، إلّا أنّ استقباله ذاك اليوم كان داميًا ..
كان النّاس يركضون يمينًا وشمالًا، محتارون في أمرهم، رأينا الرّجال على الأرض والدّماء تسيل .. لم أحتمل، ولأوّل مرّة بكيتُ أمام الملأ، لأوّل مرّة نزل دمعي خارج الغرفة، من هنا كانت بداية الألم، نزف عيونهم وأكفّهم كان أوّل نزف في قلبي، وكان آخر لقاء لي و(روح)ـي في ضاحيتنا، في شارعنا الذي بات الآن شارع الأحزان والوداع..
يومها كان كلّ تفكيري ( كيفك هلّا يا سيّد؟ الله يحمي قلبك من كلّ حزن ويحفظك من كلّ شرّ)

يوم الاثنين ٢٣/٩/٢٠٢٤

كانت عائلتي في الجنوب، غادروا القرية تحت القصف ، ١٧ ساعة متواصلة على الطّريق، ١٧ ساعة من القلق على أحبّائي .. مشهد أبناء جنوبي العزيز على الطّرقات أوجعني، تعبهم ودموعهم يومها كان نزفي الثّاني ..
وكلّ تفكيري (الله يحمي قلبك يا سيّد من الحزن والهمّ، فداك)

يوم الثّلاثاء ٢٤/٩/٢٠٢٤

خرجنا من المنزل، ودّعتُ منزلي للمرّة الأخيرة. تخيّلتُ كلام أمّي؛ هُنا عندما أدخلتني لأوّل مرّة رضيعة على يديها، وهنا أخويّ وأختي يقفون بالصّفّ ينتظرون رؤيتي .. هنا وقعت وجرحت رأسي، وهنا مشيتُ لأوّل مرّة، وفي زاوية تلك الخزانة الخشبية حفرتُ حرف أخي تعبيرًا عن حبّي الكبير له ..
كلّ الذّكريات التي سمعتها ، كلّ الذّكريات التي رأيتها كانت أمامي، شريطًا قصيرًا عمره ٢٢ سنة..
خرجتُ من المنزل، ولم أدرِ، سأعود يومًا أم أنّه اللقاء الأخير؟
أقول شيئا واحدًا فقط (فداك يا سيّد، يروح كل شي وتبقى)

يوم الجمعة ٢٧/٩/٢٠٢٤

قُبيل ساعات المغرب، وصل خبر الغارات العنيفة، وصل خبر اغتيال الحبيب .. كذّبت اسرائيل وقنواتها، ودعوت له، كلّ دعاء أعرفه، قرأته بنيّة سلامته .. لا أخفي أنّني بكيتُ، بكيت ليلة كاملة وليس تصديقا للخبر، بكيتُ لأنّني لم أحتمل تخيّل أنّ هذا سيحدث يومًا
قرّرنا أنّ يوم السّبت سنقيم مجلس عزاء وحديث الكساء بنيّة سلامة وحفظ السّيّد.

السّبت ٢٨/٩/٢٠٢٤

خرجت زوجة أخي من الغرفة بوجه خُطف لونه، وصرخت (نزّلوا بيان السّيّد استشهد)
بعد هذه الجملة، فقدتُ حواسي مرّة واحدة، لم أرَ شيئًا، لم أسمع صوتًا، وقعتُ على الأرض وبكيت .. بكيتُ عمري كلّه
كيف تحمّلت رقيّة فراق الحُسين؟
لم أجد نفسي سوى ملقاة على الفراش، أسمع زيارة عاشوراء، وأبكي ..
ذلك اليوم، احترقت روحي ولم يبقَ منّي سوى الرّماد..
ودمعي يقول (ماذا يا أبي لو عدت لنا )
كنّا بدنا نعمل مجلس لسلامتك يا سيّد، معقول نهديه لـروحك؟

وبعدها، حزنٌ بعد حزن..
شهادة عمّي وابن عمّي،نزف جديد عجزتُ أن أبكيه، إذ أنّ مصيبة ٢٧ أخذت كلّ الدّمع ولم تترك منّي شيئًا

هدم ضاحيتي وجنوبي، مجازر البقاع وبيروت، استهداف النّازحين ..
كلّ هذه سكاكين كانت تمزّق الرّماد الذي تبقّى منّي، وأنا أرتدي القوّة أمام الجميع

اليوم بعد ٦٩ ألم، أقول بأنّني متعبة، وأفصح أنّ روحي تحترق .. أبوح لمن لا يعرفني، من لن ينظر لوجهي ويرى ألمي مختبئًا خلف ابتسامة مُتعبة.

*التّعب لا يعني أنًنا تخلّينا عن المقاومة أو تعبنا من حال البلاد، نحن مع المقاومة حتى آخر نفس ومهما كان الثّمن مرتفع .. كلّ هذا الألم النّفسي ليس بشيء أمام تضحيات المجاهدين روحي لهم الفداء.

-قاف-

في وَطَنِـي،
بِلا هَويةَ…

‏"في أفلام الكرتون،
خمسة عشر بالونًا كافية لجعلك تحلّق عاليًا،
في الحقيقة هذا لا يحدث؛ ابتسامة صغيرة
ترتسم على وجهك، تفعل هذا بي".

- كوليت أبو حسين

افرح بإنجازك، وتذكّر دائمًا أنك "تستاهل" تحتفل بكلُّ خطوة صغيرة قدمتها♥️

"وضاقت الأرض، ومُنعت السّماء"..
-من دعاء صاحب الزّمان.

*يشعر بك، يشعر بأنّ الأرض لا تسعك أيضًا..

تُب فِي شَبابك،قَد لَا يَكونُ لكَ مشِيب .

اللي فاضي يقرأ من هذا الكتاب، ولو ٥ صفحات يوميًّا، راح يزيد من إيمانكم، ويخليكم تتلاشون الأسباب اللي تنقص إيمانكم، ويزيدكم طمأنينة وقرب من الله، ٨٠ صفحة بس، متأكد راح تتغيرون كثير مثلي.

اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ ، تُحِبُّ الْعفْوَ ، فَاعْفُ عَنِّي .